حكمة الله تعالى في العصاة والكفرة

عناصر الخطبة

  1. نعم الله على خلقه وجحدهم لها
  2. قصص مخيفة في عواقب كفران النعم
  3. عواقب الذنوب والمعاصي على الأفراد والشعوب والأمم
  4. تفشي الذنوب والمعاصي بين المسلمين
  5. أهمية التأمل والتفكر في الحوادث الكونية والكوارث
  6. خطر المجاهرة بالذنوب والاستمرار عليها
  7. وجوب التوبة من الذنوب وعدم استصغارها
اقتباس

منهم من خسف الله به الأرض. ومنهم من أخذته الصيحة والرجفة والصاعقة. ومنهم من أغرقتهم مياه البحار والأنهار. ومنهم من قلب الله عليهم ديارهم، فأفناهم وأخزاهم. ومنهم من أهلكهم الله بالريح العاصفة. ومنهم من أرسل الله عليهم سحابة أظلتهم ثم التهبت عليهم ناراً. ويجسد القرآن الكريم ذلك الأمر، ويصوره تصويراً بـ…

الخطبة الأولى:

الحمد لله العزيز العليم: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [غافر: 3].

هو ربي عليه توكلت وإليه متاب، أحمده سبحانه على عافيته العظيمة، ونعمه الكريمة، وآلائه الجسيمة، التي تجدد كل آن في الأبدان والأوطان.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، واحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11].

﴿لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ(13)﴾[ [الرعد: 11-13].

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي حذر أمته الذنوب، وبين عظيم خطرها على الأبدان والقلوب، وعلى الأفراد والشعوب، وأنها تزيل النعم عن العباد، وتورث أنواع الفساد، وتحل النقم والمصائب في البلاد، ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وزوجاته أمهات المؤمنين، وخلفائه الراشدين والصحابة المهديين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102].

وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء: 1].

وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾[الأحزاب: 70- 71].

أما بعد:

فاتقوا الله -أيها المسلمون-: حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، وإياكم واتباع الهوى، فهو مزلقة خطيرة، ومزلة كبيرة.

أيها المسلمون: خلق الله الخلق ووهب لهم الخيرات تترى، ورزقهم صنوفاً من النعم شتىً: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾[النحل: 18].

وأمرهم بعبادته وحده لا شريك له، لكن الكثير منهم تمردوا وعصوا، ورفضوا الحق، وتهافتوا على الباطل، فأراد الله -عز وجل- أن يقيم على العصاة الحجة والبيان، وعلى المجرمين والمذنبين الحق والبرهان، فأرسل الرسل الكرام، وأمرهم بالتبليغ والتبيان، ليقوم على الناس عدل الميزان.

فهل يا ترى كل الناس آمنوا، ولنعم ربهم شكروا، أم أن أكثرهم عن طريق الحق ابتعدوا، ولطريق الشر تنكبوا؟

يجيبك الكتاب العزيز بكلام رب العزة والجلال، بقوله سبحانه: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾[يوسف: 103].

وهل يا ترى شكر العباد نعمة رب العباد، أم أن أكثرهم كفروا، ولنعم ربهم جحدوا؟

يجيبك على ذلك كلام رب البرية، في قوله سبحانه: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾[سبأ: 13].

﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾الأعراف: 17].

وإن المتأمل في واقعنا اليوم، ليستدل دلالة قاطعة على عدم شكر النعم، أو حتى القيام بأبسط حقوقها.

فقد بخل الغني بمال الله، ورُميت النعم والخيرات في صناديق المهملات، تضييع للمال في غير وجهه، إسراف وتبذير، شح وتقتير، والعاقبة؛ كما قال الله -تعالى-: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾النحل: 112].

فكم من دول وشعوب كانت تحظى بجنة في أرضها، فلما تمردت على أوامر ربها، وانتهكت حرماتها، أبدلها الله -عز وجل- بالشقاء بدل السعادة، والخوف مكان الأمن، هذا هو المصير لمن ضل الطريق، وابتعد عن جادة الصواب، قال تعالى: ﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾[النور: 55].

فسبب زعزعة الأمن، ونزع الأمان، وإشعال فتيل الخوف في الأوطان، الكفر بالواحد الديان، فأي دولة مهما عظمت أو صغرت، ومهما تقدمت تقنياً وتكنولوجياً واستراتيجياً أو تخلفت، إن فعلت أسباب العذاب، فيصيبها نقص من الأموال والأنفس والثمرات، وتبتلى بشيء من الخوف والجوع، ويعتريها التناحر والاضطرابات والفوضى، وتعمها المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

هكذا اقتضت حكمة المولى -جل وعلا- في العصاة، ومن أقاموا على الذنوب والآثام، واستمرءوا المعاصي والحرام.

ولقد ضرب القرآن الكريم مثلاً رائعاً لمن أراد أن يذكر، أو أراد شكوراً، مثلاً يجسد فيه القرآن الكريم رحمة الله -تعالى- بمن أطاعه، واتبع أوامره، وشدة انتقامه لمن خالف قوانينه الإلهية الشرعية.

فلقد كانت أرض سبأ في اليمن جنة خضراء في أرض قفراء، قاحلة لا زرع ولا ماء، فأجراها الله أنهاراً وعيوناً، فأنبتت زروعاً وثماراً، وآتت أكلها من كل شيء، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾[سبأ: 15].

هكذا ينعم المتفضل -سبحانه- على عباده الضعفاء الفقراء، إن هم أطاعوه وامتثلوا أوامره، ولكن إذا خالف العبد أوامر سيده ومولاه، فحتماً ستكون النتيجة؛ كما فعل الله -تعالى-بقوم سبأ عندما أعرضوا عن الله وعن أوامره، قال تعالى: ﴿فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ(17)﴾[سبأ: 16-17].

فاعتبروا -رحمكم الله- بأقوام وأمم سبقتكم إلى هذه الحياة الدنيا، ونالوا من زهرتها وزينتها أعظم منال، فلما عصوا ربهم أهلكم ودمرهم، وليس لهم من دون من ولي ولا نصير.

أهلكتهم الحروب والفتن والمحن، وليس لها من دون الله كاشفة.

فعودوا إلى الله، وراجعوا دينكم، واعرضوا أنفسكم على كتاب ربكم، وسنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم-، ففيهما الخير والسبيل الأقوم.

أمة الإسلام: أرسل الله نبيه نوحاً -عليه السلام- بالدين القويم، لهداية قومه إلى الطريق المستقيم، فأخذ يدعو قومه ليلاً ونهاراً، ومكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، فأبوا أن يطيعوه، بل عصوه ونبذوه وكادوا أن يقتلوه، فقالوا لنبيهم: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾[الشعراء: 116].

فهددوه إن لم يرجع عما يدعوهم إليه من التوحيد الخالص، وإفراد الله -تعالى- بالعبادة دون سواه أن يرجموه بالحجارة، ولكنه عليه السلام لم يرع لهم سمعاً، ولم يلق لهم بالاً، بل اتبع أمر ربه، وبلغ رسالته، ولكن القوم تمادوا في طغيانهم وعتوهم وجبروتهم.

وهكذا كذبوه ولم يطيعوه، واستهزءوا به وسفهوه، فأمره ربه -تبارك وتعالى- أن يصنع السفينة على اليابسة، فاتهموه بالجنون، قال تعالى: ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ(39)﴾[هود: 38-39].

وتعجب منه قومه كيف يبني سفينة في أرض قفر، لا ماء فيها ولا بحر، ولا محيط فيها ولا نهر، ولكنها حكمة العالم الحكيم، الخبير العليم، فلما يأس من قومه، ولما جاء أمر الله، وكان أمر الله قدراً مقدوراً، لا محيد عنه ولا صارف، عند ذلك أمره ربه أن يركب الفلك هو وأهله، وأن يأخذ معه من كل زوجين اثنين، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾[هود: 40].

فلما حل الأجل المحتوم، وجاء اليوم المعلوم، ركب نوح -عليه السلام- سفينته، هو ومن آمن معه، ثم حاق بقومه غضب الله -تعالى-، فأرسل عليهم الطوفان الهادر، والبحر الهائج، والمطر المنهمر، فتفجرت الأرض عيوناً، وانهمرت السماء مطراً، فغرق قوم نوح نتيجة كفرهم وتكذيبهم، ونجى الله عباده المؤمنين، قال تعالى: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)[الشعراء 119-122].

ويذكر الله -جل وعلا- قصة من تعالى على مقام الألوهية، وادعى الربوبية، إنه فرعون الطاغية، ولكن الله -جل وعلا- حكم عدل، رؤوف رحيم، فأرسل له نبيان كريما، شقيقان أخوان، موسى وهارون -عليها السلام-، أرسلهما إلى فرعون لعله يتوب يرجع إلى ربه ويئوب، لكنه كذب وعصى، وقال: ﴿أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى﴾[طه: 57].

وقال لقومه: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾[القصص: 38].

ومع ذلك العناد والكبر والفساد، إلا أن أرحم الراحمين، قال لنبييه -عليهما السلام-: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾[طه: 44].

فلعله أن يعود إلى رشده، ويرجع عن زيغه وغيه، فما زاده إلا غروراً وإصراراً، وإباءً واستكباراً، فقال بكل زهو وخيلاء: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾[الزخرف: 51].

فأجراها الله من فوق رأسه، فمات غرقاً، فجعله الله -تعالى- عبرة للعصاة والمذنبين على مر العصور، وجريان الدهور، قال تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾[يونس: 92].

وهكذا توالت القصص والمشاهد بين الأنبياء والرسل، وبين المكذبين من أقوامهم، وبني جلدتهم، فكم هم الأقوام الذين كفروا، وأشركوا بالله، وألحدوا وعبدوا مع الله غيره، فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا: ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾[فصلت: 16].

فمنهم من خسف الله به الأرض.

ومنهم من أخذته الصيحة والرجفة والصاعقة.

ومنهم من أغرقتهم مياه البحار والأنهار.

ومنهم من قلب الله عليهم ديارهم، فأفناهم وأخزاهم.

ومنهم من أهلكهم الله بالريح العاصفة.

ومنهم من أرسل الله عليهم سحابة أظلتهم ثم التهبت عليهم ناراً.

ويجسد القرآن الكريم ذلك الأمر، ويصوره تصويراً بليغاً، قال تعالى: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾[العنكبوت: 40].

هذه -عباد الله-: عاقبة العصاة والمذنبين، والمجرمين والمستكبرين، والمكذبين والمعاندين: أن يجعل الله عاقبة أمرهم خسراً، عدلاً منه وقسطاً، فسبحانه من رب رؤوف رحيم، لا يأخذ العبد بأول الهفوة، وبداية الزلة، بل يمهل ويملي لعل الظالم يعود، والعاصي يرجع، والكافر يسلم، فإن لم يفعلوا ذلك، أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

أخرج الشيخان من حديث أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ” قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾[هود: 102].

أمة الإسلام: وبعد هذا العرض الموجز، والذي نتبين من خلاله خطورة المعاصي على الأفراد والأمم، والشعوب والدول، فإنه يسوءنا ويؤلمنا -نحن المسلمين- تفشي المعاصي، وانتشار الفساد والجريمة في أوساط المسلمين.

فكم هي المعاصي والذنوب، وكم هي الكبائر الجسام، والموبقات العظام، التي تعج بها أوطان المسلمين اليوم، بلا ترو ولا هوادة، ودون خوف من الله، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾[ الأعراف: 179].

أفلا يدكر الناس اليوم بما حصل ويحصل للعصاة والمذنبين على مر الدهور، وتقلب العصور، أم يريد أحدهم أن يكون عبرة للمعتبرين، وذكرىً للذاكرين؟!

فاحرص -يا عبد الله-: أن تكون من أهل الطاعة والخير، وممن يطلب الجنة، ويحذر النار، فكم غرقت الأمة في مهاوي الردى، وانزلقت في أوحال الهوى، فعصت الخالق -جل وعلا-، فهاهو الربا والزنا، واللواط والرشوة، ومعاكسة النساء، وتعري المسلمات وتبرجهن، وشرب الخمور والدخان، وتعاطي المسكرات والمخدرات، وعقوق الوالدين، وهجر المساجد، وترك الصلوات، وسماع الأغاني المحرمات، ومشاهدة النساء عبر الشاشات والمجلات، وأكل أموال العمال والأجراء، وأموال اليتامى ظلماً وعدوناً، وظلم الزوجات والأبناء، وخيانة الأمانة، والسحر والشعوذة، والكذب والغش والتدليس، وعدم الوفاء بالوعد، ونقض العهد، ونقص الميزان، والحسد والكبر والغرور، والتخلي عن نصرة المسلمين، وقضاياهم العادلة، وإقامة علاقات مودة ومحبة مع أعداء الله -تعالى-، وتشبه بالرجال والنساء والكفار، وارتكاب النواهي، وترك الأوامر.

فسبحان الله العظيم كيف يمهل ثم يأخذ ولا يظلم: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾[فصلت: 46].

أيها المسلمون: لما عذب الله -تعالى- قوم لوط نتيجة كفرهم، وفعلهم الفاحشة العظيمة، والرذيلة الخطيرة، والجريمة الكبيرة، حذر عباده من مغبة أن يصيبهم مثل ما أصاب من قبلهم ممن كذبوا بآيات الله وعصوا رسله، فقال سبحانه: ﴿وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾[هود: 83].

وحذر شعيب -عليه السلام- قومه إن هم فعلوا المعاصي، وكذبوا رسل ربهم: أن عاقبتهم ستكون كما فعل بأشياعهم من قبل، قال تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾[هود: 89].

إن ما حصل لمن سبقنا من الأقوام السالفة، وما يحصل اليوم للمكذبين والمعاندين، والمتجبرين والمتغطرسين، لهو نذير لئن يعود العاصي عن عصيانه، ويتوب المذنب من ذنبه، ويحكم العاقل عقله، وإلا حاق بالجميع مكر الله، قال تعالى: ﴿وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ﴾[الأنعام: 123].

وقال تعالى: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾[فاطر: 43].

فاستيقضوا -معاشر المسلمين-: من رقدتكم، وأفيقوا من نومكم، وأنيبوا إلى ربكم، من قبل أن يحاط بكم، وكفاكم زهواً وغروراً، وعتواً وفجوراً، وأنقذوا أنفسكم من نار تلظى، لا يصلاها إلا الأشقى، الذي كذب وتولى: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾[الأنعام: 65].

فإلى الله المهرب، وإليه الملتجأ: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾[الذاريات:50].

معاشر المسلمين: تفكروا فيما يجري من الحوادث الكونية، والكوارث الطبيعية، التي أصابت الدول من حولكم، من فيضانات، وبراكين، وحرائق للغابات، وتدمير للمقدرات، فضلاً عن الزلازل المهلكات، إنها آيات من الله باهرات، أزهقت الأنفس، وأبادت الغابات، وأتلفت الأموال، وأهلكت الحرث والنسل، وهدمت المباني والمنشآت.

إنها كوارث عظيمة، ومخاطر كبيرة، منذ عصيان الإنسان الأول حتى يومنا هذا.

كوارث ينسي بعضها بعضاً، كل ذلك بما كسبت أيدي الناس من الفساد والإفساد، ومن الذنوب والمعاصي، قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾[الشورى: 30].

وقال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾[الروم: 41].

وتأملوا قول الله -تعالى- في الآية: ﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾[الروم: 41].

ولو أذاقهم كل ما عملوا لما بقي على وجه الأرض أحد، مصداقاً لقول الحق -تبارك وتعالى-: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾[النحل: 61].

فلا يعتقد معتقد، ولا يظن ظان، أن هذه الظواهر والكوارث إنما هي مصادفة، أو لا حكمة فيها، بل أبطل الله -تعالى- ذلك في كتابه العزيز، فقال سبحانه: ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾[الإسراء: 59].

فهذه الآيات الغريبة، التي تحمل بين طياتها عذاباً، يظنه الظمآن ماءً، ويعتقده المجرم عارضاً ممطراً، فإذا بها ريح فيها عذاب أليم، وظلة فيها عقاب شديد.

ولا ينبغي أن تمر علينا تلك الأحداث والكوارث والمصائب مرور الكرام، بل لا بد من أخذ العبر، والوقوف منها وقفة صادقة، وقفة محاسبة للنفس، ومراجعة للحسابات: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾[الحشر: 2].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وجعلنا لنبينا متبعين، وبشريعته محكمين، وبسنته مهتدين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل إثم وذنب، فاستغفروه إنه كان غفاراً.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى الأنبياء إخوانه، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن اقتفى أثرهم واستن بسنتهم بمنه وكرمه وإحسانه.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله-: وراقبوه في تصرفاتكم، واحذروا سطوته وانتقامه، واحذروا عذابه: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾[الإسراء: 57].

أيها المسلمون: ألا وإن من عجائب المشاهدات، ومن غرائب المفارقات، من يفتخر بمعصيته، وربما رأى في نظره القاصر ضرورتها لحاله، فلا يزال يرتكب الذنب بعد الذنب، والمعصية تلو الأخرى، حتى تهون عليه المعصية، وتصغر في قلبه الخطيئة، وذلك من علامات موت القلب وفساد الفطرة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان! عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه“[متفق عليه].

ألا فاعلموا -عباد الله-: أن الذنب كلما صغر في عين العاصي، عظم عند الله -عز وجل-؛ لأنه دليل على عدم تعظيم حرمات الله -تعالى-: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾[النور: 15].

أيها المؤمنون: إن خطورة الاستمرار على المعاصي تظهر نتيجتها عند فراق الدنيا، والإقبال على الآخرة، حيث يحال بين المرء وقلبه في أحوج لحظة، وعند أعظم مصيبة، وفي أحلك المواقف، وأصعب الظروف، حيث تُعرض عليه معاصيه، فيزينها له الشيطان، وربما يهذي بها في سكرات الموت، حتى تحول بينه وبين النطق بشهادة الحق، قال تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ [النساء: 18].

وقال سبحانه: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾[الصف: 5].

ألا فاتقوا الله -عباد الله-: واعلموا أن الذنوب والمعاصي تضر في الحال والمآل، وأن ضررها في القلوب كضرر السموم في الأبدان.

وما من شر وبلاء، وفتنة وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي.

وإن المتأمل في واقع الحال اليوم يرى يقيناً خطورتها، واستفحال العذاب بسببها.

إننا نرى اليوم إغراق كثير من المساحات الشاسعة من اليابسة بمياه الأمطار والبحار، وتهدم المنازل والبنيان الشامخة على أثر العواصف، والرعود القاصفة، فسبب المصائب والفتن كلها الذنوب.

فالذنوب والمعاصي ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا في قلوب إلا أعمتها، ولا في أجساد إلا عذبتها، ولا في أمة إلا أذلتها، ولا في نفوس إلا أفسدتها.

خل الذنوب صغيرها *** وكبيرها فهو التقى

واصنع كماش فوق أرض*** الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة إن *** الجبال من الحصى

في الصحيح عن عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قال: “إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ قَالَ بِهِ هَكَذَا فَطَارَ“[أخرجه البخاري وأحمد والترمذي].

فاحتقار الذنب واستصغاره والتهوين من شأنه، من أسباب الإصرار على المعصية الذي جعله الله من أسباب منع المغفرة، وطمس القلب واتصافه بالغفلة.

فلا تنظر -أخي-: إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت، فقد عصيت من بيده ملكوت السموات والأرض، لقد عصيت من له جنود السموات والأرض، لقد عصيت من خلقك فسواك فعدلك.

ووالله لو تفكر الناس في عظمة الله ما عصوا الله -عز وجل-.

فاحذر -يا عبد الله-: أن يكون الله أهون الناظرين إليك، قال تعالى: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾[النساء: 108].

فاتقوا الله -عباد الله-: واستقيموا على منهاج النبوة، وتربوا بتربية القرآن الكريم، ففيهما الخير والنور المبين.

هذا، وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على الحبيب المصطفى، والنبي المجتبى، أفضل الخلق شرفاً ونسباً، وأعظم البشرية عزاً ومجداً، وخير البرية ذكراً وطهراً، النبي محمداً، ممتثلين أوامر الخالق -جل وعلا-، حيث قال قولاً كريماً: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾الأحزاب: 56].

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخط والنار.

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز في أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً، ونسألك عيشاً رغداً، وولداً باراً، ورزقاً داراً.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

اللهم إنا نسألك عيش السعداء، ونزل الشهداء، ومرافقة الأنبياء، والنصر على الأعداء، والفوز في القضاء يا سميع الدعاء.

اللهم طهر مجتمعات المسلمين من كل فاحشة ورذيلة، ومن كل عادة خبيثة دخيلة، يا أرحم الراحمين.

اللهم اهد شباب المسلمين، ورد ضالهم إليك رداً جميلاً.

اللهم جنبهم قرناء السوء والفساد، اللهم أقر عيون الآباء والأمهات بصلاح أبنائهم وبناتهم، يا رب العالمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين.

اللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، نسألك نصراً وعزاً وتمكيناً للإسلام والمسلمين.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك، الذين يقاتلون أعدائك لإعلاء كلمتك.

اللهم انصرهم في فلسطين والشيشان، وفي كشمير وأفغانستان، وفي كل مكان يا رب العالمين.

اللهم أقر عيون المسلمين بعودة أراضيهم ومقدساتهم إلى حوزتهم.

اللهم فك أسر المأسورين من المسلمين في كل مكان، فقد لاقوا أشد العذاب والعناء، ولا ناصر لهم إلا أنت في زمن قل فيه الناصر والظهير.

اللهم ثبت حجتهم، وأخرجهم من سجونهم سالمين غانمين، واجعلهم مجاهدين في سبيلك فاتحين يا أرحم الراحمين.

اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين، اللهم عليك باليهود والنصارى المعتدين، اللهم اشدد عليهم وطأتك، وارفع عنهم يدك وعافيتك، وسلط بعضهم على بعض، اللهم أهلكهم بالقحط والسنين، اللهم أغرقهم بالفيضانات المغرقة، والأعاصير المهلكة.

اللهم دمر مقدراتهم، واهلك حرثهم ونسلهم، واجعلهم غنيمة للمسلمين يا قوي يا عزيز.

اللهم إنا دعوناك في وقت إجابة الدعاء فلا تردنا خائبين، اللهم لا تردنا خائبين، واجعل لدعائنا باباً وقبولاً، يا رب العالمين.

اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، واجعل عمله في رضاك، اللهم هيئ له البطانة الصالحة.

اللهم وفقه للعمل بكتابك، واتباع سنة نبيك -صلى الله عليه وسلم-.

اللهم اربطه بالعلماء العاملين، واجعلهم له خير دليل ومعين، إنك على كل شيء قدير.

﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾[البقرة: 201].

عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[النحل: 90].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾[العنكبوت: 45].