اغتنام شهر رمضان

خالد بن علي المشيقح
عناصر الخطبة
  1. رمضان موسم لتكفير السيئات .
  2. خسارة من لم يغفر له في رمضان .
  3. رمضان شهر التوبة ومحاسبة النفس .
  4. رمضان فرصة للتدرب على الصبر .
  5. التحذير من تضييع رمضان .

اقتباس

رمضان شهر التوبة والمغفرة، ففي حديث أبي هريرة المخرج في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".

الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين. (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الزمر:42].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بقدرته يتعاقب الجديدان، وتتكرر المواسم، وتطوى الأيام والليالي.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أزكى البشرية، وأسبقها إلى الخيرات، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.

عباد الله: شهر الصيام موسم للبر والتقوى، قال الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183].

رمضان موسم لتكفير السيئات، يجد المرء فيه من العون ما لا يجده في الأشهر الأخرى، فرص الطاعات تتوفر، وأبواب الجنة تفتح، ودواعي الشر تضيق، وأبواب النار تغلق، به تنشرح صدور المؤمنين، به تصفد مردة الشياطين فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره من الشهور، هذه وتلك تعين المرء على تكفير سيئاته، وتدفعه إلى عمل الصالحات: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود:114].

محرومٌ مَن أدركه رمضان فلم يغفر له! أي خسارة أعظم من أن يدخل المرء فيمن عناهم المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بحديثه على منبره في مساءلة بينه وبين جبريل -عليه السلام-: "يا محمد، من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل: آمين! فقلت: آمين".

رمضان شهر التوبة والمغفرة، ففي حديث أبي هريرة المخرج في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) [التحريم:8]، إن التوبة في رمضان أحرى وأولى؛ فهو الشهر الذي تسكب فيه العبرات، وتقال فيه العثرات، ويحصل به العتق من النار، ومن منا لا يتلبس بخطأ هو أدرى به من غيره؟ ومن منا ما لا يصر على معصيته كبرت أم صغرت؟ أوليس حريا بنا أن نتخفف من الأوزار وأن نقلع عن المعاصي والموبقات؟.

إن رمضان موسم لمحاسبة النفس، فينبغي أن يكون رمضان مذكراً لنا لما اقترفنا طيلة العام، فما وجدنا من خير حمدنا الله وازددنا، وما وجدنا فيه من سوء تبنا إلى الله واستغفرنا وتصدقنا وأكثرنا من عمل الصالحات حتى تعفو عن السيئات، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن، إذا اجتُنِبت الكبائر".

الصوم يربي النفس على الصبر وتحمُّل المشاق، وإذا كان الصائم يصبر نفسه عما أحل الله له من الطعام والشراب والمنكح، فلا شك أن صبره عما حرم الله عليه من باب أولى.

وهكذا، يخرج المسلم من شهر الصيام وقد تدرب على الصبر، وانتهى في حسبانه أي شيء كان يظنه مستحيلاً.

أوليس المدمن على التدخين مثلاً كان لا يطيق الصبر عنه بضع سويعات، فإذا به في شهر الصيام يصبر عنه الساعات؟ أوليس في ذلك فرصة للإقلاع منه والخلاص من أسره بدءا من شهر الصيام؟.

وهكذا، فكل من افتتن بشيء محرم، وصبر نفسه عنه في شهر الصيام، فجدير به أن يقلع عنه ويتوب إلى مولاه فيكون من المستفيدين حقاً من حكم الصيام، قال الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183].

لنحذر من تضييع لحظات هذا الشهر المبارك وبركاته في النوم الذي يؤدي إلى تضييع الصلاة؛ فإن هذا لم يصم رمضان.

لنحذر من تضييع لحظات هذا الشهر المبارك في العكوف أمام القنوات الهابطة؛ فإن هذا لم يعرف حقيقة هذا الشهر المبارك.

اللهم أعنا على صيام شهر رمضان وقيامه يا ذا الجلال والإكرام.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي