في كتب التفسير عند الإمامية أن المسجد الأقصى في السماء وليس في الأرض؛ كما جاء في تفسير الصافي للكاشاني عند قول الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) قال: "ذاك في السماء، إليه أسري رسول الله صلى الله عليه وآله". وجاء مثله في تفسير القمي منسوباً إلى الباقر. وأعظم من ذلك أن المسجد الأقصى لا قيمة له عندهم، ويزعمون أن كل فضل جاء فيه فإنه من صنع بني أمية
الحمد الله رب العالمين؛ يبتلي عباده بالخير والشر، والسراء والضراء، والإيمان والكفر، والسنة والبدعة؛ ليظهر الصادق من الكاذب، ويميز الخبيث من الطيب (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 35].
نحمده على هداه، ونشكره على عطاياه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا ربَّ لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه الله تعالى بالنور والهدى، فلا طريق يوصل إلى رضوان الله تعالى وجنته إلا طريقه؛ فمن سار على هديه وتمسك بسنته نجا، ومن حاد عنها هلك (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلَاغُ المُبِينُ) [المائدة: 92].
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم خير هذه الأمة بعد نبيها، لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، أثنى الله تعالى عليهم، وترضى عنهم في كتاب يتلى إلى يوم الدين وإن رغمت أنوف الباطنيين والمنافقين، وارض اللهم عن التابعين للصحابة بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله ربكم -أيها المسلمون- وأطيعوه؛ فإن النجاة في التقوى (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزُّمر: 61].
أيها الناس: يحيط بأمة الإسلام في هذا العصر من المخاطر والكوارث المتوقعة ما لا دافع له إلا الله تعالى، وتحاصر المسلمين فتن عظيمة لا عاصم منها إلا التمسك بالكتاب والسنة، والتزام هدي سلف الأمة، ومدافعة الباطل وأهله بكافة السبل المتاحة.
لقد تكالب الأعداء على الإسلام لمحوه وتغييره، واجتمعوا على المسلمين لإخراجهم من دينهم أو إبادتهم، واستباحة بلدانهم، وإسقاط ممالكهم، وتقسيم دولهم، ونهب ثرواتهم، والقضاء على قوتهم المعنوية المكتسبة من دينهم كما قضوا على قوتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية، فأضحى المسلمون تابعين للأمم القاهرة المستكبرة؛ يصدرون عن رأيها، ولا يخرجون عن قراراتها، منذ أن وطئ الاستعمار الحديث أرضهم، واستولى على قدسهم فسلمها لليهود.
وظلت قضية الأرض المباركة تتقاذفها الأيدي، وتخترع لها الشعارات، ويرتزق بها المرتزقة؛ فأُسقطت حكومات بسببها، وقامت دول تدعي تحريرها، وارتفعت الشعارات القومية العلمانية تدعي أنها تفديها بدمها، ولكن زعماء القومية سحقوا القضية في سبيل تثبيت زعامتهم، وتقوية أحزابهم.
وكان من أخطر من استغلوا هذه القضية لتمرير مذاهبهم الباطلة، وتقوية نفوذهم، وحشد الجماهير المتعطشة خلفهم الفرقُ الباطنية الخبيثة التي ما عُرِف لها عمل قديماً وحديثاً إلا خيانة المسلمين، وطعنهم من ظهورهم، ومظاهرة أعدائهم عليهم، ثم المتاجرة بقضاياهم.
ولما قامت الثورة الخمينية الباطنية في بلاد فارس كان المسلمون متعطشين لمن يرفع راية الإسلام في تحرير فلسطين بعد الانكسارات القومية، فاختطف الصفويون الخمينيون قضية فلسطين بالشعارات الكاذبة، والتصريحات المخادعة، وكان شعار الثورة آنذاك: "اليوم طهران وغداً القدس".
ولكن هذا الشعار كان مشروطاً بتحرير طريق كربلاء أولاً، فكانت الحرب العراقية الإيرانية التي عجز الباطنيون بها الوصول إلى كربلاء، وكانت الشعارات الثورية الرنانة ضد الغرب واليهود والشيطان الأكبر تصدر آنذاك من طهران لتأخذ بمجامع القلوب في العالم الإسلامي المحبط العاجز؛ ليظهر أثناءها فضيحة (إيران جيت) التي انكشف فيها أن أسلحة الشيطان الأكبر وإسرائيل كانت تتدفق سراً على طهران في حربها مع العراق، وبان أن الهدف الفارسي الباطني ليس القدس وإنما بغداد والخليج العربي، فعجزوا عن تحقيق مرادهم آنذاك؛ ليأتي المستعمر الصليبي الصهيوني بجحافله فيطأ بغداد ويسلمها للعمائم الباطنية بلا قتال، ويعهد إليها بمهمة إبادة أهل السنة وتهجيرهم، ويتم إفراغ بغداد من أهلها بالقتل والحرق والتعذيب والتهجير؛ لتكون خالصة للصفويين، ومن استولى على بغداد ملك كل العراق، وقد ملكها الصفويون فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولا زالت الشعارات المعادية لليهود والشيطان الأكبر هي الشعارات، والمؤتمرات بتحرير القدس تقام دورياً في إيران.
ثم يظهر شيطان باطني آخر في لبنان يعلن النكاية باليهود، ويَعِد بتحرير فلسطين ولكن بعد أن يحرر بيروت من عملاء اليهود-يريد بذلك أهل السنة- ويشعل حرباً مع الصهاينة كانت خلالها صورايخ حزب الشيطان تُنصب على قرى أهل السنة وبيوتهم قسراً لتدكها طائرات الصهاينة فتتركها خراباً.
وأثناء الحرب وبعدها وإلى اليوم تُنقل عبر الإذاعات والفضائيات الخطب الرنانة لأصحاب العمائم البدعية، ويُشاد بالبطولات الباطنية المصطنعة التي يتحدى فيها حكام طهران، وأمين حزب الشيطان في لبنان الصهاينة ومن وراءهم من دول الغرب الكبرى، ويتأثر جمهور الأمة التائه بتلك الخطب الثورية الحماسية، والأفعال العنترية التي يبديها الباطنيون في بيروت وطهران تجاه قضاياهم في مواجهة الصهاينة والصليبيين، حتى كثر القول: إن تحرير فلسطين سيكون على أيدي أهل العمائم البدعية في إيران ولبنان، بعد اليأس من الزعامات العلمانية العربية التي دخلت بيت الطاعة الغربي؛ فهل حقاً سينصر الباطنيون قضايا المسلمين؟ وما مكانة بيت المقدس عندهم؟
في كتب التفسير عند الإمامية أن المسجد الأقصى في السماء وليس في الأرض؛ كما جاء في تفسير الصافي للكاشاني عند قول الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) [الإسراء:1] قال: "ذاك في السماء، إليه أسري رسول الله صلى الله عليه وآله". وجاء مثله في تفسير القمي منسوباً إلى الباقر.
وأعظم من ذلك أن المسجد الأقصى -الذي أجمع المسلمون على قدسيته- لا قيمة له عندهم، ويزعمون أن كل فضل جاء فيه فإنه من صنع بني أمية؛ كما أسند المجلسي -وهو من كبار أئمتهم- إلى أبي عبد الله الحسين رضي الله عنه أنه سُئل عن المساجد التي لها الفضل فقال: "المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، قلت: والمسجد الأقصى جعلت فداك؟ قال: ذاك في السماء، إليه أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن الناس يقولون إنه بيت المقدس فقال: مسجد الكوفة أفضل منه".
وبناء على هذا المعتقد الخبيث حرَّفوا حديث شدِّ الرحال إلى المساجد الثلاثة فجعلوه هكذا: "لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله، ومسجد الكوفة".
ثم إنهم نسجوا شبكة هائلة من الأكاذيب والترهات في فضل مسجد الكوفة جعلته عند أتباعهم أعظم من الحرمين الشريفين؛ لإضفاء قدسية على كربلاء وما حولها.
فإذا كان معتقدهم في المسجد الأقصى أنه في السماء، ولا قيمة للموجود في الأرض، فلماذا إذن يعقدون المؤتمرات للأقصى، ويلوكون قضية القدس بألسنتهم لولا المتاجرة بها!!
وأما منزلة أهل فلسطين عند هؤلاء الباطنيين - فلا قيمة لهم بدون تشييع، ولا فرق بينهم وبين اليهود، كما جاء في مقابلة نشرتها صحيفة (عصر إيران) مع آية الله خرازي -وهو ممن يسمون بالمحافظين- قال فيها: "إذا أردنا دعم الفلسطينيين يجب أن نكون متيقنين أن فلسطين ستكون سائرة على مذهب أهل البيت، وإذا لم تكن على مذهب أهل البيت إذن ما الفرق بين إسرائيل وفلسطين"، وقبله قال الخميني الهالك: "كل سياستنا لا قيمة لها إذا لم يكن لنا يد في القضية الفلسطينيَّة".
والعجيب -أيها الإخوة- أن التشيع في السنوات الأخيرة انتشر انتشاراً كبيراً في بلاد الشام والمغرب، وغزا مصراً، ودخل إلى فلسطين؛ إذ يوجد بها ثلاث جمعيات باطنية تتولى صرف الفلسطينيين عن دينهم إلى التشيع، وأعجب من ذلك وجود جمعيات في عمق إسرائيل تتولى مهمة تشييع عرب ثمانية وأربعين تحت سمع وبصر الصهاينة الذين يزعمون أن إيران وحزب الشيطان في لبنان أعدى أعدائهم.
والسفارات الإيرانية في كل بلاد الأرض جامعات ومعاهد لنشر التشيع، وطبع الكتب البدعية، ولا يمسها أحدٌ بسوء في الوقت الذي تُحاصَر فيه الدعوة إلى الله تعالى، وتجفف منابعها في الدول الإسلامية والغربية، وتقفل الجمعيات الخيرية، ويحارب الدعاة إلى الله تعالى بدعوى محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، مع العلم أن الغرب يدرج إيران وفروعها ضمن قائمة الإرهاب، ومحور الشر، فلماذا إذن يسمح لها بنشر التشيع، ولا يثرب عليها في ذلك حتى إن بعض الزعامات العربية العلمانية رصدت استخباراتها قوة التشيع في بلادها، وأحست بخطر التغلغل الباطني في أوساط شعبها فأرادت تحجيمه وتقليله والتحذير منه فكان الغرب بالمرصاد لكل محاولة جادة لإيقاف تمدد التشيع في العالم الإسلامي، ومَنْ بيَّن حقائقَ ذلك، أو حذَّر منه اتُهِم بالطائفية، والتحريض على الفتنة، ومعونة العدو على الإخوة، فما مصلحة الصهاينة والصليبيين من نشر التشيع على أوسع نطاق، مع قمعهم لدعاة السنة؟ وما نوع العداء بين الأمة الفارسية الباطنية وبين الأمة الرومانية الصهيونية الصليبية؟
إن من قرأ عن مشروع الفوضى الخلاقة -التي تريد القوى الاستعمارية الغربية تعميمه على دول أهل الإسلام بعد أن نجح في العراق- مع علمِه بنسبة الشيعة الإمامية في العالم الإسلامي - أدرك المنافع العظيمة للقوى الاستعمارية في نشر التشيع وتجفيفِ منابع الدعوة السنية ومحاربة أهلها؛ فنسبة الرافضة الإمامية في العالم الإسلامي لا تصل إلى عشرة في المئة على أكثر التقديرات، في مقابل أكثر من تسعين في المئة من السنة، وهذا العدد القليل لا يكفي لتعميم مشروع الفوضى الخلاقة فكان لا بد من زرع التشيع في كل بلد إسلامي خالية منه، وتقوية الخلايا الباطنية في البلاد التي يوجد فيها أقليات منهم، حتى إذا كان لهم شوكة وقوة، وكَثُرَت أعدادهم سُلطوا على دولهم، وتناحروا فيما بينهم، فكانت الفوضى الخلاقة التي يقطف المستعمر الصهيوني الصليبي ثمارها.
وأما حقيقة العداء بين الصهاينة وإيران - فعداء حقيقي ولكنه عداءُ مصالح وليس عداء عقائد، والدولة الباطنية الفارسية تتقارب كثيراً في تاريخها ومواقفها وعقائدها مع الصهاينة والصليبيين، والغربُ الاستعماري قد رسم للدولة الفارسية حدودا لا تتجاوزها، فإن تجاوزتها ضُربت ضربة تأديب لإرجاعها إلى حدودها، وليس للقضاء عليها؛ لأنه لا مصلحة لليهود والنصارى في ضرب الدولة الفارسية الباطنية ضربة تُنهي وجودهم، أو تضعضع كيانهم، أو تقسم دولتهم، وإلا لم ينجح مشروع الفوضى الخلاقة.
بيد أن عداوة الأمتين الفارسية الباطنية والرومانية الصهيونية لأمة الإسلام التي يمثل حقيقة دينها ومنهجها أهل السنة - عداوة حقيقية عقائدية دائمة منذ أن قوَّض المسلمون دولتي فارس والروم، وهي التي يجب القضاء عليها عندهم، وتقسيم دولها، وتجفيف منابع دعوتها، ومحاصرة انتشارها، وملاحقة دعاتها بدعاوى الإرهاب والتطرف.
رد الله تعالى كيدهم إلى نحورهم، وأشعل الفتنة فيما بينهم، وحمى بلادنا وبلاد المسلمين من مؤامراتهم (عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا) [النساء: 84]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ) [البقرة: 223].
أيها المسلمون: لقد استطاع الباطنيون -وبخبث بالغ- أن يصوروا لجمهور الأمة أن من عارض مشاريعهم، أو فضح مخططاتهم، أو حذر من الغرور بهم - فهو من عملاء الصهاينة والصليبيين؛ فكان من لوازم نفي هذه التهم أن يقف المسلم البائس خلف أصحاب العمائم البدعية؛ وهو يعلم أنها إن تمكنت منه غدا سامته سوء العذاب، كما فعلت بأهل السنة في العراق.
والحق الذي لا مرية فيه أن المشاريع الفارسية الباطنية في الشرق الإسلامي ليست أقل خطراً من المشاريع الصهيونية الصليبية، وأن العمائم البدعية لن تكون أرحم بأهل الإسلام من القبعات اليهودية أو الخوذات الصليبية، وكلهم خطرٌ على الإسلام، وجميعهم أعداء دائمون للمسلمين، ومحاولة التقارب معهم ضرب من الخيال والأحلام؛ إذ إن صهاينة أهل الكتاب يعدوننا بمسيحهم؛ ليقودهم في قتلنا وتعذيبنا، وباطنية فارس يعدوننا بمهديهم؛ ليقتلنا ويعذبنا.
إننا لسنا من دعاة الحرب الطائفية؛ ففي المسلمين ما يكفيهم من التمزق والتفرق، ولكن الغرب يريدها؛ لتحقيق مشاريعه عبر الفوضى الخلاقة، وأداتُه الرئيسة في ذلك أصحاب العمائم البدعية، الذين أثبتوا بجدارة أن عداءهم لأهل السنة أشد من عدائهم لأي ملة أخرى، وقد قال الله تعالى: (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) [النساء: 102] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ من جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ" رواه البخاري.
إن أهل السنة قد حكموا العالم الإسلامي أربعة عشر قرناً فما أبادوا الباطنيين وقد كانوا قادرين على ذلك، ولما حكم إسماعيل الصفوي بلاد فارس شيع أهلها بالسيف، وقتل مئات الألوف من أهل السنة فيها، وفي طهران تنعم كل الملل الأخرى بإظهار شعائرهم، وبناء معابدهم، وأهل السنة فيها لا مسجد لهم.
ولما سُلمت بغداد للصفويين نكلوا بأهل السنة فيها، وتولت فرق الموت عمليات إبادتهم وتهجيرهم حتى أفرغوها منهم.
وفي لبنان لن يَقِرَّ لعمائمهم قرار، ولن يهدأ لهم بال حتى يستولوا عليها فيهجروا أهل السنة منها؛ لتكون خالصة لأهل بدعتهم، وما التحرشات الأخيرة بأحياء أهل السنة إلا بدايات لذلك؛ وستذكرون ما أقول لكم.
ولكن أكثر الناس لا يقرءون التاريخ، ولا يعرفون عقائد القوم، ولا يرون الواقع كما هو، وإنما يرونه كما يصوغه الأعداء لهم، ولن يصدق أحدهم أن الأمة الباطنية لا يَقِّل خطرها على المسلمين من الأمتين اليهودية والنصرانية حتى يخرق أصحابُ العمائم رأسه، وينتهكوا عرضه، ويهجروه من بلده، وقد ذكر الطاغية المحنط شارون في مذكراته: "أن إسرائيل عاشت خمس سنوات من السلام في ظل حماية حزب الله للحدود الجنوبية اللبنانية حيث منع الحزب أي وجود سني مقاوم من النفاذ إلى حدود الجليل الأعلى شمال إسرائيل".
فمتى يعي المخدوعون حقيقة القوم، وصدق رسول الهدى صلى الله عليه وسلم حين قال: "إنها ستأتي على الناس سِنُونَ خَدَّاعَةٌ يُصَدَّقُ فيها الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فيها الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ، قِيلَ: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ في أَمْرِ الْعَامَّةِ" رواه أحمد.
وقد صدَّق أكثر الناس حكام طهران، وعمائم البدعة في لبنان، وعَمُوا عن الكتاب والسنة، وكذَّبوا التاريخ والواقع، ولم يصدقوا الناصحين من أبناء الأمة، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
اللهم صل على محمد...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي