الاستغفار للغير

عناصر الخطبة

  1. فضل الاستغفار للمسلمين أمر قد لا يعلمه الكثيرون
  2. استغفار الأنبياء لأنفسهم وللمؤمنين
  3. استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه
  4. هدي السلف في الاستغفار للآخرين
  5. وقائع في العفو وطلب المغفرة للآخرين.
اقتباس

الاستغفار للنفس سواء كان بعد ذنب أو من غير ذنب أمر معلوم، لكن الاستغفار للغير من أفراد هذه الأمة من المؤمنين والمؤمنات أمر قد لا يعلمه الجميع.. لم تكتفِ الشريعة بطلب الاستغفار من الإنسان للحصول على مغفرة الديّان، بل أعطته إمكانية الحصول على هذه المنحة بطلبها ممن يُلتمس فيهم الخير والصلاح، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لصحابته الكرام: “إن خير التابعين رجل يقال له: أويس، وله والدة هو بها برّ، لو أقسم على الله لأبرَّه، وكان به بياض، فمُرُوه فليستغفر لكم”…

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله ..

أما بعد: أيها المسلمون: قال الله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُم﴾[محمد: 19]. الاستغفار للنفس سواء كان بعد ذنب أو من غير ذنب أمر معلوم، لكن الاستغفار للغير من أفراد هذه الأمة من المؤمنين والمؤمنات أمر قد لا يعلمه الجميع.

فالإنسان المسلم شاء أم أبى يحيا حياته ساعةً فساعة، تارةً في الطاعة وتارةً يقع في العصيان، لذلك شرع سبحانه لعباده الاستغفار، كما منح على هذا الفعل مِنَحاً لا تُعدُّ ولا تُحصى يكفي لبيانها لمعرفة عظيم نفع الاستغفار وأثره استحضارُ قوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10- 12]. وفعل الاستغفار يقوم به المسلم الأوَّاب تجاه نفسه في أغلب الأحيان، وهذا مطلوب من كل إنسان، لكن أن يقوم بالاستغفار للغير! هذا ما يحتاج إلى مزيد شرح.

أيها المسلمون: أنبياء الرحمن تمثَّلوا الاستغفار للغير فقال سبحانه كما جاء على لسان نبي الله نوح -عليه السلام-: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا﴾ [نوح: 28].

 وجاء على لسان خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام-: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَاب﴾ [إبراهيم: 41].

 ونبينا -صلى الله عليه وسلم- كان يستغفر لكل من طلب منه ذلك ليجعله من أخلاق أمته. أخرج البخاري ومسلم ما رواه أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: "لما فرغ النبي -صلى الله عليه وسلم- من حنين، بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دُرَيْدَ بن الصِّمَّة فقُتل دريد وهَزم الله أصحابه، قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر فرُمي أبو عامر في ركبته رماه جُشَمِيٌّ بسهم فأَثْبَتَهُ في ركبته فانتهيتُ إليه، فقلت: يا عمِّ! من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى، فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدتُ له فلحقته فلما رآني ولَّى فاتَّبعته وجعلت أقول له: ألا تستحيي؟ ألا تثبُتُ؟ فكفَّ، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنـزعته فَنَزَا منه الماء، قال: يا ابن أخي! أقرِئ النبي -صلى الله عليه وسلم- السلام وقل له: استغفر لي.

واستخلفني أبو عامر على الناس، فمكث يسيراً ثم مات، فرجعت فدخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيته على سرير مُرْمَلٍ وعليه فراش قد أثَّر رمالُ السرير بظهره وجنبيه فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقال: قل له: استغفر لي، فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه، فقال: "اللهم اغفر لعُبَيد أبي عامر"، ورأيت بياضَ إبطيه، ثم قال: "اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس". فقلت: ولي فاستغفر، فقال: "اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبَه وأدخله يوم القيامة مُدْخلاً كريماً".

ولم تكتف الشريعة بطلب الاستغفار من الإنسان للحصول على مغفرة الديّان، بل أعطته إمكانية الحصول على هذه المنحة بطلبها ممن يُلتمس فيهم الخير والصلاح، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لصحابته الكرام: "إن خير التابعين رجل يقال له: أويس، وله والدة هو بها برّ، لو أقسم على الله لأبرَّه، وكان به بياض، فمُرُوه فليستغفر لكم".

أيها المسلمون: أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن فعل الاستغفار مبثوث في الكون؛ حيث إن كل خلائق الله تستغفر للمؤمنين، وخص من ذلك صاحب العلم؛ حيث روى أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صاحب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر".

وفي رواية أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنه ليستغفر للعالم من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في البحر". (رواه ابن ماجه).

وتستغفر ملائكة رب العالمين كذلك للمؤمنين فقد روى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة. ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي وكان له خريف في الجنة". (رواه أبو داود).

وأخرج الطبراني في الكبير عن عبد الله بن المخارق عن أبيه المخارق بن سليم أن عبد الله كان يقول: "إذا حدثتكم بحديث أتيتكم بتصديق ذلك من كتاب الله، إن العبد المسلم إذا قال: الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله، قبض عليهنّ ملك فجعلهنّ تحت جناحه، ثم صعد بهنّ فلا يمر على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهنّ حتى يجيء بهنّ وَجْهَ الرحمن تعالى. ثم قرأ عبدالله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه﴾ [فاطر: 10].

أيها المسلمون: لقد جعل الله استغفار المؤمن للمؤمن من الأفعال المحقِقَةُ للشفاعة؛ حيث روى ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي الأمين -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من أربعين من مؤمن يستغفرون لمؤمن إلا شفّعهم الله فيه".

وبيَّن أن أثر هذا الفعل كما يناله الأحياء ينتقل أثره إلى الأموات؛ حيث حث -صلى الله عليه وسلم- على الاستغفار للأموات بعد دفنهم، فقال -صلى الله عليه وسلم- كما روى عنه عثمان -رضي الله عنه-: "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل".

وفي رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: نعى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه فقال: "استغفروا لأخيكم". (رواه مسلم).

لقد تربَّى السلف الصالح على هذا الخُلق، وصار ديدنهم مع بعضهم، يستغفرون للمخطئ كما يستغفرون للمصلح، أو لمن أسدى إليهم معروفاً.

روي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك -رضي الله عنهما- قال: "كنت قائد أبي حين ذهب بصره، فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان استغفر لأبي أمامة أسعد بن زرارة ودعا له، فمكثت حيناً أسمع ذلك منه، ثم قلت في نفسي: والله إن ذا لعَجْزٌ إني أسمعه كلما سمع أذان الجمعة يستغفر لأبي أمامة، ويصلي عليه ولا أسأله عن ذلك لِمَ هو؟ فخرجت به كما كنت أخرج به إلى الجمعة، فلما سمع الأذان استغفر كما كان يفعل، فقلت له: يا أبتاه! أرأيتك صلاتك على أسعد بن زرارة كلما سمعت النداء بالجمعة لِمَ هو؟ قال: "أَيْ بُنَيَّ! كان أول من صلى بنا صلاة الجمعة قبل مقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة" (رواه أبو داود وابن ماجه).

وروى البخاري في صحيحه أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- لما حصل لعائشة ما حصل من أهل الإفك، وأنزل الله –تعالى- في براءتها: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُم﴾. قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وكان ينفق على أحدهم، وهو مِسْطَح بن أثاثة لقرابته منه: واللهِ! لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعدما قال لعائشة. فأنزل الله تعالى: (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي القُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم). فقال أبو بكر: بلى والله! إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يُجري عليه.

وروى الطبراني في الكبير عن ابن عمر -رضي الله عنه-ما أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- نال من عمر -رضي الله عنه- شيئاً، ثم قال: استغفر لي يا أخي! فغضب عمر، فقال له ذلك مراراً، فغضب عمر، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- وانتهوا إليه وجلسوا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "يسألك أخوك أن تستغفر له فلا تفعل؟!"، فقال: والذي بعثك بالحق نبيّاً! ما من مرة يسألني إلا وأنا أستغفر له وما من خَلقِ الله بعدك أحد أحب إليَّ منه، فقال أبو بكر: وأنا والذي بعثك بالحق ما من أحد بعدك أحب إليَّ منه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تؤذوني في صاحبي فإن الله -عز وجل- بعثني بالهدى ودين الحق فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقتَ، ولولا أن الله -عز وجل- سمَّاه صاحباً لاتَّخذته خليلاً، ولكن أخوة الله، ألا فسُدُّوا كل خوخة إلا خوخة ابن أبي قحافة".

وفي نصٍّ جميل من آثار سلفنا الصالح يتبين لنا الخُلق الرفيع المتمثل في الاستغفار للغير بعد وقوعهم في أعراض المستغفرين لهم، حيث يروي لنا عصام بن المصطَلق قال: دخلت المدينة فرأيت الحسن بن علي -رضي الله عنه-ما فأعجبني سَمْتُه وحسن رُوائه، فأثار مني الحسد ما يُجنّه صدري لأبيه من البُغض، فقلت: أنت ابن أبي طالب؟! قال: نعم، فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إلي نظرة عاطف رؤوف، ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِين﴾ [الأعراف: 199]، فقرأ إلى قوله: ﴿فَإِذَا هُم مُّبْصِرُون﴾، ثم قال لي: خفِّض عليك، أستغفر الله لي ولك، إنك لو استعنتنا أعنَّاك، ولو استَرْفَدْتَنَا أرفدناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، فتوسّم فيَّ الندم على ما فرط مني فقال: ﴿قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين﴾ [يوسف: 92]، أمن أهل الشأم أنت؟ قلت: نعم! فقال: شِنْشِنَةٌ أعْرِفُها من أَخْزَم. حيَّاك الله وبيَّاك وعافاك وآدَاك، انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك تجدنا عند أفضل ظنك إن شاء الله، قال عصام: فضاقت علي الأرض بما رحبت، وودِدت أنها ساخت بي، ثم تسلَّلت منه لِوَاذاً وما على وجه الأرض أحبُّ إليَّ منه ومن أبيه.

بارك الله ..

الخطبة الثانية :

الحمد لله ..

أما بعد: أيها المسلمون: إن خُلق الاستغفار للغير لا يصل إليه إلا من رضي عنه ربه، ولكنه مع ذلك محصور بين المسلمين، لا يلج بابه المنافقون والمشركون حيث قال سبحانه في بيان منعه على المنافقين: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِين(80)﴾[التوبة: ()

قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: "يخبر تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن هؤلاء المنافقين ليسوا أهلاً للاستغفار، وأنه لو استغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم".

أما منعه على المشركين فقال سبحانه: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ(113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيم(114)﴾[التوبة: 113- 114].

وأخرج البخاري عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره: "أنه لما حضرت أبا طالب الوفاةُ جاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أمية بن المغيرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي طالب: يا عمِّ! قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله. فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب! أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعرضها عليه، ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلّمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما واللهِ لأستغفرنَّ لك ما لم أُنْهَ عنك. فأنزل الله تعالى فيه: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ﴾ الآية ..

أيها المسلمون: هذا هو الاستغفار للغير، وهكذا تعامل معه السلف الصالح، وعلى هذا الخُلق الحسن تربَّوْا وربَّوا غيرهم، لكن يا تُرى كيف هي سيرتنا مع بعضنا؟ أنردُّ الحسنة بمثلها أم بضدِّها؟ كيف نتعامل مع من يسيء إلينا؟ أنردُّ السيئة بمثلها، أم بالزيادة عليها، أم بالاستغفار لصاحبها؟ لا بأس على أية حال، لعلنا نسينا أو لم نكن نعرف، وقد حصل لنا التذكُّر فحيَّ على العمل، وعلى تغيير السلوك من فعل قبيح إلى فعل حسن، ولنتخلَّق بأخلاق حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي علمنا حب الخير لأنفسنا ولغيرنا.

اللهم ..