قدوم شهر رمضان

عناصر الخطبة

  1. فضائل شهر رمضان
  2. كثرة أبواب الخير في شهر رمضان
  3. الحث على اغتنام شهر رمضان
  4. أحكام وشروط الصيام.
اقتباس

نَحنُ واقِفُونَ على أَبوابِ رَمَضَانَ، وكُلُّنا أَمَلٌ في عَفوِ الرَّحيمِ الرَّحمَنِ. وَقَفْنا وقد أَثقَلَتْنا ذُنُوبُنا وَغَلَبت عَلينا شِقْوتُنا، فَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ لا تَجعلنا عن بَابِكَ مَطرُودِينَ، ولا مِن فَضلِكَ مَحرُومِينَ…

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ ذي الجُودِ والإحسانِ، أنعمَ علينا بِالصِّيامَ، لنيلِ الرِّضِا والرِّضوانِ، نشهدُ ألاَّ إله إلَّا الله وحده لا شريك له المَلِكُ الدَّيَّانُ، ونشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسُولُه، خَيرُ مَنْ تَعبَّدَ للهِ وَصَامَ, صلَّى الله وسَلَّمَ وبارَكَ عليه وعلى آلِهِ الطَّيِّبيِنَ وَصَحْبَهِ الكِرامِ.

 أمَّا بعدُ: فيا مُسلِمُونَ: بِالتَّقوى تَشرُفُ النَّفسُ، ويَثقُلُ المِيزانُ، وَيحصُلُ القُربُ مِن الرَّحمَنِ: فاتَّقُواْ اللَّهَ يا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

يَا مُؤمِنُونَ: غَدَاً والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ رَمَضَانُ, فَمَا أَسْعَدَنا بِقُدومِ الشَّهرِ الفَضِيلِ فَقَدْ هَبَّت رِيَاحُ الإيمانِ, وَأَشرَقَتْ نُفُوسُنا. نَحنُ واللهِ أَحوَجُ مَا نَكونُ إلى شَهْرِ الصِّيامِ والقِيامِ، شَهرِ التَّرتيلِ والقُرَآنِ، شَهرِ الرَّكُوعِ والسُّجُودِ، شَهرِ البُعدِ عن النَّزَعَاتِ والمَلَذَّاتِ، إنَّهُ واللهِ شَهرُ تَحقِيقِ التَّقوى لِلمَلِكِ العلاَّم القَائِلِ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].  

وفي الحديث عن أبي هريرةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللهِ –صلى الله عليه وسلم- قَال: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». مَا أَحوَجَنَا أنْ يَهَبَنا اللهُ من واسِعِ رَحمَتِهِ!

عبادَ اللهِ: نَحنُ واقِفُونَ على أَبوابِ رَمَضَانَ، وكُلُّنا أَمَلٌ في عَفوِ الرَّحيمِ الرَّحمَنِ. وَقَفْنا وقد أَثقَلَتْنا ذُنُوبُنا وَغَلَبت عَلينا شِقْوتُنا، فَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ لا تَجعلنا عن بَابِكَ مَطرُودِينَ، ولا مِن فَضلِكَ مَحرُومِينَ، آمنَّا بقَولِكَ: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 63].

وبِقَولِكَ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً».

اللهُ أكْبَرُ فَأبْشِرُوا يَا مُؤمِنُونَ: واستَفتِحُوا شَهرَكُم بِتَوبَةٍ صَادِقَةٍ نَصُوحٍ. فَمَنْ مِنَّا مَنْ لا يَعرِفُ فَضْلَ الشَّهرِ وَقَدْرَه؟ أَليس هُو سيِّدُ الشُّهورِ وخَيرُها؟ بلى والله ألم يَقُلِ اللهُ عنهُ:  ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: 185]. وفِي الصَّحِيحَينِ عن النَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قَالَ: "مَن صَامَ رمَضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِر لَهُ ما تَقدَّم مِن ذَنَّبِهِ"، و"مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنَّبِهِ"، وَ"مَن قَامَ لَيلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِر لَهُ ما تَقدَّمَ مِن ذَنَّبِهِ".

شَهرٌ افتَرضَ اللهُ على عِبادِهِ صِيامَهُ وجَعَلَهُ أَحَدَ أَرْكَانِ الإسلامِ! أمَّا ثَوابُ الصَّائِمِينَ فَذاكَ مَرَدُّهُ إلى أَكرَمِ الأَكرَمِينَ، ففي الصَّحيح أنَّ النَّبيَّ –صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».

حَقَّاً رَغِمَ أَنفُ مَن أَدرَكَهُ رَمَضَانُ فَلم يُغفَرْ لَهُ؛ فِي الحَدِيثِ أنَّ جِبْرِيلَ عليهِ السَّلامُ أَتَى النَّبِيَّ –صلى الله عليه وسلم-، فقَالَ: "يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: آمِينَ".

شَهْرُنا يَا كِرَامُ: شَهْرُ القِيامِ والتَّرَاويحِ، فاعمُروهُ كُلَّهُ بالصَّلاةِ والدُّعاءِ وقِراءَةِ القُرآنِ، فقد جَعَلَ رَسُولُ اللهِ –صلى الله عليه وسلم- مَغفِرَةَ الذُّنوبِ لِمَن قَامَهُ كُلَّهُ لا بعَضَهُ! فلا تُفرِّط ابْتِدَاءً مِنْ الليلَةِ إنْ أُعْلِنَ غَدَاً رَمَضَانُ!

رَمَضَانُ يا مؤمنونَ: شهرُ القرآنِ فقد كان جِبريلُ عليه السَّلامُ يَلقى النَّبيَّ فيهِ كُلَّ لَيلَةٍ فَيُدَارِسُه القُرآنَ، فَرَطِّبوا ألسِنَتكم بِتِلاوتِهِ، وَزَكُّوا نُفُوسَكم بِتَدبُّرِهِ.

أيُّها المُسلِمونَ: الجُودُ والإنفاقُ مُرتَبِط بِرَمَضَانَ، فقد كان نَبِيُّنا –صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجودَ ما يَكُونُ في رمضانَ. فأطعِموا الطَّعامَ، وجُودوا على الفُقراءِ،  وأغنُوهم عن المَسألَةِ، وفَطِّروا الصَّائِمينَ، وكونوا مِن المُنفِقينَ، وَلا تَسْمَعُوا لِقَولِ المُشَكِّكِينَ فِي كُلِّ عَمَلٍ خَيْريٍّ فَبَعْضُهُمْ والعِيَاذُ بِاللهِ يَنْطَبِقُ عليهِمْ أنَّهُمْ: ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة: 67].

فَمَنْ لِفُقَراءِ المُسلِمينَ وَأَيتَامِهِم وَأَرَامِلِهِم بَعْدَ اللهِ إلاَّ أَنْتُم! مَنْ لِشُعُوبٍ قهَرَتها الخُطوبُ وأوهَنَتها الحُرُوبُ، بعدَ الله إلاَّ أنتم فَيَأهلَ الكَرَمِ والجُودِ، جُودُوا على إخوانِكم:  ﴿وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [سبأ: 39]، فَهَا هِيَ الجَمْعِيَّاتُ الخَيرِيَّةُ، والِّلجِانُ المَوثُوقَةُ بَينَكُمْ، فَلا تَبْخَلُوا على أنْفُسِكُمْ. فمن جَادَ على عِبادِ اللهِ جَادَ اللهُ عليهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خيرا.

عِبادَ اللهِ: لا يَجُوزُ لَنا أنْ َنَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصِيامٍ. لِقَولِ نَبِيِّنا –صلى الله عليه وسلم-: «لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ».  

عِبادَ اللهِ:  وَمِنْ بَابِ جَمْعِ الكَلِمَةِ، وَطَرْدِ الوَسَاوِسِ والشُّكُوكِ فَقَدْ قَالَ عَمَّارٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ».

وَيَومُ الشَّكِّ هُوَ الثَّلاثِينُ مِنْ شَهْرِ شَعبَانَ. وَيَومُ الشَّكِّ لِعَامِنَا هَذَا هُوَ غَدَاً السَّبْتْ، فَإنْ لَمْ يُرَ هِلالُ رَمَضَانَ الليلةَ فَلا يَجُوزُ أنْ نَصُومَ غَدَاً. وَيَدْخلُ الشَّهرُ إمَّا بِرؤيةِ هِلالِ رَمَضَانَ أَو بِإكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ يَوماً، ولا عِبْرَةَ بِالحِسَابِ الفَلَكِيِّ المُجَرَّدِ كَمَا قَرَّرَهُ أَهْلُ العِلْمِ لِقَولِ نَبِيَّنا –صلى الله عليه وسلم-: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ».

إخْوَانِي: وَمَع وُضُوحِ تَوجِيهِ النَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم- حَيَالَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ مَعَ بِدَايَةِ كُلِّ رَمَضَانَ يَحْلُو لِبَعْضِ النَّاسِ التَّشْكِيكُ بِلا عِلْمٍ، يُصَوِّبُ وَيُخَطِّئُ وَهُوَ يَجْهَلُ أَبْسَطَ مَبَادِئِ الإثْبَاتِ!

اللهم أَعنَّا جَمِيعَاً على صيامِ رمضانَ وقيامِه إيمَانَا واحتِسَابَا، أقولُ ما سَمِعتم وأستغفرُ الله لي ولكم وللمسلمينَ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرَّحيمُ.  

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله دائمِ الفَضلِ والإحسَانِ، أنعمَ علينا بِشهرِ الصِّيامِ، وجعلَهُ أحدَ أَركَانِ الإسلامِ، نشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ العَلاَّمُ، وَنَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ نَبِيُّ اليُسْرِ والسَّلامِ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وَعلى آلِهِ صَحْبِهِ الكِرامِ، وَمَنْ تَبِعَهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ.

 أَمَّا بَعدُ: فَأوصِيكُم وَنَفْسي بِتقوى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، كيفَ لا نَتَوَاصَى بالتَّقوى وما شُرِعَ الصِّيامُ إلاَّ لِتَحقِيقِهِ، أَلم يَقُلِ اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

أيُّها الأَخُ الكريمُ: لمَّا كانَ الصَّيامُ أَحَدَ أَركَانِ الإسلامِ، كانَ لِزاماً على كُلِّ مُسلِمٍ أنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَحتَاجُهُ مِن أَحكَامٍ وحِكَمٍ حتى يَعبُدَ اللهَ على عِلمٍ وَبَصِيرةٍ.

وإليكم جُملَةً مِنْ أَحكَامِ الصِّيامِ التي لا غِنى لِلمُسلِمِ عَنها، فلو سُئلتَ عن معنى الصِّيامِ فَقُل: هو التَّعبُّدُ للهِ بِالامتِنَاعِ عن جَمِيعِ المُفَطِّراتِ مِن طُلوعِ الفَجرِ إلى غُرُوبِ الشَّمسِ.

وَمِن الأَحكَامِ: أَنَّ مَنْ تَنَاوَلَ شَيئاً من المُفَطِّراتِ عَالِمَا عَامِداً ذَاكراً لِصومِهِ بَطَلَ صَومُهُ، أَمَّا النَّاسِيَ فَلا شَيءَ عليه، وصِيامُهُ صَحِيحٌ لِقَولِه –صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهْوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاه». وَمَنْ رَأَى مَنْ يَأْكُلُ أو يَشرَبُ في نَهَارِ رَمَضَانَ وَجَبَ أنْ يُنَبِّهَهُ قِياماً بِواجبِ النَّصِيحَةِ.  

واعلموا: أَنَّه يَجبُ الصِّيامُ على مَن تَوَفَّرت فيهِ شُرُوطٌ سِتَّةٌ؛ أَوَّلُها: أنْ يَكونَ مُسلِماً، فَلا تُقبَلُ عِبادَةٌ مِن كَافِرِ.

ثَانِيهَا العَقلُ، فلا تُقبلُ من مَجنونٍ لِقوله –صلى الله عليه وسلم-: «رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلاثَةٍ: ومِنهم عن المَجنُونِ المَغلُوبِ على عَقلِهِ حَتى يُفِيقَ».

ثَالِثُ الشُّروطِ هو البُلوغُ، فلا يَجِبُ الصِّيامُ على الصَّغِيرِ حتى يَبلُغَ.

 أَمَّا الشَّرطُ الرَّابِعُ:  فَهو القُدرَةُ على الصِّيامِ لأنَّ اللهَ تَعالى لا يُكلِّفُ نَفْساً إلاَّ وُسعَهَا.  

الخَامِسُ: الإقِامَةُ فَالمُسافِرُ لا يَجب عليهِ الصِّيامُ وَعَلَيهِ القَضَاءُ، وإنْ صَامَ حَالَ سَفَرِهِ أَجزَأَهُ ولا شَيءَ عليه.

السَّادِسُ يَختَصُّ بالنِّساءِ وهو عَدَمُ الحَيضِ أو النِّفَاسِ، فَيحرُمُ عَليهما الصِّيامُ حالَهما وَيجِبُ عَلَيهِنَّ القَضَاءُ.

عبادَ اللهِ: مَتى اجتمعت هذهِ الشُّرُوطُ وَجَبَ الصَّومُ، قَالَ سُبحانَهُ: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُوداتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 183- 184].

عبادَ اللهِ: لَعلَّنا فِي إقْبَالِ رَمَضَانَ أنْ نُجاهِدَ أَنفُسَنا ونُحَقِّقَ تَقوى اللهِ تَعالى بِالتَّغَلُّبِ على أَنفُسِنا بِالإكثَارِ مِن الطَّاعاتِ،  وَالبُعْدِ عن أَنوَاعِ المُنكرَاتِ فإنَّ نَبِيَّنا –صلى الله عليه وسلم- قالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».

وَهُناكَ سُرَّاقٌ لِرمَضَانَ، يَصُدُّونَ الخَلْقَ ويُضِلُّونَهم عن سَبِيلِ رَشَادِهم وهِدَايَتِهم، لم نَزَلْ نَرَاهُم عَبرَ الشَّاشَاتِ، والقَنَواتِ الهَابِطَةِ، فَيَا أَيُّها الكِرامُ: قَاطِعُوهُم قَطَعَهمُ اللهُ،  واهجُروهم أَخْزَاهُمُ اللهُ، ومَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وأَجْوَافَهُمْ ومَحَلاَّتِهم نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ دِينِنا وأَفسَدُوا أَبنَائَنا وبَنَاتِنا. وَسُبْحَانَ اللهِ: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً﴾ [النساء: 27].

أيُّها المُعَلِّمونَ والمُعَلِّماتُ والطُّلاَّبُ والطَّالِباتُ: استَغِلُّوا رَمَضَانَكُمْ هَذا فَهُوَ فُرْصَةٌ قَدْ لا تَكَرَّرُ! فَكُلُّهُ إجَازَةٌ لَكُمْ! فَهُوَ غَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ، فَاعْمُرُوهُ بالطَّاعَاتِ.

أيُّها الأَخُ المُدَخِّنُ أَشْعِلْ عَزِيمَتَكَ وارمِي عُلْبَةَ دُخَانِكَ! فَهِيَ واللهِ فُرصَتُكَ بِأَنْ تَتَخَلَّصَ مِنْ أذَىً كَانَ على نَفْسِكَ وَمَالِكَ وَأولادِكَ! أعَانَكَ اللهُ وَقَوَّاكَ وَسَدَّدَكَ.

يا مُؤمِنُونَ: لا تشْغِلَنَّكُمُ الأَجْهِزَةُ الكَفِّيَّةُ! فَقَدْ تَجُرَّكُمْ إلى المَهَالِكِ مِنْ حَيثُ لا تَشْعُرُونَ.

فاعتَصِمُوا بِاللهِ وَأحْسِنوا التَّعَامُلَ مَعَهَا، فلا عَاصِمَ اليَومَ مِنْ أمْرِ اللهِ إلاَّ مَنْ رَحِمَ.

فاللهمَّ أَعِنَّا على صِيامِ رَمَضَانَ وَقِيامِهِ إيمَانَا وَاحتِسَابَاً.

اللهمَّ وَفْقْنَا لإدراكهِ وَنحنُ فِي صِحَّةٍ وَسَلامَةٍ وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ. اللهمَّ أَعِنَّا غِيهِ على ذِكْرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبادَتِكَ. وَاجعَلْ مُستَقْبَلنَا فِيهِ خَيرًا مِن مَاضِينَا وَتَوَفَّنَا وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا غَيرَ غَضْبَانٍ.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين وأذِلَّ الشِّرك والمشركينَ، ودمِّر أعداءَك أعداءَ الدِّينِ. اللهم وفِّق ولاةَ أمورنا لِمَا تُحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى.

اللهم أَعِنْ إخوَانَنَا في سُوريا وفي كُلِّ مَكَانٍ، ولا تُعِنْ عَلَيهم، وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم. اللهم انصُرْ جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمُسلِمِينَ أجمَعينَ.

اللَّهُمَّ اهْزِمِ طواغيتَ العصرِ وجُنْدَهم، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ يا ربَّ العالمين. اغفر لنا ولِوالِدينا والمُسلمينَ أجمعينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.  وَلَذِكرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعلمُ مَا تَصْنَعونُ.