اعلم أن الله -عز وجل- اختار لك ما يناسبك، ولو علم لك خيرا في أكثر من ذلك لزادك، قال الله -تعالى-: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء) [الشورى: 27]. فالله -سبحانه وتعالى- هو خالقك، وهو محييك، وهو مميتك، وهو عالم ما أنت عليه، وعالم ما أنت صائر إليه، فاختار لك...
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر ا?مور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها المسلمون أيها المؤمنون، أيها المخبتون إلى ربهم والراغبون، يا من خرجتم إلى الله -عز وجل- ترجون رحمته وتخافون عذابه: اشكروا نعمة الله عليكم بالهدى، اشكروا نعمة الله بهذا الدين، اشكروا نعمة الله عليكم بالصراط المستقيم، اشكروا نعمة الله عليكم باتباع محمد -صلى الله وسلم-.
فإنكم في نعمة تصغر عندها كل النعم، وتهون أمامها كل المصائب: أن أحياكم الله على هذا الدين، وتوفاكم على هذا الدين.
اللهم أحيينا ما أحييتنا مسلمين، وتوفنا إذا توفيتنا مؤمنين، غير خزايا و? مبدلين.
اشكروا نعمة الله عليكم بما أغدق عليكم نعمه الظاهرة والباطنة إذ آتاكم مالم يؤت أحدا من العالمين.
أمن في ا?وطان، ورغد في العيش، ووحدة في القلوب، وصلاح في ا?مور، فاحمدوا الله على نعمه وآ?ئه: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ) [النحل: 53].
(هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [فاطر: 3].
? خالق إ? هو، و? رازق سواه.
ثم اعلموا -رحمنا الله وإياكم-: أن بالشكر تدوم النعم، قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].
قابل سبحانه وتعالى بين الشكر والكفر في هذه ا?ية الكريمة.
فالشكر، شكر نعمته بأن تأخذ النعمة من الحلال، وأن تستنفقها في الحلال، وأن يظهر أثرها عليك في حالك، وفي فعلك، وفي قولك، وفي معتقدك، والرابعة أن تحدث بنعمة الله: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [الضحى: 11].
فإن الله سائلك عن هذه النعم!.
أقسم رسولنا -صلى الله عليه وسلم- فقال: "والذي نفسي بيده لتسألن عن شربة الماء البارد في اليوم الصائف".
والسؤال الذي سيوجه إليك لو ألهمت جوابه ا?ن، فإن لم تعد له الجواب ا?ن ما استطعت ا?جابة في ذلك الزمان، وجوابك ا?ن: أن تأخذ النعم من الحلال، فلا تمدن عينيك و? يديك إلى ماحرم الله، فإن مد العين سبب لمد اليد، والله يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) [طـه: 131].
فإذا تطلع ا?نسان إلى ما بيد الناس ممن أنعم الله عليهم بنعم، ربما كانت لهم ابتلاء، ربما كانت لهم عذاب في الدنيا إذا تطلعت عيناه إليهم، وانشغل قلبه بالتمني لما في أيديهم عاش حزينا كئيبا بئيسا قلقا لما ليس له مثلما للناس؟ (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا).
أزواج، أصناف من الناس، ذكر الله قوما عندهم من أصناف الدنيا، فقال: (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) [التوبة: 55].
جعل الله ا?موال وا?و?د لهم فتنة، في الحياة الدنيا، ثم تزهق أرواحهم عند الموت، وهي عليهم وبال ونكال: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى * أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى) [النجم: 33 - 35].
أعطي الكثير فلم يكن فيها شاكرا، بل كان فيها كافرا، فانقلبت عليه وبا?، وذكر الله قصة قارون وما كان عليه من النعم العظيمة الهائلة: (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) [القصص: 76].
فماذا كانت الخاتمة؟
(فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ) [القصص: 81].
فلا تغرنك أحوال الناس، وما يتقلبون فيه من الثراء، وما هم فيه من ا?بهة، وما هم فيه من الخيلاء، إنما هي فتنة!.
اعلم أن الله -عز وجل- اختار لك ما يناسبك، ولو علم لك خيرا في أكثر من ذلك لزادك، قال الله -تعالى-: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) [الشورى: 27].
فالله -سبحانه وتعالى- هو خالقك، وهو محييك، وهو مميتك، وهو عالم ما أنت عليه، وعالم ما أنت صائر إليه، فاختار لك ما يناسبك: (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الزمر: 52].
(يَبْسُطُ) لمن ? يصلح له إ? البسط.
(وَيَقْدِرُ) أي يقلل لمن ? يصلح له إ? التقليل، وقد جاء في بعض ا?ثار: "إن من عبادي المؤمنين لمن ? يصلحه إ? الغنى ولو أفقرته ?فسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين من لايصلحه إ? الفقر ولو أغنيته ?فسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن ? يصلحه إ? الصحة ولو أسقمته ?فسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن ?يصلحه إ? السقم ولو أصححته ?فسده ذلك، وإني أدبر لعبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير".
فارض بما قسم الله، و? تمدن عينيك إلى ما متع الله به الناس، بل كن شاكرا: "من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا".
من منا ? يتمتع بهذا القدر؟ من منا ? يتمتع بهذا القدر؟
اللهم أوزعنا شكر نعمتك، اللهم اجعلنا شاكرين لنعمائك، اللهم اجعلنا راضين بما قسمت لنا، وارزقنا اليقين، اللهم ارزقنا اليقين، اللهم ارزقنا اليقين.
هكذا -عباد الله- يستشعر العبد نعمة الله عليه، فإذا وجد ذلك فليحرص على الركن الثاني: أن ? يجعل هذه النعم إ? فيما أحل الله، فإن صرف هذه النعم فيما حرم الله كفران لها، الله يقول: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31].
ويقول: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء: 27].
وأمر بالصدقة: (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) [الأنعام: 141].
(وَلاَ تُسْرِفُواْ) [الأعراف: 31].
حتى في الصدقة ? تسرف، حتى في الصدقة التي يحبها الله، ويتلقفها الله -تعالى- بيمينه يأمرك الله فيها بأن ? تسرف.
وإسرافك في الصدقة أن تتصدق بما ? تملك، أن تقترض لكي تتصدق فتحمل ذمتك ما ? تتحمل.
أن تنفق سرفا حتى تضيق على نفسك وأهلك، جاء رجل وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصدقة، فجاء رجل بذهبة في يده مثل البيضة، فقال: يا رسول الله إليكم هذه، والله ? أجد إ? هي، فأخذها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحذفه بها فلو أصابته ?وجعته، وقال: "يعمد أحدكم إلى ما ? يملك إ? هو خذها فأنفقها على أهلك".
? تسرف حتى في الصدقة، فكيف بغير ذلك من الرياء والسمعة، والسرف، والمخيلة.
خذ النعمة من الحلال، أنفقها في الحلال، ? تتجاوز بها حدود الله، من أن تكون النعم التي تتقلب فيها سببا لمعصية الله، احذر أن تكون سببا للعدوان على خلق الله.
أرأيتم ما متعنا الله -تعالى- به من هذه المراكب -السيارات- نعمة من أعظم نعم الله علينا قرب الله لنا بها المسافات، وزينا بها، وهيأ لنا بها ما نصبوا إليه في متع الدنيا تخرج من بيتك، وتصل إلى مبتغاك في وقت قياسي من السرعة، والهدوء، والطمأنينة والراحة، حتى في ا?جواء المكيفة، كم نعمة الله علينا بذلك.
اللهم اجعلنا شاكرين، اللهم اجعلنا شاكرين، اللهم اجعلنا شاكرين، اللهم اجعلنا شاكرين.
أرأيتم من يعطي هذه السيارات ?و?ده الذين لا يحسنون استعمالها، و? يشكرون الله فيها، ويتصرفون فيها تصرف المجانين، والشباب كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "شعبة من الجنون".
الشباب شعبة من الجنون، فإذا سلمت الشاب سيارة فارهة، وأنت تعلم أنه ? ينضبط بضوابط الشرع، ماذا تراه يفعل فيها؟ كم أزهقت من أرواح؟ كم أتلفت من أموال؟ كم أعتدي بها على ا?موال وا?عراض؟ كم أصبح الناس منها في حالة خوف ورعب بسبب تصرف أهل الهوج من سفهاء ا?حلام، وممن ? يربى التربية الصحيحة، ? تعطه حتى تتأكد أنه صالح ?ستخدامها، قادر على أن يجعلها في حلها، وأن ?يستخدمها فيما حرم الله، فكيف إذا اجتمع مع هذه النعمة، والرفاهية، والطيش يجتمع الشباب الذي هو شعبة من شعب الجنون، والجيب الملآن بالدراهم، التي ? يقصر معه همته عند المراد، فيتجاوزها إلى غير المراد، وصحبة السوء الذين يدفعونه إلى ما هو أسوأ ? إلى ماهو أحسن، ومع ذلك أيضا دوافع الهيجان مثل ا?ستعراضات، ومثل نشوة الخروج من الامتحانات، فيخرجون فمنهم من هو راض عن وضعه، فيخرج في بهجة وسرور وانشراح غير منضبط بضوابط الشرع، يمشي في ا?رض مرحا، يمشي في الأرض وللأرض منه وئيد، أو العكس كمن يخرج من قاعة الامتحان مهموما مغموما غضبانا، فيجعل غضبه في قيادته لسيارته، يهدد بها خلق الله، ويؤذي بها عباد الله، من المسؤول عن هذا كله إن لم يكن ا?ب ولي ا?مر فمن؟
عباد الله: نشاهد، ونسمع أمور محزنة، والله قد نبه لمثل ذلك في كتابه الكريم في قصة لقمان إذ وصى ولده بأعظم الوصايا حتى قال: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا) [لقمان: 18].
(وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ) أي بالكبرياء والغطرسة والخيلاء.
(وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا) مشية التبختر بالسرعة غير المطلوبة، أو بالتأخر، والتمهل الذي يضر بمن خلفك، ? تمش منقعرا كأنك تتيه تيها، كأنك قد بلغت الجبال طو?، كل هذا قد نهى الله عنه عز وجل، ومدح -عباد الله-، وقال: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) [الفرقان: 63].
(هَوْنًا) ليس معناه السير ببطء مميت، وليست العجلة التي تؤدي إلى فوات الخير والحصول على الشر.
فإن الله جعل خير الأمور في كل شيء القصد، الوسط بين ا?فراط والتفريط، ووضع الشيء في موضعه هي الحكمة، ووضع الشيء في غير موضعة منافاة للحكمة، فيسرع في مكان السرعة، يتأنى في مكان التأني، ويكون هينا لينا بشوشا يتعامل مع الناس بمثل ما يحب أن يتعامل معه به، هذا هو العدل في ديننا، وا?نصاف في شريعتنا لو تعاملنا بمثل هذا التعامل في قيادتنا لسياراتنا تلافينا كثير مما هو حاصل، فكيف أيضا إذا جمع مع هذه ا?مور ما يتسلط به أعداء الدين، وأعداء البلاد على شباب المسلمين من ترويج المخدرات بحجج المساعدة على السهر للمذاكرة، فيخرج، وقد خسف بعقله، من تعاطيه لهذه الموبقات، وتحت رجله سيارة تطير مع الهواء، وعافية تملأ الأبدان، وصحبة سوء، ثم ماذا يحصل بعدذلك الضحية من ? ذنب له؟
الضحية أموال، الضحية قلوب، الضحية هدوء، الضحية ا?من كله، والاستقرار كله.
أ? فلنتق الله -عباد الله- فإن ا?مر يحتاج إلى مراقبة ومتابعة، و? تكن كالذي قال عنهم الله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) [سبأ: 15].
فماذا بعد ذلك؟
كفروا بأنعم الله!.
(فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ) [سبأ: 16 - 17].
وفي ا?ية ا?خرى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) [النحل: 112].
ما قال: كفرت بالله! كفرت بالنعمة!.
كفران النعمة، هو مقابل شكرها، فإذا لم تشكر النعمة وقعت في كفرها.
أ? -فيا عباد الله-: إياكم وكفران النعم.
وأين النعم؟
النعم ? تحصى، في سمعك، في بصرك، في مد يدك، في مد رجلك، في تنفسك للهواء: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النحل: 18].
وا?خرى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34].
هذه لها معنى، وهذه لها معنى، تبين ما حال الناس فيه تجاه نعم الله -عز وجل-.
أ? فاشكروا نعم الله -عباد الله-، واستوثقوا ?نفسكم بما يحفظ لكم نعمة الله، فإن فعائل الله بمن حولنا شاهدة بما هي المصائر لمن كفر بالنعم.
اللهم اجعلنا شاكرين، اللهم اجعلنا شاكرين، اللهم احفظ علينا نعمك يا رب العالمين، وأتممها علينا، وارزقنا شكرها على الوجه الذي يرضيك عنا يا رب العالمين.
استغفر الله لي ولكم ...
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، اللهم لك الحمد كله، ولك الفضل كله، ولك ا?مر كله، وإليك يرجع الناس يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار.
أشهد أن ? إله إ? الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
عباد الله: علاوة على ما ذكر ما ذا يتسبب فيه ذلك المستهتر، المستخف بحدود الله، وبحرمات الله، وبدماء المسلمين عندما يتهور بسيارته، وربما بسيارة أبيه، أو جده أو أخيه، لم يبذل فيها قرشا، يتيه بها في ا?رض مرحا، يطاول الجبال، وللأرض منه وئيد؟ ماذا يترتب على هذه الحوادث، التي نسمعها في كل يوم -تصرم أرواح الشباب- عندما تتصرم ا?رواح تنقطع ا?عمال.
تنقطع ا?عمال، وانقطاع العمل خسارة عظمى.
إن من نعمة الله عليك: أن يمد في عمرك، وأن تبقى في الدنيا أكبر قدر ممكن، لو كانت ا?رواح بيد الخلق لما طلبوا الموت قط: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) [الجمعة: 8].
ولكن من سنن الله -عز وجل-: أن أهل البغي: قصار ا?جال.
والبغي ما هو؟
ظلم النفس، وظلم الناس.
إن أهل البغي: قصار ا?جال، في الحديث الصحيح: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخره له في ا?خرة من البغي، وقطيعة الرحم".
والباغي، هو الظالم الذي يستخف بحقوق الناس، بحقوق غيره.
هذا الظالم يقصف عمره سريعا، تعجل له العقوبة، فكم من إنسان ذهب عمره فجأة، منع من صلاة كان يصليها، من صوم كان يصومه، من طاعة كان سيؤديها، من خير كان سيسابق به.
وعمرك في الحياة ولو ليوم زيادة أفضل وأفضل، روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان رجلان من -بلى- حي من قضاعة أسلما مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستشهد أحدهما، وأخر ا?خر سنة، قال طلحة بن عبيد الله: فرأيت المؤخر منهما أدخل الجنة قبل الشهيد، فتعجبت لذلك، فأصبحت فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، أو ذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أليس قد صام بعده رمضان وصلى ستة آ?ف ركعة وكذا وكذا ركعة صلاة سنة".
مع أن ذاك مات شهيدا، لكن هذا مد الله في عمره، حتى صام رمضان، وصلى ما كتب الله له من الصلوات، وفعل ما فعل من الطاعات، فكان فوق الشهيد بمسافة مثلما بين السماء وا?رض.
? تكن جوادا بروحك، ليتعجب الشباب من كثرة مناوراتك في الطريق، وحسن تفحيطك، فتخسر روحك، وتذهب سدى.
يا للخسارة! يا للمصيبة! وكم خسارة أهله من بعده حزنا عليه تتقطع القلوب من ا?ب، وا?م، وا?خوة، وا?حباب، خسارة ثانية عظيمة!.
الثالثة: كم خسارة من كنت سببا في هلاكهم وهلاك أبنائهم عندما يحاسبونك عند الله -عز وجل- إن سلمت وهلك غيرك؟ كم مصيبتك عندما قطعت عمر إنسان كان سيعيش لو أراد الله فيعمل صالحا، ثم ما يجب على قاتل النفس من الواجبات:
1- الدية إن لم يعفو.
والدية كم؟
2- كفارة القتل الخطأ، أو شبه العمد، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين متواليين، ? يفصل بينهما بفطر يوم، فإن لم يستطع، فلا غير ذلك، ليس فيها إطعام.
كفارة القتل ليس فيها إطعام، إنما العتق، أو الصيام.
وتتعدد الكفارات بتعدد المقتولين، فمن تسبب في هلاك واحد فكفارة، في هلاك اثنين فكفارتين، في هلاك ثلاثة، فثلاث كفارات.
نسأل الله لنا ولكم وللمسلمين العافية.
ثم إذا شاركت في القتل ولو بنسبة واحد في المئة "1%" وجب عليك ما يقابلها من الدية وعليك كفارة كاملة.
من شارك وقدرت نسبة مشاركته في موت أحد بواحد في المئة "1%" فعليه واحد من المئة "1%" من الدية.
لكن عليه كفارة كاملة عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.
وكم نسمع -عباد الله- كل يوم من الضحايا.
3- أمر ثالث: إذا كان المقتول من قرابتك، فإنك تحرم من الميراث ? يرث القاتل شيئا، من مات أبوه معه في حادث سيارة فلا يرث مع الورثة، من قتل ولده في حادث سيارة فلا يرث منه مع الورثة، كل هذه يجب أن تكون نصب ا?عين، ولكن قبل ذلك وبعد ذلك هل أدينا شكر الله في نعمته؟
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، اللهم يا حليم يا عليم، يا علي يا عظيم، يا حي يا قيوم، اجعلنا ممن إذا سمع القول اتبع أحسنه، اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين و? مضلين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي