أيها المجتمع المحافظ أعطنا صوتك

عادل العضيب
عناصر الخطبة
  1. سبب انحراف الأمة وضياعها .
  2. معالم انحراف الأمة .
  3. انحراف وانجراف .
  4. دعاة على أبواب جهنم   .
  5. كيد المنافقين لأمة الإسلام .
  6. صوت المجتمع هو الصوت الأقوى. .

اقتباس

صوت المجتمع هو الصوت الأقوى الذي سيطغى على كل الأصوات، صوت المجتمع هو الذي يخمد أصوات أهل الباطل، إنه عليكم مسؤولية أمام الله، وأمام التاريخ، قولوا كلمتكم في المجالس والمجامع ومواقع التواصل لا نريد السب والشتم والتطاول, بل نريد أن نقول بكل أدب بصوت يسمع العالم أجمع: "لن نتخلى عن ديننا وأخلاقنا، لن ننحني أمام الباطل، لن نقبل أن يتلاعب المفسدون بعقيدتنا وديننا...

الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين، خلق الإنسان من سلالة من طين, ثم جعله نطفة في قرار مكين, ثم أنشأه الله خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، إلها جل عن المثيل والنظير، وتعالى عن الشريك والظهير، وتقدس عن المعاون والوزير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، وحجته على عباده، أرسله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين ومحجة للسالكين وحجته على العباد أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله، أيها المسلمون: بعدما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- أشرق الكون برسالته, وانتظم عقد الحياة بمبعثه، وعاش الناس حياة سادتها المكرمات, وتولت عنها المنكرات، يعظمون ماعظم الله، ويؤدون ما أوجب الله، ويحرمون ما حرم الله، يضحون بالنفس والنفيس؛ نصرة لدين الله، لكن انحرافا وقع في الأمة وبعدا عن المنهج القويم بدا، وقد أخبر عنه -عليه الصلاة والسلام- بقوله: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يأتي قوم تسبق أيمانهم شهادتهم وشهادتهم أيمانهم"، وفي لفظ: "ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويقولون ولا يؤتمنون، ويظهر فيهم السمن"، وهذه بداية الانحراف في الأمة.

وفي الحديث إشارة إلى الإقبال على الدنيا والتعلق بها والعمل لها على حساب الدين، يوضحها هذا ويبينه أنه لما جاء أبو عبيدة بمال من البحرين، وسمعت الأنصار بقدومه، وهم في صلاة الفجر مع رسول الله مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما صلى تعرضوا له، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رآهم ثم قال: "أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين"، فقالوا: أجل يا رسول الله، فقال: "أبشروا وأمنوا ما يسركم، فو الله ما الفقر عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عيكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتكم" [متفق عليه].

انحراف في الأمة وانصراف للدنيا يقود لضياع العز وتسلط الأعداء، قال -عليه الصلاة والسلام-: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، قالوا: يا رسول ومن قلة نحن يومئذ، قال: "بل أنت حينئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وليقذفن في قلوبكم الوهن"، قالوا: وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت".

انحراف عن الطريق القويم، يجعل الأمة على كثرة عددها كغثاء السيل لا نفع له ولا فائدة منه، انحراف عن الطريق القويم ويقود لمشابهة الكافرين من المغضوب والضالين، على حد قوله -عليه الصلاة والسلام-: "لتتبعن سننا من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع, حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى، قال: "فمن".

انحراف في الأمة حتى ترى العجب العجاب، حتى ترى من يلغي السنة ويلغي كونها المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، قال -عليه الصلاة والسلام-: "يوشك الرجل أن يقعد على أريكته يقول: بيننا وبينكم كتاب الله ما وجدنا فيه من حلال استحللناه، ما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله".

انحراف وانجراف إلى طريق مظلم يقود لأن يتكلم في مصير الأمة وقضاياها الضخمة, توافه لا قيمة لهم، كتاب وإعلاميون أدباء ومثقفون كذا يسمون، وهم لا يعرفون من الأدب إلا اسمه، إعلامهم آلام وثقافتهم سخافة، مصداق هذا في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "ستأتي على الناس سنون خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون الأمين، وينطق الرويبضة"، قالوا: وما الرويبضة؟ قال: "الرجل التافه في أمر العامة".

انحراف في الأمة يقود لنزع المرأة ثياب الستر والطهر والعفاف، ويقود إلى التمرد على الدين والأخلاق، يقود للدعوة إلى نزع الحجاب، يتولى هذه الدعوة من لبس عباءة الدين؛ ليضع الدين في أقوال شاذة وشبه متتابعة، تثار ممن يدعون الوسطية والبدع عن الانغلاق. قال -عليه الصلاة والسلام-: "صنفان من أهل النار لم أراهما، وذكر نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها".

انحراف في الأمة خطير يقود لاستباحة الحرام أمام الملأ وعلى رؤوس الأشهاد، قال -عليه الصلاة والسلام-: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف". يستحلون كبائر الذنوب، يستحلون الحر (فرج الزنى) والخمر مع أن المسلمين أجمعوا على تحريمها، فهل بعد هذا الانحراف انحراف؟!.

انحراف في الأمة مرير، يقود لإنكار حد الرجم؛ لأنه ليس في القرآن، وهذا الذي خافه عمر – رضي الله عنه- لما قال: "لقد خشيت أن يكون في الناس زمان حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله، ويضل بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وهو محصن، إذا قامت البينة أو كان الحبل" وفي لفظ: "وقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده".

عباد الله: انحراف في الأمة يقوده أناس من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا يدعون الإصلاح ويرفعون راية الخلاف؛ لضرب الأمة في دينها وأخلاقها بحجة الخلاف، وهم يهدفون لتفريق المجتمع والسير به خلف أعداء الدين. (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) [البقرة: 11، 12].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم وتاب علي وعليكم إنه هو التواب الرحيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، صلى اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

فيا معاشر المسلمين: مكائد تدبر بليل لنزع الصبغة الدينية من المجتمع وصبغه بالصبغة الغربية؛ لإظهار المجتمع بمظهر الانفتاح والانفلات، لن يقف أمام هذه المكائد الأئمة ولا الدعاة ولا الخطباء, بل أنتم من يقف أمامها بحفاظكم على هويتكم الدينية وأخلاقكم الإسلامية، صوت المجتمع هو الصوت الأقوى الذي سيطغى على كل الأصوات، صوت المجتمع هو الذي يخمد أصوات أهل الباطل، إنه عليكم مسؤولية أمام الله، وأمام التاريخ، قولوا كلمتكم في المجالس والمجامع ومواقع التواصل لا نريد السب والشتم والتطاول, بل نريد أن نقول بكل أدب بصوت يسمع العالم أجمع: "لن نتخلى عن ديننا وأخلاقنا، لن ننحني أمام الباطل، لن نقبل أن يتلاعب المفسدون بعقيدتنا وديننا وأخلاقنا ونسائنا".

وأنتم -يا شباب الإسلام- اقتربوا من آبائكم وأمهاتكم، اقتربوا من مجتمعكم، كونوا دعاة خير وصلاح، كونوا خداما لمجتمعكم، كونوا دعاة بأفعالكم قبل أقوالكم، تآلفوا وتكاتفوا وائتلفوا ولا تخالفوا، احملوا هم الدين وانصروه بما تستطيعون، إياكم أن تشتغلوا ببعضكم في الأمة من الجراح ما يكفي، ومن عمل للدين أيدوه في أي طريق مشى.

وأنتم -يا من يرى الناس أنكم تمثلون الدين من قضاة ودعاة وخطباء وطلبة علم ورجال حسبة-، عاملوا الناس بحسن خلق، ألينوا لهم الكلام وألقوا السلام، عاملوا الناس برحمة ورفق، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.

تذكروا أنكم عندما تخطئون تسيئون للدين وتبعدون الناس عنه، كونوا سببا لهداية الناس وحبهم للسنة، واذكروا دائما أن نبيكم -عليه الصلاة والسلام- كسب حب الناس بحسن خلقه وجميل معشره؛ حتى قال الأعرابي: "اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا". وأنه -عليه الصلاة والسلام- بذل نفسه للناس حتى حطموه، فقد ذكرت عائشة -رضي الله عنها- أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي الليل في آخر حياته جالسا، تقول عائشة -رضي الله عنه وأرضاها- حين حطمه الناس.

عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله، اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبد ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين وعن تابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك المجاهدين، واجعل هذا البلد آمنا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفهم شر أشرارهم، اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم أصلح شيب المسلمين، اللهم أصلح نساء المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أبدل هذه الحال بحال خير منها.

اللهم كن للمستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم كن لهم ناصرا ومعينا، ومؤيدا ونصيرا يا قوي يا قادر.

اللهم فك أسر المأسورين، اللهم فرج هم المهمومين، اللهم نفس كرب المكروبين، اللهم اقض الدين عن المدينين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، واكتب الصحة والهداية والتوفيق لنا ولكافة المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعلنا نخشاك حتى كأننا نراك، اللهم إنا نسألك يباشر إيماننا، ويقيننا صادقا حتى نعلم أنه لا يصيبنا إلا ما كتبته لنا.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنت القوي ونحن الضعفاء فأنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللهم ارحمنا بالشيوخ الركع والأطفال الرضع والبهائم الرتع.

اللهم ارحم الخلائق أجمع، اللهم سقي رحمة لا سقي عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق، اللهم نجي البلاد والعباد من البلاء والضنك والحاجة، يا أرحم الراحمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحانك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وعلى نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي