من فضائل الجهاد في سبيل الله

عبدالمحسن بن محمد القاسم
عناصر الخطبة
  1. من فضائل الجهاد في سبيل الله .
  2. وجوب حفظ الدين والدفاع عن بلاد المُسلمين .
  3. أهمية نصرة المستضعفين وحماية أعراضِهم وأموالِهم .
  4. المعينات على الجهاد في سبيل الله .
  5. ضرورة إخلاص النيَّة في الجهادِ. .

اقتباس

توحيدُ الله أساسُ الأمن في المُجتمعات.. والإيمانُ هو الجالِبُ للأمنِ، وكلاهما ضرورةٌ في كل شأنٍ، فبِهما تزدهِرُ الحياةُ، وتُغدَقُ الأرزاقُ، وتتوثَّقُ الروابِطُ بين أفرادِ المُجتمع، وتجتمعُ الكلمةُ، ويأنَسُ الجميع، وتُقامُ الشريعةُ بطُمأنينةٍ، وتُتلقَّى العُلوم من منابِعِها الصافِية، ويتحقَّقُ العزُّ والتمكين.. وإذا فُقِد التوحيدُ حلَّ الخوفُ بدلَ الأمن، فتختلُّ المعايِشُ، وتُفارَقُ الأوطانُ، وتتفرَّقُ الأُسَر، وتتبدَّلُ طِباعُ الخلق، ويذوقُ أهلُها لباسَ الفقر والجُوع. ولن تجِد مُجتمعًا ناهِضًا وحبالُ الخوف تهُزُّ كيانَه. ومن حفِظ حدودَ الله، فامتثَلَ أوامِرَه، واجتنَبَ نواهِيَه؛ حفِظَ الله له دُنياه في بدنِه وولدِه وأهلِه ومالِه، وحفِظَ له دينَه من الشُّبُهات المُضِلَّة، ومن الشهواتِ المُحرَّمة...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوثقَى.

أيها المسلمون:

استخلَفَ الله آدمَ وذريَّتَه في الأرض ليعمُرُوها بطاعته، وسخَّر لهم ما فيها فضلاً منه ورحمةً ليستعينُوا بنعمِه على مرضاته؛ قال -سبحانه -: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) [البقرة: 29].

ولا قِوامَ للحياة الطيبةِ إلا بعبادة الله وحدَه واتِّباع سُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، وتوحيدُ الله أساسُ الأمن في المُجتمعات؛ قال - سبحانه -: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ)[الأنعام: 82] أي: بشركٍ (أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).

والإيمانُ هو الجالِبُ للأمنِ، وكلاهما ضرورةٌ في كل شأنٍ، فبِهما تزدهِرُ الحياةُ، وتُغدَقُ الأرزاقُ، وتتوثَّقُ الروابِطُ بين أفرادِ المُجتمع، وتجتمعُ الكلمةُ، ويأنَسُ الجميع، وتُقامُ الشريعةُ بطُمأنينةٍ، وتُتلقَّى العُلوم من منابِعِها الصافِية، ويتحقَّقُ العزُّ والتمكين قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) [النور: 55].

وإذا فُقِد التوحيدُ حلَّ الخوفُ بدلَ الأمن، فتختلُّ المعايِشُ، وتُفارَقُ الأوطانُ، وتتفرَّقُ الأُسَر، وتتبدَّلُ طِباعُ الخلق، ويذوقُ أهلُها لباسَ الفقر والجُوع. ولن تجِد مُجتمعًا ناهِضًا وحبالُ الخوف تهُزُّ كيانَه.

ومن حفِظ حدودَ الله، فامتثَلَ أوامِرَه، واجتنَبَ نواهِيَه؛ حفِظَ الله له دُنياه في بدنِه وولدِه وأهلِه ومالِه، وحفِظَ له دينَه من الشُّبُهات المُضِلَّة، ومن الشهواتِ المُحرَّمة؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: "احفَظ الله يحفَظك"؛ (رواه الترمذي).

ولن يصِلَ أحدٌ إلى غايةِ كمال الأمر إلا بالأمنِ والإيمان، وحقُّ هذه النعمةِ حفظُها والتذكيرُ بها، وشُكرُها بتحقيقِ العبوديَّة لله؛ قال تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش: 3، 4].

وصلاحُ الأرض بالعبادة، وأعظمُ فسادٍ فيها: الشركُ بالله وظُلم العباد؛ كقتل النفس المُحرَّمة بغير حقٍّ، واستِباحة الأعراض، وترويع الآمِنين، ونكثِ العهود والمواثِيق.

وقد نفَى الله الفلاحَ والسيادةَ عن الظالِمين، فقال: (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) [الأنعام: 21].

وسُنَّةُ الله في الأولين والآخرين هلاكُ الظالمين؛ قال - سبحانه -: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ) [الأنبياء: 11].

ولئن تأخَّر هلاكُهم فهو لحكمةٍ أرادَها الله؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: "إن الله ليُملِي للظالِم حتى إذا أخذَه لم يُفلِتْه"، "ثم قرأ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود: 102]" (رواه البخاري).

وقد أمرَ الله بزجرِ الظالِمين وردعِهم عن طُغيانهم، وكفِّ بلائِهم وشرِّهم عمَّن تحتَهم؛ قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) [البقرة: 193].

وأمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين بنُصرة المظلُومين، فقال: "انصُر أخاك ظالِمًا أو مظلُومًا" (رواه البخاري).

وهذا من حقِّ الأُخُوَّة في الدين؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: "مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثَلُ الجسَد، إذا اشتَكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسَد بالسَّهَر والحُمَّى"؛ متفق عليه.

وإغاثةُ المظلُومين من شِيَم الرجال ومن أفعال العُظماء، وبه أمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أغيثُوا المظلُوم" (رواه أحمد).

قال النوويُّ - رحمه الله -: "التحالُفُ على طاعة الله ونصر المظلُوم والمُؤاخاة في الله؛ أمرٌ مرغُوبٌ فيه".

وبذلك عُرِف نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - قبل بِعثته؛ قالت خديجةُ - رضي الله عنها - له: "فوالله لا يُخزِيك الله أبدًا، إنك لتصِلُ الرَّحِمَ، وتصدُقُ الحديثَ، وتحمِلُ الكلَّ وتقرِي الضَّيفَ، وتُعينُ على نوائِبِ الحقِّ"؛ متفق عليه.

وقد تحالَفَت بُطونُ قريشٍ زمنَ الجاهليَّة في حِلفِ الفضول، وتعاهَدُوا بالله ليكونُنَّ يدًا واحدةً مع المظلُوم على الظالِم حتى يُؤدَّى إليه حقُّه.

قال ابن كثيرٍ - رحمه الله -: "وكان أكرمَ حِلفٍ سُمِع به وأشرفَه في العرب".

وبمثلِه يندفعُ الباطلُ ويقِلُّ الفسادُ في الأرض، وبفضلِ الله وعزَّته استجابَ قادةُ هذه البلاد لغَوث المظلُومين ي اليمَن، فعصَفَت رياحُ الحَزم والقوة على أهل الظُّلم والجَور، وتكاتَفَت الرعيَّةُ مع إمامها، فلاحَ النصرُ واستبشَرَ المظلُوم والعُقلاء.

وتمامُ النصر وكمالُه وجمالُه بالفزَع إلى الله وحدَه. قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "ما دُفِعَت شدائِدُ الدنيا بمثلِ التوحيد".

والطاعاتُ تُعجِّلُ بالنصر؛ قال تعالى: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) [محمد: 7].

والدعاءُ مفتاحُه قال - سبحانه -: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ) [الأنفال: 9].

قال شيخُ الإسلام - رحمه الله -: "يجبُ على كل مُكلَّفٍ أن يعلمَ أن لا غياثَ ولا مُغيثَ على الإطلاق إلا الله تعالى، وان كل غوثٍ فمن عنده".

ولجأَ الأنبياءُ والرُّسُلُ إلى الاستِغاثة بالله بطلبِ النصر؛ ففي غزوة بدرٍ دعا نبيُّنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - ربَّه حتى سقطَ رداؤُه.

وفي الأحزاب قال: "اللهم مُنزِل الكتاب، سريعَ الحساب، اللهم اهزِم الأحزاب، اللهم اهزِمهم وزلزِلهم"؛ متفق عليه.

ومن دُعاء المُؤمنين في كتاب الله: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[آل عمران: 147].

وبالصبرِ والتقوَى يتلاشَى كلُّ ضرر؛ (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)[آل عمران: 120].

وذِكرُ الله كثيرًا في القتالِ من علامة الفلاح؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال: 45].

والصلاةُ عونٌ في الشدائِد؛ قال - جلَّ شأنُه -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 153].

والتوكُّلُ على الله مع فعلِ الأسبابِ إيمانٌ وقوة؛ قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق: 3].

قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "التوكُّلُ من أقوَى الأسباب التي يدفعُ بها العبدُ ما لا يُطيقُ من أذَى الخلق وظُلمهم وعُدوانهم".

و"حسبُنا الله ونِعم الوكيل" مفزَعٌ عند الشدائِد، قالَها الخليلان فأتمَّ الله لهما نصرَه.

وحُسنُ الظنِّ بالله توحيدٌ ونصرٌ؛ قال الله في الحديث القُدسي: "أنا عند ظنِّ عبدِي بي"؛ متفق عليه.

قال ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -: "لا يُحسِنُ عبدٌ بالله الظنَّ إلا أعطاه الله ظنَّه".

وتصديقُ وعده فتحٌ وبُشرى؛ قال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر: 51].

والمؤمنُ مُتعلِّقٌ بربِّه، حذِرٌ من العُجبِ بنفسِه أو قوَّته أو كثرتِه؛ قال - عز وجل -: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) [التوبة: 25].

والمُسلمُ راجِحُ العقل يتثبَّتُ فيما يسمعُه، ويحذَرُ شائِعاتِ الأعداء؛ فبِئسَ مطيَّة الرجُل: زعمُوا! قال - عليه الصلاة والسلام -: "كفَى بالمرءِ كذِبَا أن يُحدِّثَ بكل ما سمِع"؛ (رواه مسلم).

وهنيئًا لمن فدَى الحرمين الشريفَين بنفسِه ودمِه، ونصرَ المظلُومين، ورفع رايةَ الدين؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: "إن في الجنة مائةَ درجةٍ، أعدَّها الله للمُجاهِدين في سبيلِ الله، ما بين الدرجتَين كما بين السماءِ والأرضِ"؛ (رواه البخاري).

وعلى من يُؤدِّي هذه العبادة العظيمة أن يُخلِصَ نيَّتَه فيها لله؛ سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجُلِ يُقاتِلُ شجاعةً، ويُقاتِلُ حميَّةً، ويُقاتِلُ رياءً: أيُّ ذلك في سبيلِ الله؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قاتلَ لتكون كلمةُ الله هي العُليا فهو في سبيلِ الله"؛ متفق عليه.

والمُرابِطُ موعودٌ بالأجرِ العظيم؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: "رِباطُ يومٍ في سبيلِ الله خيرٌ من الدنيا وما عليها"؛ (رواه مسلم).

ومن صدَقَت نيَّتُه بمُشارَكَة إخوانِه في تلك الطاعاتِ نالَ الثوابَ وإن لم يعمَلها؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: "إن بالمدينة لرِجالاً ما سِرتُم مسيرًا، ولا قطعتُم واديًا إلا شرَكُوكم في الأجر، حبسَهم المرضُ"؛ (رواه مسلم).

وعلى أهل الإيمان في ديارِ اليمَن أن يتذكَّروا سابِقَ مجدِهم في الإسلام، وأن يحفَظوا ما أثنَى به عليهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قولِه: "أتاكُم أهلُ اليمَن هم أرقُّ أفئِدةً، وأليَنُ قلوبًا، الإيمانُ يمانٍ، والحكمةُ يمانيَّة"؛ متفق عليه.

أن يُوحِّدوا كلمتَهم على الحقِّ والدِّين، وأن يحذَروا الفُرقةَ والاختِلاف، وأن يجتمِعوا تحتَ رايةِ إمامِهم.

وعلى الفئةِ الباغِيةِ أن تفِيءَ إلى أمر الله، وتعودَ إلى رُشدِها.

وبعدُ، أيها المسلمون:

فالقوةُ لله جميعًا وهو غالبٌ على أمرِه، وسُنَّتُه - سبحانه - نصرُ الحقِّ وأهلِه، ودحرُ الباطِل وحِزبه، وكتبَ النصرَ والعزَّة لأوليائِه، والذِّلَّة والخُذلان لأعدائِه.

ولا يكتمِلُ الابتِهاجُ والسُّرور بعد النصر إلا بشُكر الله وتسبيحِه وحمدِه؛ قال - سبحانه -: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ) [النصر: 1- 3].

وليحذَر الجميعُ من نسبةِ النصرِ إلى الأسبابِ؛ قال - سبحانه -: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)[آل عمران: 126].

والمُسلمُ يفرحُ برفعِ الظُّلم عن المظلُومين وبإعلاء الدين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [المنافقون: 8].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكم ولجميع المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنِه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه، وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

أيها المسلمون:

شرَّف الله هذه البلادَ بقِبلة المُسلمين بيتِ الله الحرام، وبمسجِد رسولِ الله - عليه الصلاة والسلام -، وقد قامَت - بحمد الله - على الكتاب والسنَّة، ورسالتُها حفظُ الدين ونشرُه، والعدلُ وإقامتُه، وملُ رايةِ المُسلمين في الآفاق، والذبُّ عنهم.

وبهذا تحقَّقَت لها الريادة، وحفِظَها الله بقوَّته ونصرَها، وأحلَّ فيها الأمنَ والإيمانَ والخيرَ والرخاء، وجعلَ قلوبَ المُسلمين أينما كانوا معها، وأذلَّ لها آراء الأعداء. وهذا من منَّة الله وفضلِه عليها، فله الحمدُ في الأولى والآخرة.

ثم اعلَموا أن الله أمرَكم بالصلاةِ والسلام على نبيِّه، فقال في مُحكَم التنزيل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمد، وارضَ اللهم عن خُلفائِه الراشِدين، الذين قضَوا بالحقِّ وبه كانُوا يعدِلُون: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمُسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعَل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا رخاءً، وسائرَ بلادِ المُسلمين.

اللهم وفِّق إمامَنا لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك، ووفِّق جميع ولاةِ أمور المسلمين للعمل بكتابِك وتحكيم شرعِك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم انصُر جنودَنا وعجِّل لهم بالنصر والتمكين، اللهم سخِّر لهم ما في السماوات وما في الأرض بقوَّتك وعزَّتك وقُدرتِك يا قويُّ يا عزيز، اللهم وأدِر دوائِر السَّوء على عدوِّك وعدوِّهم، اللهم زلزِل الأرضَ من تحت أقدامِهم، وألقِ الرُّعبَ في قلوبِهم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعَلنا من القانِطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا. (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].

عباد الله:

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكرُوه على آلائِه ونعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي