الاستغفار والتوبة عند حدوث المصائب والنكبات

عناصر الخطبة

  1. وجوب التوبة والاستغفار واللجوء لله لكشف الضر
  2. حاجتنا لملازمة الاستغفار
  3. ثمرات الاستغفار
  4. كيفية الاستغفار
  5. ارتباط المصائب بالمعاصي
  6. شكر الله على نعمة الغيث
  7. التحذير من ممارسات خاطئة وخطيرة تتعلق بالسيول
اقتباس

وإنني في هذا المقامِ أتوجهُ لإخواني المسلمين باللجوءِ إلى الله، والتوبةِ والاستغفار، والتضرعِ إليه برفعِ الضررِ عن المسلمين وحمايةِ العبادِ والبلاد من كلِّ فتنةٍ وبلاء، وأن يجعلَ هذه الأمطارَ إذا وقعت بأمر الله خيرًا على العبادِ والبلاد، وأن تكون سُقيا رحمةٍ لا سقيا عذابٍ وغرقٍ وهدم، وأن…

كلنا سمعنا بالتحذيراتِ و المخاطرِ من هطولِ الأمطارِ والتقلباتِ المناخيةِ التي سوف تحصلُ بأمرِ اللهِ ومشيئتِهِ قبلَ كلِّ شيءٍ من الجهاتِ المسؤولةِ، وأخذِ الحيطةِ والحذرِ من المخاطر التي قد يتعرضُ الناسُ لها نتيجةَ هطولِ هذه الأمطارِ والتقلباتِ المناخيةِ المفاجئة.

وإنني في هذا المقامِ أتوجهُ لإخواني المسلمين باللجوءِ إلى الله، والتوبةِ والاستغفار، والتضرعِ إليه برفعِ الضررِ عن المسلمين وحمايةِ العبادِ والبلاد من كلِّ فتنةٍ وبلاء، وأن يجعلَ هذه الأمطارَ إذا وقعت بأمر الله خيرًا على العبادِ والبلاد، وأن تكون سُقيا رحمةٍ لا سقيا عذابٍ وغرقٍ وهدم، وأن يكون صيبا نافعا.

فإن المطرَ والريحَ جندٌ من جنودِ اللهِ تعالى يعذّبُ بهما من يشاءُ من عبادِه، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ(25)﴾ [الأحقاف:24-25].

عن أبي المنذِرِ أُبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هذِهِ الرِّيحِ، وَخَيْرِ مَا فِيهَا، وخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ؛ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "الرِّيحُ مِنْ رَوحِ اللهِ، تَأتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأتِي بِالعَذَابِ، فَإذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلاَ تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا باللهِ مِنْ شَرِّهَا" رواه أبو داود بإسناد حسن.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إذا عَصَفَتِ الرِّيحُ قال: "اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ" رواه مسلم.

فحاجةُ الإنسانِ إلى الاستغفارِ حاجةٌ أساسيةٌ ضروريةٌ قبلَ كلِّ شيء؛ لأن الإنسانَ يلازمُهُ التقصيرُ في كلِّ طاعة، ويَصْدرُ منه الخطأُ كلَّ ساعة، قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديثِ القدسيِّ الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر -رضي الله عنه-: "يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم".

حاجتنُا للتوبةِ والاستغفارِ ضرورية؛ لأن وقتنَا هذا امتلأ بالمغريات والذنوب، وكَثُرتْ فيه أسبابُ المعاصي في البيتِ والشارعِ والعمل، وقست بسبب ذلك القلوبُ وعلاها الران، وانطمست البصائرُ والأبصار، فأصبح لزاما على المؤمنين لزومُ هذه العبادةِ العظيمةِ وتجديدِها حينا بعد حين.

فعليكم -معاشر المسلمين- بالاستغفار، أكثروا منه في بيوتكم، في مجالسكم، وعلى موائدكم، وفرشكم، وفي طرقكم، وأسواقكم، وسياراتكم، وأينما كنتم، فإنه يدفعُ العقوبةَ عن صاحبه، ويمنعُ نزولَ المصائبِ به, ويَحولُ دون حلولِ الكوارثِ والأزماتِ والنَّكبات، ويرفعُ العقوباتِ النازلةَ بالإنسان، كالقحطِ والطُّوفانِ والغرقِ والجوعِ وتقصِ الأموالِ والثمرات، وهلاكِ الأنفس، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال:33].

قال أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه-: "كان لنا أمانان، ذهب أَحدُهما وهو كونُ الرسولِ فينا، وبقى معنا الاستغفار، فإن ذهبَ هلكنا".

عباد الله: بالاستغفار يُقالُ المذنب من ذنبِهِ ويسلَمُ من المؤاخذةِ عليه، وبه تُمْحى السيئاتُ وتبدّلُ إلى حسنات، وتَنْزلُ الرحمات، وتُدفعُ الآفات، وتُفتحُ أبوابُ السماوات، وبه تُفرَّجُ الكروب، وتتطهرُ القلوب، وترتبطُ بعلام الغيوب، وتُكشفُ الهموم، وتزولُ الغموم, وتحصلُ البركةُ في المال، وتُحَقَّقُ الآمال، وبه تكثرُ الأرزاقُ وتزدادُ النِّعم.

﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ [هود:3]، ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾ [هود:52]، ﴿وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود:90]، ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً﴾ [نوح:10]، ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [المزمل:20].

الاستغفارُ يكون بالتذللِ والتضرعِ والانكسارِ والخضوعِ والافتقارِ لله وحده لا شريك له، وبالعيونِ الدامعةِ، والقلوبِ الخاشعة، والنفوسِ المقبلةِ على رحمةِ ربها، والطامعةِ في عفو مولاها، غير القانطة.

ويكون الاستغفارُ بحرارةِ الابتهالِ، والصدقِ في السؤال، والتضرعِ في الحال، والشعورِ بالفقر إلى رحمة أرحم الراحمين؛ يكون بالشعورِ بالخوفِ من عذابِ الله، ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ(55)﴾ [الزمر:53-55].

تفكروا -رحمكم الله- في حُكمِ المولى وحكمتِهِ في تصريفِ الأمورِ وتدبيرِ الأحوال، في إمهالِ عبادهِ لكي يرجعوا إليه وينيبوا إليه، وهذا من عظيم عفوه ورحمتِهِ بعبادِهِ: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ﴾ [فاطر:45].

فارجعوا إلى ربكم وتوبوا إليه، واستغفروه، وأحسنوا الظنَّ به. اجعلوا الرجاءَ في مولاكم نُصبَ أعينِكم، ومحطَ قلوبكم، فربُكم نعم المولى! ونعم المرتجى! يغفرُ الذنوب، ويكشفُ الكروب، فلا ربَّ لنا سواه، ولا نعبدُ إلا إياه، ولا ملجأَ ولا منجى منه إلا إليه، هو ربنا ومولانا، وهو أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.

عباد الله: إنَّ كلَّ نقصٍ يصيبُ الناسَ في علومِهم وأعمالِهم، وقلوبِهم وأبدانِهم، وتدبيرِهم وأحوالِهم، وأشيائِهم وممتلكاتِهم، وجدبِهم وقحطِهم، سببُهُ -واللهِ- الذنوبُ والمعاصي: (وَمَا أَصَبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ) [الشورى:30]، ﴿وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقرة:225]، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرّ وَلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم:41].

المعاصي، الذنوب، الفسادُ في الدينِ والخلق، التخلي عن أوامر الله، ارتكاب ما حرم الله، التقصيرُ في التوبةِ والرجوعِ إلى الله، الظلمُ للعباد؛ هذه أسبابُ فسادِ الديارِ العامرة، أسبابُ سلبِ النعمِ الباطنةِ والظاهرة، أسبابُ حُلُولِ النِّقم، أسبابُ الحروبِ والنكبات.

كيف يطمعُ العبدُ في الحصولِ من ربه على ما يحب، وهو مقصرٌ فيما يجب؟! ذنوبٌ ومعاصٍ، إلى الله منها المشتكى، وإليه وحده المفر، وبه سبحانه المُعْتَصم.

اضطرابٌ عقدي، وإلحادٌ بالله، وتنقصٌ للأنبياءِ والرسل، وتحلّلٌ فكري، وتدهورٌ أخلاقي، وربا وزنا، وضعفٌ في العفةِ والحشمة، فتنٌ ومحن، بألوانها وأوصافها، ثم تظالمٌ بين العباد، وأكلٌ للحقوق، وأكلٌ لأموال الناس بالباطل.

كيف يُرجى حصولُ الخيرِ وفي الناس مقيمون على الغش، ومصرون على الخيانات؟ كيف يرجى حصولُ الغيث وأكلُ الرشوةِ [حاصل]، وتعطيلُ مصالح العباد قائم [حتى يتم] دفعها؟ كيف يحصل الغيثُ وأكثرُ الناسِ لا صلاةَ ولا زكاةَ ولا برَّ ولا صلةَ ولا طاعة؟ ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف:80]، (وَتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال:25].

وعن زينب بنت جحش -رضي الله عنها- أنه دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها فزعًا يقول: "لا إله إلا الله! ويلٌ للعرب من شر قد اقترب! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه"، وحلّق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحشٍ: فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم، إذا كثر الخبث" رواه البخاري ومسلم.

والذنوبُ والمعاصي كم أزالت من نعمة! وكم جلبت من نِقمة! وكم أحلَّت من مذلّةٍ وبَلية على الفرد والأمة!.

المعاصي سببٌ لهوان العبد على ربّه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري -رحمه الله-: "هانوا عليه فعصوه، ولو عزُّوا عليه لعصمهم". ومتى هان العبدُ على الله -جل وعلا- لم يُكرمْه أحد، كما قال سبحانه: ﴿وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ﴾ [الحج:18].

ما أهونَ الخلقَ على الله إذا هم عصوا أمره سبحانه! لما فُتحت قُبرص بَكى أبو الدرداء  -رضي الله عنه- فقيل له: ما يبكيك في يوم أعزَّ الله فيه الإسلامَ وأهله؟ فقال: "ما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره! بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملكُ تركوا أمرَ الله فصاروا إلى ما ترى" أخرجه الطبري في تاريخه.

عباد الله: إنَّ من البلاءِ عدمُ إحساسِ المذنبِ بالعقوبة، وأشدُّ منه أن يقعَ السرورُ بما هو بلاءٌ وعقوبة، فيَفرحُ بالمال الحرام، ويَبتهجُ بالتمكنِ من الذنب، وظلمِ العباد، ويُصرُّ بالاستكثارِ من المعاصي؛ ولكن، أين هو من الله؟ أين هو من الذي يُمهل ولا يُهمل؟ ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ [الزخرف:65].

كيف تُرجى السلامةُ والعافيةُ مع المجاهرة، وقد قال نبيكم محمدٌ -صلى الله عليه وسلم-: "كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعملَ العبدُ بالليل عملاً ثم يصبح قد ستره ربُهُ، فيقول: يا فلان، قد عملتُ البارحةَ كذا وكذا، وقد بات يسترُهُ ربُه فيُصبحُ يكشفُ سترَ الله عليه" أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الأنفال:53].

الخطبة الثانية:

عباد الله: الحمد لله على ما أنعم به علينا وتفضل من غيث العباد والبلاد، فهذا الغَيثُ الَّذِي تَحمِلُهُ الرِّيَاحُ عَلَى ثِقَلِهِ وَتَسُوقُهُ، ثم يُنَزِّلُهُ رَبُّ العَالمِينَ عَلَى مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ، آيَةٌ عظيمة مِن آيات الله.

(اللهُ الَّذِي يُرسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبسُطُهُ في السَّمَاءِ كَيفَ يَشَاءُ وَيَجعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ إِذَا هُم يَستَبشِرُونَ * وَإِن كَانُوا مِن قَبلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيهِم مِن قَبلِهِ لَمُبلِسِينَ * فَانظُرْ إِلى آثَارِ رَحمَةِ اللهِ كَيفَ يُحيِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحيِ المَوتى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ) [الروم:48-50].

﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللهَ يُزجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ ثُمَّ يَجعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصرِفُهُ عَن مَن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرقِهِ يَذهَبُ بِالأَبصَارِ (43) يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لِأُولي الأَبصَارِ(44)﴾ [النور:43].

عباد الله: إذا نزل بالعبد خير ونعمة فعليه بشكر الله والثناء عليه، لتستديمَ النعمة ويكثر الخير، ﴿مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً ﴾[النساء147]، ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم:7].

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَتُوبُوا إِلَيهِ، وَاستَقِيمُوا عَلَى مُا يُحِبُّهُ، وَحَافِظُوا عَلَى مَا يُرضِيهِ، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزقًا لَكُم فَلَا تَجعَلُوا للهِ أَندَادًا وَأَنتُم تَعلَمُونَ(22)﴾ [البقرة:21-22].

فالحذر -عباد الله- من التواجد في الأودية والشعاب وتجمع المياه والسيول، والتكاثر حولها، والسباحة فيها، فكم من أنفس ذهبت بسبب ذلك!.

رَبَّنَا أَوزِعْنَا أَن نَشكُرَ نِعمَتَكَ الَّتي أَنعَمتَ عَلَينَا وَعَلَى وَالِدَينَا وَأَن نَعمَلَ صَالِحًا تَرضَاهُ، وَأَدخِلْنَا بِرَحمَتِكَ في عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.

بطاقة المادة

المؤلف ضيدان بن عبد الرحمن اليامي
القسم خطب الجمعة
النوع مقروء
اللغة العربية