البعث والنشور [الصراط]

عناصر الخطبة

  1. المرور على الصراط
  2. حال الناس قبل المرور على الصراط
  3. أول من يمر على الصراط
  4. عاملان مخلصان للمرور على الصراط
  5. حال المؤمنين والمنافقين عند المرور على الصراط
  6. من صفات الجسر المنصوب على جهنم
  7. أصناف المارين على الصراط
  8. المقصود بأصحاب الأعراف وما هو مصيرهم؟
اقتباس

الأنوار تتفاوت، فتوزع على الناس بحسب أعمالهم وصلاحهم، وإصلاحهم في الدنيا، وإنه في تلك الظلمة الشديدة أمام الصراط المضروب على ظهر جهنم يكون الناس أشد ما يكونون حاجة إلى النور، كي يروا مواضع أقدامهم عليه، فالصراط كما في…

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾ [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عندما يذهب بالكفرة الملحدين والمشركين الضالين إلى دار البوار جهنم يصلونها وبأس القرار، وبعد الحساب والميزان يبقى في عرصات القيامة أتباع الرسل الموحدون الصالحون، وأهل الذنوب والمعاصي، وفيهم كذلك أهل النفاق، وبعد وزن الأعمال يضرب الجسر على ظهر جهنم، لقد آن أوان المرور فوقها والله المستعان.

وكلا منا سيمر فوق متن جهنم ولابد، فقد قال الله تعالى: ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا(72)﴾[مريم:71-72].

ولكن قبل عبور الناس الصراط والسماء ما زالت مشرقة يحدث شيء مخيف، تلقى على الناس الظلمة، وينقلب النور والإشراق الذي أشرقت به الأرض طوال ذلك اليوم العظيم إلى ظلام دامس رهيب.

نعم تلقى على الناس الظلمة قبل المرور على الجسر؛ فقد صح في مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال: "هم في الظلمة دون الجسر".

فالجميع عندها محضرون عند الصراط، والظلام مدلهم، والقلوب واجفة، حتى قلوب الأنبياء، والكل يقول: سلم سلم، ويكون أول العابرين نبينا صلى الله عليه وسلم وأمته، في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم قال: "سيضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل، وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم".

في حديث أبي سعيد وأكثر قوله -أي الرسل-: "اللهم سلم سلم".

ولهذا للناس على الجسر عاملين مخلصين في أقصى الأهمية: النور والسرعة، وهما بحسب الإيمان والعمل.

أما النور، فإن الأنوار تتفاوت، فتوزع على الناس بحسب أعمالهم وصلاحهم، وإصلاحهم في الدنيا، وإنه في تلك الظلمة الشديدة أمام الصراط المضروب على ظهر جهنم يكون الناس أشد ما يكونون حاجة إلى النور، كي يروا مواضع أقدامهم عليه، فالصراط كما في الأثر: "أدق من الشعرة، وأحد من السيف" حتى إن الملائكة عندما تراه تتساءل مستبعدة إمكانية العبور عليه فتقول: "من يجيز على هذا؟!" فيقول الله تعالى: "من شئت من خلقي".

وجهنم تحت الصراط يحطم بعضها بعضا من الغيظ، في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجمع الناس يوم القيامة .." إلى أن قال: "فيعطون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى ذلك بيمينه حتى يكون أخر من يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفئ مرة إذا أضاء قدم قدمه وإذا طفأ قام".

معاشر المسلمين: إذا كانت دعوة الأنبياء وهم على الصراط: "اللهم سلم سلم" فماذا يقول غيرهم؟! ماذا يقول قاطع الرحم؟! أو مضيع الأمانة؟! ماذا عسى أن يفعل المفرط في الصلاة أو الزكاة؟! وما مقدار النور الذي سيؤتونه؟! وماذا عسى أن يقول آكل الربا وشارب الخمر إذا كان أنبياء الله وصفوته من خلقه وأحق عباده إليه دعواهم يومئذ: "اللهم سلم سلم" فهل من مراجعة؟ هل من وقفة صادقة مع النفس؟

أسأل الله تعالى أن يتم نورنا وأن يغفر لنا ذنوبنا.

أيها الأخوة: ما زال الكلام حول النور، ففي هذا الموضع كذلك يفترق المؤمنون عن المنافقين، فالمؤمنون يؤتون نور يمشون به فيمضون في طريقهم على هدى من نور حسناتهم، وأما المنافقون فيؤتون نور مؤقت يمشون على هداه على الجسر برهة حتى إذا كانوا فوق جهنم أطفئ النور عنهم.

جاء في حديث جابر في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال: "ويعطى كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نور ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينزل المؤمنون".

ويقف المنافقون مكانهم مذعورين ويتخلفون عن السير لظلمة الطريق بعد انطفاء النور: ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾ [النور:40].

وعندما يرى المؤمنون انطفاء نور المنافقين خلفهم ينتابهم الذعر فينادون ربهم قائلين: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التحريم:8] يخافون أن يطفأ النور.

ويرى المنافقين نور المؤمنين من بعيد، فيسعون وراء المؤمنين يلتمسوا شيء من نورهم وينادونهم: ﴿انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ﴾ فيرد عليهم المؤمنون: ﴿ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾.

وهكذا يخدعون جزاء خداعهم في الدنيا بنفاقهم، قال ابن كثير: فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئا، فينصرفون إلى المؤمنين مرة ثانية، وقد ضرب: ﴿بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ ويبدؤون بالهتاف والنداء: ﴿أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ﴾ ويرد عليهم المؤمنون كما ورد في القرآن ثم يسقطون في النار -والعياذ بالله-.

قال ابن عباس: "ليس أحد من المسلمين إلا يعطى نورا يوم القيامة فأما المنافق فيطفأ نوره يوم القيامة، والمؤمن يشفق مما يرى من إطفاء نور المنافق، فهو يقول: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾".

قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(15)﴾[الحديد:12-15].

جاء في حديث أبي سعيد في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم يضرب الجسر على جهنم".

وزاد في رواية أخرى صحيحة: "وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ، فَتَقُومَانِ جَنَبَتَيِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا " قال: "وتحل الشفاعة ويقولون: اللهم سلم سلم" قيل يا رسول الله وما الجسر؟ قال: "دحض مذلة".

الدحض والمذلة بمعنى واحد، وكررها صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة للتأكيد، وهو الموضع الذي تذل فيه الأقدام، ولا تذل.

"قال فيه كلاليب وحسك" الكلاليب جمع كلوب، وهو الحديدة المعقوصة الرأس، وهي الحديدة التي يعلق عليها اللحم.

أما الحسك فهو شوك صلب من حديد، نسأل الله السلامة والعافية.

معاشر الأخوة : يأتي الآن دور العامل الثاني من عوامل الخلاص والنجاة على الصراط، وهو عامل السرعة، وليس مرجع السرعة هنا للياقة كما هو الحال في الدنيا، لا، وإنما المرجع هنا للعمل الصالح نوعه الصدق فيه، صحته عدده وقبوله، قال صلى الله عليه وسلم: "فيمر المؤمن كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم".

وترون في أخر الوصف عاقبة المارين، فناج مسلم: فهؤلاء هم أصحاب النور العظيم والسرعة الفائقة ينطلقون عليه بأقصى سرعة، نسأل الله من فضله.

ومخدوش مرسل: وهؤلاء هم الذين اقترحوا السيئات واكتسبوا الخطايا فتخطفهم الكلاليب فتجرح أجسادهم، وتوشك أن توقعهم في النار، ثم ينجون برحمة الله – تعالى -، ثم بما قدموه من طاعات في الحياة الدنيا.

قالوا: ومكدوس في نار جهنم: وهؤلاء هم العصاة الفجرة الذين أمعنوا في أنواع الآثام والمعاصي بلا توبة مع بقاء إسلامهم بتوحيد وصلاة دون أن يموتوا على ناقض من نواقض الإسلام، هؤلاء لا ينجون من الكلاليب فيقعون في النار على رؤوسهم، نسأل الله السلامة والعافية.

قال ابن أبي جمرة معلقا على حديث البخاري: "يؤخذ منه أن المارين على الصراط ثلاثة أصناف:

1- ناج بلا خدش. 2- ومتوسط بينهما يصاب ثم ينجو. 3- وهالك من أول وهلة، وكل قسم منها ينقسم أقسام تعرف بقوله بقدر أعمالهم".

أما أواخر الناجين من هذا المشهد الرهيب فأناس عبورهم بطيء شاق محفوف بالخطر، في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم قال في وصف عبور أحدهم: "يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك".

وهناك من تقصر به حسناته لا تكفي فيزحف على الصراط زحفا، ففي صحيح مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ونبيكم قائم على الصراط يقول ربي سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد " أي تعجز أعمالهم الصالحة عن إعانتهم على تجاوز الصراط بسبب قلتها، قال: " حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا" وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة تأخذ من أمرت بأخذه فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسٌ في النار".

أولئك المخدوشون الناجون هم أواخر العابرين على الصراط يسحب أحدهم على حد السيف سحبا فوق ظهر جهنم، حتى يجاز به إلى الطرف الأخر.

ووصف أخر لأواخر من يعبر الجسر في وصف ابن مسعود ووصف ابن مسعود هنا له حكم الرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أمر غيبي لا يقال من جهة الرأي.

"ثم يكون أخرهم رجل يتلبط على بطنه، فيقول: يا رب لم أبطأت بي؟ فيقول إنما أبطأ بك عملك".

هذا هو مشهد العبور على الصراط.

أسأل الله لي ولكم النجاة من النار واستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الحسنات المكتسبة من الأعمال الصالحة في الدنيا هي رأس مال الإنسان يوم القيامة، وقد ظهرت ثمراتها -أيها الأخوة- كما تقدم في عرصات القيامة، وعند الحوض وعند الحساب والميزان وعلى الصراط تتدافع الحسنات والسيئات فيما بينها يفصل في موقف العبد، ويفصل في مصيره بعد الله تعالى، وفي الحسنات والسيئات.

قال عز وجل: ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ﴾ أي بين الجنة والنار حجاب حاجز مانع: ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾.

قال ابن عباس: "تل بين الجنة والنار، حبس عليه ناس من أهل الذنوب بين الجنة والنار".

﴿وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾[الأعراف:46].

فالأعراف إذاً مكان مرتفع يشرف على أهل الجنة والنار، يجعله الله تعالى يوم القيامة بين الجنة والنار، ليحجز بينهما، ويشرف منه أصحاب الأعراف على فريقي الجنة والنار: ﴿يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾ وهؤلاء الذين على المرتفع قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، ولم يتقرر مصيرهم بعد، ولكن مآلهم في النهاية سار إلى الجنة.

قال ابن عباس: "أصحاب الأعراف رجال كانت لهم ذنوب عظام، وكان حسم أمرهم لله".

قال تعالى: ﴿وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ(49)﴾[الأعراف: 47-49].

قال الإمام ابن تيمية: "وَقَدْ يَفْعَلُ مَعَ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ تُوَازِيهَا وَتُقَابِلُهَا فَيَنْجُو بِذَلِكَ مِنْ النَّارِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ، بَلْ يَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ".

يعني من الذين رحمهم الله تعالى بإدخالهم الجنة بالرغم من كثرت ذنوبهم لما تساوت معها حسناتهم.

معاشر الأخوة: ماذا بعد المرور على الصراط والنجاة من النار؟

أسأل الله تعالى أن يكتب لنا مقام للحديث عن ذلك.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار.