الاستغفار (1) استغفار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

عناصر الخطبة

  1. لزوم الأنبياء عليهم السلام للاستغفار
  2. استغفار نبينا محمد عليه الصلاة والسلام
  3. حاجتنا للاستغفار
اقتباس

الاستغفار دأب الأنبياء والصالحين، وهو سلاح المذنبين ضد الشيطان وأعوانه، وكما أن إبليس أهلكه علوه واستكباره؛ فإن آدم أنجاه ندمه واستغفاره. عصى إبليس فاستكبر فحقت عليه اللعنة والعذاب، وعصى آدم فاستغفر وأناب، فقبل الله توبته، وغسل حوبته، وتجاوز عن خطيئته؛ فكانت التوبة…

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء:1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾[الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس: خلق الله تعالى الإنسان، وشرَّفه بعبادته، وكلَّفه بدينه، وأعطاه عقلاً يدله على ربه، ويعرف به مصالحه؛ وركّب فيه شهوة تميل به إلى ما يضره، وتصرفه عما ينفعه؛ وسلط عليه شياطين من الجن والإنس، يزينون له الدنيا وزخرفها ومتاعها؛ فيسقط في شهواتها من يسقط، ويعصم الله تعالى منها من أراد به خيراً.

ولكن الله تعالى بعفوه ورحمته، وجوده على عباده؛ فتح أبواب التوبة للمذنبين، وشرع الاستغفار للمؤمنين، فإذا عصى العبد ربه فتاب تاب الله عليه، وإذا استغفر لذنوبه غفر الله له، ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾[طه:82]. ويقول تعالى في الحديث القدسي: “يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم“(رواه مسلم).

أيها الإخوة: إن الاستغفار دأب الأنبياء والصالحين، وهو سلاح المذنبين ضد الشيطان وأعوانه، وكما أن إبليس أهلكه علوه واستكباره؛ فإن آدم -عليه السلام- أنجاه ندمه واستغفاره.

عصى إبليس فاستكبر فحقت عليه اللعنة والعذاب، وعصى آدم -عليه السلام- فاستغفر وأناب، فقبل الله توبته، وغسل حوبته، وتجاوز عن خطيئته؛ فكانت التوبة من الذنب، والمبادرة إلى الاستغفار عقب الخطأ؛ سُنّة سَنَّها آدم -عليه السلام- لجميع البشر، فمن عمل بها من بنيه؛ فإنما يقتفي سُنة أبيه، ومن عاند واستكبر فهو متبع لإبليس اللعين.

إن الاستغفار أول طاعةٍ عملها إنسان بعد أول خطأ، وتلك الطاعة مِنَّة من الله، وهداية هدى إليها آدم وحواء -عليهما السلام-، وبقيت للأبناء من بعدهما: ﴿فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾[البقرة:37].

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “قال آدم: أي رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: أي رب، ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى، قال: أي رب، ألم تسكنِّي جنتك؟ قال: بلى، قال: أي رب، ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى، قال: أرأيت إن تبت وأصلحت، أراجِعِي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى، قال: فهو قوله: ﴿فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾[البقرة:37]”(رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي).

وتلك الكلمات هي كلمات الاعتراف بالخطأ، وطلب المغفرة والرحمة من الله: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ﴾[الأعراف:23].

وكانت الرسل والأنبياء -عليهم السلام- مقتفين أثر أبيهم آدم في ملازمة التوبة، وكثرة الاستغفار؛ فهذا نوح -عليه السلام- يسأل ربه نجاة ابنه المشرك من الطوفان، فيعاتبه الله في ذلك، ويخبره بأنَّ ابنه ليس من أهله؛ لأنه مشرك، ويحذره أن يكون من الجاهلين، فيبادر بالتوبة والاستغفار، وطلب الرحمة: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الخَاسِرِينَ﴾[هود:47].

ولما دعا نوح على الكفار من قومه بالهلاك، بعد أن مكث فيهم ألف سنه إلا خمسين عاماً؛ يدعوهم إلى توحيد الله فلم يستجيبوا له؛ أعقب ذلك بالاستغفار له وللمؤمنين معه، فقال: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ﴾[نوح:28].

وظهر استغفار خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام-، بعد أن بنى البيت الحرام، فدعا بدعوات كان منها: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ﴾[إبراهيم:41].

وحاجج قومه فيما يعبدون فحَجَّهُم، وقال في معرض حجته عليهم معرِّفاً بربه متبرئًا من أصنامهم: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾[الشعراء: 77-82].

وقال -عليه السلام- يدعو ربه: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾[الممتحنة:5].

وهذا موسى -عليه السلام- يقر بذنبه، ويعترف بظلمه، ويطلب مغفرة ربه، حين نَصَرَ من كان من شيعته على من كان من عدوه: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ(16)﴾[القصص:15-16].

ولما رجع -عليه السلام- من مناجاته لربه غضب أشد الغضب من عبادة قومه للعجل، ﴿وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ القَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ(151)﴾[الأعراف:150-151].

ولما أصاب الله مَن أصاب من بني إسرائيل بالرجفة بادر -عليه السلام- بالاستغفار وطلب الرحمة: ﴿فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الغَافِرِينَ﴾[الأعراف:155].

وابتلى الله تعالى داود -عليه السلام- بخَصمين يحكم بينهما، فلما علم أنه قد فُتن بذلك بادر بالاستغفار: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ(25)﴾[ص:24-25].

وابُتلي ابُنه سليمان -عليه السلام- من بعده، فسار على سنة آبائه من الأنبياء -عليهم السلام- بالمبادرة إلى الاستغفار: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ(35)﴾[ص: 34-35].

وهذا خاتم الأنبياء، وأفضل الرسل، محمد -عليه الصلاة والسلام-؛ أمره ربه بالاستغفار بقوله: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ﴾[محمد:19]، وفي آية أخرى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾[النَّصر:3]، فامتثل أمر ربه، ولازم طلب المغفرة منه.

قالت عائشة -رضي الله عنها-: ما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة بعد أن نزَلَت: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ﴾[النَّصر:1] إلا يقول فيها: “سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي“(متفق عليه).

وفي رواية عنها -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي“(متفق عليه).

ولم يكن استغفاره -عليه الصلاة والسلام- مقصوراً على صلاته فحسب؛ بل لازم الاستغفار في جميع أحواله، حتى قال -عليه الصلاة والسلام-: “والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة“(متفق عليه).

وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يَعُدُّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد يقول مائة مرة قبل أن يقوم: “أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه“(رواه النسائي).

نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه، اللهم اجعلنا ممن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر.

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه..

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- وأطيعوه، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[الحديد:28].

أيها المسلمون: الزموا التوبة، وأكثروا من الاستغفار؛ فإن الاستغفار أمان من العذاب: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾[الأنفال:33].

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “كان فيكم أمانان، مضت إحداهما وبقيت الأخرى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾[الأنفال:33]”(رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم).

وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: “إن الله جعل في هذه الأمة أمانين لا يزالون معصومين مجارين من طوارق العذاب ما داما بين أظهرهم، فأمان قبَضه الله إليه، وأمان بقي فيكم“(رواه الطبري والبيهقي بإسناد حسن).

قال السندي -رحمه الله تعالى-: “فيه حثٌّ للناس على الإكثار من الاستغفار؛ حيث ما بقي لهم إلا هذا الأمان“.

وروى فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “العبد آمِن من عذاب الله ما استغفر الله -عز وجل-“. (رواه أحمد).

إنها نعمة، وأيُّ نعمة! أن يلزم العبد الاستغفار، فتمحى ذنوبه، وتكفَّر سيئاته، وتأمن نفسه من العذاب، وإذا استزله الشيطان فضعف عن الطاعة، أو وقع في المعصية؛ بادر بالتوبة، وأكثر من الاستغفار؛ حتى يمحو أثر الذنوب، وينجو من العذاب.

وهذا ما يغيظ الشيطان ويدحره، وما ظفَر إبليس بشيء أشدّ من ظَفَره بعبد أذنب ذنباً فأيس من رحمة الله ومغفرته، فترك الطاعات، وركب المحرمات، حتى وقع في الكفر، عياذاً بالله تعالى، وأعظم سلاح يتسلح به المسلم للنجاة من ذلك، ودحر عدوه الشيطان الرجيم ملازمته للاستغفار، وتكراره للتوبة، فمَن فعل ذلك كان مجاهداً لنفسه، والله –تعالى- يقول: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ﴾[العنكبوت:69].

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “إن إبليس قال لربه -عز وجل-: وعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم، فقال له ربه -عز وجل-: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني“(رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي).

وروى مسلم عن عبد الله بن المبارك أنه قال في قوله تعالى: ﴿ألَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النور: 22]: “هذه أرجى آية في كتاب الله –تعالى-“.

وفي هذا العصر كثُرَت الهموم والغموم، وتفشَّت الأمراض النفسية والعصبية، بسبب ضغط الحياة، وكثرة الشواغل، وفي ملازمة الاستغفار تفريجٌ للهموم، ومخرج من الضوائق، وسبب لجلب الأرزاق.

روى ابن عباس -رضي الله عنهما- فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل همّ فرَجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب“(رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه).

ألا فاتقوا الله ربكم -أيها المؤمنون- وجددوا توبتكم، واستغفروا مولاكم؛ فتلك سنة المرسلين لكم، ودأب الصالحين قبلكم: ﴿وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ﴾[آلعمران:147].

ألا وصلوا وسلموا على نبيكم كما أمركم بذلك ربكم..

——————–

المصدر: مختصرة من خطبة د. إبراهيم الحقيل