لا تضيعوا الصلاة، فإن الصلاة هي العهد التي بين العبد وبين الكفر، فمن تركها فهو كافر.
أي دين له إذا ترك الصلاة؟ أي عبادة وأي خضوع لله وقد ترك صلاة وقتها قصير وعملها يسير وفضلها كثير؟ إذا ترك هذا العمل مع سهولته، وقلة زمنه، وكثرة فضله، فـ...
الحمد لله الذي جعل الصلاة عمادا للدين، وقرة عين للمؤمنين، ونجاة للعاملين، انشرحت بها صدور أولياء الله، وضاقت بها صدور أعداء الله، فهي روضة من رياض العمل الصالح، متعة للنفوس، وطهرة للقلوب، فسبحان من فاوت بين عباده بمحبتها وإقامتها، فهذا محب لها قائم بها على الوجه المرضي لله، وذلك معرض عنها مضيع لها، خاسر دينه ودنياه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، و(حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ)[البقرة:238].
حافظوا على الصلوات، وأقيموها، وداوموا عليها، ولازموها، واعتنوا بحدودها وحقوقها، ولا تضيعوها.
حافظوا على الصلاة، فإنها أكبر أركان دينكم بعد الشهادتين، فلقد "بني الإسلام على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام".
حافظوا على الصلاة، فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وذلك لما يحصل للقلب بها من النور والبرهان الذي سيكون سببا للبعد عن الفحشاء والمنكر.
حافظوا على الصلاة، فإنها صلة بين العبد وبين ربه، فإن المصلي قائم بين يدي الله يناجي ربه بكلامه، وذكره ودعائه، والخضوع له، والتعظيم قيام وقعود وركوع وسجود وقراءة وذكر وتسبيح ودعاء، فهي روضة عبادات منوعة من كل عبادة فيها زوجان.
حافظوا على الصلاة، فإنها تكفير لسيئاتكم، وتطهير من ذنوبكم، قـال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر"[مسلم (233) الترمذي (214) ابن ماجة (1086) أحمد (2/400)].
وقال صلى الله عليه وسلم: "أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا".
"حافظوا على الصلوات، فإن من حافظ على الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وعلم أنهن حق من عند الله دخل الجنة"[البخاري (505) مسلم (667) الترمذي (2868) النسائي (462) أحمد (2/379) الدارمي (1183)].
حافظوا على الصلوات -أيها المسلمون-، فإن الصلاة نور في القلب، ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور يوم القيامة.
عباد الله: لا تضيعوا الصلاة، فتكونوا ممن قال الله فيهم: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[مريم: 59].
أضاعوا الصلاة، وأهملوها، فأما شهوات أبدانهم، فحافظوا عليها، واتبعوها.
يضيعون الصلاة لحطام من الدنيا لا يبقى لهم، ولا يبقون له، والصلاة هي التي تبقى لهم، ويجدونها أمامهم، أو يضيعون الصلاة لراحة أبدانهم بالنوم، ولم يعلموا أن راحة أبدانهم التي يضيعون بها ما أوجب الله عليهم سوف تكون تعبا وعذابا عليهم يوم القيامة في يوم يود المجرم فيه لو يفتدي من عذابه ببنيه: (وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ)[المعارج: 12- 14].
لا تضيعوا الصلاة، فإن الصلاة هي العهد التي بين العبد وبين الكفر، فمن تركها فهو كافر.
أي دين له إذا ترك الصلاة؟ أي عبادة وأي خضوع لله وقد ترك صلاة وقتها قصير وعملها يسير وفضلها كثير؟
إذا ترك هذا العمل مع سهولته، وقلة زمنه، وكثرة فضله، فأي عمل يرجى أن يقوم به بعد ذلك؟
فآخر ما يفقده الإنسان من دينه الصلاة.
أيها المسلمون أيها المؤمنون بالله ورسوله: حافظوا على صلواتكم، ولا تضيعوها، فإنها عون لكم على أمور دينكم ودنياكم: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)[البقرة: 45].
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من سره أن يلقى الله غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن، فإن الله -تعالى- شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر، فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا، وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف".
أيها المسلمون: إن من المؤسف والخطأ أن يتمتع الإنسان بنعم الله قائما وقاعدا ونائما ويقظا، يتمتع بالأمن والرخاء ووفور المال والولد والأخلاء، ثم لا يقوم بشكر الله، ولا يخضع لأوامر الله ينام إلى الضحى لا يصلي الفجر، ويسمع النداء، فلا يقوم إلى المسجد.
وإن هذا لو دعي إلى حطام من الدنيا لأجاب، ولو وعد بشيء زهيد لما نام عنه، ولا غاب.
اللهم ارزقنا القيام بطاعتك على الوجه الذي يرضيك عنا، واغفر لنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي