لقد توسع النساء في التبرج باللباس، فصارت المرأة تلبس للسوق من أحسن اللباس، وتضع عليه عباءة ربما تكون قصيرة لا تسترها، أو رهيفة، أو ترفعها المرأة عن أسفل جسمها، حتى يبيت جمال ثيابها وزينتها، وربما شدت العباءة بيديها من فوق عجيزتها، حتى يتبين حجمها.
فالتبرج أن تستشرف المرأة للرجال باللباس والزينة والقول والمشية، ونحو ذلك مما تظهر به نفسها للرجال، وتوجب لفت النظر إليها، ولقد قال الله -تعالى-: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)[الأحزاب: 33].
ولقد توسع النساء في التبرج باللباس، فصارت المرأة تلبس للسوق من أحسن اللباس، وتضع عليه عباءة ربما تكون قصيرة لا تسترها، أو رهيفة، أو ترفعها المرأة عن أسفل جسمها، حتى يبيت جمال ثيابها وزينتها، وربما شدت العباءة بيديها من فوق عجيزتها، حتى يتبين حجمها.
وكل هذا مما نهى الله عنه، لقد قال تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ)[النور: 31].
نهى الله النساء أن يضربن بأرجلهن، فيعلم الخلخال الذي تخفيه، فإذا كان الله نهى عن الضرب بالرجل خوفا من سماع الخلخال المستور، فكيف بمن تلبس جميل الثياب، ثم ترفع العباءة عنه ليراه الناس بأعينهم، فيفتنهم، وإن الفتنة بما يرى أعظم من الفتنة بما يسمع ليس الخبر كالمعاينة.
إذا كان الله نهى عن الضرب بالرجل؛ خوفا من سماع الخلخال، فكيف بمن تكشف عن ذراعيها لتظهر ما عليهما من الحلي والزينة ونعمومة اليد؟
كأنما تقول للناس: انظروا إلى نعومة يدي، وإلى ما عليها من الحلي والزينة.
وإن من التبرج: أن تخرج المرأة متعطرة متطيبة، فإن هذا خلاف أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وليخرجن تفلات"[أبو داود (565) أحمد (2/438) الدارمي (1279)].
أي: غير متطيبات.
وقال: "إذا خرجت إحداكن للمسجـد، فلا تمس طيبـا"[مسلم (443) النسائي (5133) أحمد (6/363)].
وقـال صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة إذا استعطرت، فمرت بالمجلس، فهي كذا وكذا يعني زانية"[الترمذي (2786) الدارمي (2646)].
ولقد كثرت الزينة والتطيب في أيام الأعراس تخرج النساء من بيوتهن في أحسن ثيابهن مما يثير، ويهيج الشر.
وأما اختلاط النساء بالرجال، ومزاحمتهن لهم، فهذا موجود في كثير من محلات البيع والشراء، وهو خلاف الشرع، فلقد خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من المسجد، وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق، فقال صلى الله عليه وسلم للنساء: "استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق، عليكن بحافات الطريق"[أبو داود (5272)].
فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليعلق به.
ولقد رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته عن اختلاط النساء بالرجال، حتى في أماكن العبادة، فقال صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف النساء".
يعني اللات يصلين مع الرجال.
"خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها"[مسلم (440) الترمذي (224) النسائي (820) أبو داود (678) ابن ماجة (1000) أحمد (2/485) الدارمي (1268)].
وإنما كان آخر صفوفهن خيرا لبعده عن الرجال ومخالطتهم ورؤيتهم لهن.
ألم يكن في هذا أوضح دليل على محبة الشرع لبعد المرأة عن الرجال واختلاطها بهم؟
وأما التسكع في الأسواق، والتمشي فيها، فما أكثر من يفعله من النساء تخرج المرأة من بيتها لغير حاجة، أو لحاجة يسيرة يمكن أن يأتي بها أحد من في البيت من الرجال أو الصبيان.
ولقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن"[البخاري (858) مسلم (442) الترمذي (570) النسائي (706) أبو داود (567) ابن ماجة (16) أحمد (2/76) الدارمي (442)].
فبيت المرأة خير لها حتى في المسجد، فكيف بغيره؟
وأن هذا الحديث الصحيح: ليدل على أنه يجوز للرجل أن يمنع المرأة من الخروج للسوق ما عدا المسجد، ولا إثم عليه في ذلك، ولا حرج.
أما منعها من التبرج والتعطر عند الخروج، فإنه واجب عليه ومسئول عنه يوم القيامة.
وعلى المرأة إذا خرجت: أن تخرج بسكينة وخفض صوت، ولا تمشي كما يمشي الرجل بقوة تضرب الأرض برجلها، وتهز كتفيها، وترفع صوتها، قالت أم سلمة -رضي الله عنها-: "لما نزلت هذه الآية: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ)[الأحزاب: 59].
خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها".
هذه صفات نساء المؤمنين، فاقتدوا بهن لعلكم تفلحون، ولا تغرنكم الحياة الدنيا وزينتها، ولا يغرنكم من لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، فإن هذا التبرج والثياب القصيرة والضيقة، إنما صنعت تقليدا لهم، وإن أعداءكم يعلمون أنهم لو دعوكم إلى الكفر ما كفرتم، ولو دعوكم إلى الشرك ما أشركتم، ولكن يرضون منكم أن يهدموا أخلاقكم ودينكم من جهات أخرى من جهة محقرات الذنوب التي يحقرونها في أعينكم، فتحتقرونها، وتؤاتونها حتى تنزل بكم إلى النار.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان قد أيس أن تعبدوا الأصنام في أرض العرب، ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات، وهي الموبقات يوم القيامة"[مسلم (2812) الترمذي (1937) أحمد (3/313)].
فاتقوا الله -أيها المسلمون- ولا تنخدعوا بما يقدمه لكم أعداؤكم إنكم الآن على مفترق طرق، فتحت عليه الدنيا، وانهال عليكم الأعداء، قدم البعض منهم إلى بلادكم بعاداتهم السيئة وتقاليدهم المنحرفة، وسافر البعض منكم إلى بلادهم، وشاهدتموهم في وسائل الإعلام في الصحف والتليفزيون.
فإما أن يكون في دينكم صلابة تتحطم عليها مكايد الأعداء، وفيكم قوة الشخصية الإسلامية، فلا تقتدون بهم، ولا تغترون بهم، وتتمسكون بما كان عليه أسلافكم الصالحون، فتنالون خير الدنيا والآخرة.
وإما أن يكون الأمر بالعكس لين في الدين، وضعف في الشخصية، وانهيار أمام المثيرات، فتبؤون بالصفقة الخاسرة: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)الزمر: 15].
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور: 30 - 31].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ... الخ ...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي