بيان تحقيق الإسلام لأمن المجتمع

صالح بن فوزان الفوزان
عناصر الخطبة
  1. أهمية الأمن .
  2. فشل الأنظمة الحديثة في تحقيق الأمن .
  3. تحقيق الأمن في ظل الإسلام وبعض الشواهد التاريخية على ذلك .
  4. أبرز مقوِّمات الأمن في الإسلام .
  5. توفير الإسلام للأمن في الدنيا والآخرة .
  6. ملازمة الخوف للتاركين للإسلام وبعض شواهد الواقع على ذلك .
  7. الحل في الرجوع إلى الإسلام والتمسك به .

اقتباس

لقد فشلت كل هذه الوسائل، وأفلست كل نظم الأرض، وحيل البشر، فلم تستطع توفير الأمن، وأدل دليل على ذلك واقع الدول الراقية التي تملك كل عناصر القوة المادية، وما تعانيه من الفوضى، وانتشار الخوف في ربوعها، وتسلّط المجرمين على شعوبها، حتى إن مَن يسافر إليهم لا يأمن على نفسه، ولا يستطيع أن يحمل معه شيئاً من النقود الضرورية إلا وهو...

الخطبة الأولى:

الحمد لله ربّ العالمين، جعل تحقيق الأمن مقروناً بالإيمان، الخالص من الشرك والطغيان، فقال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام: 82].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحاب، ومَن تبعه وتمسك بدينه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- تأمنوا بتقواه من جميع المخاوف.

عباد الله: إن الأمن مطلب نبيل، تهدف إليه المجتمعات البشرية، وتتسابق لتحقيقه السلطات الدولية، بكل إمكانياتها الفكرية والمادية.

والأمن ضد الخوف، وهو سكون القلب، وذهاب الروع والرعب.

والبلد الآمن والأمين هو الذي اطمأن به أهله.

وطلب الأمن مقدّم على طلب الغذاء؛ لأن الخائف لا يتلذذ بالغذاء، ولا يهنأ بالنوم، ولا يطمئن في مكان، ولهذا لما دعا خليل الله إبراهيم -عليه السلام- لمكة المشرفة، قال: (رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) [البقرة: 126].

فدعا بتوفير الأمن قبل توفير الرزق.

لقد فشلت كل هذه الوسائل، وأفلست كل نظم الأرض، وحيل البشر، فلم تستطع توفير الأمن، وأدل دليل على ذلك واقع الدول الراقية التي تملك كل عناصر القوة المادية، وما تعانيه من الفوضى، وانتشار الخوف في ربوعها، وتسلّط المجرمين على شعوبها، حتى إن مَن يسافر إليهم لا يأمن على نفسه، ولا يستطيع أن يحمل معه شيئاً من النقود الضرورية إلا وهو خائف أشد الخوف، ومتوقع للغدر في كل لحظة.

إذاً فما هي الأسباب الصحيحة لتوفير الأمن للمجتمعات بعدما جربت البشرية كلّ النظم؟

فالأمن مطلب ضروري لكل البشر، ولكن ما هي وسائل توفير الأمن؟ هل يتوفر الأمن بالبطش والجبروت والاستبداد من الولاة، وهو ما يسمى اليوم ب"الديكتاتورية"؟ أو يتوفّر بالتساهل والتسامح مع المجرمين والمفسدين إلى حدّ الفوضى، وهو ما يسمّى ب"الديمقراطية"؟ أو يتوفر باستعمال الأجهزة الدقيقة والأسلحة الفتّاكة، وما توفر بالمخترعات الحديثة من إمكانيات؟ أو يتوفر الأمن بقوة الحصون والأبواب والحرّاس؟

إن أسباب الأمن تتوفر في شيء واحد، هو: دين الإسلام الذي اختاره الله للبشرية جميعاً إلى يوم القيامة: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50].

وقال عنه جلّ وعلا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3].

وقال عن نبيّه. (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107].

وخير شاهد على ذلك: حالة العرب خاصة، والعالم عامة، قبل مجيء هذا الدين، فقد كانوا في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، وكانت جزيرة العرب بالذات مسرحاً للفتن والاضطرابات والنهب، والسلب والحروب، فلما جاء هذا الدين، ودخلوا فيه، تحولوا إلى مجتمع مثالي، يسوده الأمن، ويحكمه الوحي، وتوجهه العقيدة السليمة، تحولت فيه العداوة إلى محبة، والقطيعة إلى أخوة، والشحّ والأثرة إلى إيثار ومواساة، كما قال تعالى مذكِّراً عباده هذه النعمة: (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [آل عمران: 103].

وقال تعالى: (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الأنفال: 26].

هذا شاهد من الماضي على توفر الأمن في هذا الدين، وبين أيدينا شاهد من الحاضر الذي نعيشه، وهو أن بلادنا هذه كانت تعيش حالة من الفوضى والخوف، والتناحر بين البادية والحاضرة من ناحية، وبين الحاضرة بعضها مع بعض من ناحية أخرى، كل قرية تغير على القرية الأخرى، وكان بين أهل تلك البلاد من العداوات والثارات الشيء الكثير، فلما منَّ الله على أهل تلك البلاد، بظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- إلى العقيدة الصحيحة، والتمسك بهذا الدين، واستجابوا لتلك الدعوة المباركة، وناصروها، توفر لهم الأمن، وقامت لهم دولة إسلامية تحكم بشريعة الله.

فكانت ولا تزال -بحمد الله- مضرب المثل في العالم في توفر الأمن، حتى شهد لها بذلك القاصي والداني، وأصبحت أرقى الدول في توفر الأمن، وانخفاض نسبة الجرائم الأمنية، وكتب عنها الرحالة والمستشرقون شهادات الإعجاب والتقدير، مما يدل على أن هذا الدين هو الذي يوفّر الأمن.

وأهم مقوِّمات الأمن في هذا الدين هي: الإيمان بالله، ومراقبته، والشعور بأنه مطّلع على عبده في السر والعلن، وأنه يجازي عباده على تصرفاتهم.

فكلما همّ العبد بمواقعة جريمة تذكّر ذلك، فانكفّ عنها خوفاً من الله -تعالى-.

ومن مقوِّمات الأمن في الإسلام: إصلاح العقيدة بعبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه، وذلك مما يجعل المسلمين إخوة متحابين في الله لا يعتدي بعضهم على بعض.

ويتضمن هذين العنصرين على بعض، ويتضمن هذين العنصرين الهامين من مقوِّمات الأمن قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) [النــور: 55].

ومن مقوِّمات الأمن في الإسلام: إقامة الصلاة؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وإيتاء الزكاة؛ لأن الزكاة مواساة للفقراء والمحتاجين، تزرع المحبة في القلوب.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن في ذلك أخذاً على يد السفيه، ومنعاً له من ملابسة الإجرام، ويتضمن هذه العناصر، قول الله -تعالى-: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[الحج: 40 - 41].

ومن مقومات الأمن في الإسلام: اجتماع الكلمة، وطاعة وليّ الأمر ما لم يأمر بمعصية، والتحاكم إلى شرع الله، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء: 59].

ومن هنا حرّم الله الخروج على وليّ الأمر، وشقّ عصا الطاعة، لما يترتب على ذلك من المفاسد، واختلال الأمن، وحدوث الفوضى، وتفرّق الكلمة، كما هو مشاهد في المجتمعات التي استخفّت بهذا الأصل، ولم تحترم سلطاتها باسم الحرية، فنشأت فيها الحزبيات المتناحرة.

كل حزب يريد أن يتغلب على السلطة، وأن ينتصر على الحزب الآخر بالثورات الدموية التي يذهب فيها كثير من الأنفس والأموال.

ومن مقوِّمات الأمن في الإسلام: شكر النعم التي ينعم الله بها على الأفراد والجماعات بالاستعانة بها على طاعة الله، وصرفها فيما يفيد؛ لأن كفر النِعَم سبب لحلول ضدّها من الخوف والجوع، قال تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش: 3- 4].

وقال تعالى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) [النحل: 112].

ومن مقوِّمات الأمن في الإسلام: إقامة الحدود التي شرعها الله، ردعاً للمجرمين الذين ضعف إيمانهم، ولم ينفع فيهم الوعظ والتذكير، والأمر والنهي، فهؤلاء شرع الله لهم عقوبات تردعهم عن غيّهم، وتزجر غيرهم أن يفعل مثل فعلهم، فشرع الله قتل القاتل، وقطع يد السارق، وقطع الأيدي والأجل، أو القتل والصلب لقطّاع الطرق، ورجم الزاني المحصن، وجلد الزاني غير المحصن، وجلد القاذف، وشارب المسكر.

كل ذلك لحفظ الأمن، وليذوق المعتدي مرارة العقوبة، كما أذاق المجتمع مرارة الخوف والعدوان.

تلكم أهم مقوِّمات الأمن في الإسلام الذي رضيه الله ديناً لعباده.

فالحمد لله على فضله وإحسانه، ونسأله أن يتوفانا مسلمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران: 102- 103].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله مالك يوم الدين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين، وحجة على المعاندين، ومنّة على المؤمنين، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيّها الناس: اتقوا الله: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [البقرة: 194].

عباد الله: وكما أن الإسلام يحقّق الأمن من مخاوف الدنيا، فهو كذلك يحقّق الأمن من مخاوف يوم القيامة، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام: 82].

وقال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ) [الحجر: 45 - 48].

وقال تعالى: (إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) [سبأ: 37].

وقال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الدخان: 51 - 57].

والآيات في هذا المعنى كثيرة تدل على أن الإسلام يوفر الأمن للمسلم في الدنيا والآخرة.

وبدون الإسلام، فلا أمان ولا نجاة، وإنما هو الخوف، الملازم، والعذاب الدائم، كما قال تعالى عن الكفَّار: (لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ) [الرعد: 34].

وقال تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) [الجن: 6].

فأخبر سبحانه: أن الذي يستعيذ بغير الله أن ذلك يزيده خوفاً وهلعاً؛ لأن الاستعاذة بغير الله شرك.

وواقع الناس اليوم خير شاهد لذلك، فإن دول الكفر عموماً، وكذلك المرتدّون الذين ابتعدوا عن الإسلام من العرب، وحكموا شعوبهم، بغير ما أنزل الله، وعطّلوا حدود الله، وسمحوا بمزاولة الشرك الأكبر حول الأضرحة في بلادهم، وما زالوا في خوف وقلق واضطراب وثورات متتابعة، كما تسمعون من أخبارهم صباحاً ومساءً.

ولا خلاص لهم من ذلك، إلا بالرجوع إلى الإسلام، رجوعاً صحيحاً، لا رجوعاً جزئياً، كما يطالب بذلك بعض الفئات التي تطالب بتطبيق الحدود فقط، ولا تطالب بإزالة مظاهر الشرك أولاً، والرجوع إلى العقيدة الصحيحة التي هي أساس الشريعة، ورأس الإسلام، والتي هي بداية دعوة الرسل، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.

نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين بالاستقامة على الدين، والرجوع إلى الكتاب والسنّة، وما كان عليه جماعة المسلمين، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- ... إلخ.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي