أيها الناس: احذروا هذه التقاليد المنحرفة، وهذه التيارات الجارفة الضالة، وقابلوها بقوة الإيمان، وسيطرة العقل لتندحر، وتقبر في مهدها، وإلا فهي كشرارة النار في المواد المشتعلة إن لقيت منكم قبولًا لها، واتجاهًا إليها، فأنتم -ولله الحمد- في...
ألا: وأن من أفضل الأخلاق التي بعث بها نبيه خُلُق الحياء، فإن الحياء من الإيمان، والحياء خلق النبي -صلى الله عليه وسلم-ن فكان حييًّا سخيًّا كريم الخُلُق.
إن الحياء من الله، والحياء من الناس من صميم دِينكم.
فاستحيوا -أيها المؤمنون- من الله، واستحيوا -أيها المؤمنون- من الناس، لا تضيعوا دِينكم -أيها المؤمنون- بالتهور والتدهور والانحطاط.
لقد سمعنا -أيها الناس- أنه حصل زواج دخل فيه مع النساء بعض شباب دخلوا لأخذ صور للحفل، وأن هؤلاء المصورين كانوا بين النساء يلتقطون صورهن.
فيا سبحان الله! كيف بلغ بنا الحد إلى هذا التدهور، وفي هذه السرعة الخاطفة؟
تصوروا عظم الفتنة في تجول هؤلاء الشباب وأخذهم صور النساء، وهم في غمرة الفرح بالعرس، تحت سيطرة نشوة النكاح، وفي ظل التبرج والتطيب، ماذا يحصل للجميع من الفتنة؟
إنها لفتنة كبيرة، ومحنة عظيمة.
أما يستحي هؤلاء من الله أولًا ومن الناس ثانيًا، ما الذي سوغ لهم؟ وما الذي أباح لهم أن يتجولوا بين النساء لأخذ صورهن؟ هل يرضى أحد من الناس أن تؤخذ صورة ابنته، أو أخته أو زوجته، لتكون بين هؤلاء يعرضونها متى شاؤوا على من يريدون، أو يستمتعون بالنظر إليها متى يشاؤون؟
هل يرضى أحد أن تكون نساؤه محلًا للسخرية عند عرض صورتها إن كانت قبيحةً أو محلًا للفتنة عند عرضها إن كانت جميلةً؟
عباد الله: ما بالنا ننحدر إلى الهاوية في تقاليد الكفار، وأشباه الكفار، الذين لا دين لهم، ولا أخلاق، كيف ندع تقاليدنا المبنية على التستر والحياء بوحي من شريعة الله ورسوله إلى تقاليد جلبناها من غيرنا وغيرنا تلقاها من اليهود والنصارى المستعمرين لأراضيهم مدةً طويلةً من الزمن؟
كيف نرضى وقد سلم الله بلادنا من استعمار الأوطان أن تستسلم لاستعمار الأفكار والعقول والأديان؟ كيف نرضى وقد مَنَّ الله علينا بالتقدم بهذا الدين أن نرجع إلى الوراء بتبرج الجاهلية الأولى وأعمال الكافرين؟
كيف يليق بنا وقد أعطانا الله شهامة الرجولة وولاية العقل أن ننتكس فننقاد لسيطرة النساء والسفهاء؟
أيها الناس: إنكم إن سرتم وراء هذه التيارات بدون نظر ولا روية ولا تفكير في العواقب، فسوف تندمون، وستكون العاقبة وخيمةً، وسيحل بالبلاد من العقوبة ما يعم الصالح والفاسد: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الأنفال: 25].
أيها الناس: احذروا هذه التقاليد المنحرفة، وهذه التيارات الجارفة الضالة، وقابلوها بقوة الإيمان، وسيطرة العقل لتندحر، وتقبر في مهدها، وإلا فهي كشرارة النار في المواد المشتعلة إن لقيت منكم قبولًا لها، واتجاهًا إليها، فأنتم -ولله الحمد- في بلاد محافظة على دِينها وعلى أخلاقها، وعلى تقاليدها الطيبة، فاحذروا أن تخرق سياجكم تلك العادات التي جاء بها من زُيِّن له سوء عمله، فرآه حسنًا، ومن سَنَّ سُنَّةً سيئةً فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
إن أخذ صورة للزوج وزوجته عند أول لقاء لا يزيد الزوجين إيمانًا بالله، ولا مودةً في القلب، ولا صحةً في الجسم.
وإذا فُرِضَ أن المسألة من باب التقاليد المحضة، أفليس من الأجدر بنا أن نعتز بتقاليدنا ونحمي كياننا ونربأ بأنفسنا عن أن نكون تبعًا لغيرنا، هذا فضلًا عن كون هذه التقاليد هدمًا للأخلاق، ونقصًا في الإيمان؟
إن أخذ الصور مع كونه سببًا للفتنة، وتداول صور النساء، فهو كذلك عرضة للعنة الله -سبحانه-، والتعذيب بالنار؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حذر من التصوير، فقال صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون"[البخاري ومسلم وغيرهما].
وقال: "كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم"[البخاري ومسلم وغيرهما].
ولعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المصورين.
وهذه الأحاديث ثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فليحذرِ المصور أن يكون داخلًا فيها، فإنه معرض نفسه لذلك، والصورة الفوتغرافية، وإن كان من العلماء من أباحها، فإن منهم من رأى أنها داخلة في الوعيد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"[الترمذي (2518) النسائي (5711) أحمد (1/200) الدارمي (2532)].
وقال: "من وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه"[البخاري (52) مسلم (1599) الترمذي (1205) النسائي (4453) أبو داود (3329) ابن ماجة (3984) أحمد (4/270) الدارمي (2531)].
وحتى إذا كانت الصور الفوتغرافية مباحة، فإنها لا تحل إلا إذا لم يكن فيها محذور شرعي.
أعـوذ بالله من الشيطـان الرجيـم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[النور: 21].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ... إلخ ...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي