آفة الاستعجال في الطلاق

عناصر الخطبة

  1. حرص الإسلام على استمرار الحياة الزوجية وسده للمنافذ المخلة بها
  2. تفشي آفة الاستعجال في الطلاق
  3. أرقام وإحصائيات مذهلة حول تفشي آفة الطلاق
  4. أسباب الاستعجال في الطلاق وكيفية علاج ذلك
  5. استعجال الزوجة في طلب الطلاق وكيفية علاج ذلك
اقتباس

مع الاعتراف بأن الطلاق قد يكون رحمةً في بعض الأحيان، وفرجاً ومخرجاً؛ لكن من المقطوع به أنه ليس هو الأصل، إذ ما شُرِعَ النكاح إلا ليدوم، ويستمر ذلك البيت ليقوم بمهمته في المجتمع. سكناً وعفةً لكلٍ من الزوجين، وذريةً صالحةً تنتفع بها الأمة، وتواصلاً وتعارفاً بين الأسر والقبائل، وغير ذلك من المصالح العظيمة المترتبة على هذا العقد الكبير. ولا أدَلَّ على رغبة الإسلام في…

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي جعل من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، وجعل بعد العسر يسراً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنعِم به رباً، وأكرِم به مشرِّعاً.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه ربه للرسالة مبلغاً، وللأمانة مؤدياً، فعاش حياته في سبيل ذلك صابراً محتسباً، مبيناً ومجاهداً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيلهم ما قُرء كتابه، أو دعا لله داعياً، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فما أن يشعر الولي براحة تامة عندما يزف ابنته أو موليته إلى الرجل الكفء، إلا ويبدأ معه همٌ آخر ألا وهو همُّ التوفيق في الحياة الجديدة، ولعل أكبر شبحٍ يلوحُ في ناظِرَي الأب هو شبح كلمةٍ عددُ أحرفها أربعة، إلا أنها تهدُّ أركانَ البيت الأربعة، ذلكم هو الحلال البغيض: الطلاق.

ومع الاعتراف بأن الطلاق قد يكون رحمةً في بعض الأحيان، وفرجاً ومخرجاً؛ لكن من المقطوع به أنه ليس هو الأصل، إذ ما شُرِعَ النكاح إلا ليدوم، ويستمر ذلك البيت ليقوم بمهمته في المجتمع.

سكناً وعفةً لكلٍ من الزوجين، وذريةً صالحةً تنتفع بها الأمة، وتواصلاً وتعارفاً بين الأسر والقبائل، وغير ذلك من المصالح العظيمة المترتبة على هذا العقد الكبير.

ولا أدَلَّ على رغبة الإسلام في ديمومة الزواج من تضييقه لفرص الطلاق على الزوج، فحرّم الطلاق في الحيض، وحرّم جمعَ الثلاث دفعةً واحدةً، وحرّم على الزوج أن يطلق زوجته في طُهرٍ جامعها فيه، وحرّم عليه أيضاً -إذا طلّق زوجتَه الطلاقَ الرجعي- أن يخرجها من البيت إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، وعلل ذلك بقوله: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [الطلاق: 1].

وأمرَ الزوج -إذا رأى من زوجته ما يكره- أن يعظها، فإن لم ينفع الوعظُ هجرها في الفراش فقط، فإن لم تُجْدِ هذه الأساليب لجأ إلى الضرب غير المبرِّح.

ومع هذه الحواجز الكثيرة التي وضعها الشرعُ أمام الطلاق، وهي في الوقت نفسه فُرَصٌ كثيرة للمراجعة، وفتحٌ لأبواب الأمل في استثارةِ عواطف المودة، وتهدئةِ رياح الشقاق.

ومع هذا كله إلا أن المتأمل في أحوال كثير من المتزوجين -وخصوصاً في السنوات الأخيرة- يجد أنه يأبى أن يستفيد من هذه الفرص الكثيرة، فيستعجل ويبادر إلى اتخاذ قرار الطلاق بسرعة مِن غير تأمل ولا تَرَوٍ، فصرتَ لا تستغرب -هذه الأيام- أن تسمع أن فلاناً طلق في الليلة الأولى، وآخرُ في اليوم التالي، وثالثُ بعد أسبوع!.

وبحسب إحصائيات وزارة العدل السعودية؛ فقد بلغت نسبةُ حالات الطلاق عام 1428هـ أكثر من 20%، بمعدل حوالي 52 حالة طلاق يومياً!.

ولا ريب أن هذه النسبة مخيفة ومقلقة جداً.

والمهم هنا -ونحن نشهد حالات زواج كثيرة هذه الأيام وستكون في الإجازة أكثر وأكثر-: يجب أن ننظر في أهم أسباب هذا الاستعجال الذي قضى على بيوتٍ زوجية، بعضها لم تزل -بَعدُ- في مهدها، علّها أن تساهم في كبح جماح هذه القرارات غير المدروسة، والتي ترتب عليها مفاسد كثيرة، ومن ذلك:

1- جهلُ الزوجين أو أحدهما بما على كل واحدٍ منهما من الحقوق، وما عليه من الواجبات الشرعية، فيحصل التقصير، وتُنتهك الخصوصيات، ثم يترتب على ذلك مشاكلُ كثيرة.

أليس يوجد في الأزواج من يعتدي على راتب زوجته -إذا كانت موظفة- ويأخذه أو بعضَه من غير رضاها؟ وأقبحُ وألأم منه أن يجمع من مال زوجته ثم يتزوج به عليها! ألا يوجد من يجبر زوجتَه على مشاركتها في نفقة الأولاد أو ربما ألزمها بذلك كله؟ بحجة أنها أكثر راتباً منه!.

ومن الأمثلة على التقصير في تطبيق الأمر الشرعي في هذا الباب: أن بعض الأزواج يقصر في السؤال عن الزوجة، ورؤيتها، وربما اعتمد على وصف نساءٍ من أهل بيته بينهن وبين هذه المخطوبة علاقة مودة ومحبة، فلحبهن إياها يرغبن في خطبتها لأخيهن، ولو كانت لا تناسبه! فيبالغن في الثناء عليها ومدحها؛ فيركن الشاب إلى ذلك ولا يراها، حتى إذا دخل عليها وجد الخُبْر لا يوافق الخبَر، فعندها يشعر بالصدمة فيبادر إلى الطلاق!.

إخوة الإسلام: وإذا تحدثنا عن الجهل بالشرع، فإن مما يدخل في ذلك: جهلُ أكثر الأزواج بالسيرة النبوية المتعلقة بالحياة الزوجية، فإن الناظر فيها ليعجب من تلك المواقف التي وقعت في أشرف وأطهر وأزكى بيتٍ على ظهر الأرض!.

إنني أدعو كل زوجين -تزوجا حديثاً أو قديماً- أن يقرأ السيرة جيداً؛ لأن صاحبها هو الذي قال عنه ربنا: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].

لنقرأها جميعاً بتمعن، لنتعرف على شخصية محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- زوجاً، وكيف كان يتعامل مع المواقف التي تحصل من زوجاته.

2- وفي مقابل الجهل بأحكام الشرع يأتي: الجهل بطبيعة النفس البشرية، فترى الزوجين أو أحدهما يطلب من الآخر -بلسان حاله أو مقاله- وربما كان هذا في أول أيام الزواج أن يكون كما يريد في تصوراته، ومشاعره، وسلوكياته! وفي هذا تجاهل لسنة من سنن الله في الأنفس، وهي أن العلاقة الزوجية -في الأصل- إنما تقوم على التخالف وليس على التماثل [انظر: كتاب "180" بصيرة في الأسرة والمجتمع والأمة. د.بكار، ص9].

3- ومن الأسباب: العجلة والتهور في إطلاق كلمة الطلاق لأتفه سبب، وأدنى موقف، فهذا يطلّق زوجته؛ لأنه اختلف مع صاحبه في أمر حقير فيحلف أحدهما أو كلاهما بالطلاق حانثاً! أو يستضيف ضيفاً فيحلف بالطلاق إلا حضر، فيأبى الآخر؛ فتكون النتيجة خرابَ بيتٍ، وتمزيقَ أسرة، وتشريدَ أولاد!.

4- ومن الأسباب: أن بعض الأزواج أدمن النفخَ في الأمور التافهة، فصيرها قضايا مصيرية، فهذا أحمق يطلقُ زوجته؛ لأنه لم يجد غترته كُوِيَت! وآخر يطلق امرأته لأن الملح زاد في الطعام أو نقص! وثالث يطلقها؛ لأن القهوة تأخرت عن الضيوف قليلاً! ولعمري لو أن الزوج فكّر قليلاً لعلم أن الطلاق لم يكو له غترته، ولم يصلح له طعامه، ولم يعجل بالقهوة إلى أضيافه!.

أيها المسلمون:

5- ومن الأسباب: غيابُ مبدأ الحوار بين الزوجين، وفرضُ الرأي بالقوة من كلا الطرفين أو أحدهما، وإن كان هذا يكثر في جانب الرجال، فكم تشكو النساء من بعض الأزواج -الذين قلت بصيرتهم وضعفت عقولهم- أنه يمارس فرضَ هيبته وأوامرِه بالتهديد والوعيد: "فلا يعرف في خطابه سوى ألفاظ الطلاق في مدخله ومخرجه، وفي أمره ونهيه، بل وفي شأنه كله! أَوَ ما درى أنه بذلك قد اتخذ آيات الله هزواً؟! يأثم بفعله، ويهدم بيته، ويخسر أهله" [خطب ابن حميد 1/146].

إن الحكيم حقاً هو من يدفع أهلَه للقيام بما يريد بدافع المحبة والتقدير والاحترام، بل والرغبة في الأجر والثواب من الله، وكم هو الفرق بين من تخدم زوجها وتنفذ أوامره خوفاً وهلعاً، وبين من تخدمه محبةً واحتراماً!.

أيها المسلمون: إننا حين نتحدث عن الحوار بين الزوجين، فإننا نذكره لا على أنه نوع من الترف الفكري، بل هو ضرورة، ولا على أنه أمرٌ كثر الحديث عنه هذه الأيام فحسب، كلا؛ بل نتحدث عنه لأنه أحد أسس الحياة الزوجية التي دلّ الشرع على اعتباره، وحياة النبي صلى الله عليه وسلم مليئة به مع أبعد الناس فكيف بأخصهم علاقةً به!.

وحسبك -أيها الزوج- أن تتأمل في قصة الإفك جيداً! ولك أن تتصور مشاعرَ رجلٍ عاديٍ يتحدث الناس في بلده أن زوجته متهمة -مجرد تهمة- بالفاحشة؟!

فما ظنك إذا كان المتهم هو رسول رب العالمين، أطهر الخلق، وأنقاهم وأتقاهم؟!

ومع ذلك كله، يأتي ليفتح الحوار مع زوجته -وهو حينها لا يملك أي دليل قاطع على براءتها- فيقول لها -بعد أن هجر فراشها شهراً كاملاً-: "أما بعد: يا عائشة! فإنه قد بلغني عنكِ كذا وكذا، فإن كنتِ بريئة فسيبرئك الله، وإن كنتِ ألممت بذنبٍ فاستغفري الله وتوبي إليه؛ فإن العبد إذا اعترف بذنبٍ ثم تاب تاب الله عليه" في قصة طويلة مشهورة.

وتمام الشاهد: قالت عائشة: "فلما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مقالته قَلُصَ دمعي، حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما قال! فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فقلت -وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ كثيراً من القرآن-: إني والله لقد عرفتُ أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدّقتم به، فإن قلت لكم إني بريئة -والله يعلم أني بريئة- لا تصدقوني بذلك! ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقونني! وإني والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: 18].

قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي".

هكذا يقرر صلى الله عليه وسلم مبدأ الحوار، ويقدّر الظرف النفسي الرهيب الذي يعصف بزوجته الصغيرة السن، الكبيرة العقل، فلم يعاتبها على ردها، بل ولا على تحولها واضطجاعها على فراشها، والسؤال الذي نوجهه لكل زوج: كم هي نسبة ضخامة المشاكل التي تمر بحياتك الزوجية بالنسبة لمشكلة تهمة الفراش النبوي؟!

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة …

أقول قولي هذا، وأستغفر الله …

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومصطفاه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

6- فمن أعظم أسباب الاستعجال في قرار الطلاق: غياب ذلك الأصل العظيم الذي تقوم عليه الحياة الزوجية -عند  كثير من المطلِّقين- ألا وهو المبيّنُ في قوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 19].

قال ابن الجوزي -رحمه الله- في تفسير الآية: "وقد ندبت الآيةُ إلى إمساك المرأة مع الكراهة لها، ونبهت على معنيين:

أحدِهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح، فرُب مكروه عاد محموداً، ومحمودٍ عاد مذموماً.

والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوباً ليس فيه ما يكره، فليصبر على ما يكره لما يحب" [زاد المسير، لابن الجوزي: 2/42].

وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد الذي قرر هذا الأصل الجليل في قوله -فيما رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "لا يَفرَك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" أو قال: "غيره" [مسلم ح(1469)].

كم يغفل كثيرٌ من المطلقين عن هذا الأصل العظيم؟!

كم من رجلٍ كره امرأةً، فأمسك عليها، فأنجبت له أولاداً بررة، قاموا بنفعه، ونشر فخره وذِكره؟!

وكم من رجل فُتن بامرأةٍ، ذهبت بلبِّه، وأفسدت عليه دينه ودنياه وأهله؟!

أين مَن -مِن المطلِّقين- يفقه أن الحياة الزوجية لا تقوم على أساس الحب فقط؟!

بل هي قائمةٌ على أسس متعددة أحدها: الحب، وثمة أسس أخرى ليس للحياة الزوجية طعمٌ بدونها، كالتودد، والتحمل والصبر، والاحتساب، والوفاء، والمروءة، وغيرها من المعاني الجميلة، ولهذا كان الكرام يقضون هذه الحقوق ويرعونها حق رعايتها [انظر: رسائل في الزواج والحياة الاجتماعية، ص197، للحمد].

إخوة الإسلام: ما أجمل التريث في شأن الطلاق إن كره الرجل من زوجته شيئاً، فيمسكها بمعروف إلى أن ينظر في الأمر، ويقلِّب النظر، ويستشير أهل الخبرة في مثل هذه الأمور، حتى إذا ما عزم على الطلاق كان قراره ناضجاً، صادراً عن قناعة تامة، ودراسة شاملة، فيسرحها بإحسان، ويفارقها بالمعروف؛ امتثالاً لأمر الله -تعالى-: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [البقرة: 231].

فيفارقها فراقاً لا تشاتم فيه ولا تخاصم، بل هو طلاقٌ يستشعر معه تلك القاعدة القرآنية التي قررها ربنا في آيات الطلاق: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: 237].

وهو طلاقٌ لا قهر فيه على أخذ شيء من مالها.

أيها الإخوة المؤمنون: وكل ما سبق الحديث عنه إذا كانت الرغبة في الطلاق من قِبَل الزوج، أما إذا كانت الرغبةُ والاستعجال فيه من قِبَل الزوجة؛ فهنا يأتي دورُ الزوج والولي في العلاج، والتأني في الموضوع، ذلك أن بعض المتزوجات حديثاً، قد تطلب الطلاق؛ لأنها لم ترتح مع زوجها في أول الأيام، ولم تجد الاندماج التام، فتتصارع في نفسها مشاعرُ فراق أهلها مع مشاعر الخوف من المستقبل، فلِقلَّة خبرتها بالحياة الزوجية ربما بادرت بطلب الطلاق؛ بحجة أنها ما ارتاحت! أو لغير ذلك من الأسباب التي يغلب في فيها النظر العاطفي، فتحتاج إلى صبر حتى تكون مقتنعة‍‍!.

وكم هو جميل أن يكون الزوج هادئاً متروياً في مثل هذه الحال، فيُبقي زوجتَه عند أهلها مدةً من الزمن لتتروّى وتفكِّر، فإن كان هناك سبب ظاهر عولج، حتى لا يكون قرار الطلاق سريعاً؟.

وقد وقفتُ بنفسي على وقائع طلبت فيها الزوجةُ الطلاق وبسرعة، وذكرتْ بعض الأعذار التي أشرتُ إليها، فوافق ذلك عقلاً من الزوج، وحسنَ تروٍ، وعدم تعجل، فما هي إلا أيام وإذا بالزوجة تعود، وتنجب منه ذرية، وصارت السعادة ترفرف على ذلك البيت الذي كاد أن يتقوَّض بنيانُه.

وبعد -أيها المسلمون-: فلو أن كلّ من أراد الطلاق تأنى وتريث، واستخار واستشار، وراعى حدودَ الله في هذا الباب؛ لقلت نسبة الطلاق بشكل كبير، فليتق الله من يدخل غمارَ الحياة الزوجية، وليتعرف على أحكام دينه، وليستشر وليستخر، ولا يعجل.

رزقني الله وإياكم الفقه في دينه والبصيرة فيه …