لو نظرنا بشكل عام فإننا نجد حال المجتمع بشكل عام - إلا من رحم ربي عز وجل- سيء السيرة, وفاسد السريرة,.. سوء السيرة: قتل, تكبُّر, إسراف, قطيعة رحم, خمر, زنا, لواط, أكل أموال الناس بالباطل, أكل أموال اليتامى, ربا, غش, خيانة, سفور, تبرج سوء أخلاق... فساد السريرة: نفاق, حقد, حسد, بغضاء... إلا من رَحِمَ الله, فهل نحن مؤمنون حقاً؟ يجب علينا أن نعيد النظر في صلاح سيرتنا وصفاء سريرتنا, ولا يكون هذا إلا بالعودة إلى كتاب ربنا -عز وجل-, لنقرأ ونتدبر بعض الآيات من أجل صلاح سيرتنا وسريرتنا.
الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيا أيها الإخوة الكرام, مما لا شك فيه بأن الإنسان المسلم يطمع بدخول الجنة, يطمع بنعيم مقيم, يطمع بالمعية مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين, يطمع أن يكون ممن قال فيهم مولانا -عز وجل-: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز) [آل عمران : 185].
يطمع في أن يكون ممن قال فيهم مولانا: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة) [القيامة: 22- 23]، يطمع في أن يكون ممن يسمع السلام من حضرة السلام: (سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيم) [يس: 58].
يطمع أن يكون ممن يجتمع مع أصوله وفروعه وزوجه في الجنة, والملائكة تدخل عليه من كل باب, وأن يكون من أهل هذه الآية: (أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّار * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار) [الرعد: 22- 24].
ما ثمن ذلك؟
لا شك كل واحد فينا يطمع في ذلك, ولكن ما ثمن هذه السلعة الغالية "أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ" (رواه الترمذي).
ثمن ذلك أمران أو صفتان:
الأمر الأول أو الصفة الأولى: صلاح السيرة.
والأمر الثاني أو الصفة الثانية: صفاء السريرة.
صلاح السيرة وصفاء السريرة هما صفة الصفوة من البشر الذين اختارهم الله –تعالى- لصحبة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-, قال تعالى: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُون) [الحشر: 8]، صلاح سيرةٍ وصفاء سريرةٍ.
أما الذين جاؤوا من بعدهم فما هو حالهم؟ حالهم كما وصفه ربنا جل جلاله في القرآن العظيم: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ). صلاح سيرة (وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم) [الحشر: 10]. صفاء سريرة.
ما هي نتيجة المهاجرين والأنصار والذين من بعدهم, الذين صَلُحَت سيرتهم وصَفَت سريرتهم؟ نتيجتهم كما قال مولانا -عز وجل-: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم) [التوبة: 100].
فما هو حال مجتمعنا اليوم؟ لو نظرنا بشكل عام فإننا نجد حال المجتمع بشكل عام - إلا من رحم ربي عز وجل- سيء السيرة, وفاسد السريرة, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
سوء السيرة: قتل, تكبُّر, إسراف, قطيعة رحم, خمر, زنا, لواط, أكل أموال الناس بالباطل, أكل أموال اليتامى, ربا, غش, خيانة, سفور, تبرج سوء أخلاق...
فساد السريرة: نفاق, حقد, حسد, بغضاء... إلا من رَحِمَ الله وعافاه من فساد السريرة وسوء السيرة, فهل نحن مؤمنون حقاً؟
يجب علينا -أيها الإخوة- أن نعيد النظر في صلاح سيرتنا وصفاء سريرتنا, ولا يكون هذا إلا بالعودة إلى كتاب ربنا -عز وجل-, لنقرأ ونتدبر بعض الآيات من أجل صلاح سيرتنا وسريرتنا.
يقول تعالى ناهياً لنا عن فساد السيرة والسريرة: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ). ويقول تعالى أيضاً: (وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ) [الأنعام: 120]، ما ظهر يعني: فساد السيرة, وما بطن يعني: فساد السريرة.
نهانا عن ذلك لأن العاقبة وخيمة, ألا وهي: صَبُّ العذاب, قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَاد * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَد * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَاد * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَاد * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاَد) ـ فساد سريرة ـ (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَاد) فساد سيرة, النتيجة قال تعالى: (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَاب) [الفجر: 6- 13].
نهانا مولانا عن فساد السيرة والسريرة, ووصف لنا عباده عباد الرحمن, بصلاح سيرتهم وصفاء سريرتهم, ثم دعوة من الله -تبارك وتعالى- لنا لصلاح سيرتنا وصفاء سريرتنا.
قال تعالى:(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا) صلاح سيرة.
(وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا) صلاح سيرة.
(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) صفاء سريرة.
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) صفاء سريرة.
(وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) صلاح سيرة.
(وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) صفاء سريرة.
(وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ) صلاح سيرة.
(وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) صلاح سيرة.
(وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) صلاح سيرة.
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) صلاح سيرة وصفاء سريرة.
ما هي نتيجة من صلحت سيرته وصفت سريرته؟
قال تعالى: (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَمًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) [الفرقان: الآيات من 63- 76].
فحتى ننال ما نال عباد الرحمن, لا بد من الصبر على صلاح السيرة وصفاء السريرة.
لذلك كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الأَخْلاقِ" (رواه أبو داود)؛ لأن الشقاق يؤدي إلى فساد السيرة, والنفاق إلى فساد السريرة, وسوء الأخلاق يؤدي إلى فساد السريرة والسيرة.
اللهم أصلح لنا سرائرنا واجعلها خيراً من علانيتنا, واجعل علانيتنا صالحة يا أرحم الراحمين.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فيا فوز المستغفرين. استغفروا الله.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي