حقيقة الإيمان

إبراهيم بن محمد الحقيل
عناصر الخطبة
  1. الْإِيمَانُ هُوَ أَعْظَمُ مَا يَمْلِكُهُ الْإِنْسَانُ .
  2. الْإِيمَانُ هُوَ الْحَيَاةَ الْحَقِيقِيَّةَ لِلْإِنْسَانِ .
  3. تَحْقِيقُ الْإِيمَانِ يَكُونُ بِالْقَلْبِ وَبِاللِّسَانِ وَبِالْجَوَارِحِ .
  4. الرد على مَنِ ادَّعَى أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ اعْتِقَادِ الْقَلْبِ مَعَ قَوْلِ اللِّسَانِ .
  5. مَنْ أَرْجَأَ الْعَمَلَ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَدْ مَسَخَ الْإِيمَانَ .
  6. وجوب التَّذْكِير بِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَلَوَازِمِهِ .
  7. صور من التَّرْبِيَة الْإِيمَانِيَّة لِلْأَطْفَالِ فِي الْعَهْدِ النَّبَوِيِّ. .

اقتباس

التَّذْكِيرُ بِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَلَوَازِمِهِ هُوَ تَذْكِيرٌ بِأَهَمِّ المُهِمَّاتِ، وَأَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ. وَتَرْبِيَةُ الْأُسْرَةِ عَلَى الْإِيمَانِ مِمَّا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْأُسْرَةِ فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ نَوَاقِضُ الْإِيمَانِ وَنَوَاقِصُهُ، وَوَقَفَ فِيهِ جُنْدٌ لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَبْوَابِ الْقُلُوبِ المُؤْمِنَةِ لِنَزْعِ الْإِيمَانِ مِنْهَا، وَإِحْلَالِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَالزَّنْدَقَةِ فِيهَا، يَبْدَءُونَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى التَّمَرُّدِ عَلَى الشَّرَائِعِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَيَنْتَهُونَ بِإِنْكَارِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَيُنَوِّعُونَ الْأَسَالِيبَ وَالْوَسَائِلَ، فَيَسْتَخْدِمُونَ الْأَفْلَامَ وَالمُسَلْسَلَاتِ، وَالْقَصَصَ وَالرِّوَايَاتِ، وَالْكُتُبَ وَالمَقَالَاتِ، حَتَّى صَنَعُوا لِلْأَطْفَالِ رُسُومًا مُتَحَرِّكَةً فِيهَا مَا يُفْسِدُ الْعَقَائِدَ، وَيُزِيلُ الْإِيمَانَ أَوْ يُشَكِّكُ فِيهِ؛ لِيَمْسَخُوا الْفِطْرَةَ السَّوِيَّةَ الَّتِي فَطَرَ اللهُ -تَعَالَى- عَلَيْهَا أَطْفَالَ المُسْلِمِينَ.

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّـهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا النَّاسُ: الْإِيمَانُ هُوَ أَعْظَمُ مَا يَمْلِكُهُ الْإِنْسَانُ، وَمَنْ فَقَدَ الْإِيمَانَ فَلَا وَزْنَ لَهُ وَإِنْ مَلَكَ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا، وَلَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ اللَّـهِ -تَعَالَى- مَهْمَا أَنْجَزَ لِلْبَشَرِيَّةِ مِنْ إِنْجَازَاتٍ تَنْفَعُهُمْ، وَمَهْمَا أَطْعَمَ الْفُقَرَاءَ، وَكَفَلَ الْأَرَامِلَ وَالْأَيْتَامَ، وَعَالَجَ المَرْضَى، وَنَفَّسَ كَرْبَ المَكْرُوبِينَ، وَمَهْمَا عَمِلَ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ فِي دُنْيَاهُ، فَلَا وَزْنَ لَهَا عِنْدَ اللَّـهِ -تَعَالَى- بِلَا إِيمَانٍ (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا) [الكهف: 105].

وَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ هُوَ الْحَيَاةَ الْحَقِيقِيَّةَ لِلْإِنْسَانِ، وَهُوَ الَّذِي بِسَبَبِهِ يَكُونُ لَهُ وَزْنٌ وَقِيمَةٌ وَمَكَانَةٌ وَمَنْزِلَةٌ عِنْدَ اللَّـهِ -تَعَالَى- كَانَ لِزَامًا عَلَى المُؤْمِنِينَ مَعْرِفَةُ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ، وَمَا يُكَمِّلُهُ وَمَا يَزِيدُهُ، وَمَا يَنْقُضُهُ وَمَا يُنْقِصُهُ، وَمَا يَدْخُلُ فِيهِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَمُدَارَسَةُ الْإِيمَانِ مَا أَمْكَنَ. وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ حِينَ نَرَى طَوَائِفَ مِنَ الْبَشَرِ، بَلْ جُمُوعًا غَفِيرَةً بَلَغَتِ المِلْيَارَاتِ مِنَ النَّاسِ قَدْ ضَلَّتْ فِي بَابِ الْإِيمَانِ ضَلَالًا بَعِيدًا.

وَلَمْ يُهْدَ لِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ، فَكَانَتِ الْهِدَايَةُ لِلْإِيمَانِ أَعْظَمَ نِعْمَةٍ، وَكَانَتْ مَعْرِفَتُهُ وَالْعِلْمُ بِهِ أَشْرَفَ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالمَعَارِفِ وَأَجَلَّهَا وَأَعْظَمَهَا وَأَنْفَعَهَا. وَكَانَ الْجَهْلُ بِالْإِيمَانِ أَشَدَّ الْجَهْلِ وَأَقْبَحَهُ وَأَكْثَرَهُ ضَرَرًا.

وَمَا خُلِقَ الْإِنْسَانُ إِلَّا لِيُبْتَلَى بِالْإِيمَانِ، وَمَا كَانَتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ وَالْبَعْثُ وَالْجَزَاءُ إِلَّا لِأَجْلِ الْإِيمَانِ، وَمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ إِلَّا لِيَدُلُّنَا اللهُ -تَعَالَى- بِهِ عَلَى الْإِيمَانِ؛ وَكُلُّ آيَاتِهِ فِي الْإِيمَانِ، إِمَّا دَعْوَةً إِلَيْهِ، أَوْ تَحْذِيرًا مِنْ ضِدِّهِ، أَوْ بَيَانًا لِأَجْزَائِهِ وَأَحْكَامِهِ، أَوْ ذِكْرَ عَاقِبَةِ مُحَقِّقِيهِ وَتَارِكِيهِ، وَحَسْبُنَا أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ مُفْرَدَةَ الْإِيمَانِ وَمَا اشْتُقَّ مِنْهَا جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ مَوْضِعٍ. وَلَوْ قَضَى الْإِنْسَانُ عُمْرَهُ كُلَّهُ فِي دِرَاسَةِ الْإِيمَانِ وَمَعْرِفَتِهِ وَتَحْقِيقِهِ لمَا كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا عَلَى الْإِيمَانِ؛ إِذْ هُوَ عِلَّةُ وُجُودِهِ، وَسَبَبُ ابْتِلَائِهِ، وَجَزَاءُ ثَوَابِهِ أَوْ عِقَابِهِ.

وَيُطْلَقُ الْإِيمَانُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْعَكْسُ، كَمَا يُطْلَقَانِ عَلَى الدِّينِ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ، وَهُوَ بِهَذَا المَفْهُومِ دِينُ اللَّـهِ -تَعَالَى- الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ) [آل عمران: 19]، وَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدٍ دِينًا غَيْرُهُ (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ) [المائدة: 5].

وَأَحَادِيثُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّهَا فِي الْإِيمَانِ، أَوْ فِيمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْإِيمَانِ، وَوَضَعَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ كِتَابَ الْإِيمَانِ أَوَّلَ كِتَابٍ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ بَدْءِ الْوَحْيِ، وَافْتَتَحَهُ قَائِلًا: «بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ" وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ" ثُمَّ ذَكَرَ جُمْلَةً كَبِيرَةً مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ. وَافْتَتَحَ الْإِمَامُ مُسْلِمٌ صَحِيحَهُ بِكِتَابِ الْإِيمَانِ، وَاسْتَهَلَّهُ بِحَدِيثِ جِبْرِيلَ الطَّوِيلِ فِي بَيَانِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ.

وَمَا افْتَتَحَ شَيْخَا الْحَدِيثِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ كِتَابَيْهِمَا بِالْإِيمَانِ وَبَيَانِهِ إِلَّا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَوْ جُلَّ مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابَاهُمَا فَهُوَ فِي الْإِيمَانِ أَوْ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

وَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ بِهَذِهِ الْأَهَمِّيَّةِ عِنْدَ اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَعِنْدَ رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ؛ حَتَّى يُحَقِّقَ المُؤْمِنُ أَصْلَ الْإِيمَانِ، وَيَسْعَى إِلَى كَمَالِهِ؛ فَمَعْرِفَةُ الشَّيْءِ وَأَهَمِّيَّتُهُ مِمَّا يُعِينُ عَلَى تَحْقِيقِهِ وَتَكْمِيلِهِ.

وَتَحْقِيقُ الْإِيمَانِ يَكُونُ بِالْقَلْبِ وَبِاللِّسَانِ وَبِالْجَوَارِحِ؛ فَإِيمَانُ الْقَلْبِ تَصْدِيقُهُ بِاللَّـهِ -تَعَالَى- وَبِمَا يَجِبُ لَهُ، وَإِقْرَارُهُ وَإِذْعَانُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّـهِ -تَعَالَى-: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ) [الزُّمر: 33]، وَيَنْتِجُ عَنْ ذَلِكَ عَمَلُ الْقَلْبِ بِتَعْظِيمِ اللَّـهِ -تَعَالَى- وَمَحَبَّتِهِ وَرَجَائِهِ وَخَوْفِهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف: 110].

وَأَمَّا تَحْقِيقُ الْإِيمَانِ بِاللِّسَانِ: فَهُوَ قَوْلُ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ الَّتِي بِهَا يَدْخُلُ حَظِيرَةَ الْإِيمَانِ، وَعَلَيْهَا قَاتَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّـهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَيَنْتِجُ عَنْ إِقْرَارِ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ بِالْإِيمَانِ عَمَلُ اللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ مِنْ ذِكْرٍ وَتِلَاوَةِ قُرْآنٍ وَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصِيَامٍ وَحَجٍّ وَأَمْرٍ بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيٍ عَنِ المُنْكَرِ، وَسَائِرِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ المَأْمُورِ بِهَا أَمْرَ وُجُوبٍ أَوْ أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ؛ فَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى الْإِيمَانِ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال: 2-4].

وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: (التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنْكَرِ وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ) [التوبة: 112].

وَسَمَّى -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الصَّلَاةَ إِيمَانًا فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) [البقرة: 143]؛ أَيْ: صَلَاتَكُمْ. وَقَرَنَ سُبْحَانَهُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ بِالْإِيمَانِ فِي أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ مَوْضِعًا مِنَ الْقُرْآنِ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَأَنَّهُ لَا إِيمَانَ بِلَا عَمَلٍ (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) [البقرة: 25]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا) [مريم: 60].

وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

فَمَنْ جَحَدَ بِاللَّـهِ -تَعَالَى- أَوْ بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ فَاقِدُ الْإِيمَانِ، وَلَوِ ادَّعَى أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، وَالْجُحُودُ مَذْهَبُ المَلَاحِدَةِ.

وَمَنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِيمَانِ مِنَ الْيَقِينِ، وَلَا يَقِينَ مَعَ الشَّكِّ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "الْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ"، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "مُرَادُهُ: أَنَّ الْيَقِينَ هُوَ أَصْلُ الْإِيمَانِ كُلِّهِ، فَإِذَا أَيْقَنَ الْقَلْبُ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ انْبَعَثَتِ الْجَوَارِحُ كُلُّهَا لِلِاسْتِعْدَادِ لِلِقَاءِ اللَّـهِ -تَعَالَى- بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَنَشَأَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَنِ الْيَقِينِ".

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "مَا طُلِبَتِ الْجَنَّةُ إِلَّا بِالْيَقِينِ، وَلَا هُرِبَ مِنَ النَّارِ إِلَّا بِالْيَقِينِ، وَلَا أُدِّيَتِ الْفَرَائِضُ إِلَّا بِالْيَقِينِ، وَلَا صُبِرَ عَلَى الْحَقِّ إِلَّا بِالْيَقِينِ".

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "لَوْ أَنَّ الْيَقِينَ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يَنْبَغِي لَطَارَتِ الْقُلُوبُ اشْتِيَاقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَخَوْفًا مِنَ النَّارِ".

وَمِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الشَّكِّ هِيَ دَعْوَةٌ إِلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْيَقِينِ، وَمَا دَمَّرَ إِيمَانَ النَّصَارَى إِلَّا مَذَاهِبُ الشَّكِّ الَّتِي انْتَشَرَتْ فِيهِمْ، وَيُرِيدُونَ تَسْوِيقَهَا لِلْمُسْلِمِينَ لِتَدْمِيرِ إِيمَانِهِمْ عَبْرَ المُثَقَّفِينَ الْعَلْمَانِيِّينَ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَّى الشَّكِّ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَيُمَارِسُونَهُ عَمَلِيًّا فِي كُتُبِهِمْ وَمَقُولَاتِهِمْ، وَوَدَّ فَاقِدُ الْإِيمَانِ أَنْ يَفْقِدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِيمَانَهُمْ، وَوَدَّ المُمَزَّقُ قَلْبُهُ بِالْحَيْرَةِ وَالشَّكِّ أَنْ تُمَزَّقَ قُلُوبُ النَّاسِ بِهِمَا.

وَمَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ فَهُوَ فِي عِدَادِ المُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ -تَعَالَى- فِيهِمْ: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) [البقرة: 14]، فَلَا تَنْفَعُهُمْ أَعْمَالُهُمُ الصَّالِحَةُ فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّهَا تَفْقِدُ شَرْطَ الْقَبُولِ وَهُوَ الْإِخْلَاصُ؛ فَهُمْ يَعْمَلُونَ لِأَجْلِ النَّاسِ لَا لِأَجْلِ اللَّـهِ -تَعَالَى-.

وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ مُجَرَّدُ المَعْرِفَةِ أَوِ التَّصْدِيقِ، أَيْ: مَعْرِفَةُ اللَّـهِ -تَعَالَى- وَالتَّصْدِيقُ بِرُبُوبِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ، فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ؛ لِأَنَّ إِبْلِيسَ يَعْرِفُ اللهَ -تَعَالَى- وَمُصِدِّقٌ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَقَدْ أَقْسَمَ بِعِزَّتِهِ سُبْحَانَهُ.

وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ اعْتِقَادِ الْقَلْبِ مَعَ قَوْلِ اللِّسَانِ؛ فَهَذَا فَهْمُهُ لِلْإِيمَانِ أَقَلُّ مِنْ فَهْمِ المُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّ المُشْرِكِينَ مَا رَفَضُوا الْإِيمَانَ إِلَّا لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ مُجَرَّدَ كَلِمَةٍ تُلَاكُ بِاللِّسَانِ، وَإِلَّا لَقَالُوهَا وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي حُرُوبٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَلَكِنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُمْ إِنْ نَطَقُوا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ لَزِمَهُمُ الْعَمَلُ بِهَا، وَالْعَمَلُ بِهَا هُوَ الْإِتْيَانُ بِأَعْمَالِ الْإِيمَانِ، وَكَافَّةِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ.

وَمَنْ أَرْجَأَ الْعَمَلَ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَدْ مَسَخَ الْإِيمَانَ، وَخَالَفَ الْقُرْآنَ، وَابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ، قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "فَأَمَّا المُرْجِئَةُ الْيَوْمَ فَهُمْ قَوْمٌ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ، فَلَا تُجَالِسُوهُمْ، وَلَا تُؤَاكِلُوهُمْ، وَلَا تُشَارِبُوهُمْ، وَلَا تُصَلُّوا مَعَهُمْ، وَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ".

نَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يُعَلِّمَنَا الْإِيمَانَ والْقُرْآنَ، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْإِيمَانِ إِلَى المَمَاتِ، وَأَنْ يَزِيدَنَا إِيمَانًا وَيَقِينًا.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ...

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَأَطِيعُوهُ، وَحَقِّقُوا الْإِيمَانَ وَكَمِّلُوهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّ جَزَاءَ الْإِيمَانِ عَظِيمٌ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا) [الكهف: 107- 108].

أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: التَّذْكِيرُ بِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَلَوَازِمِهِ هُوَ تَذْكِيرٌ بِأَهَمِّ المُهِمَّاتِ، وَأَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ. وَتَرْبِيَةُ الْأُسْرَةِ عَلَى الْإِيمَانِ مِمَّا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْأُسْرَةِ فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ نَوَاقِضُ الْإِيمَانِ وَنَوَاقِصُهُ، وَوَقَفَ فِيهِ جُنْدٌ لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَبْوَابِ الْقُلُوبِ المُؤْمِنَةِ لِنَزْعِ الْإِيمَانِ مِنْهَا، وَإِحْلَالِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَالزَّنْدَقَةِ فِيهَا، يَبْدَءُونَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى التَّمَرُّدِ عَلَى الشَّرَائِعِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَيَنْتَهُونَ بِإِنْكَارِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَيُنَوِّعُونَ الْأَسَالِيبَ وَالْوَسَائِلَ، فَيَسْتَخْدِمُونَ الْأَفْلَامَ وَالمُسَلْسَلَاتِ، وَالْقَصَصَ وَالرِّوَايَاتِ، وَالْكُتُبَ وَالمَقَالَاتِ، حَتَّى صَنَعُوا لِلْأَطْفَالِ رُسُومًا مُتَحَرِّكَةً فِيهَا مَا يُفْسِدُ الْعَقَائِدَ، وَيُزِيلُ الْإِيمَانَ أَوْ يُشَكِّكُ فِيهِ؛ لِيَمْسَخُوا الْفِطْرَةَ السَّوِيَّةَ الَّتِي فَطَرَ اللهُ -تَعَالَى- عَلَيْهَا أَطْفَالَ المُسْلِمِينَ.

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- يُرَبُّونَ الْأَطْفَالَ عَلَى الْإِيمَانِ، وَيُعَلِّمُونَهُمْ مَعَانِيَهُ وَشَرَائِعَهُ وَلَوَازِمَهُ؛ كَمَا عَلَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا سَعِيدِ بْنَ المُعَلَّى الْفَاتِحَةَ وَهُوَ دُونَ التَّاسِعَةِ، وَهِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، تَنْضَحُ بِالْإِيمَانِ.

وَعَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ دُعَاءَ الْقُنُوتِ وَهُوَ دُونَ السَّابِعَةِ، وَدُعَاءُ الْقُنُوتِ فِيهِ مِنْ مَعَانِي الْإِيمَانِ مَا يُرَسِّخُهُ وَيَزِيدُهُ.

وَعَلَّمَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَا قَدْ يُطْرَحُ مِنْ شُبُهَاتٍ عَلَى الْإِيمَانِ، وَكَيْفِيَّةَ التَّعَامُلِ مَعَهَا، وَلمَّا عَلَّمَهُ ذَلِكَ كَانَ شَابًّا دُونَ الْعِشْرِينَ، وَأَدْرَكَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- زَمَنًا ظَهَرَ فِيهِ أُنَاسٌ يُشَكِّكُونَ فِي الْإِيمَانِ، وَيُلْقُونَ الشُّبُهَاتِ فِيهِ، فَوَاجَهَهُمْ أَنَسٌ بِمَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. 

وَيُلَخِّصُ لَنَا جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّـهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- التَّرْبِيَةَ الْإِيمَانِيَّةَ لِلْأَطْفَالِ فِي الْعَهْدِ النَّبَوِيِّ فَيَقُولُ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ، فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا" (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ).

فَحَرِيٌّ بِنَا -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- أَنْ نَعْتَنِيَ بِتَعَلُّمِ الْإِيمَانِ عِنَايَةً فَائِقَةً، وَأَنْ نُرَبِّيَ عَلَيْهِ مَنْ هُمْ تَحْتَ أَيْدِينَا، وَأَنْ نَغْرِسَهُ فِي أَطْفَالِنَا، حَتَّى يَنْمُوَ إِيمَانُهُمْ مَعَ نُمُوِّ عُقُولِهمْ وَأَجْسَادِهِمْ، فَإِذَا مَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ لُصُوصُ الْإِيمَانِ، وَأَعْوَانُ الشَّيْطَانِ؛ لِيَقْذِفُوا فِي قُلُوبِهِمُ الشَّكَّ وَالْإِلْحَادَ وَالشُّبُهَاتِ كَانُوا مُحَصَّنِينَ ضِدَّ ذَلِكَ، وَكَانُوا دُعَاةً لِلْإِيمَانِ، مُحَارِبِينَ لِلزَّنْدَقَةِ وَالتَّمَرُّدِ وَالْإِلْحَادِ وَالنِّفَاقِ (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ) [فصِّلت: 33].  

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ... 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي