وكم في الشتاء من عبر وعظات

عناصر الخطبة

  1. الاعتبار بمرور الأيام
  2. فرص الطاعة في الشتاء
  3. تقدير السلف لتلك الفرص
  4. تذكُّر زمهرير جهنم بشدة البرد
  5. تذكر نعم الله المُعِينة على مقاومة البرد
  6. تذكر إخواننا المسلمين الفقراء والنازحين ومواساتهم.
اقتباس

قال ابن رجب -رحمه الله-: “وإنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه كما ترتع البهائم بمرعى الربيع فتسمن وتصلح أجسادها، فكذلك يصلح دين المسلم في الشتاء بما يسر الله به من الطاعات”.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾ [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله ربكم -جل وعلا- وخذوا عبرة من مرور الأيام والليالي، وتعاقب الليل والنهار، وتتابع الفصول والأزمان؛ خذوا من ذلك عبرة وذكرى تذكر بسرعة انقضاء الآجال والأعمال، وقرب الرحيل ومفارقة هذه الدنيا، وتدعو للاستعداد ليوم الرحيل، والتزود بما حسن وطاب من الأعمال والقربات، والاجتهاد في استثمار هذه الأيام والليالي التي هي مراحل نقطعها إلى الدار الآخرة: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر:21].

أيها الإخوة المسلمون: نعيش هذه الأيام موسما من مواسم السنة يتكرر في كل عام، ألا وهو فصل الشتاء، وكم في الشتاء من عبر وعظات لذوي القلوب الحية! كم في الشتاء من فرص للطاعة ومواسم للعبادة لا يفطن لها إلا الحريصون على كسب الحسنات ومضاعفة الدرجات!.

أما كونه موسماً لبعض الطاعات فذلك من حيث كون أدائها سهلاً فيه بالنظر إلى بقية مواسم السنة، أو من حيث شدة الحاجة إلى لون من ألوان العبادة في الشتاء؛ لما أودعه الله في فصل الشتاء من الخصائص والمزايا، حيث اشتداد البرد وما يتطلبه ذلك من حاجة إلى الطعام والكساء، وحيث طول ليله وقصر نهاره؛ ولهذا روي في بعض الآثار: "الشتاء ربيع المؤمن، طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه".

قال ابن رجب -رحمه الله-: "وإنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه كما ترتع البهائم بمرعى الربيع فتسمن وتصلح أجسادها، فكذلك يصلح دين المسلم في الشتاء بما يسر الله به من الطاعات".

ففي الشتاء -أيها الإخوة المسلمون- يقدر المؤمن على صيام النهار من غير مشقة تلحقه، أو كلفة تحصل له من جوع أو عطش؛ وذلك لقصر نهاره، مع برودة الجو فيه؛ ومن ثم فلا يحس الصائم فيه بمشقة الصيام التي يحسها في أيام الصيف.

ولهذا؛ جاء في المسند والترمذي: "الصيام في الشتاء الغنيمة الباردة"، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: "ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؟" قالوا: بلى, فيقول: "الصيام في الشتاء، وقيام ليل الشتاء". ومعنى كونه "غنيمة باردة" أنها غنيمة حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفوا صفوا بغير كلفة ولا مشقة، هذا بالنسبة لنهار الشتاء ووظيفته الرئيسية.

وأما ليل الشتاء؛ فلطوله، كان فرصة ثمينة للقيام والتهجد والدعاء والاستغفار والانطراح بين يدي الرحيم الغفار، حيث يتسنى للبدن أن يأخذ حظه الوافي من النوم ثم يقوم بعد ذلك إلى الصلاة فيناجي ربه، ويخاطب مولاه، ويتلذذ بكلامه ومناجاته في هدأة الليل وسكونه، حيث وقت التنزل الإلهي، والرب -عز وجل- يقول لعباده: "مَن يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟".

فيا حسن عباد الله المؤمنين القائمين وقد أجنهم ليل الشتاء! ما بين قارئ خاشع، وراكع خاضع، وساجد متذلل، وداع متضرع، ومستغفر مخبت، وباكٍ على ذنوبه وآثامه يسأل ربه العفو عن تقصيره وتكفير سيئاته؛ ولهذا كان سلف الأمة الأخيار يجتهدون في قيام الليل؛ لعظيم الأجر والثواب المترتب على ذلك، وهم يقرؤون قول الله -تعالى-: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة:17].

قال يحيى بن معاذ -رحمه الله-: "الليل طويل، فلا تقصره بمنامك"، وكان ابن مسعود يقول: "مرحبا بالشتاء؛ تنزل فيه البركة، ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام".

وقال الحسن البصري -رحمه الله-: "نعمة زمان المؤمن الشتاء؛ ليل طويل يقومه، ونهار قصير يصومه".

ولتقدير السلف لهذه الفرصة العظيمة بكى معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عند وفاته وقال: "إنما أبكي على ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ومزاحمة العلماء بالركب عند حِلَق الذكر".

وكان السلف -رحمهم الله- يجاهدون أنفسهم على القيام في الشتاء؛ لكونه قد يشق على بعض النفوس، وذلك من جهة تألم النفس بالقيام من الفراش في شدة البرد، وبما يحصل من إسباغ الوضوء في شدة البرد، ولكن هذين الأمرين لا وجود لهما -في الغالب- عند كثير من أهل زمننا، حيث الغرف المكيفة بوسائل التدفئة، والمياه المسخنة التي لا يشعر الإنسان معها ببرودة الماء أو الجو، على أنه لو لحق الإنسان شيء من الألم بسبب برودة الجو أو الماء فإن في ذلك رفعا لدرجاته، ومضاعفة لحسناته.

ولهذا جاء في الحديث: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره".

فإسباغ الوضوء في شدة البرد من خصال الإيمان؛ بل هو سبب موجب لرضا الرب ومباهاة الملائكة، ففي المسند وصحيح ابن حبان في قصة الرجل الذي "يقوم من الليل فيعالج نفسه إلى الطهور، وعليه عقد، فتوضأ، فإذا وضّأ يديه انحلت عقدة, وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة, وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة، فيقول الرب -عز وجل- للذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي يعالج نفسه، ما يسألني عبدي هذا فهو له". فإذا كان هذا في مطلق الليالي، فهو في ليالي البرد آكد.

ومن العبادات التي تتأكد في فصل الشتاء: مواساة الفقراء والمحتاجين، وبذل الإحسان وسد حاجة المعوذين، وذلك أن فصل الشتاء يحتاج إلى مؤونة كثيرة من طعام وكساء، فيعجز الفقراء والمساكين عن تحصيل هذه المؤونة، فرحم الله امرأً سعى في سد حاجة إخوانه، فقضى حاجة الأرامل واليتامى، وتفقد المتعففين الذين لا يسألون الناس إلحافا، فوفر لهم الطعام من دقيق وحليب وزيت، ووفر لهم الكساء من ثياب وغطاء ونحو ذلك مما يحتاجه الناس، وخير الناس أنفعهم للناس، الحريص على إدخال السرور لهم، وزرع الابتسامة والفرحة في وجوه اليتامى والمحتاجين.

هذه -أيها الإخوة في الله- بعض العبادات التي يتأكد فعلها في هذا الفصل؛ فهل أخذنا بحظ وافر من هذه العبادات، ونصيب وافر من هذه القربات؟ هل اجتهدنا في صيام الاثنين والخميس؟ وهما اليومان اللذان كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصومهما ويقول: "إن الأعمال تعرض فيهما على الله؛ فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم".

هل حرص المسلم على صيام الأيام البيض التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بصيامها، وأوصى أبا هريرة -رضي الله عنه- وغيره بصيام ثلاثة أيام من كل شهر؟ هل كان لنا حظ كبير من قيام الليل والتلذذ بمناجاة الرب -عز وجل-؟ فإن قيام الليل دأب الصالحين قبلنا، وفيه مرضاة رب العالمين.

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لحفصة -رضي الله عنها- أخت عبد الله بن عمر: "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل!" فكان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا ينام بعد ذلك من الليل إلا قليلا.

قال الحسن البصري -رحمه الله-: "أفضل العبادة الصلاة في جوف الليل"، وقال: "هو أقرب ما يتقرب به إلى الله -عز وجل-"، وقال: "ما وجدت في العبادة أشد منها"…

فاجتهدوا -أيها الإخوة المسلمون- في فعل الطاعات، وتنافسوا وتسابقوا لكسب الدرجات، وتحصيل رضا رب الأرض والسماوات.

أسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يرزقنا نفوساً للخير منقادة، وقلوبا على الطاعة مقبلة، وجوارح في فعل الخير مسترسلة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(134)﴾ [آل عمران:133-134].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، أحمده -سبحانه- على نعمه التي لا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله في السراء والضراء، وراقبوه في الشدة والرخاء، كونوا على الحق أعوانا، وفي إصلاح ذات البين إخوانا، وفي إعلاء كلمة الله أركانا؛ حافظوا على إصلاح القلوب، وراقبوا علام الغيوب، واعلموا أنه ليس للإنسان في آخرته من دنياه إلا أعماله الصالحة، وحسناته الباقية، نسأل الله -عز وجل- أن يختم لنا جميعا بالحسنى، وأن يرزقنا من خيري الدارين فوق ما نتمنى، ويقر أعيننا بالنظر إلى وجهه الكريم بعد دخول دار النعيم، مع الركع السجود من أنبياء الله وعباده الصديقين، والصالحين.

أيها الإخوة المسلمون: كما أن في الشتاء مواسم للقربة والطاعة فهو موسم للعبرة والذكرى، تذكروا -أيها الإخوان- بما يحصل في الشتاء من البرد زمهرير جهنم وبردها، واستعيذوا بالله منها، ففي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا كان يوم شديد البرد، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله! ما أشد برد هذا اليوم! اللهم أجرني من زمهرير جهنم، قال الله تعالى لجهنم: إن عبدا من عبادي استجار بي من زمهريرك، وإني أشهدك أني قد أجرته". قالوا ما زمهرير جهنم؟ قال: "بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة البرد".

وفي الحديث الآخر أن الله جعل لجهنم "نفسَين: نفَسٌ في الشتاء، ونفس في الصيف، فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها، وشدة ما تجدون من الحر من سمومها".

وروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: " يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردها؛ فيسألون الحر".

فيا من تتلى عليه أوصاف جهنم، ويشاهد تنفسها كل عام حتى يحس به ويتألم، وهو مُصر على ما يكون سببا لدخولها مع أنه يعلم؛ ستعلم إذا جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام من يندم، ألك صبر على سعيرها وزمهريرها؟ قل وتكلم.

أسأل الله -عز وجل- أن يجيرنا ووالدينا وذريتنا من النار، أسأل الله -عز وجل- أن يجيرنا ووالدينا وذريتنا من النار، أسأل الله -عز وجل- أن يجيرنا ووالدينا وذريتنا من النار، ومن دار الخزي والبوار.

تذكروا -أيها الإخوة المسلمون- نعمة الله عليكم بهذه البيوت التي تقيكم شدة البرد، وهذه الملابس التي تحمون بها أبدانكم من لسع الشتاء وأذاه، وهذه الأطعمة التي تأكلونها فتمدكم بطاقة وقوة تقاومون بها البرد.

اشكروه -رحمكم الله- شكرا حقيقيا أن حباكم هذه النعم وهيأها لكم، فلولا فضله وكرمه -سبحانه وتعالى- ما نلتموها، والله! لولا فضله وكرمه وجوده وإحسانه ما نلتم شيئا منها! ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل:5].

﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80) وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ(83)﴾ [النحل:80-83].

نعوذ بالله من نكران نعم الله، وجحود فضله وآلائه، نعوذ بالله من أن نستعمل نعم الله -عز وجل- فيما يسخطه ويغضبه.

أسلموا لربكم -عز وجل- في جميع أموركم، ولا تكونوا ممن عرف نعمة الله فأنكرها فكان من الجاحدين الكافرين لنعم الله.

تذكروا -أيها الإخوان- وأنتم تحسون بأذى البرد، تذكروا وأنتم مطمئنون في بيوتكم، مطمئنون بين أهليكم وأولادكم، تذكروا إخوة لكم في ديار المسلمين لا يجدون ما يغطون به أجسامهم من البرد، ولا ما يدفئون به أجوافهم من الطعام، تذكروا إخوة لكم في الشام وفي فلسطين وفي بورما، وخصوصا أولئك المبعدين هذه الأيام عن ديارهم من قبل أعدائهم، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في جو شاتٍ قارس.

تذكروا إخوانكم المستضعفين في كل مكان، تذكروا الفقراء من حولكم من جيرانكم وأقربائكم، ماذا قدمتم لهم من عون ومساعدة؟ أيكون جزاء إنعام الله علينا وإفضاله جحود هذه النعم وعدم إنفاقها في مراد الله ومحابه؟!.

إن إخواننا المسلمين الفقراء واليتامى والأرامل في الداخل والخارج، وإخواننا المستبعدين المستضعفين الذين أخرجوا من ديارهم من قِبَل أعدائهم، في أمس الحاجة، خصوصا هذه الأيام، إلى مد يد العون والمساعدة لهم، فرحم الله امرأً ساهم بماله في مواساة إخوانه المسلمين، رحم الله امرأً جد واجتهد في بذل ما يستطيع لدعم إخوانه المسلمين، وإدخال السرور على اليتامى والمساكين والمحتاجين.

هذا؛ وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبد الله، فقد أمركم ربكم بهذا في كتابه فقال -عز من قائل-: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56].

اللهم صل وسلم وبارك…