الولاء والبراء

عناصر الخطبة

  1. أهمية الولاء والبراء
  2. حقيقة الولاء والبراء
  3. وجوب البراءة من المشركين والكافرين
  4. لا تجتمع محبة الله ومحبة أعدائه في قلب المؤمن
  5. قصتان في موالاة أعداء الله ومعاداتهم في حياة الصحابة
  6. تضييع الناس لهذه العقيدة وجهلهم بها وصور من ذلك
  7. النهي عن الاستعانة بالكفار في شؤون المؤمنين
  8. نظرة المسلم إلى الناس وفق معتقد الولاء والبراء
  9. من يوالى ومن يعادى؟
اقتباس

الولاء والبراء أصل عظيم من أهم أصول العقيدة الإسلامية المميزة لأتباعها، من أجلها أهلك الله المكذبين، وأنجى الموحدين. من أجلها أغرق الله ولد نوح لما كفر بالله، وأنقذ أهله من الطوفان لما آمنوا. من أجل الولاء والبراء تبرأ إبراهيم -عليه السلام- من أبيه وقومه، وهاجر إلى ربه. من أجله قاتل الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وعشيرتهم لما كفروا، ..

أما بعد: من أهم القضايا العقدية التي تربط بين أبناء المسلمين، وتصل بين أفرادهم في بُعدٍ عن النعرات الجاهلية والروابط الأرضية المادية -قضية الولاء والبراء، الولاء في الله ومن أجله، والبراء في الله ومن أجله، الولاء للمؤمنين، والبراء من الكافرين والمنافقين، وسائر أعداء الدين.

الولاء والبراء أصل عظيم من أهم أصول العقيدة الإسلامية المميزة لأتباعها، من أجلها أهلك الله المكذبين، وأنجى الموحدين. من أجلها أغرق الله ولد نوح لما كفر بالله، وأنقذ أهله من الطوفان لما آمنوا. من أجل الولاء والبراء تبرأ إبراهيم -عليه السلام- من أبيه وقومه، وهاجر إلى ربه. من أجله قاتل الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وعشيرتهم لما كفروا، وتبرؤوا منهم. من أجل الولاء والبراء قامت سوق الجنة والنار.

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" متفق عليه.

الولاء و البراء في الإسلام معناه ومفهومه: أن توالي من أجل الله تعالى وتعادي من أجله، تحب في الله وتبغض فيه؛ فالحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، وهو أصل عظيم من أصول العقيدة والإيمان، يجب على العبد المسلم مراعاته، وبناءُ علاقاته مع الناس عليه؛ فقد روى الإمام أحمد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله".

ولقد أكثر الله -سبحانه وتعالى- من ذكر الولاء والبراء في كتابه الكريم؛ تبييناً لأهميته ومكانته في حياة المسلمين قال الله تعالى: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَـافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَىْء إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـاةً وَيُحَذّرْكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) [آل عمران:28]؛ قال أهل التفسير: "نهى الله عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين كقرابةٍ بينهم، أو صداقة قبل الإسلام، أو غير ذلك من الأسباب التي يُتصادق بها ويُتعايش".

وقال تعالى: (يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَلنَّصَـارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـالِمِينَ) [المائدة:51]؛ قال حذيفة -رضي الله عنه-: "ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهـو لا يشـعر، فإن الله يقـول: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾".

نعم -عباد الله- كيف يدّعي رجل محبة رسول الله وهو يحب أعداءه الذين ظاهروا الشياطين على عداوتهم واتخذوهم أولياء من دون الله؟!

أتحب أعداء الحبيـب وتدّعـي *** حبـاً مـا ذاك في إمكـان وكذا تعـادي جاهـداً أحبابه *** أين المحبةُ يا أخا الشيطـان؟ شرط المحبة أن توافق من تحـبُّ *** على محبتـه بـلا عصيـان فإذا ادّعيت له المحبة مع خلافك *** مـا يحـب فأنت ذو بهتان

أيها المسلمون: إن عقيدتنا تحرم علينا موالاة الكافرين والمشركين واليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا؛ ولو كانوا عرباً؛ ولو كانوا من أقرب الناس نسباً، وتوجب العقيدة علينا البراءة منهم والبعد عنهم: (يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَلنَّصَـارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـالِمِينَ).

قال الله تعالى: (لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِللَّهِ وَلْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْونَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) [المجادلة:22].

فقد نفى الله -سبحانه وتعالى- الإيمان عمّن هذا شأنه، ولو كانت مودته ومحبته ومناصحته لأبيه وأخيه وابنه ونحوهم من أقربائه؛ فضلاً عن غيرهم، مما يدل على عظم الأمر وخطورته، وأن الواقع فيه قد يخرج من الإيمان إلى الكفر بمقدار ما قام به من ولاءٍ ومحبةٍ لهم.

ومن أصول أهل السنة: أن من لم يكفر الكافرين أو يشك في كفرهم أو يتبرأ منهم؛ فقد كفر.

ولقد عاتب الله بعض المؤمنين لموالاتهم ونصحهم للمشركين؛ ذكر ابن إسحاق في السيرة عن عروة بن الزبير -رضي الله عنه- قال: لما أجمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسير إلى مكة لفتحها أخفى الأمر؛ فكتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى أهلها يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأمر في السير إليهم، ثم أعطاه امرأة من مزينة، مولاةً لبني عبد المطلب، وجعل لها جُعلاً على أن تبلّغه المشركين، فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه شعرها وخرجت به وأتى رسول الله الخبر من الله بما صنع حاطب، فبعث علياً والزبير وقال لهما: "أدركا امرأة قد كتب معها حاطب كتاباً إلى مكة يحذّرهم ما قد أجمعنا لهم من أمرنا". فخرجا حتى أدركا المرأة بالحليفة فاستنزلاها واستخرجا الكتاب من عقاصها فأتيا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدعا حاطباً وقال له: "يا حاطب! ما حملك على ما صنعت؟". قال: يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله وبرسوله، ما غيّرت ولا بدّلت، ولكني كنت امرأً ليس لي في القوم من أهل وعشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولدٌ وأهلٌ أخشى عليهم، فصانعتهم من أجلهم. فقال عمر -رضي الله عنه-: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". فأنزل الله تعالى قوله: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ الْحَقّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّـاكُمْ) [الممتحنة:1].

روى الإمام أحمد والترمذي وحسنه عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "لما كان يوم بدر والتقوا، فهزم الله المشركين فقُتل منهم سبعون رجلاً وأُسر منهم سبعون، فاستشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر وعمر وعلياً، فقال أبو بكر: يا نبي الله! هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، فأنا أرى أن تأخذ منهم الفداء، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى الله أن يهديهم فيكونون لنا عضداً. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما ترى يا ابن الخطاب؟" فقال: والله ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنني من فلان -قريب لعمر- فأضرب عنقه، وتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم.

فهوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قال أبو بكر ولم يهوَ ما قال عمر، فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد قال عمر: غدوتُ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو قاعد وأبو بكر وإذا هما يبكيان، فقلت: يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاءً بكيت، وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الذي عرض عليّ أصحابك من الفداء، ولقد عُرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة" -لشجرة قريبة- وأنزل الـله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَللَّهُ يُرِيدُ الاْخِرَةَ وَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّوْلاَ كِتَـابٌ مّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [الأنفال:67، 68] -أي من الفداء- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن كان ليمسنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم، ولو نزل عذاب ما أُفلت إلا عمر".

فأين هذا مما يفعله كثير من المسلمين من موالاة أعداء الأمة، والسعي في مصالحهم؛ بل ومحاربة أبناء جلدته من المسلمين؟!.

لقد ضيع فئام من المسلمين هذا الأصل العظيم مع شديد الأسف، وجهِلوا مفهومه واتخذوا الكفار واليهود والنصارى أولياء، إخواناً وأصدقاء، ناهيكم -عباد الله- عما يقع في مجتمعات المسلمين من تضييع أسس هذا الجانب العقدي والتفريط فيه، فتجد من يوالي المنافقين العلمانيين، ويبادلهم المحبة بحجّة داحضة، وهي زعمهم: إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً.

أين الولاء والبراء مما عليه كثير من المسلمين لاسيما أبناؤهم من التشبه بالكفرة والملحدين في لباسهم، وميوعتهم وكلامهم وأخلاقهم؟! مما يؤكد على الحب لهم، وهذا يورث نوعاً من التبعية لهم؛ فمن تشبه بقوم فهو منهم.

أين الولاء والبراء ممن يُعينهم ويُناصرهم على المسلمين بأيّ وسيلة كانت، بل ويمدحهم ويذب عنهم؟! وهذا من أسباب الردة ونواقض الإسلام -عياذاً بالله-.

أين الولاء والبراء ممن يستعين بهم من دون المؤمنين، ويثق بهم ويوليهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين، ويتخذهم بطانة ومستشارين؟! وقد قال الله -سبحانه وتعالى-: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الاْيَـاتِ إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران:118].

أين الولاء والبراء -أيها المسلمون- ممن يستقدمون الكفرة إلى بلاد المسلمين، ويجعلونهم عمالاً وسائقين ومربين في البيوت، ويتركون المسلمين المحتاجين دون عملٍ أو صناعة؟!

أين الولاء والبراء ممن يشاركونهم في أعيادهم ومناسباتهم وتهنئتهم بها، ويمدحونهم ويشيدون بما هم عليه من مدنية وحضارة، ويُعجبون بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظرٍ إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد؟!

أين الولاء والبراء عمّن يخاطبهم بألفاظ الاحترام والتبجيل، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك بقوله: "لا تقولوا للمنافق يا سيد فإنه إن يَكُ سيداً؛ فقد أسخطتم ربكم عز وجل" رواه البخاري.

أيها المسلمون: إن الولاء والبراء أسٌ من أسس العقيدة المهمة التي لن يسلم لأحد دينه إلا بالمحافظة عليه؛ فإن اليهود والنصارى والذين أشركوا يدبرون ضد المسلمين الخطط، ويحيكون لهم المؤامرات، مهما كانت ثقة المسلمين بهم، وصدق الله العظيم حيث يقول: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ) [البقرة:120].

بارك الله لي ولكم …

 

الخطبة الثانية:

أما بعد: دخل عمر بن الخطاب على قاضيه أبي موسى الأشعري فسأله عن كاتبه فقال: "لي كاتب نصراني". فقال: قاتلك الله! أما سمعت قول الله -عز وجل-: (يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَلنَّصَـارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـالِمِينَ) [المائدة:51]. ألا اتخذت كاتباً حنيفاً؟ قال: "يا أمير المؤمنين! لي كتابته وله دينه"، فقال عمر: "ألا لا تكرموهم وقد أهانهم الله، ولا تُعزّوهم وقد أذلهم الله، ولا تدنوهم وقد أقصاهم الله".

روى مسلم في صحيحه والإمام أحمد واللفظ له عن عروة عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فلحقه عند الجمرة فقال: "إني أردت أن أتبعك وأصيب معك قال: "تؤمن بالله عز وجل ورسوله؟" قال: لا! قال: "ارجع فلن نستعين بمشرك". قال: ثم لحقه عند الشجرة ففرح بذاك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان له قوة وجلد فقال: "جئت لأتبعك وأصيب معك". قال: "تؤمن بالله ورسوله؟" قال: لا! قال: "ارجع فلن أستعين بمشرك". قال: ثم لحقه حين ظهر على البيداء فقال له مثل ذلك، قال: "تؤمن بالله ورسوله؟" قال: نعم! قال: فخرج به.

أيها المسلمون: إن الناس في الولاء والبراء على أقسام ثلاثة: أولهم: من تجب محبته محبة خالصة لله تعالى لا معاداة فيها، وهم المؤمنون من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وعلى رأسهم نبينا -صلى الله عليه وسلم- وصحابته من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.

وثانيها: من يبغض ويعادى بغضاً ومعاداةً خالصين لله تعالى لا محبة فيهما، ولا موالاة معهما، وهم الكفار والمنافقون والمشركون على اختلاف أجناسهم وشعوبهم، ويلحق بهؤلاء من يظهر معاداته للدين من العلمانيين والحداثيين، وأذنابهم من المنافقين.

وثالثها: من يحب من وجه ويبغض من وجه، فتجتمع فيه المحبة والعداوة، وهؤلاء هم العصاة من المؤمنين، يحبون على قدر ما فيهم من الإيمان، ويُبغضون لما فيهم من المعصية التي لم تبلغ درجة الكفر والشرك، وهذه المحبة لهم تقتضي مناصحتهم والإنكار عليهم، فلا يجوز السكوت على معاصيهم؛ بل ينكر عليهم، ويؤمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

ألا فاتقوا الله -عباد الله-، وصلوا وسلموا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في قوله عز من قائل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى عليّ صلاةً واحدة صلى الله عليه بها عشراً".

اللهم صل وسلم.

بطاقة المادة

المؤلف ناصر بن محمد الأحمد
القسم خطب الجمعة
النوع مقروء
اللغة العربية