يهتم بعض الناس مؤخراً بالأمور الغيبية، فيتابعون الأبراج، ويلاحقون المنجّمين وقرّاء الفناجيل، ومدّعي الغيب والتوقعات حتى أصبحت لهم برامجُ مسموعةً ومشاهدةً تطرح فعلهم، لاسيما آخر السنة الميلادية، وتحظى بمتابعة ولها تأثير وتشاؤم وتفاؤل على البعض وهذا من ضعف توكله على الله.. والأشنع من يؤمن بالخرافة والكهانة، ويلجأون عياذاً بالله للسحرة وآيات الله تُتلى عليهم بكرةً وعشياً.. وهناك الرؤى والأحلام لها كبير اهتمام فكم أقضّت الرؤيا عظيمًا من مضجعه، وكم بشَّرت الرؤيا أفرادًا بمستقبلهم، وكم شغلت شعباً كبيراً برمّته...
الحمد لله شمل الأنام بواسع رحمته، وصرف العالم ببالغ حكمته، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته، وأن محمداً عبده ورسوله أصدق الناس في عدالته، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد.. فاتقوا الله معاشر المسلمين.
يهتم بعض الناس مؤخراً بالأمور الغيبية، فيتابعون الأبراج، ويلاحقون المنجّمين وقرّاء الفناجيل، ومدّعي الغيب والتوقعات حتى أصبحت لهم برامجُ مسموعةً ومشاهدةً تطرح فعلهم، لاسيما آخر السنة الميلادية، وتحظى بمتابعة ولها تأثير وتشاؤم وتفاؤل على البعض وهذا من ضعف توكله على الله الذي يقول: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) [الجن: 26- 27].
والأشنع من يؤمن بالخرافة والكهانة، ويلجأون عياذاً بالله للسحرة وآيات الله تُتلى عليهم بكرةً وعشياً (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) [النمل: 65]، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "خمس لا يعلمهن إلا الله.. (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا في الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بأي أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 34]" (رواه الترمذي).
فما عدا ذلك مجرّدُ تكهُّناتٍ أو أساطير وأوهام، وهناك الرؤى والأحلام لها كبير اهتمام فكم أقضّت الرؤيا عظيمًا من مضجعه، وكم بشَّرت الرؤيا أفرادًا بمستقبلهم، وكم شغلت شعباً كبيراً برمّته، ورؤيا يوسف عليه السلام واضحة، ورؤيا ملك مصر ليست بخافية.
الرؤى في المنام -عباد الله- لها أهميتُها الكبرى في واقع الناس قبل الإسلام وبعده، وإن أنكرها بعض الفلاسفة وضُلّال علم النفس.. واعتبروها مجرد خلجات نفسية تعترض النائم..أما الكتاب والسنة فقد بينت أن الرؤيا المنامية الصالحة حق من عند الله، فمنها المبشِّرة ومنها المنذرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات"، قيل.. وما المبشرات؟ قال.. "الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له" (رواه البخاري).
وهذه الرؤيا عباد الله هي التي قال عنها -صلى الله عليه وسلم-: "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا، ورؤيا المؤمن جزءٌ من ستة وأربعين جزءاً من النبوة" (متفق عليه).
ولكن ضعف الإيمان وضعف التعلّق بالله جعل بعض النفوس مؤخراً يتعلّق بالرؤى والمنامات تعلُّقًا خالفوا فيه من تقدَّمهم من السلف، ثم توسَّعوا فيها، وبالحديث عنها والاعتماد عليها، وأصبحت شغلَهم الشاغل بالمجالس والمنتديات! وقنوات تُفرد لها البرامج المغرية، حتى أصبح في كل مدينة وقرية معبّرون للرؤى في ظاهرة غير معروفة تاريخياً فكثر السؤال عن الرؤى أكثر من اللازم، وكأننا أمة لا تحسن إلا أن تنام وتعيش بالأحلام، وأصبح كلٌ يُعبّر الرؤى وليس له معرفة أو يمارس ذلك خطأً.
والبعض لا يعرف التعامل معها، وأن هناك هدياً نبوياً لها، ينبغي أن لا يتجاوزه المرء فيطغى، ولا يتجاهله فيعيى لأنه -صلى الله عليه وسلم- تركنا على المحجة البيضاء فأغنانا في الحديث عنها عن إتعاب النفس في معرفة تأويلها، فكيف بالتعلّق بها والاعتماد عليها، فتجد بعضهم يرى الرؤيا فتضطربَ لها حواسُّه وترتعدُ منها فرائصُه، وتُحبس أنفاسه، ثم يسعى باحثاً عن معبّر لها لا يعرف حالَه، ليُظهَر له أشرٌّ هي أم خير ولو التزمنا الهديَ النبوي مع الرؤى لما رأينا جلبةً ولا تعلقاً استثمرته بعض الفضائيات وشركات الاتصالات كوسيلة كسبٍ واستقطاب لمشاهديها.. روى مسلم أن أبا سلمة قال: كنت أرى الرؤيا أخاف منها وأمرض حتى لقيتُ أبا قتادة فذكرت ذلك له فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول.. "الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلماً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاثاً وليتعوّذ بالله من شرها، فإنها لن تضرّه".
وفي رواية عند مسلم أيضاً قال أبو سلمة: "إن كنت لأرى الرؤيا أثقل عليَّ من جبل، فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث، فما أباليها" .. فما كل ما يراه النائم يُعد من الرؤى التي لها معنى تفسَّر به؛ فهي ثلاثة أنواع، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "الرؤيا ثلاث.. منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة" (رواه ابن ماجه).
قال البغوي -رحمه الله-: "فيه بيان أنه ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحاً ويجوز تعبيره، إنما الصحيح منها ما كان من الله -عز وجل-، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها".. ومثال هذه الأضغاث أن أعرابياً جاء للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، رأيت في المنام كأن رأسي ضُرب فتدحرج فاشتددتُ على أثره!! فقال -صلى الله عليه وسلم- للأعرابي.. "لا تُحدّث الناس بتلعُّب الشيطان بك في منامك" (رواه مسلم).
والأصل في الرؤيا أن لا تُذكر لأحدٍ أصلاً، وإنما يذكر الله ويتحوّل من جنبه الذي كان عليه. وزاد بعض أهل العلم قراءةَ آية الكرسي لما صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أن من قرأها لا يقربهُ شيطان، وهذا النوع من الرؤى من الشيطان، والنوع الثاني من الرؤى ما يحدِّث به المرء نفسَه في يقظته، كمن يكون مشغولاً بسفر أو تجارة وغيره، فينام فيرى في منامه ما كان يفكّر فيه في يقظته، وهذا من أضغاث الأحلام التي لا تعبير لها.
وهناك الرؤيا الصادقة الصالحة التي تكون من الله، وهي بشارة أو نذارة، وقد تكون واضحة ظاهرة لا تحتاج إلى تأويل كما رأى إبراهيم -عليه السلام- أنه يذبح ابنَه في المنام، وقد تكون خافيةً برموز تحتاج فيها إلى عابر يعبُرها كرؤيا صاحبي السجن مع يوسف -عليه السلام-.
وهذا النوع هو الذي نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يُقصّ إلا على عالم أو ناصح، فقال صلوات الله وسلامه عليه: "لا تُقصّ الرؤيا إلا على عالم أو ناصح" (رواه الترمذي).
وما عدا ذلك من الرؤى التي تتعلق بإثبات شيء من أحكام الشريعة في حلال أو حرام أو فعل عبادة أو تحديد ليلة القدر مثلاً وهي التي أرِيَها النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم أُنسيَها أو الرؤى التي ينبني عليها آثار متعدية تتعلق بحقوق الناس وحرماتهم وإساءة الظنون بهم من خلالها كالعين والسحر أو الحكم على عدالتهم ونواياهم من خلالها فإن ذلك كلَّه من أضغاث الأحلام ومن الظنون التي لا يجوز الاعتماد عليها.
ذكر الشاطبي -رحمه الله- في الاعتصام أن الخليفة المهدي أراد قتل شُريك بن عبد الله القاضي، فقال له شريك: ولِمَ ذلك -يا أمير المؤمنين- ودمي حرام عليك؟! قال: لأني رأيت في المنام كأني مقبِل عليك أكلمُك وأنت تكلمني من قفاك، فأرسلت إلى من يعبِّر فسألته عنها، فقال: هذا رجل يطأ بساطَك وهو يُسِرُّ خلافَك. فقال شريك: يا أمير المؤمنين، إن رؤياك ليست رؤيا يوسف بن يعقوب، وإن دماء المسلمين لا تُسفَك بالأحلام، فنكَّس المهدي رأسه وتراجع.
ونقل الذهبي -رحمه الله- عن المرْوَزي قال: "أدخلتُ إبراهيمَ الحصري على أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وكان رجلاً صالحاً، فقال: إن أمي رأت لك مناماً أنك في الجنة. فقال: يا أخي، إن سهل بن سلامة كان الناس يخبرونه بمثل هذا، وخرج إلى سفك الدماء، وقال: "الرؤيا تسرُّ المؤمن ولا تغرُّه".
عباد الله.. من الخطأ في هذا الزمان اشتغالُ الناس بالرؤى وتقديسها وصرف الأوقات في تذاكرها، والسؤال عنها وإقامة المجالس الطويلة والاتصالات العظيمة في تعبير الرؤى لا سيما النساء.
ومن الأخطاء في الرؤى خطورة الكذب فيها فذلك إثم عظيم.. قال -صلى الله عليه وسلم-: "من تحلّم بحلم لم يره كُلِّف –أي يوم القيامة – أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل"، وهو كذب على الله. ألا فاتقوا الله والتزموا عباد الله بسنة رسول الله واقتدوا بها في الصحو والمنام .
ومن باب الإنصاف والمصارحة والنصح أن لا نلقي باللائمة كلها في موضوع الرؤى والإفراط فيها على الناس فحسب، بل لا بد من تنبيه المعبّرين أنفسهم الذين يعبُرون الرؤى، إذ عليهم مسؤوليةٌ عظمى تجاه الرائين. فلا بد للعابر أن يكون عالِماً بها ويدرك المصالح والمفاسد في هذا الميدان، وأن لا ينصِّب نفسه للفتيا في الرؤى ويتطلَّع إليها، لا سيما عبر الشاشات وفي المجامع الكبيرة والهاتف. فتعبير الرؤى قرين الفتيا وقد قال الملك.. (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) [يوسف: 43].
يقول ابن القيم -رحمه الله-: "المفتي والمعبِّر والطبيب يطَّلعون من أسرار الناس وعوراتهم على ما لا يطلع عليه غيرهم، فعليهم استعمال الستر فيما لا يحسن إظهاره"..
ثم إن على العابرين أن لا يتسرّعوا في التعبير، وأن لا يجزموا بما يُعبِّرون، أو يشخِّصوا مرضاً أو يوهموا بالعين والسحر وأن يعلموا خطورةَ هذا الجانب وتعلَّقَ السائلين والسائلات بهم وما يتبعه إليه من الافتتان والإعجاب بالنفس وتعظيم شأنه فوق شأن المفتين وأهل العلم، سئل الإمام مالك: أيعبُر الرؤيا كلُّ أحد؟ فقال: "أبالنبوة يُلعب؟!"
وكان ابن سيرين يُسأل عن مائة رؤيا فلا يجيب فيها بشيء، إلا أنه يقول.. اتق الله وأحسن في اليقظة فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم، وكان يجيب في خلال ذلك ويقول.. إنما أجيب بالظن، والظن يخطئ ويصيب.
فإذا كان هذا هو قول إمام المعبّرين، فما الظن بمن جاء بعده، إننا لنسمع بالمعبِّر يُسأل عن ألف رؤيا في الهاتف والقنوات ولا تسمعه مرةً يقول: لا أدري، أو هذه أضغاث أحلام، أو ذلك حديث نفس، إلا من رحم ربك.. أو تجد من المعبِّرين من يحادث النساء في كل وقت وهذه فتنة كما أن على المُعبّرين أن يدركوا خطورةَ تعبير الرؤى من خلال الشاشات التي يراها ملايين الناس، وبالمجامع الممتلئة بالحشود، فلا يستطيع أحد أن يجزم بصحة ما يقول العابر من عدمه، إلا من رأى ذلك في واقعه، وهذا شبه متعسِّر بالشاشات.
إضافة إلى تعذّر معرفة حال الرائي عبر الشاشات والمجامع من حيث الاستقامة من عدمها، وهذا له صلة وثيقة بتعبير الرؤيا، فابن سيرين سأله رجلان كل منهما رأى أنه يؤذِّن، فعبرها للصالح منهما بالحج لقوله تعالى: (وَأَذّن فِي النَّاسِ بِالْحَجّ) [الحج: 27]، وعبرها للآخر بأنه يسرق لقوله تعالى: (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) [يوسف: 70].
وتعبير الرؤى بشكلٍ عام تجعل المستمع الجاهل لأول وهلة يقول: هذا تكهّن أو تخمين أو عرافة، وقد أمرنا بمخاطبة الناس على قدر عقولهم، وفي البخاري عن علي -رضي الله عنه-: "حدّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّبَ اللهُ ورسوله؟!".
وروى مسلم عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "ما أنت مُحدثٌ قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"، فالرؤيا كالفتوى، والسلف الصالح كانوا يتدافعون الفتوى ما استطاعوا، ناهيكم عن المشاكل من خلال ما يشاهد ويسمع من تعبير رؤيا لفتاة مثلاً بأنها ستفشل في نكاحها أو لامرأة تعبَّر لها بأن زوجها تزوج عليها سرًّا بامرأة أخرى فالأولى تترقّب الفشل والزوجة تنشغل بالشك بزوجها فما بالكم بمن تسمع تفسير الرؤيا فتقيسه على نفسها دون الرجوع للمعبّر!!
وأما ما يحتج به بعض الناس من أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان كثيراً ما يسأل أصحابه بعد الفجر فيقول: "من رأى منكم رؤيا؟"، فالجواب أن هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتعبيره حق لا يشوبه شائبة، وتعبيره كان بحضور كالصحابة -رضي الله عنهم-، ولم يثبت عن أحد من الصحابة كالخلفاء الأربعة ولا من بعدهم من التابعين أنه كان يفعل مثله عليه الصلاة والسلام خاصة أبو بكر -رضي الله عنه-، الذي شهد له -صلى الله عليه وسلم- بأنه معبِّر للرؤى ولم يؤثر عنه أنه جلس للتعبير..
ألا فاتقوا الله معاشر المسلمين، وتوكلوا على ربكم يكفكم همومكم، اللهم أرنا في منامنا ما يسرنا وفي يقظتنا ما ينفعنا وزدنا بطاعتك قرباً إليك وعملاً يرضيك عنا.. أقول ما تسمعون ...
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد..
رويت الأرضُ برحمةِ الله وفضله، وكانت النفوس مشتاقة للأمطار وطامعة في فضل الكريم المرتجى الغفّار فأنشأَ الله من غيثهِ سحاباً وفتحَ من رحمتهِ أبواباً فعمَّ بغيثهِ سهلَ الأرض وحَزْنَهَا وكشَفَ به الكرُبات ورفعَ من القلوبِ خوفهَا فأصبحتُم برزقِه مستبشرين، وبخيرهِ وموائد برِّه فرحين، ولمستقبل وقتِكم راجين ولآثارِ رحمته من حياةِ البلاد والعباد مؤمِّلِين (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الروم: 48- 50].
والله يا عباد الله.. لولا الله ما سقينا ولا تنعَّمْنا بما أُوتينا.. لقد فَرِحَ بهذه النعمةِ الصغارُ والكبارُ، والصالحونَ والمقصِّرُون.. استبشاراً برحمة ربهم رغم ما صاحبها من غرق في بعض المدن التي كثر فيها السيل وأُهملت بها الوديان التي تجري شعابها عبر تاريخها فتضرّر الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله فنسأل الله أن يلطف بالعباد ويأجر العاملين على تصريف السيول وإنقاذ الناس على ما يبذلون ويخلصون في عملهم..
كما أننا ننبه عباد الله بعد هذه الأمطار من يذهبون إلى مجاري الوديان والمخاطرة بذلك أنهم يأثمون بذلك فهو من إلقاء النفس للتهلكة واستهتارهمُ مشغلٌ للجهات الإسعافية.. وكذلك يأثم أولئك الشباب الذين نراهم بعد كل مطر يفسدون في الأرض بسياراتهم وتفحيطهم والسير بسرعة فيها.. هداهم الله..
أسأل الله تعالى أن يجعل ما أنزله علينا متاعًا وبلاغًا إلى حين ويجعله صيبا نافعا غير ضار، وأن يجعله سقيا رحمة لا سقيا عذاب وهدم وغرق إنه جواد كريم..
اللهم كما سقيتنا فأغث قلوبنا بالإيمان وارزقنا الأمن في الأوطان وأغث إخواننا المسلمين في كل مكان بالأمن والاستقرار عبر الزمان يا رب العالمين اللهم صل وسلم...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي