إنَّ تغَلْغُلَ الأعيادِ الإفرنجيَّةِ، والدينيَّةِ المبتدعةِ على المسلمين، سببُه كثرةُ الاختلاط بغيرهم من الأمم، من رومٍ، ومن عجم، فدخلت علينا أعيادُ النصارى واليهود والمجوس، بعد أن قلَّدَهم كثيرٌ من المسلمين، فابتُدِعَت أعيادٌ إسلاميةٌ لم ينزل الله بها من سلطان، ولم ينبِّه إليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يفعلها السلف الكرام، فلم نقرأ في السُّنَّةِ، ولم نعلم ممن يعتدُّ به، ولم...
إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد:
فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ -صلى الله عليه وآله وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
لقد تناولت المواقع الإلكترونية في شبكات التواصل الاجتماعي المسمى -الفيس بك- مطلع العام الشمسي الإفرنجي الميلادي -2014- بالتهاني والتبريكات، وتذكير المسلمين عامة وطلبة العلم خاصة بعضهم بعضا باستقبال هذا العام بفتح صفحة جديدة من التوبة والطاعات، والأعمال الصالحات، وتذكر ما مضى في العام الإفرنجي السابق، وأخذ العظة والعبرة مما وقع فيه، إلى غير ذلك من النصائح والتوجيهات.
فمن باب النصيحة -لإخواني المسلمين-، ومن باب: من رأى منكم منكرا فليغيره، ومن باب: الحفاظ على كينونة هذه الأمة وشخصيتها، وعدم ذوبانها في سائر الأمم؛ أقول هذه الكلمات إبراءً للذمّة، أبث هذه المعلومات، ليعلم الجاهل، ويتذكر الناسي، وينتبه الغافل: إن التبريكات والتهاني تكون بين الناس عند الفرح، وفي الأعياد، وعند تجدد النعم، ونحن المسلمين لنا شعائرنا المتميزة، وديننا الشامل وإسلامنا الكامل، حتى تعجب المشركون من هذا الشمول والكمال، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ لَنَا الْمُشْرِكُونَ: "إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ حَتَّى يُعَلِّمَكُمُ الْخِرَاءَةَ" -أي آداب قضاء الحاجة- فَقَالَ: أَجَلْ! "إِنَّهُ نَهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِيَمِينِهِ، أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَنَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالْعِظَامِ" وَقَالَ: "لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ" [صحيح مسلم: 262].
إذا كان الأمر كذلك، فلماذا نريد دينا من غيرنا؟ ولماذا نلتقط من فتات عقائدهم، ومخلفات أديانهم؟
قال سبحانه عن هذا الدين: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة: 36].
إنه الدين القيم والقويم والمستقيم، الذي لا اعوجاج فيه.
فهل هذه الشهور الاثنا عشر المعتبرة عند الله، هي التي تبدأ ب "يناير" "فبراير" وتنتهي ب "نوفمبر" "ديسمبر" فنبئوني بالأربعة الحرم منها؟ وهل صيامنا وحجنا وزكاتنا بالسنة الإفرنجية؟ وهل العبادات وأحكام عدد النساء في الطلاق والوفاة بالأشهر الإفرنجية؟
إن عدة الشهور المعتبرة عند الله وفي شرع الله -سبحانه-، وعليها تدور الأحكام، هي: محرم وصفر، وربيع الأول والآخر، وجمادى الأولى والآخرة، ورجب "المحرم"، وشعبان ورمضان وشوال، وذو القعدة وذو الحجة وهما مع محرم من الأشهر الحرم.
وعليه، فالأعياد المشروعة عندنا -معشر المسلمين- اثنان في السنة؛ عيد الفطر في أول يوم من شوال، وعيد الأضحى في العاشر من ذي الحجة.
وواحد في الأسبوع هو يوم الجمعة، الذي كانت تسميه العرب يوم: "العَروبة".
وما سوى ذلك فليست بأعياد مشروعة، ولا ثوابَ في اختصاصها بعبادة، أو تهنئة أو مباركة.
فما دخل السنة الإفرنجية بأعيادها في سَنتنا الهلالية وأعيادنا؟!
إنَّ تغَلْغُلَ الأعيادِ الإفرنجيَّةِ، والدينيَّةِ المبتدعةِ على المسلمين سببُه كثرةُ الاختلاط بغيرهم من الأمم، من رومٍ ومن عجم، فدخلت علينا أعيادُ النصارى واليهود والمجوس، بعد أن قلَّدَهم كثيرٌ من المسلمين فابتُدِعَت أعيادٌ إسلاميةٌ لم ينزل الله بها من سلطان، ولم ينبِّه إليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يفعلها السلف الكرام، فلم نقرأ في السُّنَّةِ، ولم نعلم ممن يعتدُّ به، ولم نسمع من العلماء بالتهاني والتبريكات، وإظهار الفرح والسرور والاحتفالات؛ في أوَّل السنة الهجرية، ولا في يوم المولد النبوي في الثاني عشر من ربيع الأول من كلِّ عام، ولا في ذكرى الانتصارات أو الانتكاسات.
والعجب من النصارى واليهود والمجوس: أنهم لا يحتفلون بعيد الفطر ولا الأضحى، ولا يظهرون فرحا فيهما، ولا يهتمون بهما، ولا يعطِّلون مصالحهم أيامها، ولا يغلقون مؤسساتهم فيهما؟! بعكس ما عندنا، فاللهم سلِّم سلم.
وبداية تسلُّلِ هذه الأعياد المبتدعة، مع أعياد الإفرنج إلى المسلمين أيام الدولة الفاطمية العبيدية القداحية، واسمع إلى ما قاله المقريزي المؤرخ المصري في خططه: "ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها أعياداً ومواسم تتسع بها أحوال الرعية، وتكثر نعمهم.
وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، وهي: موسم رأس السنة -الإفرنجية-، وموسم أول العام -الهجري-، ويوم عاشوراء -للشيعة-، ومولدِ النبي -صلى الله عليه وسلم -للجهلة من أهل السنة-، ومولدِ عليِّ بنِ أبي طالب -رضي الله عنه- ومولدِ الحسن، ومولدِ الحسين -عليهما السلام-، ومولدِ فاطمةَ الزهراءِ -عليها السلام- للرافضة، ومولدِ الخليفةِ الحاضر، وليلةِ أولِ رجب، وليلةِ نصفِه، وليلةِ أولِ شعبان، وليلةِ نصفِه، وموسمُ ليلةِ رمضان، وغُرَّةِ رمضان، وسماطِ رمضان، وليلةِ الختم، وموسمُ عيدِ الفطر، وموسمُ عيدِ النحر -للكل-، وعيدِ الغدير -للشيعة-، وكسوةِ الشتاء، وكسوةِ الصيف، وموسمُ فتحِ الخليج -للكل-، ويومِ النوروز -وهذا للمجوس-، ويوم الغطاس، ويوم الميلاد، وخميس العدس، وأيام الركوبات -وهذه للنصارى-" [يراجع: الخطط المقريزية: 1/490، البدع الحولية، لعبد الله بن عبد العزيز بن أحمد التويجري، ص: 145].
وكثرت في هذه الأمة الأعياد -ولا حول ولا قوة إلا بالله-، فصار العيد بعشرة أمثاله، والثلاثة أعياد المشروعة، أصبحت ثلاثين أو تزيد "... ومن الأعياد التي ابتلي بها كثير من البلاد الإسلامية: عيد الوطن، وعيدِ العلم، وعيد الأمّ، وعيد الشجرة، وعيد النظافة، وعيد الولادة، وعيد الأسرة، وعيد الأولياء، كلُّها محرمة في دين الإسلام؛ لمشابهتها الكفار في أعيادهم، ولا شك أن في هذا إحياءً لسنن الجاهلية، وإماتةَ الشرائعِ الإسلامية في قلوب المسلمين" [الأعياد والمناسبات المعتبرة في الإسلام، ص: 6].
واتخذ كثير من المسلمين القبور أعيادا، يجتمعون إليها من أطراف البلاد، يذبحون عندها، ويطوفون حولها، ويتمرغون على ترابها، ويركعون ويسجدون على عتبات أضرحتها وعلى أبوابها!.
لقد حذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من هذه البدع والمخالفات الدينية، والأعياد غير المشروعة، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ" [سنن أبي داود: 2042].
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنٍ -رضي الله تعالى عنهم-: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَجِيءُ إِلَى فُرْجَةٍ كَانَتْ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيَدْعُو، فَنَهَاهُ، فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! قَالَ: "لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلَا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، فَإِنَّ تَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِي أَيْنَمَا كُنْتُمْ" [قال الألباني في تخريج أحاديث فضائل الشام، ص: 52، "صحيح بطرقه وشواهده"].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ووجه الدلالة أن قبرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضلُ قبرٍ على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدا، فقبرُ غيره أولى بالنهي كائنا من كان، ثم قرن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تتخذوا بيوتكم قبورا".
أي لا تعطلوها عن الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى، ومن تشبه بهم" [اقتضاء الصراط المستقيم، ص: 155 - 156].
قال: "فهذا أفضل التابعين من أهل بيته عليُّ بن الحسين -رضي الله عنهم-، نهى ذلك الرجل أن يتحرَّى الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم، واستدل بالحديث الذي سمعه من أبيه الحسين عن جدِّه علي -رضي الله عنهم-، وهو أعلم بمعناه من غيره" [أحكام الجنائز: 1/ 220].
وإذا كان علماء اللغة والتفسير قد أوردوا من معاني "الزور": أعيادَ اليهودِ والنصارى والمشركين؛ فما بقي بعدهم توضيحٌ ولا بيان، ففي القاموس المحيط "الزور": "بالضم: الكَذِبُ والشِّرْكُ بالله -تعالى-، وأعيادُ اليهودِ والنصارى".
وعامُّة المفسرين أوردوا قولَ حبرِ الأمة ابنِ عباس: أن الزور هنا، أعياد المشركين وكنائسهم.
والزور، الباطل.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَطَاوُسُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالضَّحَّاكُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُمْ: هِيَ أَعْيَادُ الْمُشْرِكِينَ.
وقال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "نص الإمام أحمد على أنه لا يجوز شهود أعياد اليهود والنصارى، واحتج بقول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) [الفرقان: 72]. قال: الشعانين وأعيادهم" [مجموع الفتاوى: 25/ 325 - 327].
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "لا يجوز للمسلمين ممالأتهم على أعيادهم، ولا مساعدتهم، ولا الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله، وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم" [أحكام أهل الذمة: 3/ 1245].
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "التهنئة بشعائر الكفر المختصة به حرام بالاتفاق؛ مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: "عيد مبارك عليك" أو "تهنأ بهذا العيد" ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر؛ فهو من المحرمات، وهو بمَنْزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثمًا عند الله، وأشدُّ مقتًا من التهنئة بشرب الخمر، وقتلِ النفس، وارتكاب الفرج الحرام، ونحوه" [أحكام أهل الذمة: 1/ 441].
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنّأ عبدًا بمعصية، أو بدعة، أو كفرٍ فقد تعرَّض لمقت الله وسخطه" [تحريم مشاركة الكفار من أهل الكتاب وغيرهم في أعيادهم أو تهنئتهم بها، للدسوقي، ص:7، 8].
إن العيد اسمٌ يطلق على كل اجتماع يحدثه الناس، أو يعتادونه في زمان معين، أو مكان معين، أو هما معاً، سواءً كان ذلك في الأسبوع أو الشهر أو السنة، والأعياد من أهم الخصائص التي تتميز بها الديانات، ولكل ديانة أعيادها وأفراحها النابعة من أصل الاعتقاد فيها.
إن احتفالَ بعض المسلمين بعيد ميلاد المسيح -عليه السلام- أو النيروز، أو شمِّ النسيم، أو عيد الأم، ونحو هذه الأعياد؛ تشبهٌ بأهلِ الكتاب، و "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ" [سنن أبي داود: 4031، وانظر: الإرواء: 1269].
فيجب -علينا عباد الله- مخالفةَ الكفار في عاداتهم وأعيادهم، وما هو من خصائصهم، ففي شرع الله للمسلمين من الأعياد الزمانية والمكانية، ما يغنيهم والتي اشتملت على خيري الدنيا والآخرة.
وعلمنا: أن أول من ابتدع الاحتفال بالمولد النبوي، وسائر الموالد الأخرى الفاطميون.
إن من أعظم الفتن في هذا العصر اتخاذ القبور والآثار أعياداً، وتعظيمها وتفضيلها على الكعبة والمشاعر المقدسة.
إن الأعيادَ الزمانيةَ والمكانيةَ المبتدعةَ كان لها الأثرُ السيء على المسلمين، حيث يقع فيها من الشرك والمفاسد الكثيرة ما الله به عليم، فضلاً عن عدم الاهتمام بالأعياد الشرعية، بل قد يفضِّل البعض تلك الأعياد عليها" [الأعياد وأثرها على المسلمين، لسليمان بن سالم السحيمي، ص: 469، 470، بتصرف].
ومن ذلك؛ تقليدهم في الأعياد الشركية والبدعية كأعياد الموالد؛ عند مولد الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأعيادِ موالدِ الرؤساءِ والملوك.
وقد تسمى هذه الأعياد البدعية أو الشركية؛ بالأيام أو الأسابيع؛ كاليوم الوطني للبلاد، ويوم الأمّ، وأسبوع النظافة، وغير ذلك من الأعياد اليومية والأسبوعية، وكلها وافدةٌ على المسلمين من الكفار" [خطب مختارة، ص: 228].
عافانا الله وإياكم وسائر المسلمين من كل البدع والضلال في الدين، ومن كلِّ ما يغضب ربَّ العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.
وبعد:
عندما سئل صلى الله عليه وسلم عن يوم الاثنين وصيامه، فبماذا أجاب؟
والجواب: فيما ثبت عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ؟ قَالَ: "فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِبَيْعَتِنَا بَيْعَةً" قَالَ: "فَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ؟" فَقَالَ: "لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ -أَوْ مَا صَامَ وَمَا أَفْطَرَ-" قَالَ: "فَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ؟" قَالَ: "وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟" قَالَ: "وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ، وَإِفْطَارِ يَوْمَيْنِ؟" قَالَ: "لَيْتَ أَنَّ اللهَ قَوَّانَا لِذَلِكَ" قَالَ: "وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ، وَإِفْطَارِ يَوْمٍ؟" قَالَ: "ذَاكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَام-" قَالَ: "وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟" قَالَ: "ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ -أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ-" قَالَ: فَقَالَ: "صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، صَوْمُ الدَّهْرِ" قَالَ: "وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟" فَقَالَ: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ" قَالَ: "وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟" فَقَالَ: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ" [صحيح مسلم: 1162].
فهذا هو احتفال النبي -صلى الله عليه وسلم- بيوم مولده، يتعبّد ربّه، بما يحبُّه بالصيام ونحوه، وليس كل عام مرة في ربيع الأول؛ بل كل أسبوع.
فيا أيها المسلمون: أفيقوا من سكرتكم، وانتبهوا من غفلتكم، واستيقظوا من رقدتكم، ولتكن لكم شخصيتكم المتميزة، وكيانكم الرباني، وسَمْتُكم المحمدي، وهديُ سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
عباد الله: لا يخلونّ رجلٌ بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ومن ساءته سيئتُه وسرته حسنتُه، فهو أمارة المسلم المؤمن، وشرُّ الأمور مبتدعاتها، وأنَّ الاقتصاد في سنّة خيرٌ من الاجتهاد في بدعة، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية، عليكم بهذا القرآن؛ فإن فيه نورًا وشفاء، وغيرُه الشقاء.
أَقُول قولي هَذَا، وَأَسْتَغْفِر الله لي وَلكم.
وأقم الصلاة.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي