خطب استسقاء للمدارس (2) للمرحلتين المتوسطة والثانوية

إبراهيم بن محمد الحقيل
عناصر الخطبة
  1. شدة حاجة الخلق وافتقارهم إلى الله تعالى .
  2. عظم نعم الله على عباده .
  3. المعاصي تزيل النعم .
  4. وصايا ونصائح للشباب .
  5. أهمية الاعتزاز بالإسلام ولوازمه .
  6. الحذر من الشبهات الفكرية والعقدية .
  7. أهمية صلاة الاستسقاء. .

اقتباس

وَاعْلَمْ أَيُّهَا الشَابُّ: أَنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لَكَ، وَأَرْأَفَهُمْ بِكَ، وَأَصْدَقُهُمْ مَعَكَ هُمْ وَالِدَاكَ، فَكَيفَ تَتْرُكُ قَوْلَهُمَا وَتَأْخُذُ أَقْوَالَ أُنَاسٍ لَا تَعْرِفُهُمْ إِلَّا عَنْ طَرِيقِ الإنَتَرْنِتَ؟! وَإِذَا قَذَفَ أَحَدٌ فِي قَلْبِكَ شُبْهَةً، أَوْ دَعَاكَ إِلَى مَا لَا تَعْرِفُ فَاعْرِضْ قَوْلَهُ عَلَى مَنْ يُوثَقُ بِدِينِهِ وَعِلْمِهِ وَصِدْقِهِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ لِيَكْشِفَ لَكَ مَا تَجْهَلُ مِمَّا دَعَاكَ إِلَيهِ؛ لِئَلَا تَنْدَمَ فِي وَقْتٍ لَا يَنْفَعُ فِيهِ نَدَمٌ. كَمَا يَجِبُ عَلَينَا –مَعْشَرَ الشَّبَابِ- أَنْ نَحْذَرَ مِنْ الدَّعَوَاتِ الآثِمَةِ لِلزَّنَادِقَةِ وَالمَلَاحِدَةِ الذَّينَ يَدْعُونَ إِلَى الإِلْحَادِ وَالتَّمَرُدِ عَلَى الدِّينِ، وَالسُخْرَيَةِ بِشَرِيعَةِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ فَإِنَّهُمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمْ، مَنْ أَطَاعَهُمْ قَذَفُوهُ فِيَهَا.

الْحَمْدُ لِلَّـهِ الْكَبِيرِ المُتَعَالِ؛ كَاشِفِ الْكُرُبَاتِ، وَمُجِيبِ الدَّعَوَاتِ، وَدَافِعِ الْبَلَايَا وَالْكَرِيهَاتِ، حَيٌّ قَيُّومٌ لَا يَنَامُ، مُطَّلِعٌ عَلَى أَعْمَالِنَا فِي كُلِّ الْأَحْيَانِ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، لَا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ المُذْنِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ، فَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الْغَنِيُّ عَنِ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام: 99].

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ إِذَا أَمْسَكَتِ السَّمَاءُ، وَأَجْدَبَتِ الْأَرْضُ؛ هَرِعَ إِلَى اللَّـهِ تَعَالَى بِالِاسْتِسْقَاءِ، فَتَصَدَّقَ وَاسْتَغْفَرَ وَدَعَا وَاسْتَسْقَى، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ المُدَرِّسُونَ وَالطُّلَّابُ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى فِي دِينِكُمْ فَحَافِظُوا عَلَيْهِ، وَاتَّقُوهُ فِي أَنْفُسِكُمْ فَأَصْلِحُوهَا، وَاتَّقُوهُ فِي أُمَّتِكُمْ فَانْفَعُوهَا؛ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيَقْدُمُ عَلَى اللَّـهِ -تَعَالَى- فَيُجَازِيهِ بِأَعْمَالِهِ (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ) [البقرة: 223].

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: إِنَّنَا نَجْتَمِعُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ المُبَارَكَةِ لِنُظْهِرَ ذُلَّنَا وَفَاقَتَنَا لِلَّـهِ تَعَالَى، وَلِنُعْلِنَ فَقْرَنَا وَضَعْفَنَا وَحَاجَتَنَا إِلَيْهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فَلَا أَحَدَ مِنَّا يَسْتَغْنِي عَنْ رَبِّهِ -سُبْحَانَهُ- مَهْمَا كَانَتْ قُوَّتُهُ أَوْ غِنَاهُ أَوْ مَنْزِلَتُهُ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّـهِ بِعَزِيزٍ) [فاطر: 15-17]، فَلَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَهْلَكَنَا بِأَيِّ نَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ: بِرِيحٍ مُدَمِّرَةٍ، أَوْ صَيْحَةٍ مُهْلِكَةٍ، أَوْ أَمْطَارٍ مُغْرِقَةٍ، أَوْ أَمْرَاضٍ مُبِيدَةٍ، فَلَا يَبْقَى مِنَ الْبَشَرِ أَحَدٌ، وَلَوْ شَاءَ لَأَمْسَكَ المَاءَ عَنِ الْأَرْضِ فَهَلَكَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا) [النساء: 133].

يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُوقِنَ بِحَاجَتِنَا إِلَى رَبِّنَا -سُبْحَانَهُ- فِي كُلِّ لَحْظَةٍ حَتَّى نَذِلَّ لَهُ وَنَخْضَعَ، وَحَتَّى نُطِيعَ أَمْرَهُ، وَنَجْتَنِبَ نَهْيَهُ، وَنُكْثِرَ دُعَاءَهُ، وَنَعْبُدَهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- كَيْفَ يَعْبُدُهُ؟ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ حَاجَتَهُ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَيْفَ يَذِلُّ لَهُ وَيَسْأَلُهُ؟

قَدْ يَغُرُّنَا أَنَّ المَاءَ فِي بُيُوتِنَا، وَأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَنَّا، لَكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ أَيَّامًا انْقَطَعَ فِيهَا المَاءُ عَنْ بُيُوتِنَا بِسَبَبِ أُنْبُوبٍ انْفَجَرَ، أَوْ مُوتورٍ احْتَرَقَ، أَوْ خَلَلٍ فِي الشَّبَكَةِ...وَنَتَذَكَّرَ بُلْدَانًا أَصَابَهَا الْجَفَافُ فَهَلَكَ أَفْرَادُهَا جُوعًا وَعَطَشًا، وَلَوْ تَوَقَّفَ المَاءُ عَنَّا سَاعَةً لَضَجِرْنَا وَعَرَفْنَا قِيمَةَ المَاءِ، فَكَيْفَ لَوْ تَوَقَّفَ عَنَّا أَيَّامًا بَلْ أَشْهُرًا وَسَنَوَاتٍ؟! إِذَنْ لَماتَ النَّاسُ مِنَ الْعَطَشِ، وَاللهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) [الملك: 30]، أَيْ: إِنْ ذَهَبَ مَاؤُكُمْ فِي أَعْمَاقِ الْأَرْضِ فَلَمْ تَسْتَطِيعُوا اسْتِخْرَاجَهُ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ نَقِيٍّ تَشْرَبُونَ مِنْهُ.

وَمَا دُمْنَا مُحْتَاجِينَ لِلَّـهِ –تَعَالَى-، مُفْتَقِرِينَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ شُئُونِنَا وَفِي كُلِّ لَحْظَةٍ مِنْ حَيَاتِنَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّهُ وَنُعَظِّمَهُ وَنُطِيعَهُ وَلَا نَعْصِيَهُ، وَنُخْلِصَ لَهُ فِي كُلِّ أَعْمَالِنَا.

يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُرَاقِبَهُ -سُبْحَانَهُ- فِي صَلَاتِنَا فَلَا نَتَهَاوَنُ بِهَا، وَلَا نُؤَخِّرُهَا عَنْ وَقْتِهَا، وَلَا نُقَدِّمُ شَيْئًا عَلَيْهَا كَجَلْسَةِ لَهْوٍ أَوْ تَشْجِيعِ فَرِيقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ أَسْرَعْنَا إِلَى المَسَاجِدِ نُؤَدِّي فَرْضَ اللَّـهِ –تَعَالَى-؛ فَإِنَّهُ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، وَكَثِيرٌ مِنَّا يَتَهَاوَنُونَ فِي الصَّلَاةِ، وَغَالِبًا مَا يُضَيِّعُونَ صَلَاةَ الْفَجْرِ بِالنَّوْمِ عَنْهَا، وَعَذَابُ مَنْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا أَنْ يُرْضَخَ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ.

وَيَجِبُ عَلَيْنَا -مَعْشَرَ الشَّبَابِ- طَاعَةُ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، وَتَكُونُ طَاعَةً خَالِصَةً لِلَّـهِ تَعَالَى، لَا خَوْفًا مِنْ غَضَبِ الْأَبِ أَوْ عُقُوبَتِهِ، وَأَنْ نَتَلَمَّسَ رِضَاهُمَا وَسَعَادَتَهُمَا؛ لِأَنَّ رِضَاهُمَا يُرْضِي اللهَ تَعَالَى، وَسَخَطُهُمَا يُسْخِطُهُ؛ وَلِذَلِكَ قَرَنَ اللهُ -تَعَالَى- حَقَّهُ فِي التَّوْحِيدِ بِحَقِّهِمَا فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [النساء: 36].

وَيَجِبُ عَلَيْنَا-مَعْشَرَ الشَّبَابِ- أَنْ نُحَافِظَ عَلَى غَرَائِزِنَا، وَنَضْبِطَ شَهَوَاتِنَا، فَلَا نَصْرِفُهَا فِيمَا حَرَّمَ اللهُ -تَعَالَى- عَلَيْنَا؛ فَإِنَّ اللهَ -تَعَالَى- أَمَرَنَا بِاجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32]، وَمُشَاهَدَةُ الْأَفْلَامِ أَوِ المَقَاطِعِ الْإِبَاحِيَّةِ، أَوِ الصُّوَرِ الْخَالِعَةِ، أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يُثِيرُ الْغَرَائِزَ هُوَ مِنْ قُرْبَانِ الزِّنَا، وَأَخْطَرُ مِنْ ذَلِكَ تَنَاقُلُهَا بِالْجَوَّالَاتِ وَنَحْوِهَا؛ لِيَكْسِبَ نَاقِلُهَا أَوْزَارَ مَنْ يُرْسِلُهَا إِلَيْهِمْ مِنْ زُمَلَائِهِ وَأَصْدِقَائِهِ.

وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ الَّذِينَ عَذَّبَهُمُ اللهُ -تَعَالَى- بِأَنْ رَفَعَهُمْ فِي السَّمَاءِ ثُمَّ قَلَبَ دِيَارَهُمْ عَلَيْهِمْ وَأَمْطَرَهُمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ نَارٍ، فَكَانَتْ مَوْتَتُهُمْ شَنِيعَةً، وَخَاتِمَتُهُمْ قَبِيحَةً.

وَإِذَا شَغَلْتَ نَفْسَكَ بِمَا يُفِيدُهَا مِنْ عِلْمٍ أَوْ وَظِيفَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ صِنَاعَةٍ لَمْ تَتَأَذَّ بِغَرَائِزِهَا، وَلَمْ تَلْتَفِتْ إِلَى شَهَوَاتِهَا، وَسَتَجِدُ لَذَّةَ الْعَمَلِ وَالْإِنْجَازِ وَالْإِنْتَاجِ، وَأَكْثَرُ شَيْءٍ يُدَمِّرُ الشَّبَابَ هُوَ الْفَرَاغُ، فَاشْغَلُوا فَرَاغَكُمْ بِمَا يَنْفَعُكُمْ، وَإِلَّا شَغَلَتْكُمْ نُفُوسُكُمْ بِمَا يَضُرُّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَلَا لَذَّةَ لِلشَّابِّ أَعْظَمُ مِنْ لَذَّةِ الْعَفَافِ، وَصِيَانَةِ النَّفْسِ عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالدَّنَايَا؛ فَإِنَّ الْفَوَاحِشَ تُذِلُّ صَاحِبَهَا وَتُدَمِّرُهُ. وَلمَّا عَفَّ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْفَوَاحِشِ رَفَعَهُ اللهُ -تَعَالَى- وَأَعَزَّهُ، وَجَعَلَهُ سَيِّدَ أَهْلِ زَمَانِهِ.

وَيَجِبُ عَلَيْنَا -مَعْشَرَ الشَّبَابِ- أَنْ نَعْتَزَّ بِدِينِنَا، وَنَفْخَرَ بِهِ، وَنَدْعُوَ إِلَيْهِ، وَنُدَافِعَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ دِينُ الْحَقِّ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللهُ -تَعَالَى- لِعِبَادِهِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ) [فصِّلت: 33]، فَجَعَلَ اللَّـهُ -سُبْحَانَهُ- الِانْتِسَابَ لِلْإِسْلَامِ، وَالْفَخْرَ بِهِ، وَالدَّعْوَةَ إِلَى اللَّـهِ أَحْسَنَ الْقَوْلِ، وَكَفَى بِذَلِكَ شَرَفًا.

وَمِنْ لَوَازِمِ الِاعْتِزَازِ بِالْإِسْلَامِ: اجْتِنَابُ الْإِعْجَابِ بِالْكُفَّارِ أَوْ تَقْلِيدُهُمْ فِي لِبَاسِهِمْ أَوْ أَوْشِمَتِهِمْ أَوْ قَلَائِدِهِمْ، أَوْ قَصَّاتِ شُعُورِهِمْ، وَلَوْ كَانُوا مَشَاهِيرَ فِي الرِّيَاضَةِ أَوْ فِي التَّمْثِيلِ أَوِ الْغِنَاءِ؛ فَإِنَّهُمْ مَهْمَا بَلَغُوا لَيْسَ لَهُمْ وَزْنٌ عِنْدَ اللَّـهِ -تَعَالَى- وَلَا يُحِبُّهُمْ، فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 32]، فَكَيْفَ يُعْجَبُ مُؤْمِنٌ بِمَنْ لَا يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى؟!

وَيَجِبُ عَلَينَا -مَعْشَرَ الشَّبَابِ- أَنْ نَحْذَرَ مِمَنْ يُحَاوِلُونَ التَسَلُّلَ لِعُقُوْلِنَا لِيَحْرِفُوهَا إِلى الغُلُّوِ فِي الدِّينِ، وَالعُزْلَةِ عَنِ الوَالِدَينِ، وَتَكْفِيرِ المُسْلِمِينَ، وَالتَّخْرِيبِ فِي بُلْدَانِهِمْ؛ فَإِنَّ اللَّـهَ -تَعَالَى- قَدْ عَظَّمَ الدَّمَ الحَرَامَ، وَحَرَّمَ الإِفْسَادَ فِي الأَرْضِ (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) [الأعراف:56].

وَاعْلَمْ أَيُّهَا الشَابُّ: أَنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لَكَ، وَأَرْأَفَهُمْ بِكَ، وَأَصْدَقُهُمْ مَعَكَ هُمْ وَالِدَاكَ، فَكَيفَ تَتْرُكُ قَوْلَهُمَا وَتَأْخُذُ أَقْوَالَ أُنَاسٍ لَا تَعْرِفُهُمْ إِلَّا عَنْ طَرِيقِ الإنَتَرْنِتَ؟! وَإِذَا قَذَفَ أَحَدٌ فِي قَلْبِكَ شُبْهَةً، أَوْ دَعَاكَ إِلَى مَا لَا تَعْرِفُ فَاعْرِضْ قَوْلَهُ عَلَى مَنْ يُوثَقُ بِدِينِهِ وَعِلْمِهِ وَصِدْقِهِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ لِيَكْشِفَ لَكَ مَا تَجْهَلُ مِمَّا دَعَاكَ إِلَيهِ؛ لِئَلَا تَنْدَمَ فِي وَقْتٍ لَا يَنْفَعُ فِيهِ نَدَمٌ.

كَمَا يَجِبُ عَلَينَا –مَعْشَرَ الشَّبَابِ- أَنْ نَحْذَرَ مِنْ الدَّعَوَاتِ الآثِمَةِ لِلزَّنَادِقَةِ وَالمَلَاحِدَةِ الذَّينَ يَدْعُونَ إِلَى الإِلْحَادِ وَالتَّمَرُدِ عَلَى الدِّينِ، وَالسُخْرَيَةِ بِشَرِيعَةِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ فَإِنَّهُمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمْ، مَنْ أَطَاعَهُمْ قَذَفُوهُ فِيَهَا.

إِنَّنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ، وَتَمَسَّكْنَا بِدِينِنَا؛ أَرْضَيْنَا رَبَّنَا، فَإِذَا رَضِيَ عَنَّا فَرَّجَ كَرْبَنَا، وَدَفَعَ الشَّرَّ عَنَّا، وَسَقَى أَرْضَنَا، وَأَنْبَتَ زَرْعَنَا، وَبَارَكَ لَنَا فِي رِزْقِنَا، فَتَدَفَّقَتِ الْخَيْرَاتُ عَلَيْنَا، فَعِشْنَا فِي سَعَادَةٍ وَحُبُورٍ مَعَ مَا نَلْقَاهُ مِنْ أَجْرٍ وَجَزَاءٍ عَظِيمٍ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].

وَهَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّيْنَاهَا هِيَ مِنْ طَاعَةِ اللَّـهِ تَعَالَى، نُظْهِرُ بِهَا فَقْرَنَا وَذُلَّنَا لَهُ سُبْحَانَهُ، وَنُعْلِنُ تَوْبَتَنَا مِنْ ذُنُوبِنَا، وَنُعَاهِدُهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نُحَافِظَ عَلَى فَرَائِضِ دِينِنَا، وَتَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي كَانَ يُصَلِّي الِاسْتِسْقَاءَ، وَنَدْعُوهُ -سُبْحَانَهُ- أَنْ يُنْزِلَ عَلَيْنَا غَيْثًا يَسْقِي أَرْضَنَا، وَيُحْيِي زَرْعَنَا، فَأَمِّنُوا عَلَى الدُّعَاءِ بِخُشُوعٍ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- كَرِيمٌ سَيُجِيبُ دُعَاءَنَا، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِهِ –سُبْحَانَهُ-؛ فَإِنَّهُ عِنْدَ ظَنِّ عِبَادِهِ بِهِ.

اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالضَّنْكِ وَالْجَهْدِ مَا لَا نَشْكُوهُ إلَّا إلَيْك، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا، فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا.

اللَّهُمَّ غَيْثًا مُغِيثًا تُحْيِي بِهِ الْبِلَادَ، وَتُغِيثُ بِهِ الْعِبَادَ، وَتَجْعَلُهُ بَلَاغًا لِلْحَاضِرِ مِنَّا وَالْبَادِ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا زِينَتَهَا، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا فِي أَرْضِنَا سَكَنَهَا، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا، فَأَحْيِ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا، وَاسْقِهِ مِمَّا خَلَقْت أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

حَوِّلُوا الْآنَ أَلْبِسَتَكُمْ تَفَاؤُلًا بِأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- سَيُغَيِّرُ حَالَنَا، فَيُنْزِلُ عَلَيْنَا المَطَرَ، وَادْعُوهُ فِي سِرِّكُمْ مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ بِخُشُوعٍ تُوقِنُونَ بِأَنَّهُ -سُبْحَانَهُ- سَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. تَقَبَّلُ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ.

خطب استسقاء للمدارس (1) للمرحلة للابتدائية


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي