إن الأقصى في خطر محدق، انهيارات أرضية نتيجة للحفريات أسفل الأقصى، وتشققات في ساحات الأقصى ناتجة عن عمليات الحفر المجنونة تحت بلاط الأقصى.. لقد أصبح أسفل المسجد الأقصى منطقة فارغة مختلة القواعد، نتج عنها انهيارات وتشققات في أرضيته بشكل مستمر، فماذا لو تم العبث بأساسات المسجد من الذين يقومون بالحفريات وافتعلوا انفجارًا أو هزة ما؟! كما يخطط الصهاينة لبناء جسر لحمل شاحنات تدخل من باب المغاربة إلى باحة المسجد، فما الذي ستحمله تلك الشاحنات التي يخطط لإدخالها للأقصى؟!
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فإن تقوى الله تفرّج الكربات وتستجلب البركات وتستنصر ربَّ البريات، (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].
معاشر المؤمنين، لم تكد تمرّ علينا الذكرى المؤلمة التي كانت طعنة في قلب الأمّة الإسلامية، ذكرى إحراق المسجد الأقصى على يد يهودي صهيوني عام 1969 ميلادية، حين التهمت النار أجزاء هامة منه؛ كمنبر صلاح الدين الأيوبي محرر الأقصى من الصليبيين، في اعتداء آثم لا زالت ذكراه تؤلم قلوب المسلمين، حتى دنس الصهاينة أرض المسجد الأقصى قبل أيام لإقامة صلواتهم الباطلة كما يزعمون، في سلسلة اعتداءات آثمة متكررة تستهدف تهويد المكان المقدس وبناء هيكلهم المزعوم.
إنها النار التي لا زالت تلتهم الأقصى والقدس والمقدسيين حتى الآن، إنها نار الكيد الصهيوني لتدنيس المسجد وتهويد القدس، فلا زالت حرب الاقتحامات والمصادرة لأملاك المقدسيين والتهويد والاغتصاب العنصري مستمرة، ولا زال المقدسيون يعانون، ولا زال الأقصى يعاني من محاولات عزله عن أهله ومنع المسلمين من الصلاة فيه.
إنه المسجد الأقصى - عباد الله - أولى القبلتين ومسرى رسول الله ومعراجه إلى السموات العلا، وموضع إمامته للصلاة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء: 1].
استهداف الأقصى - عباد الله - لم يمنع المسلمين من الدفاع عنه، فقد شهدت ساحاته والساحات المحيطة بالقدس مواجهات قدم فيها المقدسيون المرابطون خيرة أبنائهم دفاعًا عن القدس والأقصى، رأيناهم شبابا وشيبا، رجالا ونساء، يتصدون لهجمات الصهاينة بأسلحتهم وهم عزّل إلا من الإيمان والفداء والشجاعة.
معاشر المؤمنين، إن الأقصى في خطر محدق، انهيارات أرضية نتيجة للحفريات أسفل الأقصى، وتشققات في ساحات الأقصى ناتجة عن عمليات الحفر المجنونة تحت بلاط الأقصى، يقول أحد خبراء الآثار الفلسطينيين: أفقنا يومًا ولم نجد قطرة ماء في أحد آبار المسجد الأقصى، فنزلنا في البئر لنعرف السبب، فوجدنا عددًا من الصهاينة اليهود يقومون بأعمال حفريات داخل البئر وقد وصلوا له من الأسفل.
لقد أصبح أسفل المسجد الأقصى منطقة فارغة مختلة القواعد، نتج عنها انهيارات وتشققات في أرضيته بشكل مستمر، فماذا لو تم العبث بأساسات المسجد من الذين يقومون بالحفريات وافتعلوا انفجارًا أو هزة ما؟! كما يخطط الصهاينة لبناء جسر لحمل شاحنات تدخل من باب المغاربة إلى باحة المسجد، فما الذي ستحمله تلك الشاحنات التي يخطط لإدخالها للأقصى؟!
لقد تم بالأمس القريب - عباد الله - إحباط مخطط لتغيير أقفال ومفاتيح أحد أبواب المسجد الأقصى من قبل مجموعة من الصهاينة الذين يعملون على اقتحام المسجد بشكل مستمر، إنهم يسعون - عباد الله - لتقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين، توطئة لتخصيص موقع لهيكلهم المزعوم، وقد تم الإعلان عن تدريبات للقوات الخاصة الصهيونية لتسلّق جدران المسجد الأقصى واقتحامه.
كما أنهم وضعوا مؤخرا مجسما لهيكلهم المزعوم في باحات المسجد الأقصى في تحدّ للعرب وللمسلمين جميعًا، وتأكيدًا على مخططهم لهدمه وبناء الهيكل، كل هذا الكيد والمكر يشير إلى أن المسجد الأقصى على أبواب خطر كبير، خطر داهم، يهدد كيانه وبنيانه، فما الذي أعده المسلمون لمواجهة هذا المكر الصهيوني تجاه قبلتهم الأولى مسرى رسول الله ؟!
نسأل الله -جل وعلا- أن يحمي بيته ويحفظ دينه، وأن يعين الأمة على أداء واجبها والقيام بدورها لحماية الأقصى وتحريره من دنس اليهود.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وأكرمنا بالإيمان وشرفنا بالقرآن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل أمتنا خير أمة أخرجت للناس، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين، ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد: معاشر المؤمنين، إننا حين نجدد الذكريات فإننا ننشد تمييز طريق الهدى عن سبل الضلالات، وحين نتذكر الآلام فإننا نجدد العزم والآمال، فقد كانت النكبات لأمتنا تنبيها عن الغفلات وتجديدا للعزمات واستدراكا للضعف والتراجعات.
والواجب على كلّ مسلم اليوم أن ينتصر للأقصى بما يطيق ويستطيع ولو بالكلمة والدعاء؛ لأن اعتقاد القلب بوجوب النصرة والتبرؤ من الخذلان أمر لازم لتبرأ الذمة يوم الوقوف بين يدي الواحد الديان.
الجهاد والدفع واجب لتحرير الأقصى بل وفلسطين جميعها عباد الله، هذا هو حكم الإسلام، فلا تحرير للأقصى ولا استرجاع للحقوق المغتصبة إلا بالجهاد في سبيل الله، لا نقول ذلك دغدغة للعواطف وتجاهلا للواقع، بل عن عقيدة وإيمان واستجابة لحكم العزيز المنان.
واستمعوا لقول ربكم - أيها المسلمون - لتدركوا الطريق المستقيم وتسلكوه، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) [الحج: 38- 41].
هؤلاء هم الموعودون بالنصر، وليسوا أولياء اليهود وأتباع الشيطان الذين باعوا دينهم ووطنهم ومقدساتهم بثمن بخس، فهؤلاء ليسوا أهلا بتنزل النصر عليهم.
عباد الله، نصرة الأقصى واجبة بالدعاء والمساندة المادية التي تثبت رباط المقدسيين، فهناك مشروع شد الرحال للأقصى بتسيير قوافل المصلين إليه؛ ليكون عامرا بأهله، ومشاريع الترميم والعمارة ومشاريع التعليم وغيرها من المشاريع الخيرية التي يترجم المسلم خلالها نصرته للأقصى عمليًّا.
كما أن الوقوف أمام مخططات التطبيع مع العدو الصهيوني واجبة في ظل الضغوط والمؤامرات التي تمارسها قوى الاستكبار والعداء للإسلام، والأوهام التي يجري وراءها عملاء الاستسلام ووكلاء الخيانة الذين لا زالوا يلهثون وراء السراب ويتذللون للصهاينة لاستجدائهم، ثم هم يشهرون السلاح في وجه المقاومة الباسلة حماية للصهاينة وإمعانا في مهاوي الخيانة والعمالة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين.
فاتقوا الله عباد الله، وانتصروا لدينكم ومقدساتكم، وأنفقوا خيرا لأنفسكم، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون.
هذا، وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي