تأملات في سورة آل عمران (غزوة أحد)

عناصر الخطبة

  1. المسارعة للتوبة دائما وقبل المعارك
  2. الفرق بين هزيمة الأبطال وهزيمة المهازيل
  3. نماذج لأبطال أُحُد
  4. تمحيص المعركة للمؤمنين
  5. أهمية الشورى
  6. تطلعنا لله نصَرَنا على اليهود
اقتباس

إن الله لا يكشف الناس بوحي فيقول إنَّ هذا مخلصٌ وهذا منافق! ولكنه يختبر المؤمنين، ومسُّ السَّرَّاءِ والضرَّاء في حياتهم هو الذي يبين أحوالهم، ويكشف خباياهم، فالمنافق إذا اغتنى شعر بالبطر، وإذا افتقر شعر بالقنوط، أما المؤمن فهو متماسك العاطفة، إذا اغتنى حمد الله فلم يبطر، وإذا تألم حمد الله فلم يقنط، وهو بين الصبر والشكر متماسك الخلق، قوىّ العقيدة، رفيع الرأس ..

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. وأشهد أن محمداً رسول الله، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.

أما بعد: فمن لطف الله بعباده المؤمنين أنه إذا وقع منهم خطأ طمأن قلوبهم بتقديم العفو عنهم قبل أن يذكر الذنب الذي فرط منهم، وذلك على نحو ما قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم- لما قيلت الأعذار المختلقة التي تقدم بها المنافقون: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ [التوبة:43].

وفى أواخر سورة آل عمران -في النصف الأخير منها، النصف الذي تضمن معركة أُحُد- نجد أن رب العالمين فتح أبواب المتاب، ويسَّر للمسلمين الذين وقعت منهم أخطاء أن يرجعوا إلى ربهم، وأن يتخلصوا من أخطائهم، وأن يجدوا الطريق أمامهم مفتوحا لإحراز الثواب الكثير، وذلك في قول الله -جل شأنه-: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة:133]، إن هذه الآية وما بعدها نزلت في أثناء الكلام عن معركة "أحد" وما وقع فيها من أحداث.

والحديث عن معركة "أحد" بدأ من قوله تعالى: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [آل عمران:121]. "غدوت من أهلك" أي: خرجت في الصباح ترص المؤمنين في الصفوف التي يقفون فيها؛ كي يؤدوا حق الله عليهم في الدفاع عن عاصمة الإسلام، وعن حمى العقيدة، وردّ المهاجمين الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم.

بدأ الكلام من هذا الموضع، ثم قبل أن تذكر الهزائم التي وقعت، والآلام التي أحس بها المؤمنون في قوله تعالى: ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(139)﴾ [آل عمران:137-139]، قبل أن تذكر هذه الهزائم نجد هذه الآيات: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران:133].

مَن هم المتقون؟ هم (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران:134]، فمن المتقين يقينا كل من يقع منه خطأ ثم يسارع بالخلاص منه، والتوبة إلى الله بعده، والبعد عنه جهد الطاقة؛ وهذا من رحمة الله بعباده، فإنه لم يفترض المؤمنين معصومين، وإنما فرض في الطبيعة البشرية أنها تخطئ، فالخطأ جزء من كيانها، وما يجرؤ أحد على القول بأنه لم يقترف طول حياته ذنبا، ولم يفرط في جنب الله ويقع منه التقصير، ما يجرؤ أحد على القول بهذا؛ ولذلك فإن من عناصر التقوى أن يسارع الإنسان بتنظيف نفسه من الخطيئة إذا هو سقط فيها: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ(136)﴾ [آل عمران:135-136].

وبالنسبة إلى الرجال الذين اشتركوا في معركة "أحد" ووقعت الهزيمة -إن صح التعبير- وهم يقاتلون، فإن الله تعالى أعلن صفحه عما بدر منهم: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا، وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [آل عمران:155]، والكلام عن معركة "أحد" يحتاج إلى شيء من التوضيح والتفصيل، فإن الهزائم لا تستوي، هناك هزائم تقع لأصحابها بعد أن أعدوا الخطة للمعركة، وبعد أن بذلوا الجهد في بلوغ النصر الذي يحرصون عليه، ولكن عدوهم انتزع النصر منهم؛ لأنه أكثر عددا، أو لأنه أشد سلاحا، أو لأنه أحكم خططا، أو لأسباب أخرى قضت بها حكمة الله جل شأنه.

والمعارك من هذا النوع التي تصاب الأمم فيها بهزائم هي معارك تعتبر الهزائم فيها عوارض مؤقتة، فقد انهزم "الألمان" في المعركة الأخيرة لهم في الحروب العالمية الثانية، ولكن الهزيمة التي أدركتهم لم تنل من عبقريتهم العسكرية ولا الصناعية، وإنما عرضت لهم الهزيمة لظروف فوق الطاقة، وسرعان ما تغلبوا عليها، ولم تمض سنون حتى تجاوزوا الهزيمة، ورجعوا إلى مصاف الدول العظمى، وكذلك " اليابان "؛ والهزيمة التي وقعت في "أحد" من هذا القبيل.

هناك لقاء بين العمالقة، ربما قرأ القارئون أنباء الملاكمات والمصارعات التي تقع في حلائب الرياضة، إن ناسا بلغوا منتهى القوة، فما يهزم أحدهم الآخر إلا بعد عناء وجهد، هذا نوع من الهزيمة -كما قلنا- يستطع المهزوم في عواقبه أن ينهض على عجل، وأن يداوي جراحاته برجولة، وأن يستأنف السير في الدنيا بقدرة؛ لأن كيانه صلب، ولأن ما وقع له عارض مؤقت.

وليست كذلك الهزائم التي أصابت المسلمين في أيام أخرى من تاريخهم، انهزم المسلمون في "الأندلس"، وخرجوا تاركين هذا الفردوس المفقود، وبكى القائد الخارج لما وجد أن ماضيا عريقا قد ضاع، وأن ملكا ضخما قد تلاشى، فقالت له أمه: ابْكِ مِثْلَ النِّسَاءِ مُلْكَاً تَوَلَّى *** لَمْ تُحَافِظْ عَلَيْهِ مِثْلَ الرِّجَالِ

وكانت هزيمة المسلمين في "بغداد" التي أدخلت "التتار" عاصمتهم من هذا النوع أيضا، فإن الخلافة في "بغداد" كانت صورية، وكان الخليفة ومَن حوله ناسا ما يعرفون إلا الشهوات المطاعة، والأهواء المتبعة، والكهانات الباردة، والانتساب للنبي -صلى الله عليه وسلم- في ورق تُذكر فيه أسماء الآباء، ولكن ما ينتسبون إليه بالخلق العظيم، ولا بالفعل الكبير! ولذلك لما دخل "التتار" "بغداد" كانوا يقاتلون حكاما من هذا اللون الهابط، السخيف الوضيع، فكانت الهزيمة شيئا لابد منه.

فارقٌ بين هزائم العمالقة وهزائم المهازيل، إن المهزول شخص يمشي وهو ضعيف، جراثيم العلة تنخر في كيانه، فلو لم يضربه أحد لسقط بعد قليل من تلقاء نفسه؛ لأن العلل تأكل في جسمه، فالمعركة التي وقع فيها لم يهزم فيها لأنه لقي هزيمة عارضة، إنما هزم فيها لأنها كشفت ضعفه الحقيقي، وبينت ما في كيانه من علل.

ومن هذا النوع ما أصاب العرب سنة 1967م فإن هزائم العرب يومئذ كانت شيئا طبيعيا، فإن الله تعالى لا يهزم العلم أمام الجهل، ولا يهزم النظام أمام الفوضى، ولا يهزم إخلاص القادة لأممهم أمام خيانة القادة لشعوبهم!.

الفارق كبير بين هزيمة وهزيمة، هناك هزائم تقع لأصحابها فيشعر المنتصر بأن خصمه رجل كبير، وأن انتصاره عليه انتصار له ثمنه؛ وهناك هزائم تقع لأصحابها فيشعر المنتصر بأنه إنما كان يقاتل من لا وزن لهم ولا قيمة.

الذين اشتركوا في معركة "أحد" طراز من الرجال لا نظير له في الدنيا، ولذلك يرفض بعض المؤرخين القول بأن هزيمة وقعت في "أحد"، ويكتب السيرة النبوية على هذا الأساس، ويقول: لقد وقع قتال فعلا، ولكن موقف المسلمين في نهايته يشبه موقف المشركين.

كان يمكن أن نقول: إن المسلمين انهزموا لو أن شبرا من أرض "المدينة" احتُلَّ، ولكن ما احتُل شبرٌ من الأرض! كان يمكن أن نقول: إن المسلمين انهزموا لو أن ما أصابهم أسقطهم في الحلبة فلم يستطيعوا نهوضا، لكنهم بعد يوم كانوا يشتدون في دروب الصحراء يطاردون العدو، ويطلبون منه أن يتوقف كي ينازلوه مرة أخرى! ثم شيء أخير وهو أنهم دخلوا المعركة بإيمان راسخ، ويقين باذخ، فانتصروا في أولها انتصارا كاد يكشف جيش الشرك، بل إن المشركين رُؤوا وهم يشتدون في الأرض هربا! ولولا ما حدث من مخالفةٍ لأوامر النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كانت الخسائر التي نزلت بالأمة الإسلامية يومئذ.

لكي نُدرك من هم الرجال الذين قاتلوا في "أحد" أعرض هذه القصص لنعرف كيف يصنع الإيمان البطولة، وكيف يغري بالتضحية، وكيف يحبب إلى الناس لقاء الله، وكأنه ذهاب إلى حفل تكريم يسعى الإنسان إليه ببشاشة ورغبة! إن الرجال الذين يكتبون التاريخ بدمائهم، ويوجهون زمامه بعزماتهم، هم الذين صلُوا هذه الحرب في "أحد"، وحفظوا بها مصير الإسلام في الأرض.

روى أن "خثيمة" قتل ابنه في معركة "بدر" فجاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لقد أخطأتني وقعة بدر، وكنت -والله- عليها حريصا، حتى ساهمت ابني في الخروج، فخرج في القرعة سهمه، فرزق الشهادة، وقد رأيت البارحة ابني في النوم في أحسن صورة، يسرح في ثمار الجنة وأنهارها، يقول: الحق بنا ترافقنا في الجنة، فقد وجدت ما وعدني ربى حقا، وقد أصبحت -يا رسول الله- مشتاقا إلى مرافقته، وقد كبرت سني، ورقَّ عظمى، وأحببت لقاء ربى؛ فادع الله -يا رسول الله- أن يرزقني الشهادة، ومرافقة سعد في الجنة. فدعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقتل بأحد شهيدا.

وكان "عمرو بن الجموح" أعرج شديد العرج، وكان له أربعة أبناء شباب يغزون مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما توجه إلى "أحد"، أراد أن يخرج معه، فقال له بنوه: إن الله قد جعل لك رخصة، فلو قعدت ونحن نكفيك، وقد وضع الله عنك الجهاد؛ فأتى عمرو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن بَنيَّ هؤلاء يمنعونني أن أجاهد معك، ووالله! إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمـــَّـا أنت فقد وضع الله عنك الجهاد". وقال لبنيه: "وما عليكم أن تدعوه؟ لعل الله -عز وجل- أن يرزقه الشهادة". فخرج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقتل يوم "أحد" شهيدا.

وقال " النعمان بن مالك": يا نبي الله! لا تحرمنا الجنة -وذلك قبل نشوب القتال- فوالَّذي نفسى بيده! لأدخلنَّها. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بم؟ قال: بأني أحب الله ورسوله، ولا أفرُّ يوم الزحف. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صدقت. واستشهد يومئذ.

وقال "عبد الله بن جحش" في ذلك اليوم: اللهم إني أقسم عليك أن ألقى العدو غدا فيقتلوني ثم يبقروا بطني، ويجدعوا أنفي وأذني، ثم تسألني: فيم ذلك؟ فأقول: فيك.

هذه صورة للرجولة الفارعة التي اصطدم بها الكفر أول المعركة وآخرها، فماد أمامها، واضطربت من تحت أقدامه الأرض، فما ربح شيئا في بداية القتال، ولا انتفع بما ربح آخره؛ وهذا اللون من البطولة مدفون تحت جدران التاريخ الإسلامي القائم إلى اليوم. وما يقوم للإسلام صرح، ولا ينكشف عنه طغيان، إلا بهذه القوى المذخورة المضغوطة في أفئدة الصدِّيقين والشهداء.

كنت مع أخي وصديقي الحاج/ حافظ سلامة بطل معركة السويس، وهو رجل من المؤمنين الخيار، قال لي: إن أحدهم سقط "فكه" في المعركة، وأخذ الطبيب بخيط "لسانه" في "حلقه" كي يستطيع أجراء عملية تثبيت الفك الأسفل، فكان يصرخ أثناء العملية بكلام لم نفهمه، ثم طلب ورقة فكتب فيها إنه صائم، ولا يريد أن يتناول شيئا حتى يفطر! وقال لي مثل هذا في بعض الضباط الذين قاتلوا بجلَد.

وذكر أن روح المسجد هي التي صنعت هذه المقاومة، قال: إن الإيمان بالله، وإن الرغبة في مثوبته -جل شأنه-، وإن الحرص على مرضاة الله، وإن مواريث القرآن والسنة في دمائنا وفى بيئتنا، هي التي صنعت هذا اللون من الرجال الذين قاتلوا بقوة، وحرصوا على مرضاة الله إلى آخر رمق.

وهذا النوع موجود بكثرة، و ينبغي أن تكتب صحائف ناضرة بسيرته وبأخلاقه، ويقال: هذا ما صنعه القرآن، وصنعته السنة، في تكوين أبطال استخرجوا النصر من أشد الأيام ضنا به، فإن الواقع يوم يعرف سيعرف أن "المصريين" ما أدركوا هذا النصر بسهولة، ولكن الله امتن به على ناس تطلَّعوا إليه؛ راجين فضله، تطلعوا إليه بأبصارهم وبصائرهم، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة:143].

لكن، هل ستكتب هذه الوقائع الشاهدة بما يصنعه الإسلام في أيام الحرب وأيام السلام؟ أرجو؛ لأن هناك -كما أشعر- تيارات شاردة زائغة تحاول أن تخفي عمل الإسلام في هذه المعركة، وما تزال هذه التيارات تبذل الجهد لجعل الناس يعودون إلى الأيام الأولى، أيام العكوف على الشهوات، وأيام الجري وراء الأهواء، وأيام الكذب على الله وعلى الناس؛ ولكننا لن نقبل هذا، فنحن لهم بالمرصاد، ومعنا جماهير المؤمنين التي أعلنت وفاءها لكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

ونعود إلى سورة آل عمران وهى تتحدث عن المعركة، لقد تحدثت فذكرت الكثير، وما نستطيع أن نذكر هذا الكثير، لكن أول ما ذكرته الآيات أن الهزائم العابرة لا قيمة لها، وأن الأمم تدرك ما تريد بجلدها على تحمل الجراح، ومضيها في طريق الكفاح، و لابد أن تصل إلى ما تبغي أخيرا، وهذا معنى قوله تعالى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) [آل عمران:179].

ثم قال القرآن -في واقعية ينبغي أن تعرفها الأمم- للمهزومين أو للمتعبين: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ، وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ. وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران:140]، وهذه الكلمات أو هذه الجمل تحتاج إلى شرح، إن انتصار المسلمين في "بدر" جعل دائرة الإسلام تزدحم بطلاب الغنائم، وطلاب الشهرة، وطلاب المنفعة، وطلاب الحكم، وهذه طبيعة الدنيا، إذا كان الإنسان في رغد وفى قوة أقبل عليه الكثيرون، والله -عز وجل- يريد أن يكشف طبائع أولئك الذين ازدحموا حول نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ليبقى منهم الصادقون في إيمانهم، المخلصون لربهم، وليذهب بعيدا أولئك الذين جاءوا حوله انتظار منفعة، أو ارتقاب مغنم: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) [آل عمران:179].

إن الله لا يكشف الناس بوحي فيقول إن هذا مخلص، وهذا منافق، ولكنه يختبر المؤمنين، ومس السراء والضراء في حياتهم، هو الذي يبين أحوالهم، ويكشف خباياهم، فالمنافق إذا اغتنى شعر بالبطر، وإذا افتقر شعر بالقنوط، أما المؤمن فهو متماسك العاطفة، إذا اغتنى حمد الله فلم يبطر، وإذا تألم حمد الله فلم يقنط، وهو بين الصبر والشكر متماسك الخلق، قوى العقيدة، رفيع الرأس.

وبينت الآيات أن الاستشهاد ليس نكبة يعزى فيها، ولكنه رزق إلهي، أو مكافأة سماوية يتخير الله لها من أراد من خلقه، يتخير الله لها من أراد إعلاء رايتهم، يتخير الله لها من أراد إعلاء مكانتهم، ولذلك كان التعبير: ﴿وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾. وبديهي أن الشهداء منازل، وليسو في مرتبة واحدة، ففي حديث عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الشهداء أربعة رجل: رجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله حتى قتل، فذاك الذي يرفع الناس إليه أعينهم يوم القيامة هكذا -ورفع رأسه حتى وقعت قلنسوته"، يقول الراوى: فلا أدرى قلنسوة عمر أراد أم قلنسوة النبي، صلى الله عليه وسلم- قال: "ورجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فكأنما ضرب جِلده بشوك طلح من الجبن، أتاه سهم غرب فقتله، فهو في الدرجة الثانية، ورجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا، لقي العدو فصدق الله حتى قتل، فذاك في الدرجة الثالثة، ورجل مؤمن أسرف على نفسه، لقي العدو فصدق الله حتى قتل، فذاك في الدرجة الرابعة".

لا نريد أن نتتبع ما ذكرته السورة هنا تعليقا وتعقيبا على القتال الذى دار في "أحد"، لكن أريد أن أبرز أمرين: الأمر الأول هو أن المعركة جرت على هذا النحو خارج المدينة لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- استمع إلى كثرة المقترحين عليه أن يخرج، وكان كثرتهم من الشباب الذى هزه ما سمع من ثواب للمجاهدين، ومن كرامة للمستشهدين، فأراد أن يخرج متعجلا لقتال العدو.

وكانت هناك قلة ترى أن يُستدرج المشركون إلى داخل المدينة ليقضى عليهم في دروبها وأزقتها، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا الرأي، لكنه -لما وجد الكثرة تتجه إلى الخروج- نزل على رأى الكثرة وخرج، وانتهى القتال بما انتهى إليه.

هنا نرى أن الله -جل شأنه- يقول لنبيه -صلى الله عليه وسلم- كيف تعامل أصحابك بعد أن حدث ما حدث، هل تلومهم؟ هل تعاتبهم؟ لا! كُن بهم رحيما، كن معهم رقيقا، طيب خواطرهم، تلطف معهم، ولا تبرم أمرا إلا بعد أن تعرض الأمر عليهم وأن تشاورهم: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ، فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران:159]. "إذا عزمت فتوكل على الله" أي: إذا استقر الأمر على شيء، سواء كان رأيك أو رأى غيرك، فتوكل على الله.

وهذا ما حدث من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن الشباب بعد ما رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- قد خرج عليهم مستعدا للقتال، لابسا ملابس الحرب، قالوا: نحن استكرَهنا النبي على هذا. وعرضوا عليه أن ينزل على رأيه الأول، فرفض وقال: "ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته -وهى الدرع- أن يضعها حتى يحكم الله بينة وبين عدوه".

وهذا هو التوكل على الله. هنا أوجه النظر إلى أن بعض الكُتاب، وبعض الذين يقررون قضايا خطيرة في فقهنا وتاريخنا، يريدون أن يأخذوا من هذه الآية أن للحاكم أن يذهب إلى رأيه هو إذا كانت الشورى قد انتهت برأي يخالفه! وهذا كلام فارغ وتضليل، وهذا الكلام إنما دخل في الثقافة الإسلامية أيام الملوك الفجَرة، وأيام الحكام المستبدين، فإن الحكام المستبدين يحبون أن يفرضوا على الأمة آراءهم، ويريدون أن يعصوا الله، وأن يجيئوا بفتوى من هنا أو من هنا تسوغ لهم هذه المعصية.

والدنيا كلها تعلم أن الشورى خير، وأن الشورى فضيلة عرفها المؤمن والكافر، والصديق والعدو، وأن تجريد المسلمين من فضائل الشورى إنما هو قضاء عليهم، وإنما هو خدمة لبعض الحكام المستبدين، فيهم الذين يزعمون أنهم عباقرة، وما هم في الحقيقة إلا أشخاص تافهون، خلا لهم الجو فكانوا كالطير الذي قال فيه الشاعر: يا لَكِ مِنْ قُبَّرَةٍ بِمَعْمَرِ *** خَلا لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي واصْفِرِي قد رُفِعَ الفَخُّ فَلَا تَحْذَرِي *** وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي قَدْ ذَهَبَ الصيَّادُ عَنْكِ فابْشِرِي *** لا بُدَّ يوماً أنْ تُصَادِي، فاصْبِرِي

إن حكاما كثيرين تجاهلوا الشورى ونظامها، وهو نظام أساسي في الإسلام، وبلغ من دقة التوجيه الإسلامي أنه في جراحات "أحد"، وفي غمرة الآلام التي أصابت النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول الله له: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾.

وقد حكوا عن الشيخ محمد عبده أنه قال: ما تصلح الأمة إلا بمستبد عادل! والشيخ محمد عبده أشرف من أن يقول هذه الكلمة، لا يوجد مستبد عادل، كلمة مستبد عادل ككلمة صادق كاذب، عالم جاهل، تجمع المتناقضات. إن المستبد لا يكون عادلا، إن الاستبداد وليد الخنا، ووليد الفجور، ووليد المظالم، وهو سرطان في الأمم الذي ينبغي أن تتقيه، وأن تبتعد عنه.

الأمر الثاني الذى نريد أن نبرزه من غزوة "أحد" هو أن المؤمن لا يجوز أن ينظر إلى الماضي إلا بقدر ما يأخذ منه العبرة، والنظر إلى الماضي لأخذ العبرة جزء من الإيمان، وهو معنى قوله جل شأنه: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ? فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج:46]. إن أخذ العبرة استجابة لأمر الله: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار﴾ [الحشر:2]، لكن إذا كان النظر للماضي نوعا من التحسر على آلام الحاضر، ونوعا من الفجيعة التي مبعثها جهل الأقدار الإلهية، وعدم فهم الحقيقة الأزلية الأبدية التي قررها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة:51]، إذا كان البكاء على الماضي من نوع: لو أنى فعلت كان كذا وكذا. فــــ: "لو هذه تفتح عمل الشيطان" كما قال -عليه الصلاة والسلام-.

وقد كان المشركون يقولون: (لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا فرفض القرآن أن يكون هذا منطق المؤمنين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) [آل عمران:156]. المؤمن يقول -كما أمر الله-: ﴿لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ﴾ [آل عمران:154]، إن أحدا لن يموت ناقص أجل أو ناقص عمر، هو كتاب محدد: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا﴾ [آل عمران:145].

إن سورة آل عمران مضت إلى آخرها تعلق المؤمنين بعبر وهدايات، انتهت بدعاء أولي الألباب، وانتهت بأن الدعوة المستجابة هي العمل الصالح، ثم انتهت بأمر صارم جازم يقول للمؤمنين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران:200].

اصبروا: فإن إطاعة الشهوات والجزع من التكاليف لا يكون شيمة مؤمن. وصابروا: فغيركم سيصبر، فليكن صبركم أكثر من صبر عدوكم،؛كأن هناك سباقا في الصبر. ورابطوا: كونوا دائما مستعدين للقاء العدو، فإن نسيان المعارك، أو العودة إلى حياة المرح، هي قرة عين العدو؛ إن هذه العودة هي التي ستصنع هزيمة أخرى، وما نريد أن نعود عن رباطنا ضد عدونا، خصوصا وأن المعارك بين الإسلام وقوى الشر المتربصة به لا تزال باقية.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ﴿الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ(26)﴾ [الشورى:25-26].

وأشهد أن لا إله إلا الله، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً رسول الله، إمام الأنبياء وسيد المصلحين. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.

أما بعد: في المسجد الآن وفدان، لكل منهما مطلب، نرجو أن تتبناه حكومتنا.

الوفد الأول من "جزيرة الذهب" وهى هنا تعترض "النيل" المبارك، ويعيش فيها ألوف ممن يقدمون لنا الخير، ويصنعون لهذا البلد الكثير من أسباب رفاهيته؛ فإن هذه الجزيرة كما قرأتُ -وقرأ غيري- أن بعض الأغنياء عرض أن يشتريها بعشرة ملايين من الجنيهات كي يجعل منها جزيرة سياحية، ومعنى جعلها جزيرة سياحية أن نصنع بقعة نجسة لاهية عابثة فوق ماء النيل، وأن نحرم الألوف الذين يعيشون على الزرع والضرع، ويقدمون للقاهرة الخير، نحرمهم من حياتهم الطبيعية.

نحن لا نريد أحياء سياحية جديدة في بلادنا، حسبنا الخزي الذي يقع في شارع "الهرم"، حسبنا هذه الألوف من السياحات الخبيثة التي تعرض فيها الشهوات والملذات! نحن لا نريد أن نبيع هذه الأرض ولا بمائة مليون من الجنيهات، والمثل العربي يقول: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها!.

نريد أن يفهم هذا المثَل الحريصون على السياحة في بلدنا، إن السياحة يمكن أن تكون شيئا آخر غير ما يفهمه اللاهون والعابثون، يمكن أن نعرض أخلاق الإيمان، وشمائل الرجال، وتواريخ الأبطال، وآثار الذين صنعوا الحضارة.

أما أن نعرض مفاتن الراقصات، ونجيب الغرائز الدنسة، فليست هذه سياحة، هذا عبث، ويجب أن تبقى الجزيرة ملك أصحابها.

الوفد الثاني من "وادي النطرون" يقول: إن هنالك عشرين ألفا من المسلمين الفقراء كانوا ينتظرون أن يفلحوا الأرض التي تم استصلاحها، ولكنهم فوجئوا بأن هذه الأرض تباع بالمزاد لمن يستطيعون أن يدفعوا الثمن الأكبر. هذا لا يجوز! فإن عشرين ألفا من الفقراء يحتاجون إلى أن يفلحوا الأرض يجب ألَّا يتركوا فقراء. نرجو أن يكون هذا وذاك موضع النظر، فإن أمتنا لا تريد أن تعود إلى عبث أو ظلم.

"اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر"

﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر:10].

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل:90].

بطاقة المادة

المؤلف محمد الغزالي
القسم خطب الجمعة
النوع مقروء
اللغة العربية