اعلموا: أن للمسلم على المسلم حقوقا كثيرة؛ فمن حقوق المسلم: أن تسلم عليه إذا لقيته، فتقول: "السلام عليكم". وإن كان بعيدا، أو لا يسمع، فاجمع بين السلام والإشارة، ليعرف أنك تسلم عليه. والسنة أن يسلم الصغير على الكبير، والقليل على الكثير، والراكب على الماشي، والماشي على الواقف. وخير الرجلين من...
الحمد لله الذي ربط بين المؤمنين بالأخوة الإيمانية ونماها، وشرع لهم من الأسباب المتنوعة التي تثبت بها أركان تلك الإخوة، وتقوي عراها.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فأعظم به ربًّا وإلَهًا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أكمل البرية، وأهداها، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قاموا بما أوجب الله عليهم من حقوقه وحقوق عباده على أكمل الوجوه وأعلاها، وعلى التابعين لهم بإحسان ما طلعت الشمس، وأشرق ضياها، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها المؤمنون: اتقوا الله –تعالى-؛ وأدوا ما أوجب الله عليكم من حقوقه وحقوق إخوانكم المؤمنين، وتخلقوا بآداب الإسلام والدين، فإن التخلق بها سبب للخيرات والبركات، والإعراض عنها سبب للشرور والهلكات.
واعلموا: أن للمسلم على المسلم حقوقا كثيرة؛ فمن حقوق المسلم: أن تسلم عليه إذا لقيته، فتقول: "السلام عليكم".
وإن كان بعيدا، أو لا يسمع، فاجمع بين السلام والإشارة، ليعرف أنك تسلم عليه.
والسنة أن يسلم الصغير على الكبير، والقليل على الكثير، والراكب على الماشي، والماشي على الواقف.
وخير الرجلين من يبدأ صاحبه بالسلام، وإذا لم يسلم من يطلب منه ابتداء السلام؛ فليسلم الآخر، ولا يتركوا السنة.
كيف يليق بالمؤمن أن يقابل أخاه، فيعرض عنه، ولا يسلم عليه، وهو يعلم ما في ذلك من الفضل والاحسان؛ فإن السلام يزيل العداوة والبغضاء، يجلب الحب والمودة والإخاء؟
وليرد أحدكم السلام بقوله: "وعليكم السلام"، وإن زاد: "ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا" كان أحسن.
ولا يقتصر أحدكم في رد السلام على قوله: "أهلا وسهلا".
ومن حقوق المسلم على المسلم: أن تنصحه إذا استنصحك، فتشير عليه بما تحبه لنفسك، فإن من غش فليس منا.
فإذا شاورك في معاملة شخص، أو في تزويجه، أو غيره، فإن كنت تعلم منه خيرا؛ فأرشده إليه، وإن كنت تعلم منه شرا؛ فحذره، وإن كنت لا تدري عنه، فقل له: "لا أدري عنه".
وإن طلب أن تبين له شيئا من الأمور التي تقتضي البعد عنه؛ فبينه له، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءته فاطمة بنت قيس تستشيره في نكاح رجلين خطباها من المسلمين، فقال لها: "أما فلان فصعلوك لا مال له، وأما فلان فلا يضع العصا عن عاتقه"[مسلم (1480) وغيره].
وفي رواية: "إنه كان ضرابا للنساء، ولكن انكحي أسامة بن زيد"[مسلم (1480) وغيره].
فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- للمرأة ما في الرجلين من العيوب؛ لأن هذا من باب النصيحة.
ومن حقوق المسلم على المسلم: أن تقول له إذا عطس، فحمد الله: "يرحمك الله" فيرد: "يهديكم ويصلح بالكم".
فأما إذا عطس، فلم يحمد الله، فلا تقل له: "يرحمك الله".
ومن حقوق المسلم على المسلم: أن يعوده إذا مرض، فمن عاد أخاه المسلم لم يزل يجني ثمار الجنة حتى يرجع.
وينبغي لمن عاد المريض أن يوسع له في أجله، ويدخل السرور عليه مثل أن يقول: "أنت اليوم في خير"، و"الشدة لا تدوم"، و"العافية قريبة إن شاء الله -تعالى-".
وينبغي أن يذكره بفرصة الوقت، يقول له: قد أعطاك الله فراغا تستطيع أن تعمره بالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، والقراءة، ونحو ذلك.
وأن يذكره الوصية بما عليه من حقوق الله، ومن حقوق الناس، فإن الوصية بما على الإنسان مطلوبة في حق الصحيح، فكيف في حق المريض.
وينبغي لمن جلس عند المريض أن لا يطيل الجلوس عنده إلا أن يراه منبسطا به ومنشرحا، فيتبع المصلحة.
وإذا رأيت المريض يحب أن تقرأ عليه، فبادره بالقراءة عليه قبل أن يسألها.
واعلموا أن البشاشة وطلاقة الوجه لإخوانكم من الأمور التي تثابون عليها.
فمن كان متصفا بها، فليحمد الله، وليسأله المزيد من ذلك، ومن لم يكن متصفا بها، فليمرن نفسه عليها، فإن الإنسان لا يزال يمرن نفسه على الأخلاق الفاضلة حتى تكون من سجاياه وطبائعه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم... إلى آخره...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي