الخيانة

عناصر الخطبة

  1. ذمُّ الخيانة
  2. تحذير الإسلام منها
  3. آثارها
  4. من صورها التي ظهرت في المجتمع
  5. وجوب مناصحة وتخويف الخائنين
اقتباس

الخيانة من الأخلاق المذمومة التي تنكرها الفطرة، وتمجها الطبيعة السوية، ولا تقبلها حتى الحيوانات، وهي محرمة في شريعة الله؛ لذلك يقول الحق -تبارك وتعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال:27]، وقال -تعالى-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ [الأنفال:58]…

الخطبة الأولى:

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له…

أما بعد: فاتقوا الله -تعالى- حق التقوى.

معاشر المؤمنين: الخيانة من الأخلاق المذمومة التي تنكرها الفطرة، وتمجها الطبيعة السوية، ولا تقبلها حتى الحيوانات، وهي محرمة في شريعة الله؛ لذلك يقول الحق -تبارك وتعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال:27]، وقال -تعالى-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ [الأنفال:58]…

وقرن الله -جل وعلا- بين الخيانة والكفر في قوله -جل وعلا-: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ [الحج:38].

وعدَّها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صفات المنافقين، قال -صلى الله عليه وسلم-: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ".

والخائنون هم أشد الناس فضيحةً يوم القيامة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ، يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنٍ".

فإذا استطاع الخائن في هذه الدنيا أن يندسّ عن أعين الناسَ، ويُرتّب أموره خشية الفضيحة أمام العباد؛ فأين يذهب من الله يوم القيامة؟!.

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ بالله من الخيانة، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ".

وقد حذر الإسلام من الخيانة حتى مع الكفار والخونة، قال -تعالى-: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ [الأنفال:58]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ".

وقد جاء عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أهدر دمه، فجاء به حتى أوقفه على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، بايِع عبد الله، فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثًا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث.

ثم أقبل على أصحابه فقال: "أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلهُ؟"، فَقَالُوا: مَا نَدْرِى يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلاَ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَال: "إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ".

إن المصطفى -عليه الصلاة والسلام- لم يرضَ أن يتَّخذ الخيانة وسيلةً حتى في حقِّ كافر محارب لله ورسوله؛ فكيف عندما تكون الخيانة للمجتمع المسلم، أو في تضييع حقوق المسلمين؟!.

أيها المسلمون: ما أُسقطت الخلافةُ الإسلامية إلاَّ بالخيانة، ولا تمزَّقت أوطان المسلمين وأقاليمهم إلاَّ بالخيانة، ولا تمكن أعداؤنا بنفوذهم علينا إلاَّ بوجود خونةٍ يساعدونهم ويدلونهم على عوراتِ المسلمين، وغالباً هم إما من المنافقين الذين يكيدون للإسلام، أو من عبدَةِ الدرهم والدينار الذين لا يهمهم إلا مصالحهم.

لما عجز الغرب من هزيمة أفكارنا وعقيدتنا عندما هزمنا عسكريا؛ بدأ يغزونا فكريًا، فاستعان بخونةٍ من أبناء جلدتنا تكفّلوا بالمهمة ومهدوا لهم السبيل…

فبسلاح الغدر والخيانة تجرعت الأمة المرارات، وفقدت أعظمَ قادتها وخلفائها ممن أعجَزَ الأعداءَ على مر التاريخ، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ".

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الأمانة والرحم تقومان على جنبتي الصراط، فقال: "وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَتَقُومَانِ جَنَبَتَىِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالاً"، وقال: "وَفِي حَافَتَي الصِّرَاطِ كَلاَلِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ". وَالَّذِى نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ! إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفًا!.

فالأمانة تقف على الصراط، فتُكَبْكِب في نار جهنم كلَّ من خانها، والرحم تُزِلّ قَدَمَ من قطعها وظلمها.

فيا من في أعناقكم أمانات، وكلنا كذلك، وكلٌّ بحسبه، أدِّ الأمانة، واحذر الخيانة قبل أن تَزِلَّ قدمٌ بعد ثبوتها، في موطنٍ تكونُ الزلَّةُ في قعر جهنم والعياذ بالله!.

عباد الله: إن ظهورَ الخيانةِ في المجتمع من علامات السوء والفساد، ومما يؤسِفُ أن الخيانةَ بدأنا نراها وأخذت تنتشرُ في كثيرٍ من الميادين، تَقِلُّ في ميدانٍ وتكثرُ في آخر، فمن خيانةٍ لله ورسوله، إلى خيانةٍ للدين، وخيانةٍ للأُمَّةِ وللمؤمنين، فهذا يخُونُ شَرِيكَهُ، وهذا يخون والِدَهُ، وتلك تخُونُ زَوجَهَا، وذاكَ يخُونُ زَوجَتَه، ومنهم من يخُونُ إِخْوَتَه، أو يخُونُ أُمَّتَهُ ووطنَه، وآخرون خانوا في وظائفهم، وأساؤوا في إداراتهم، وما أعظم جُرْمَ من خانَ عِلمَه!.

معاشر المؤمنين: إن عدم تحقيق لا إله إلا الله خيانةٌ لله، وخيانةٌ للعقيدة؛ وتعطيلَ الفرائضِ والتعدِّي على حدودِ الله وانتهاكَ محارمه خيانةٌ لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ وعدم تطبيق الشريعة، وإقصاؤها عن حياة المسلمين خيانةٌ للدين، وهذه عمَّت وطمَّت.

ومن كان مطيةً لأعداء الله في تنفيذ مخططاتهم، أو دليلاً لهم على عورات المؤمنين، فهو خائن، قال -تعالى-: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ [التحريم:10].

 والخيانة هنا خيانة الدين لا الفاحشة، فكانت امرأةُ نوحٍ تُطلِع على سرِّه ، فإذا آمن معه أحدٌ أخبرت قومَهَا به، وأمَّا امرأةُ لوط فكانت تُخبر أهل السوء من أهل المدينة بأضيافِ لوطٍ -عليه السلام-. فلم تنفعهما صلة الزوجية وقد كانتا مع نبيَّيْن!…

ومن الخيانات التي انتشرت: الخيانة في التكسب؛ فقد فرَّطَ كثيرٌ من المسلمين اليوم في المكاسب المباحة واللقمة الحلال، وانغمسوا في المعاملات المحرمة، حيث انتشر الغِشُّ والخداعُ والأيمانُ الكاذبة، والتزويرُ والرشوةُ وأكلُ أموالِ الناسِ بالباطل، والتخبُّطُ في الأموالِ العامة، واستحلالُ أموالِ بيتِ المال، وغيرها من المعاملات المحرمة.

ومن الخيانات التي ظهرت في المجتمع وانتشرت: استغلال المناصبِ لجرِّ المنافع، له أو لأولاده وأقاربه أو لمقرَّبِيه، عَنْ عَدِىِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِىِّ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولاً يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ".

فالواجب أن لا يُسنَدَ المنصبُ إلا لصاحبِهِ الحقيقِ به، ولا تُملأ وظيفةٌ إلا بالرجُلِ الذي تَرفَعُهُ كفاءتُه إليها، فلا اعتبارَ للمجاملات والمحسوبيات، والصحبةِ والقرابة.

لقد قال أبو ذرٍ -رضي الله عنه-: يا رسول الله، ألا تستعملني؟! فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا".

إنَّ من الظواهر الخطيرة في المجتمع تَكَوُّنُ مجموعةٍ من العصابات في مختلف القطاعات تحتكر الوظائف وتُخفيها عن الأمة؛ لتجعلها ورقة رابحة في يدها، تصاحب بها من تشاء، وتُعين عليها من ترغب، دون النظر إلى الكفاءة والأمانة…

من تلك العصابات من احتكر الوظائف في أقاربه وأصحابه وطرد من هم أحقُّ منهم! ومنهم من وظَّفَ طلاباً لا زالوا يدرُسُون في مدارسهم، ويستلمون رواتبَ وما حضروا يوما، بل لا يعرفهم زملاؤهم إلا بالأسماء فقط، ومع هذا يُطرَدُ المتخرجون والجامعيون!.

فيا مَن عيَّنتَ أقاربَكَ على وظائف بتواريخ مزورة من أجل الترسيم، واستبعدت من هم أحقُّ منهم ممن تقدموا لتلك الوظائف من سنين، استعدَّ للقاء الله، وأعدَّ للسؤال جوابا، وللجواب صوابا…  (أما قرؤوا كتاب الله تعالى؟)…

عباد الله: إن تجاوزاتِ الآخرين وتخبُّطَاتِهم في تلك الأمور لا يُبرِّرُ صحَّةَ هذا العمل، فلا تنظروا إلى كثرة الهالكين؛ ولكن انظروا إلى من نجا كيف نجا.

وإن مما شاع وانتشر بين المسؤولين أن يُصدروا قرارات الخيانة والجور والظلم قبل تقاعدهم بأيام قلائل ثم يتمتعون بإجازة هروبا من مقابلة المجتمع وأهل الحقوق والمظلومين، وهذا قمة الذلِّ والظلم والخيانة.

فالتقاعد ليس هو النهاية، والنجاة من رقابة وعقاب العباد في هذه الدنيا لا يُنهي القضية، إنما لهم موعد أمام رب العالمين في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم…

عباد الله: إن كان للحرام بريقٌ ولمعان، فإن عواقبَهُ وخيمةٌ، ونهايتَه عذاب، وكلُّ جسدٍ نَبَتَ من الحَرَامِ فالنار تنتظِرُهُ يومَ القيامة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ رجالاً يتخوَّضُونَ في مالِ الله بغيرِ حقٍّ، فلهمُ النارُ يومَ القيامة".

وقد تفطَّنَ السلفُ الصالحُ لخطورةِ هذا الأمر، فتَورَّعُوا عن كثيرٍ من الحَلاَلِ مخافةَ الوقوعِ في الحرام، يقول الفاروق -رضي الله عنه-: كنا ندع تسعةَ أعشارِ الحلال، مخافةَ أن نقع في الحرام.

ويقول عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: لو صَلَّيْتُم حتى تكُونُوا كالحنَايَا، وصُمْتُم حتى تكُونُوا كالأَوتَار، لم يُقبَلْ ذلكَ منكم إلاَّ بِوَرَعٍ حَاجِز. (أيْ: يمنعُ من الحرام).

ومن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-:  "اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ".

ولا تنسوا أن دعوة المظلوم مجابة وتُفتحُ لها أبوابُ السماء، فلا تتسببوا في دعوات المسلمين عليكم، ولا تقهروهم؛ فإن أشدَّ ما يمر على الإنسان أن يُقهر، وقد تعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- من قهر الرجال.

نسألك اللهم أن لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، واجعلنا أغنى خلقك بك، وأفقر عبادك إليك، وقنعنا بما رزقتنا، وبارك لنا فيه.

أقول هذا القول وأستغفر الله…

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه…

 أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وراقبوه مراقبة من يعلم أنه يعلم سره ونجواه.

عباد الله: يجب على المؤمن التقي الذي يخاف الله أن يستنكر مثل هذه الأمور، ولا يرضى بها، ولا يؤيد فاعليها، بل تجب مناصحتهم وتخويفهم بالله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ"، فلاحظ قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فليغيره"، ولم يقل فلينكره.

ولنحذر أن نكون ممن يختلق لهم الأعذار، ويبرر تلك الأعمال، فلن يقبلها أو يستحسنها إلا مستفيدٌ منها، راضٍ بأسلوبها…

وقد نهى الله -جل وعلا- عن الدفاع عن الخونة، خاصة عند ظهور الأدلة على خيانتهم، قال -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء:105].

هذا وصلوا وسلموا على الصادق الأمين، المبعوث حجة على الخلق أجمعين، فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56]…