أخطاء المصلين قبل الإقامة 1

عناصر الخطبة

  1. أخطاء يقع فيها بعض المصلين قبل الإقامة
  2. الوسواس أثناء الصلاة
  3. خطأ عدم الانضمام للجماعة عند التشهد الأخير
اقتباس

نريد أن نستعرض اليوم -إن شاء الله- ملاحظات وأخطاء يمارسها بعض المصلين في الفترة ما بين خروجهم إلى المسجد للصلاة وحتى ..

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾ [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

نريد أن نستعرض اليوم -إن شاء الله- ملاحظات وأخطاءً يمارسها بعض المصلين في الفترة ما بين خروجهم إلى المسجد للصلاة وحتى قبل الإقامة.

أيها الإخوة: من الملاحظات تعمّد التأخّر عن الجماعة، والإدمان على ذلك؛ والثناء في القرآن إنما توجَّهَ لمن كانت الصلاة هي شغله الشاغل، ولم يلتهِ عنها بأية مصلحة أخرى، قال -سبحانه-: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ [النور:37].

وهؤلاء الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة -في الغالب- قلوبهم معلقة بالمسجد، وقد صحّ في مسلم أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله"، وذكر منهم: "ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه".

فالتبكير إلى المسجد مغنم عظيم جدًّا؛ في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون -أي: من الأجر العظيم- ما في التهجير -أي: التبكير والمبادرة إلى المسجد- لاستبقوا إليه، ولَوْ يعلمون ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ -العشاء والفجر- لأتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا".

والذي يحرص على التبكير يدرك تكبيرة الإحرام بلا شك، وإدراك التكبيرة الأولى تاج يعتز به المبادر، جاء في صحيح الجامع قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق".

والذي يبكّر إلى الصلاة لا بد له من انتظار الإقامة، فهل في انتظاره للصلاة خسارة وقت؟! كلا! بل -والله- ربح كبير؛ لأنه لا يزال في صلاة ما انتظرها، وهذا من فضل الله تعالى على المبكرين، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة". متفق على صحته. وفي رواية للبخاري: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة".

وإذا أشغل نفسه حين انتظاره للإقامة بالذكر وقراءة القرآن كان استثماره لوقته أكبر؛ إذ تدعو له الملائكة ما دام في مصلاه يذكر الله، فقد صح في البخاري أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث فيه، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه".

فوقت انتظار الإقامة وقت جليل يكسبك الكثير، فأنت في صلاة ما دمت تنتظر الصلاة، والملائكة تدعو لك، وأنت كذلك في وقت إجابة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- فيما صحّ في السنن من حديث أنس: "الدعاء لا يُردُّ بين الأذان والإقامة"، قالوا: فما نقول يا رسول الله؟! قال: "سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة".

ولذلك؛ فإن من الخطأ والخسارة أن يشغل الإنسان ذلك الوقت القيم بكلام الدنيا الكثير، يأتي مبكرًا لكن يتكلم بكلام الدنيا، أو يتململ، فنسأل الله أن يعيننا على أنفسنا، وأن يرزقنا حسن العبادة من فضله وكرمه.

معاشر الإخوة: من الملاحظات بعد التأخر أو تعمد التأخر وإدمان التأخر الاستهانة في التزين عند الخروج للمسجد، مع أن الأمر في الآية صريح: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف:31]، قال ابن عبد البر -رحمه الله-: "وأما الذين يأتون إلى المسجد في هيئة رثة، ورائحة كريهة، وثياب المهنة، وملابس النوم، فلا شك أن هؤلاء لم يكلفوا أنفسهم الاعتناء بأخذ الأدب اللازم في بيوت الله -تعالى-، وهم قد خالفوا قوله -تعالى-: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾".

أما الرائحة؛ فليحذر المصلي من أن يؤذي الآخرين برائحة العرق أو برائحة الثوم أو البصل أو السجائر، فإما أن يكون نقيًّا من هذه الشوائب، وإلا فمكثه في بيته -وهو في تلك الحال- أولى من مجيئه وإزعاج المصلين.

في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الحاجة -ما عندهم شيء- فأكلنا منها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس".

وفي صحيح البخاري من حديث أنس -رضي الله عنه-، قيل لأنس: ما سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في الثوم؟! قال: "من أكل فلا يقربن مسجدنا".

فللمسجد مقامه الكبير عند الله تعالى، فأنت -أيها المسلم- إذا قدمت إلى المسجد إنما تفِد إلى ربك -عز وجل-؛ فهل يليق أن تفد إلى ربك بملابس النوم، أو ملابس البيت، أو بتلك الرائحة؟! هل هذا من التوقير؟! ولقد قال -تعالى-: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [النور:36]، قال البغوي: "البُيُوت المساجد، قوله: ﴿أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ﴾ قال الحسن البصري: "أن تعظم"، فمن التعظيم الزينة في الملبس، والتماس الرائحة الطيبة".

من الملاحظات -أيها الإخوة- ترك دعاء التوجه للمسجد، ففي صحيح مسلم وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "فصلّى -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- ركعتي الفجر -أي سنة الفجر- ثم خرج إلى الصلاة وهو يقول: اللهم اجعل في قلبي نورًا، واجعل في لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل خلفي نورًا، وأمامي نورًا، واجعل من فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، اللهم وأعظم لي نورًا". هذا دعاء التوجه للمسجد؛ لماذا لا يحفظه كل أحد منا قبل أن يذهب للمسجد ويتلوه ويقوله؟!

وكذلك إهمال دعاء دخول المسجد، فقد صحّ في مسلم وفي الجامع الصغير من حديث أبي حميد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دخل أحدكم المسجد فليصلِّ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليقل: اللهم إني أسألك من فضلك".

من علامات الإهمال الدارجة جدًّا: دخول المسجد بالرجل اليسرى بدلاً من اليمنى أو الخروج منه باليمنى بدلاً من اليسرى! كأن المسجد بيت خلاء! نسأل الله العافية! فالسنة دخول المسجد بالرجل اليمنى والخروج منه بالرجل اليسرى لا العكس.

والعجيب أن هذا العمل الصالح لا يشكل صعوبة ولا حرجًا، ومع ذلك يترك! لماذا يترك؟! أليس هو الإهمال المحض؟!

في السلسلة الصحيحة عن أنس -رضي الله عنه- قال: "من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى"، قال الحافظ: "وقول الصحابي: من السنة، محمول على الرفع"، أي: إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان ابن عمر -رضي الله عنه- يبدأ الدخول برجله اليمنى، حتى إذا خرج بدأ برجله اليسرى.

ومن الأخطاء أن يدخل المسجد متلثمًا ويستمر في لثامه حتى بعد إقامة الصلاة بلا ضرورة، ففي حديث أبي هريرة في سنن ابن ماجه بسند صحيح: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يغطي الرجل فاه في الصلاة".

ومن المنغصات على الإنسان "الوسواس"، فما أن يكبّر تكبيرة الإحرام خلف الإمام إلا ويأتيه الوسواس، هل نويت؟! لعلك لم تنوِ… وهكذا، وبشكل عام -أيها الإخوة- ينبغي على كل مسلم ابتُلي بالوسواس أن يقدح الوسواس جانبًا وأن يرغم الشيطان، بأن يستمر على ما كان قد هم به، ولا يبالي بالشكوك ولا بما يأتيه، وما لم يفعل ذلك فسيظل مأسورًا للوسواس طوال حياته.

أما في نية الصلاة فلا شك أن الحديث واضح في هذا، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، هذا في الأصل، ولكن؛ هل يلزم تجديد النية قبل البدء في العبادة؟! الجواب: ما دام أن النية لا تتغير فلا يلزم.

وهل يلزم استحضار النية مرة أخرى عند التكبير؟! الجواب: لا يلزم؛ بل تكفي النية الأولى التي هي مجرد الوعي في وجوب الاستعداد للصلاة عند دخول الوقت وسماع الأذان والعزم على أدائها، هذه النية تكفي.

قال أهل العلم: "يجوز تقديم النية على تكبيرة الإحرام ولو طال الزمن ما لم يصرفها إلى غيرها"، أي إلى نية أخرى، وهو مذهب الإمام مالك -رحمه الله-.

قال ابن عبد البر: "وتحصيل مذهب مالك أن المصلي إذا قام إلى صلاته أو قصد المسجد فهو على نيته وإن غابت عنه إلا أن يصرفها إلى غير ذلك".

سئل الإمام أحمد -رحمه الله- عن الذي يخرج من بيته يوم الجمعة، ينوي؟! يعني: هل ينوي؟! قال: "خروجه من بيته نية"، فلا داعي للاستسلام للوسواس إذًا ولاستحضار النية من جديد عند تكبيرة الإحرام؛ فأنت على نيتك ما دمت خرجت من بيتك لأداء تلك الصلاة، فاطمئن.

أسأل الله تعالى أن يأخذ بأيدينا إلى ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد:

فقد يتعجب البعض من أنه من العادات الشائعة عند دخول المسجد والإمام في التشهد الأخير أن يترك الداخل الالتحاق بالجماعة وينتظر، وقد يُحدث جماعة أخرى، وهذا خطأ، فإنه ينبغي عليه أن يلتحق بالجماعة ولو كان قبل تسليم الإمام بقليل، فإن لم يفعل ذلك فهو مخالف لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال -أيّ حال- فليصنع كما يصنع الإمام". جاء ذلك في سنن الترمذي بسند صحيح من حديث معاذ -رضي الله عنه-.

فاللام في قوله -صلى الله عليه وسلم- "فليصنع" هي لام الأمر، ولازمه أن من ترك الالتحاق بالجماعة الأولى ليشكل جماعة أخرى فقد خالف ذلك الأمر، ولا دليل على ما يفعله أصلاً، قال الترمذي -رحمه الله-: "والعمل على هذا عند أهل العلم".

فينبغي على المسلم -كما قال أكثر أهل العلم- إذا دخل المسجد والإمام في الصلاة في أولها أو في وسطها أو في آخرها ينبغي عليه أن يدخل مع الجماعة على الحال التي يدرك عليها الإمام؛ إن وجدته ساجدًا فعليك أن تسجد، وإن وجدته جالسًا فعليك أن تكبّر وتجلس، وإن وجدته في التشهد الأخير فعليك أن تدخل معه في التشهد الأخير، وهو قول جماهير أهل العلم.

وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وائتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا؛ فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة". أخرجه مسلم.

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أدركتم" أي: أي شيء أدركتموه كثيرًا أو قليلاً حتى لو كان قبل تسليم الإمام، قال: "فصلوا" أي انضموا إلى الجماعة وصلوا ولا تنتظروا حتى يسلم ثم تنشأ جماعة أخرى؛ بل قال بعض أهل العلم: إن من كان تأخّره لعذر وأدرك الإمام قبل تسليمه ولو بلحظة، أي كبر وجلس، فقد أدرك فضل الجماعة الأولى، والجماعة الأولى أفضل بكثير من الجماعة الثانية في الزمان لأنها الجماعة الأصلية السابقة، والمصلون فيها هم المبادرون الحريصون على التبكير، فالصلاة معهم أكثر بركة، وكذلك في كونها خلف إمام المسجد.

ولهذا؛ فإن الثواني القليلة من الجماعة الأولى أفضل من الدقائق العديدة في الجماعة الثانية، وكذلك لأن فيها خروجًا من الشبهة، فالجماعة الأولى منعقدة بالإجماع، أما الجماعة الثانية ففي مشروعية انعقادها خلاف بين أهل العلم، وإن كان الأصلح هو جواز انعقادها؛ لكن الأسلم أن يخرج المسلم من الخلاف والشبهة.

وحتى من قال بترك الالتحاق وتشكيل الجماعة الثانية قال: إن الثانية ليست في الأجر كالجماعة الأولى، ولا يحصل فيها على السبع والعشرين درجة، قال: بل ذلك مخصوص بالجماعة الأولى فقط.

وهناك حكمة أخرى ذكرها الإمام الباجي -رحمه الله- قال: "لو وسع في مثل هذا الأمر لأدى إلى أن لا تُراعى أوقات الصلاة، ولأخّر من شاء وصلى بعد ذلك في جماعة، وهذا هو تحصيل مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي -رحمهم الله-".

فالأمر بالاجتماع وعدم الفراق وخاصة في الصلاة مما وجّه إليه الإسلام، حتى قال -صلى الله عليه وسلم- لمن صلّيا الفريضة في رحالهما ثم دخلا المسجد والجماعة يصلون، أي الفريضة، ووقفا جانبًا دون أن يصليا، قال لهما: "إذا صليتما في رحالكم ثم أتيتما الإمام فصليا معه، فتكون لكما نافلة والتي في رحالكم فريضة".

أي: التحقا بالجماعة مهما كان، ولا تنأيا بنفسيكما عنها، وقد فرَّق بعض أهل العلم بين المساجد التي في الأسواق وعلى الطرقات وبين مساجد الأحياء التي للجماعة الراتبة فيها وقت معلوم، فأباحوا الجماعة الثانية في النوع الأول وكرهوها في الثاني.

أما قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه الذين صلوا معه: "من يتصدق على هذا؟!"، أي في الصلاة معه، فإن ذلك، أولاً: قد وصل بعد انقضاء الصلاة، وثانيًا: إن من دخلوا المسجد قبل انقضاء الصلاة بقليل وبقوا قيامًا حتى سلم الإمام ليس فيهم أصلاً من يتصدق على الثاني، فالجميع متأخرون.

والخلاصة: إن الراجح -بعد عرض الأدلة- أن الأفضل لمن دخل فأدرك ولو لحظة أن يكبر ويلحق بالجماعة، والله أعلم.

ونكمل إن شاء الله تعالى فيما نستقبل.

اللهم علِّمْنا ما جهلنا…