الانتصار للصحابة الأخيار

عمر بن عبد الله المقبل
عناصر الخطبة
  1. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة .
  2. فضائل الصحابة .
  3. التحذير من الخوض في أخطاء الصحابة -رضي الله عنهم- .
  4. خطر انتقاص الصحابة .
  5. حكم من زعم ردة الصحابة .
  6. حب الصحابة وتربية الأطفال على ذلك .

اقتباس

هم القوم الذين اصطفاهم الله لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ونشر دينه، فأخرجوا من شاء الله من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور أهل الطغيان إلى عدل الإسلام، وعلى أيديهم سقطت عروش الكفر، وتحطمت شعائر الإلحاد، وذلت رقاب الجبابرة والطغاة ودانت لهم الممالك، إنهم...

الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن من العقائد والأصول المقررة في الإسلام، ومن سمات أهل السنة والجماعة: سلامةُ قلوبهم وألسنتهم للصحابة الأخيار، وحملةِ الشريعة الأتقياء الأبرار، والذبِّ عن حرماتهم وأعراضهم.

إنهم النفر الذين لولاهم ما وصلنا الدين كاملاً  -وأصله القرآن- غضاً طرياً كأنما مات النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أيام.

إنهم خير الناس للناس، وأفضل تابع لخير متبوع صلى الله عليه وسلم، هم الذين فتحوا البلاد بالسنان والقلوبَ بالإيمان.

لم يعرف تاريخ البشر أعظم من تاريخهم، ولا رجالاً -بعد الأنبياء- أفضل منهم.

أليسوا هم الذين استرخصوا في سبيل نصر الدين أنفسهم وأموالهم؟ وفارقوا أهلهم وأوطانهم؟ حين ضنّ غيرهم بالنفس والمال، واستثقلوا مفارقة الأهل والولدان، فلا كان ولا يكون مثلهم والله!.

هم القوم الذين اصطفاهم الله لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ونشر دينه، فأخرجوا من شاء الله من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور أهل الطغيان إلى عدل الإسلام، وعلى أيديهم سقطت عروش الكفر، وتحطمت شعائر الإلحاد، وذلت رقاب الجبابرة والطغاة ودانت لهم الممالك.

إنهم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-: "الذين شهدوا الوحي والتنـزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله -سبحانه وتعالى- لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ونصرته، وإقامةِ دينه، وإظهارِ حقه، فرَضِيَهم له صحابةً، وجعلهم لنا أعلاماً وقدوة، فحفظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله -عز وجل- وما سَنَّ وما شرع، وحكم وقضى وندب، وأمر ونهى وأدّب، ووعوه وأتقنوه، ففقهوا في الدين، وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.. ونفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة، فقال عز ذكره في محكم كتابه: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) [البقرة: 143]. [الجرح والتعديل 1/7].

إنهم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الذين: "سمحت نفوسهم رضي الله عنهم بالنفس والمال والولد والأهل والدار، ففارقوا الأوطان، وهاجروا الإخوان، وقتلوا الآباء والإخوان، وبذلوا النفوس صابرين، وأنفقوا الأموال محتسبين، وناصبوا من ناوأهم متوكلين، فآثروا رضاء الله على الغَنَاء، والذلَّ على العز، والغربةَ على الوطن، هم المهاجرون: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8].

حقاً، ثم إخوانهم من الأنصار، أهل المواساة والإيثار، أعز قبائل العرب جاراً، واتخذ الرسول -عليه السلام- دارهم أمناً وقراراً، الإعفاء الصُبُر، والأصدقاء الزهر، الذين: (تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) [الحشر: 9].

فمن انطوت سريرته على محبتهم، ودان الله -تعالى- بتفضيلهم ومودتهم، وتبرأ ممن أضمر بغضهم، فهو الفائز بالمدح الذي مدحهم الله -تعالى-، فقال: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 10].

إنهم الصحابة -رضي الله عنهم- الذين تولى الله شرح صدورهم؛ فأنـزل السكينة على قلوبهم، وبشرهم برضوانه ورحمته، فقال: (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ) [التوبة: 21].

جعلهم الله خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويطيعون الله ورسوله، فجعلهم مثلاً للكتابين لأهل التوراة والإنجيل، خيرُ الأمم أمته، وخير القرون قرنه، يرفع الله من أقدارهم؛ إذْ أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمشاورتهم لما علم من صدقهم، وصحة إيمانهم، وخالص مودتهم، ووفور عقلهم، ونبالة رأيهم، وكمال نصيحتهم، وتبين أمانتهم -رضي الله عنهم أجمعين-" [الإمامة والرد على الرافضة: (209-211)].

ولهذا -يا عباد الله-: "فكل خير فيه المسلمون -إلى يوم القيامة- من الإيمان والإسلام، والقرآن والعلم، والمعارف والعبادات، ودخول الجنة والنجاة من النار، وانتصارِهم على الكفار، وعلوِّ كلمة الله فإنما هو ببركة ما فعله الصحابة -رضي الله عنهم- الذين بلغوا الدين، وجاهدوا في سبيل الله، وكل مؤمن آمن بالله فللصحابة -رضي الله عنهم- عليه فضل إلى يوم القيامة" [منهاج السنة 6/376].

وقد قال تعالى -في فضلهم ومآلهم-: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100].

وقال تعالى في مدح القوم -ومن أصدق من الله قيلاً وحديثاً؟!-: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح: 29].

وقال تعالى: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [الحديد: 10].

وتأمل حُسْنَ هذا الختام لهذه الآية التي تنضح مدحاً وثناء: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [الحديد: 10].

وبعد هذا الثناء السماوي، تأتي التزكية من أصدق الخلق كلاماً، وأفصحهم بياناً صلى الله عليه وسلم، في أحاديث كثيرة، جمعها بعض العلماء في مجلدات كبار، فماذا عسى الإنسان أن يقول في هذا المقام؟! فضلاً عن الأحاديث الواردة في بعض أعيانهم كالخلفاء الراشدين، وعلى الأخص الشيخين: وزيري النبي -صلى الله عليه وسلم-: أبي بكر وعمر -رضي الله عنهم أجمعين-.

لقد زكاهم بأبي هو وأمي بقوله -كما في الصحيحين-: "خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".

وزكاهم صلى الله عليه وسلم، فقال: "النجومُ أَمنةٌ للسماءِ، فإذا ذهبتِ النجوُمِ، أَتى السماءَ ما تُوعدُ، وأَنا أَمَنةٌ لأَصْحَابى. فإذا ذهبتُ أَتَى أَصْحَابِى ما يُوعدونَ، وأَصْحَابى أَمنةٌ لأُمَّتِى، فإِذا ذهب أصحابى أتى أُمِتى ما يُوعَدُون" [صحيح مسلم ح(2531)].

ونهى عن التعرض لهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابى، لا تَسُبُّوا أصحابى: فوالذى نفسى بيده! لو أن أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مثلَ أُحُدٍ ذهباً، ما أَدركَ مُدَّ أَحَدِهِم، ولا نَصِيَفهُ" [البخاري ح(3673)، مسلم ح(2540)].

فاحفظ -يا رعاك الله- ثناء الله عليهم، ورضاه عنهم، ولا يكن في قلبك غِل على أحد منهم، فإن هذا من أعظم خبث القلوب.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن قلتَ فيهم: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 10].

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة...

أقول قولي هذا، وأستغفر الله...

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فلما تقدم من نصوص الوحيين في فضائل الصحابة -رضي الله عنهم-، كان أئمة السلف -رحمهم الله- يحذّرون أشد التحذير من الخوض في شيء من أخطاء الصحابة -رضي الله عنهم-، مع اعتقادهم بأنهم ليسوا بمعصومين على مستوى أفرادهم، وقد يوجد من آحادهم أخطاء، هم فيها بين الأجر والأجرين رضي الله عنهم، وإنما قال السلف هذا وأكّدوه؛ لأنهم أدركوا ورأوا بأعينهم أن الوالج في هذا الباب لا ينتهي به الأمر إلا إلى هدم الشريعة!.

قال الربيع بن نافع -رحمه الله-: "معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه" [تاريخ دمشق 59/209].

يعني: من المهاجرين والأنصار، وساقه ذلك إلى جحد الكتاب، وتكذيب السنة والطعن في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ويقول الإمام الجليل أبو زرعة -رحمه الله-: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن، والسننَ أصحابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ؛ ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة"([8]).

وقديماً صرح أحد الزنادقة، كما ذكر أبو داود السجستاني -صاحب السنن- قال: "لما جاء الرشيد بشاكر -رأس الزنادقة ليضرب عنقه- قال: أخبرني لم تعلِّمون المتعلم منكم أول ما تعلمونه الرفض -أي الطعن في الصحابة-؟ قال: إنا نريد الطعن على الناقلة، فإذا بطلت الناقلة؛ أوشك أن نبطل المنقول".

ولما سئل الإمام أحمد عن الرجل يشتم عثمان -رضي الله عنه-؟ قال: "هذه زندقة".

وقال رحمه الله: "ومن انتقص أحداً من أصحاب رسول الله أو أبغضه لحدث كان منه، أو ذكر مساويه كان مبتدعاً حتى يترحم عليهم، ويكون قلبه لهم سليماً".

وسئل رحمه الله عن رجل انتقص معاوية وعمرو بن العاص أيقال له: "رافضي؟ قال: إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء! ما يبغض أحدٌ أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا وله داخلة سوء".

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- فيمن زعم: "أنهم ارتدوا بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره، فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم، والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا ؛ فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الأمة التي هي: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران: 110].

وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً, ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الأقوال، فإنه يتبين أنه زنديق وعامة الزنادقة، إنما يستترون بمذهبهم وقد ظهرت لله فيهم مثلات" ا. ه.

ومن دقيق فهم الإمام مالك -رحمه الله- للقرآن، أنه قال في قوله تعالى عن الصحابة: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) إلى قوله: (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) [الفتح: 29].

قال رحمه الله: "من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد أصابته هذه الآية".

وقال ابن إدريس -رحمه الله- شيخ الإمام أحمد-: "لا آمن أن يكونوا قد ضارعوا الكفار -يعني الرافضة-؛ لأن الله -تعالى- يقول: (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ).

أسمعتم -يا عباد الله- ماذا قال أئمة الدين عن خير هذه الأمة بعد نبيها؟ ثم قارنوا هذا بمن يتدينون ويربون صغارهم على لعن وبغض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟! والذين ما سلم منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين طعنوا في عرضه الشريف المتمثل باتهام عائشة -رضي الله عنها-.

لئن كان المتهم لواحد من صغار الصحابة يسمى في لسان السلف زنديقاً، ولئن الشاتم لعثمان زنديقاً، فما ظنكم بمن يشتم عمر، أو أبا بكر وزيري النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه؟! حتى قال بعض أئمة الرافضة: لقد تواتر عندنا أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا عبد ة أوثان!.

هنا يأتي دعاة التقارب، والتسامح المزعوم ليقولوا: لا داعي لإثارة الطائفية والنعرات!.

فيقال: لماذا تقال هذه الكلمة إذا تحدث علماء ودعاة أهل السنة دفاعاً وانتصاراً للصحابة -رضي الله عنهم-، ولا تقال هذه الكلمة حين يشتم أولئك الخبثاء السفهاء الزنادقة صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-؟! وأين على فضائياتهم؟! وفي حسينياتهم؟! وقد سمعت بنفسي بعض رافضة هذا البلد يلعن ويشتم أبا بكر وعمر وعثمان، فضلاً عن رافضة إيران والعراق الذين امتد شتمهم المقذع إلى كل من ينتمي للسنة وأهلها من أئمة المسلمين وعامتهم، حتى لم يسلم منهم ولي أمر هذه البلاد، حين وصفوه بأقذع الأوصاف التي يترفع عنها الوثني في الجاهلية، فضلاً عمن يدعي الإسلام!.

والله إن بطن الأرض خير من ظهرها إذا شتم الصحابة ولم ندافع عنهم ولو بكلمة واحدة.

فاتقوا الله -عباد الله- واعرفوا لأصحاب نبيكم -صلى الله عليه وسلم- قدرهم، وإياكم والاستماع أو المشاهدة لتلك القنوات التي تثير الشبه حول أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فخير للمؤمن -والله- أن يلقى ربه وقلبه سليم لعموم المؤمنين، فكيف بأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟!

أما من تعرض للصحابة بشتم أو قدح أو ذمٍ فيا ويله، ويا خيبة سعيه، في الدنيا والآخرة، ويا بؤس ما سيلقى الله به يوم القيامة إذا كان خصومه هم خير هذه الأمة على الإطلاق.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي