ما انتشرت بين الناس الأمراض النفسية إلا بسبب البعد عن ذكر الله.. وما فشت الإصابة بالعين والسحر إلا للتقصير في ذكر الله.. وما شاع الضيق والاكتئاب وضيق الصدر إلا بسبب الغفلة عن ذكر الله.. (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا).. وإذا أردت الحل والسعادة.. والأنس والراحة.. فستجد الإجابة في قول الله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).. إن من رحمة الله -تعالى- بنا أن جعل لنا في بعض الأذكار قلة في الألفاظ.. وعظمة في الأجور.. ومن الأذكار التي ينبغي على كل مسلم أن يحفظها ويعيها.. ويداوم عليها.. ولا يتركها.. ذِكْر عظيم الأجر جدًا.. هذا الذكر إذا قلته في كل يوم حصلت لك خمس خصال.. فاحفظها..
الحمد لله شهدت بوجوده آياته الباهرة, ودلت على كرم جوده نعمه الباطنة والظاهرة، وسبّحت بحمده الأفلاكُ الدائرة، والرياح السائرة، والسحب الماطرة، هو الأول فله الخلق والأمر، والآخر فإليه الرجوع يوم الحشر، هو الظاهر فله الحكم والقهر، هو الباطن فله السر والجهر.
وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد, وهو على كل شيء قدير.
أنشـأتني ورحمـتني وسترتني *** أحسن فأنت المحسن المفضال
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبدُ الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه, إذا سارَ سار النور معه، وإذا نام فيّح الطيب مضجعه، وإذا تكلم كانت الحكمة مرفعه.
هو المختار مـن الـبرايا *** هو الهادي البشير هو الرسول
عليه من المهيمن كل وقت *** صلاة دائما فيها القبـول
وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين.
أما بعد: في خضم هذه الحياة.. وغرق الإنسان في الدنيا والماديات, والشهوات والملذات, فتارة تغلبه نفسه الأمارة بالسيئات, وتارة يتقرب إلى الله بالطاعات والحسنات..
من بين الهموم.. والمشاكل والغموم.. يحتاج العبد إلى ملجأ يجد عنده الأمان.. وركن شديد يلتمس منه الاطمئنان.. وأي ركن وملجأ وملتجأ ومعتمد ومستند أعظم من الله.. (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
إذا اشتد بك الكرب.. عليك بذكر الرب..
وإذا جاءك الهم العظيم.. عليك بذكر الله العلي العظيم..
وإذا تخلى عنك كل أحد.. فعليك بذكر الأحد الصمد..
ذكر الله.. حياة القلوب.. ذكر الله.. أمر علام الغيوب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) [الأحزاب: 41].
ذكر الله أدخل أهله الجنة: (وَالذَاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب: 35].
ذكر الله.. من خير الأعمال أخرج الترمذي، وابن ماجه، والحاكم عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أنبِّئُكم بخير أعمالِكم، وأزكاها عند مَليكِكم، وأرفعِها في درَجاتِكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهبِ والورِق، وخيرٌ لكم من أن تلقَوا عدوَّكم فتضرِبوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "ذِكْر الله".
وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما عند البيهقي، وأبي نُعيم من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من ساعة تمرُّ بابن آدم لا يذكر الله –تعالى- فيها إلاّ تحسّر عليها يوم القيامة".
قال بعض العارفين: "لو أقبل عبد على الله -تعالى- كذا وكذا سنة، ثم أعرض عنه لحظة لكان ما فاته أعظم مما حصله".
أيها الإخوة.. لما كان هذا الفضل كله لذكر الله -تبارك وتعالى-.. فقد أمرنا الله -تعالى- بذكره ذكرًا كثيرًا.. وخصوصًا في استقبال الصباح والمساء.. (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الإنسان: 25].
بل وأمرنا رسوله -صلى الله عليه وسلم- بذكر الله -تعالى-.. وضرب لنا مثالاً لذلك: "وآمركم أن تذكروا الله -تعالى-، فإن مَثل ذلك مثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً, حتى إذا أتى إلى حصنٍ حصينٍ فأحرز نفسه منهم, كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله".
فما انتشرت بين الناس الأمراض النفسية إلا بسبب البعد عن ذكر الله..
وما فشت الإصابة بالعين والسحر إلا للتقصير في ذكر الله..
وما شاع الضيق والاكتئاب وضيق الصدر إلا بسبب الغفلة عن ذكر الله..
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) [طه: 124].. وإذا أردت الحل والسعادة.. والأنس والراحة.. فستجد الإجابة في قول الله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].. يقول ابن القيم -رحمه الله-: "وفي الذكر أكثر من مائة فائدة"..
عباد الله.. إن من رحمة الله -تعالى- بنا أن جعل لنا في بعض الأذكار قلة في الألفاظ.. وعظمة في الأجور..
ومن الأذكار التي ينبغي على كل مسلم أن يحفظها ويعيها.. ويداوم عليها.. ولا يتركها.. ذِكْر عظيم الأجر جدًا.. هذا الذكر إذا قلته في كل يوم حصلت لك خمس خصال.. فاحفظها:
إذا قلت هذا الذكر فكأنك أعتقت عدة عبيد.. نقلتهم من العبودية إلى الحرية..
وحتى نعلم فضل عتق الرقاب فلنستمع إلى حديث عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار", الله أكبر.. عتق رقبة واحدة يعني الفداء من النار!
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضوٍ منه عضواً من النار حتى فرجه بفرجه" (متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-).
قال الإمام النووي -رحمه الله-: "وفي هذا الحديث بيان فضل العتق، وأنه من أفضل الأعمال، ومما يحصل به العتق من النار ودخول الجنة".
فإذا كان هذا فضل عتق عبد واحد.. فإن من قال هذا الذكر ليس كمن أعتق عبدًا واحدًا.. ولا اثنين.. ولا حتى ثلاثة.. بل بمجرد ذِكْرك لهذا الذكر تكون كمن أعتق عشرة رقاب!!
والخصلة الثانية لمن جاء بهذا الذكر أن الله -تبارك وتعالى- يكتب لك مائة حسنة.. مائة حسنة بألفاظ يسيرة معدودة.
والخصلة الثالثة: أن الله -تبارك وتعالى- يمحو عنك مائة سيئة.
والخصلة الرابعة: أن من جاء بهذا الذكر يُحْفَظ سائر اليوم.. فلا يصيبه بإذن الله عين ولا سحر ولا حسد..
أما الخصلة الخامسة.. وهي المتممة: أنه لا يأتي أحد يوم القيامة بعمل في هذا اليوم أفضل ممن قال هذا الذكر.. إلا في حالة واحدة.. وهي أن يأتي رجل جاء بهذا الذكر وزاد عليه أعمالاً صالحة أخرى!
يالله.. كل هذه الفضائل العظيمة في ذِكْر واحد فقط؟! فما هو هذا الذكر؟
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشرِ رقاب، وكتبت له مائةُ حسنة، ومحيت عنه مائةُ سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطانِ يومَه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه".
يالله.. كيف يغفل العاقل عن كل هذه الفضائل العميمة.. وكيف يترك هذا الذكر من عرف تلك الأجور العظيمة.. حقًا إن في تركه خسارة وأي خسارة.
فاحرصوا رعاكم الله على هذا الذكر.. احفظوه.. داوموا عليه.. ولا يمرنَّ عليكم يوم دون أن يكون من وردكم..
علموه أبناءكم وزوجاتكم.. وإخوانكم.. وآباءكم.. ومن ولاكم الله أمرهم.. فالدال على الخير كفاعله.
بارك الله لي ولكم بالقرآن والسنة, ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة, قد قلت ما سمعتم, وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدّر فهدى، وأخرج المرعى، فجعله غثاءً أحوى، سبحانه هو أمات وأحيى، وأضحك وأبكى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على طريقهم واقتفى.
أما بعد: ومن الأذكار التي ينبغي على كل مسلم ألا يفرط فيها في كل يوم وليلة ذكر إذا قلته غُفرت ذنوبك.. حُطت خطاياك.. مُسحت سيئاتك.. مهما كانت كثرتها.. حتى لو كانت مثل الزبد الذي يكون على شاطئ البحر.. والذي يزيد ولا ينقص.. لو كانت ذنوبك مثله.. فإن الله يغفرها لك.. إذا ذكرت هذا الذكر..
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".
سبحان الله وبحمده مائة مرة.. لا يستغرق المسلم في ذكرها خمس دقائق.. سهلة اللفظ.. لكن أجرها عظيم.. حُطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.
فهل ستترك هذا الذكر اليسير.. والأجر الكبير بعد هذه اللحظة..
اللهم علمنا ما ينفعنا.. وانفعنا بما علمتنا.. وزدنا علمًا يا ذا الجلال والإكرام..
اللهم اجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا.. وأعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا رب العالمين.
عباد الله.. (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلم ما تصنعون.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي