إنّ سعادةَ المرء هي في توفيق الله له إلى إصابة الحقِّ، ولزوم الجادَّة، والاهتِداء إلى الصراط المُستقيم، والسلامة من العِثار، والنجاة من الزَّلَل؛ بعبادةِ الله على بصيرةٍ، والازدِلاف إليه بما شرعَه - سبحانه - مما أنزلَه في كتابه، أو جاء به رسولُه - صلى الله عليه وسلم -. ففي هذا صيانةٌ للعبد ووقايةٌ له من أن يُضمَّ إلى زُمرة الأخسَرين أعمالاً، الذين نبَّأنا - سبحانه - بأحوالِهم، وأوضحَ حقيقتَهم بقوله -عزَّ اسمُه-: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)...
الخطبة الأولى:
الحمد لله ذي العزَّة والملكوت، والقوة والجبَروت، أحمدُه -سبحانه- قهرَ أهلَ البغي بقُدرته وقهره، وتوعَّدهم بأليم عقابه وشديد زجره.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يرفعُ لكل غادرٍ لواءً يوم القيامة فيرتفعُ عنه جميلُ سِتره، ليذوقَ وبالَ أمره، ويستبين عاقبة غدره ومكره.
وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه أبانَ للأمة بجوامِع كلمته صفات الغُلاة المارِقين ليكون المؤمنُ على بيِّنةٍ من أمره، اللهم صلِّ وسلِّم عليه وعلى آله وصحبِه، ومن سارَ على أثره، وسلِّم تسليمًا كثيرًا يدومُ بدوام ذِكره.
أما بعد: فاتقوا الله - عباد الله -؛ فتقوَى الله خيرُ زاد السالِكين، وأفضلُ عُدَّة السائرين إلى ربِّ العالمين. فطُوبَى لمن اتَّقَى الله مولاه، وأخذَ من دُنياه لأُخراه.
أيها المسلمون: إن الحذرَ من خُسران العمل، والنُّفرة من ضلال السعي نَهجُ أُولِي الألباب، وسبيلُ عباد الرحمن، وطريقُ الراسِخين في العلم، يبتغون به الوسيلةَ إلى ربِّهم، ويرجُون به الحَظوةَ عنده، ونزولَ دار كرامته إلى جوار أوليائِه والصفوة من خلقِه.
لأنهم يستيقِنون أن سعادةَ المرء هي في توفيق الله له إلى إصابة الحقِّ، ولزوم الجادَّة، والاهتِداء إلى الصراط المُستقيم، والسلامة من العِثار، والنجاة من الزَّلَل؛ بعبادةِ الله على بصيرةٍ، والازدِلاف إليه بما شرعَه - سبحانه - مما أنزلَه في كتابه، أو جاء به رسولُه - صلى الله عليه وسلم -.
ففي هذا صيانةٌ للعبد ووقايةٌ له من أن يُضمَّ إلى زُمرة الأخسَرين أعمالاً، الذين نبَّأنا - سبحانه - بأحوالِهم، وأوضحَ حقيقتَهم بقوله - عزَّ اسمُه -: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) [الكهف: 103، 104].
وهم كما رجَّح العلامة الإمام ابن جريرٍ - رحمه الله -: "كل عاملٍ عملاً يحسبُه فيه مُصيبًا، وأنه لله بفعلِه ذلك مُطيعٌ مُرضٍ له، وهو بفعلِه لله مُسخِط، وعن طريق الإيمان به جائِر، من أهل أي دينٍ كان".
فهو - يا عباد الله - تعبيرٌ ربَّانيٌّ عن حال أولئك الفاشِلين في حياتهم الدنيا، ومع ذلك فهم يخدَعون أنفسَهم باعتقادٍ لا يُسنِدُه واقعُهم، ولا يشهَدُ له حالُهم، ولا تُصدِّقُه أعمالُهم.
ألا وإن ضلالَ السعي ضُروبٌ وألوانٌ لا يكادُ يحدُّها حدٌّ، أو يستوعِبُها بيان. غيرَ أن من أقبَحها وأشدِّها نُكرًا، وأعظمها ضررًا: شقَّ عصا الطاعة، ومُفارقَة الجماعة، والتردِّي في حمئَة التمرُّد والعِصيان، واستِباحة الدماء المعصُومة، وقتل النفسِ التي حرَّم الله قتلَها إلا بالحقِّ، بالتأويلات الباطلة، والآراء الفاسِدة المدخُولة، والفتاوى المُغرِضة التي لا تستنِدُ إلى دليلٍ صحيحٍ، ولا ترجِعُ إلى فقهٍ ولا نظرٍ سليمٍ قويمٍ.
ومن ذلك - يا عباد الله -: ما حدثَ في منطقة عسير ظهيرة الأمس، مما جاء خبرُه، واتصلَ بكم نبؤُه، فأحدثَ شرًّا ونُكرًا وفسادًا عريضًا، لا يُمكن لمُؤمن صادقٍ يحذرُ الآخرةَ ويرجُو رحمةَ ربِّه أن يقبَل به، أو يدعُو إليه، أو يحُضَّ عليه. كلا والله، لا يُمكن ذلك أبدًا.
إذ متى كان القتلُ والترويعُ أمرًا مشروعًا في هذا الدين، وفي كتابه المُنزَّل من حكيمٍ حميد؟! يقولُ ربُّنا -سبحانه -: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) [المائدة: 32].
ومتى كان البغيُ والعُدوانُ على المُسلمين طريقًا إلى رِضوان الله، وسبيلاً إلى جناته؟! ومن المُنتفِعُ بهذه الأعمال على هذه الحقيقة - يا عباد الله -، من المُنتفِع؟!
وكيف يرضَى أحدٌ لنفسِه أن ينقلِبَ إلى أداةٍ طيِّعةٍ بيد أعداء دينِه، وخصوم وطنه وأمَّته، يبلُغون بها ما يُريدون من الشرِّ والخَبال، وهم قارُّون موفورون لم يمسَسهم سُوءٌ؟!
وكيف لا تقرُّ أعينُ هؤلاء الموتورين وهم يرَون من يُقاتِلُ عنهم، ويضرِبُ بسلاحهم، ويتحيَّزُ إلى فئتهم؟!
ثم ألم يُحذِّرنا ربُّنا من طاعة الشيطان واتباع خُطواته، فقال - عزَّ من قائل -: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر: 6]، وقال - سبحانه -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) [البقرة: 208].
وما عسَى أن يكون هذا العملُ وأمثالُه مما سبقَه، ما عساهُ يكونُ إن لم يكُن موالاةً للشيطان وطاعةً له، واتباعًا لخُطواته؟!
ألم يتفكَّر هؤلاء في سُوء مُنقلَب من أصابَ دمًا حرامًا، كما في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه"، عن عبد الله بن عُمر - رضي الله عنهما -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزالُ المُؤمنُ في فُسحةٍ من دينِه ما لم يُصِب دمًا حرامًا".
ثم ألم يطرُق سمعَ من فعلَ هذه الفعلَة النَّكراء ما جاء من الوعيد الصارِخ على لسان نبي الرحمة والهُدى - صلواتُ الله وسلامُه عليه - لكل من قتلَ نفسًا أو قتل رجلاً غدرًا؟! وذلك في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وابن ماجه في "سننه"، وابن حبان في "صحيحه" بإسنادٍ صحيحٍ، عن عمرو بن الحمِق، أنه سمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أمَّن رجلاً على دمِه فقتلَه فإنه يحملُ لواءَ غدرٍ يوم القيامة".
ولفظُ ابن حبان: "أيُّما رجلٍ أمَّن رجلاً على دمِه ثم قتلَه، فأنا من القاتل بريءٌ وإن كان المقتولُ كافرًا".
وفي "الصحيحين" عن عبد الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه -، أنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُنصبُ لكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة، يُقالُ: هذه غدرةُ فلانٍ بن فلان".
وفي هذا من الفضيحة -يا عباد الله- لصاحبَ الغدر، وفيه من التشهير به على رؤوس الأشهاد يوم القيامة ما لا مزيدَ عليه، مع ما أُعِدَّ له من شديد العقاب.
وما زال هؤلاء البُغاةُ الضالُّون سادِرين في غيِّهم، يُخِبُّون ويُوضِعون في الإثم والعُدوان الذي يتجلَّى في أبشَع صُوره وأشدِّها نُكرًا، بقتل أهل الإسلام المُصلِّين الراكِعين الساجِدين لرب العالمين، مُزدلِفين إليه بأداء فريضةٍ من فرائضِه التي أخبرَ - سبحانه - عن رِفعة مكانتها، وعِظَم منزلتها بقوله: "وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه .. الحديث"؛ أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
والتي أخبرَ رسولُ الهُدى - صلواتُ الله وسلامُه عليه - عن شرفِها وخيريَّتها بقوله: "استقيمُوا ولن تُحصُوا، واعلموا أن خيرَ أعمالكم الصلاة، ولن يُحافِظ على الوضوء إلا مؤمن"؛ أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وابن ماجه في "سننه"، والدارمي في "سننه"، وهو حديثٌ صحيحٌ بمجموع الطرق.
وشتَّان - يا عباد الله - شتَّان بين من يقدُم على ربِّه راكعًا ساجدًا مُصلِّيًا، وبين من يقدُم عليه مُحادًّا لله ولرسولِه بقتل نفسه، وبقتل النفس التي حرَّم الله قتلَها بغير حقٍّ. إن بين الخاتمتين لموعظةً وذكرى للذاكرين، وإن بينهما لمُدَّكرًا لقومٍ يعقِلون.
وما أحسنَ ما قال بعضُ السلَف في الخوارِج: "إنهم هم المذكورون في قوله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) [الكهف: 103- 105]".
هم الأخسَرون أعمالاً؛ إذ يحسَبون أن قتلَ المُناجِين ربَّهم في الصلوات يُرضِي ربَّ الأرض والسماوات، ولم يعلَموا أنه من أكبر الكبائِر والذنوب المُوبِقات، والعظائِم والخطيئات، وأنه مما زيَّنه لهم شياطينُ الإنس والجنِّ. والله المسئولُ أن يعصِمَنا منهم بحولِه وقوَّتِه.
وما أحسنَ قولَ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - حين قال: "الخوارِجُ دينُهم المُعظَّم: مُفارقَةُ جماعة المُسلمين، واستِحلالُ دمائِهم وأموالِهم".. فانظروا إلى دينهم المُعظَّم هذا - يا عباد الله -.
عباد الله:
إن لنيران الحقد ضِرامًا تطيشُ معه العُقول، وتُصمُّ الآذان، وتعمَى الأبصار. فلا ينتفعُ صاحبُه بعقلِه ولا بسمعِه ولا ببصرِه، لا ينتفعُ بعقلِه حين لا يضعُ الأمورَ في نِصابها، ولا يتفكَّرُ في مآلِها، ولا ينظرُ في عواقِبِها، ولا ينتفعُ بسمعِه حين يُصمُّ أذنَيه عن سماع النُّصح، ويُولِّي مُستكبِرًا مُعرِضًا عن قبول التذكير الذي ينفعُ المُؤمنين، ولا ينتفعُ ببصرِه حين يُغلِقُ عينيه عن النظر إلى البيِّنات والهُدى الذي يُبصِرُ به طريقَ الحقِّ.
هنالك تكونُ العاقبةُ شرًّا ووبالاً عليه، وخُسرانًا يبوءُ به، وضلال سعيٍ لا يُغادِرُه، ونهايةً تعِسةً مُظلمةً خائبةً تنتظِرُه، كما هو حالُ هؤلاء الضالِّين.
أيها الإخوة:
إن هذه الأحداث الأليمة التي تقَضُّ لها مضاجِعُ أُولِي النُّهى، وتهتزُّ لها أفئدةُ أُولِي الألباب، وإن هذا العُدوان الذي تعرَّضَت له هذه البلاد المُبارَكة هو أمرٌ مرفوضٌ، لا شكَّ في رفضِه عند كل العُقلاء، أمرٌ مرفوضٌ يُنكِرُه كل العُقلاء أشدَّ الإنكار؛ لأنه مُحرَّمٌ بنُصوص الكتاب والسنة، ولأنه تعدٍّ لحدود الله، وانتِهاكٌ لحُرماته، وعُدوانٌ على عباده، ولأنه فسادٌ نهَى الله عنه، وأخبرَ أنه لا يُحبُّه، وأنه لا يُصلِحُ عملَ المُفسِدين، وتوعَّدهم عليه بالعذاب الأليم.
ولذا فإن من ولاَّه الله بأمر هذه البلاد قد قام - بحمد الله -، وسوف يقوم بما وجبَ عليه من إطفاء نار الفتنة، وحماية الحَوزة، والحِفاظ على الوَحدة، وصيانةِ كِيان الأمة بالنزول على حُكم الله وتحكيم شريعته، لقطع دابِر الفساد والمُفسِدين، وإعادة الحقِّ إلى نِصابه.
حتى تبقَى هذه البلادُ كما كانت دائمًا، وكما أرادَ الله لها موئلاً للهداية، ومبعثًا للنور، ومثابةً للناس، وحِصنًا حصينًا تتكسَّرُ عليه أمواجُ الفتن، وترتدُّ عن حِياضِه سِهامُ المكر والكيد خائبةً لم تبلُغ مما أرادَت شيئًا، ولم تنَل مما صبَت إليه نفوسُ أصحابِها قليلاً ولا كثيرًا.
لأن هذا تقديرُ العزيز العليم، وفضلُ الله يُؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
فاتَّقوا الله - عباد الله -، وحذار من مُقارَبة الغدر أو الاتِّصاف بصفاتِ أهله حذار؛ فإن في قُبح شأنه وعِظَم ضرره في الدنيا وفي سُوء عاقبتِه وعِظَم الجزاء عليه في الآخرة لمُزدجَرًا لقومٍ يعقِلون، (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].
وإنه لمآلٌ - يا عباد الله - يا له من مآل! وقانا الله شرَّ ذلك المصير، وجنَّبَنا أسبابَ سخَطِه وعقابِه وأليم عذابِه، وختمَ لنا بخيرٍ، آمين، آمين.
نفعَني الله وإياكم بهديِ كتابِه وبسنَّة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم -، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافَّة المسلمين من كل ذنبٍ؛ إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
إن الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسُنا، ومن سيِّئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه.
أما بعد، فيا عباد الله:
إن تضافُر الجهود، وتكاتُف المساعي، ووقوف الأمة كلِّها صفًّا واحدًا في وجه هذا البغي والإجرام الذي لا يرقُبُ مُقترِفُه في مُؤمنٍ إلاًّ ولا ذمَّة. وإن تحصينَ الشباب من صَولَة هذا الباطل، وحِراستَه من هذا الانحِراف، وذودَ الخطر عن ساحتهم، وتطهيرَ كل القنوات والروافِد التي تُغذِّي هذا الفكر الضالَّ، وتمُدُّه بأسباب البقاء والنَّماء، وإن قطعَ الشرايين التي تضمنُ له الحياة، إن كل أولئك حقٌّ واجبٌ على كل أهل الإسلام.
ومن أظهر ذلك: لُزوم الإنكار لهذا المُنكر العظيم، برفع السوط عاليًا دون تلجلُجٍ أو توقُّفٍ أو تردُّدٍ، فهو - واللهِ - جديرٌ بالإنكار، حقيقٌ على أن يُكشَف عوارُه، وتُهتَكَ أستارُه، ويُبيَّن للناس خطرُه وضررُه على المُسلمين قاطبةً في كل الديار وفي جميع الأمصار.
فاتَّقوا الله - عباد الله -، وصلُّوا وسلِّموا على خير خلقِ الله: محمد بن عبد الله؛ فقد أُمِرتُم بذلك في كتاب الله؛ حيث قال الله -سبحانه -: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خُلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائرِ الآلِ والصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا خيرَ من تجاوزَ وعفَا.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حَوزةَ الدين، ودمِّر أعداء الدين، وسائرَ الطُّغاةِ والمُفسِدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفَهم، وأصلِح قادتَهم، واجمَع كلمتَهم على الحقِّ يا رب العالمين.
اللهم انصُر دينكَ وكتابكَ، وسُنَّةَ نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وعبادكَ المؤمنين المُجاهدين الصادقين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحة، ووفِّقه لما تحبُّ وترضَى يا سميعَ الدعاء، اللهم وفِّقه ونائِبَيه وإخوانَه إلى ما فيه خيرُ الإسلام والمسلمين، وإلى ما فيه صلاحُ العباد والبلاد يا مَن إليه المرجِعُ يوم المعاد.
اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءَنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم إنا نجعلُك في نُحور أعدائِك وأعدائِنا، ونعوذُ بك من شُرورهم، اللهم إنا نجعلُك في نُحورهم، ونعوذُ بك من شُرورهم، اللهم إنا نجعلُك في نُحورهم، ونعوذُ بك من شُرورهم.
اللهم اكتُب أجرَ الشهادة لمن قُتل في هذا الاعتداء الآثِم في منطقة عسير، اللهم تقبَّلهم في الشهداء، اللهم تقبَّلهم في الشهداء، اللهم تقبَّلهم في الشهداء، واشفِ جرحاهم، اللهم اشفِ الجرحَى، اللهم اشفِ الجرحَى منهم يا رب العالمين، وعجِّل لهم بالشفاء يا أكرم الأكرمين.
اللهم أحسِن عاقبتَنا في الأمور كلِّها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم إنا نعوذُ بك من زوالِ نعمتِك، وتحوُّل عافيتِك، وفُجاءة نقمتِك، وجميع سخطِك.
اللهم إنا نسألُك فعلَ الخيرات، وتركَ المُنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تغفِرَ لنا وترحمَنا، وإذا أردتَ بقومٍ فتنةً فاقبِضنا إليك غيرَ مفتُونين.
اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي فيها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، واجعل الموتَ راحةً من كل شرٍّ.
اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وبلِّغنا فيما يُرضِيكَ آمالَنا، واختِم بالصالِحات أعمالَنا.
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8]، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
وصلِّ اللهم وسلِّم على عبده ورسوله نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبِه أجمعين، والحمدُ لله رب العالمين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي