فضل الأذان وأجر المؤذنين

عناصر الخطبة

  1. قصة الأذان
  2. أجر المؤذنين
  3. المسابقة إلى الأذان
  4. المحافظة على الأذان
  5. الترديد مع المؤذن
  6. الدعاء بعد الأذان
اقتباس

بالأذان يدعى لصلاة الجماعة، ويُعلمُ بدخول وقت الصلاة، ويُعْلى اسم الله -تعالى- بالتكبير. وبالأذان يُظهرُ شرعُ الله، ويُرفعُ ذكرُ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-؛ وفي الأذان نداء الناسِ إلى الفلاح والنجاح. وهو -على قلة ألفاظه- مشتملٌ على مسائلِ العقيدة. والأذان -أيها الإخوة- مِنْ خَصَائِصِ الإِسْلاَمِ وَشَعَائِرِهِ الظَّاهِرَةِ، وهو فرض كفاية للصلوات الخمس المكتوبة…

أما بعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].

أيها الإخوة: اعلموا أن رَأْسَ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودَهُ الصَّلَاةُ، وهي أول ما أوجبه الله -تعالى- من العبادات، فقد فرضها الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- ليلة المعراج، بغير واسطة؛ تعظيماً لشأنها.

ولما هاجر -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وقامت دولة الإسلام، وشيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسجده، احتاجوا لما يشعرهم بوقت الصلاة.

حدّث عن ذلك ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- فقَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ، فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَوَاتِ -أي: يقدرون حينها ليأتوا إليها فيه، والحين الوقت من الزمان- وَلَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ: بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا قَرْنًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-: أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا بِلَالُ، قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ" رواه البخاري مسلم.

قال القاضي عياض -رحمه الله-: ظاهر هذا -والله أعلم- أنه إعلام ليس على صفة الأذان الشرعي؛ بل إخبار بحضور وقت الصلاة.

قال النووي -رحمه الله- بعد إيراد كلام عياض: وهذا الذي قاله محتمل أو متعين، فقد صح في سنن أبى داود والترمذي ومسند أحمد عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ -رضي الله عنه- أنه قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى! قَالَ: فَقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَتَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ فَقَالَ: "إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ"، فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ.

قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وَيَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى! فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فَلِلَّهِ الْحَمْدُ!".

قال أهل العلم: وقد شُرِعَ الأْذَانُ بِالْمَدِينَةِ فِي السَّنَةِ الأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ عَلَى الأَصَحِّ.

أيها الأحبة: بالأذان يدعى لصلاة الجماعة، ويُعلمُ بدخول وقت الصلاة، ويُعْلى اسم الله -تعالى- بالتكبير.

وبالأذان يُظهرُ شرعُ الله، ويُرفعُ ذكرُ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-؛ وفي الأذان نداء الناسِ إلى الفلاح والنجاح.

وهو -على قلة ألفاظه- مشتملٌ على مسائلِ العقيدة.

والأذان -أيها الإخوة- مِنْ خَصَائِصِ الإِسْلاَمِ وَشَعَائِرِهِ الظَّاهِرَةِ، وهو فرض كفاية للصلوات الخمس المكتوبة، ولَوِ اتَّفَقَ أَهْل بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهِ قُوتِلُوا.

وهو علامةُ بلاد الإسلام، فقد كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ. رواه البخاري.

والأذان أفضل من الإمامة، قال شيخنا محمد العثيمين -رحمه الله-: اختلف العلماء أيهم أفضل: الأذان أم الإقامة أم الإمامة؟ والصحيح أن الأذان أفضل؛ لورود الأحاديث الدالة على فضله.

أيها الإخوة: ومن ذلك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ -أي: الأذان- وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ -من الفضيلة- ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا -أي: لاقترعوا-، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ -التبكير للصلاة- لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ -العشاء- وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. -الحبو أن يمشي على يديه وركبتيه-" رواه البخاري ومسلم.

وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ، وَالْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ، وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ" رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني.

قال الخطابي: مدى الشيء غايته، أي: إنه يستكمل مغفرة الله -تعالى- إذا استوفى وسعه في رفع الصوت، فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية في الصوت.

المؤذن دائما في الصف الأول، ومن المتقدمين للمسجد، ويتعرض لمغفرة الله خمس مرات في اليوم، ثم لا يسمع صوتَه شجرٌ ولا حجرٌ ولا جنٌ ولا إنسٌ إلا شهدوا له.

ومعنى قَوْله: "وَيُصَدِّقهُ مَنْ سَمِعَهُ"، أَيْ: يَشْهَد لَهُ يَوْم الْقِيَامَة، أَوْ: يُصَدِّقهُ يَوْم يَسْمَع وَيُكْتَب لَهُ أَجْر تَصْدِيقهمْ بِالْحَقِّ.

ولقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- للمؤذنين والأئمة، ففيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ" رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.

ومعنى أن الإمام ضامن، أي: الإمام يحفظ على القوم صلاتَهم، والمؤذن أمينٌ على مواقيت صلاتهم.

وروى مسلم في صحيحه أن الْمُؤَذِّنَ جَاءَ إِلَى مُعَاوِيَةَ -رضي الله عنه- يَدْعُوهُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قيل: المعنى: إذا ألجم الناسَ العرقُ يوم القيامة طالت أعناق المؤذنين لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق.

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً، وَلِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً" رواه ابن ماجة والبيهقي وصححه الألباني.

وعن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: "إن خيارَ عِباد اللهِ الذين يُراعُونَ الشّمسَ والقمرَ والنُّجومَ والأظلّةَ لذكر الله عزّ وجل" رواه الطبراني في الدعاء، والحاكم، وقال الألباني: صحيح لغيره. والمعنى أن المؤذنين خيار عباد الله، فهم الذين يرقبون الوقت للأذان.

وعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا كَانَ الرَّجُلُ بِأَرْضِ قِيٍّ -أي: قفر- فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَتَوَضَّأْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً فَلْيَتَيَمَّمْ، فَإِنْ أَقَامَ -أي: للصلاة- صَلَّى مَعَهُ مَلَكَاهُ، وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ مَا لَا يُرَى طَرَفَاهُ" رواه عبد الرزاق وصححه الألباني.

أيها الأحبة: هل بعد هذا الفضل من فضل؟ وهنيئاً لمن أمضى عقودا من السنين مؤذناً يبتغي بذلك وجه الله!.

اللهم وفقنا لسبل الخير، واغفر لنا ولوالدينا، وصلَّى الله وسلم على محمد…

الخطبة الثانية:

أما بعد: فاتقوا الله أيها الإخوة، وسابقوا إلى مسببات المغفرة والرضوان.

وإن من المسابقة للخيرات المسابقة إلى الأذان، وإن مما يؤسف له أنك ترى عدداً من المساجد بلا مؤذنين، مع ما أعده الله -تعالى- من الفضل للمؤذنين كما سمعتم.

وإن من الزهادة في الخير أن يحجم الناس عن الأذان حتى في رحلاتهم وأسفارهم، تجدهم إن أذنوا تدافعوا الأذان، وربما صلوا بلا أذان، وحرموا أنفسهم ذلك الخير، وهذا من الحرمان العظيم.

أحبتي: انظروا كيف يوصي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس على هذه السنة، وكيف يرغبونهم بها! فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْمَازِنِيِّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه- قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ -رضي الله عنه-: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. رواه البخاري وغيره.

واسمعوا هذا الفضل الذي بشر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُغِيرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، وَكَانَ يَسْتَمِعُ الْأَذَانَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِلَّا أَغَارَ، فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "عَلَى الْفِطْرَةِ"، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "خَرَجْتَ مِنْ النَّارِ"، فَنَظَرُوا؛ فَإِذَا هُوَ رَاعِي مِعْزى. رواه مسلم.

قال النووي -رحمه الله-: قوله -صلى الله عليه وسلم-: على الفطرة، أي: على الإسلام، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: خرجت من النار، أي: بالتوحيد.

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ يَخَافُ مِنِّي، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ" رواه أبو داود والنسائي. شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ، أي: القطعة المرتفعة من رأس الجبل.

أحبتي: كم أسعد ويسعد كل مسلم حين يرى الناس في الطرق بين المدن يقفون للصلاة، فما إن يدخل الوقت إلا وتجدهم قد وقفوا للصلاة زرافات ووحدنا.

وهنا تنبيهان:

الأول: احرصوا على الأذان والإقامة، ولو كنت وحدك؛ لتحصل على الفضل.

الثاني: تأكدوا من القبلة، وصلوا جماعة ولو كنت أنت وامرأة واحدة تقف خلفك؛ لتدركوا فضل الجماعة.

أما من لم يكن مؤذناً فلا يفوتنه أجر إجابة المؤذن؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "قُلْ كَمَا يَقُولُونَ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ" رواه أبو داود والنسائي وابن حبان وصححه الألباني.

وصح عن النبي أن من قال مثل قول المؤذن، ثم دعا بما ورد حلت له شفاعة النبي.

ومن قال بعد الشهادتين: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا غفر الله له ذنوبه. من قال مثل ما قال هذا -أي: المؤذن- يقينا دخل الجنة.