أين الإرهاب؟

عناصر الخطبة

  1. مفهوم الإرهاب
  2. أنواع الإرهاب الذي تمارسه الدول الكبرى
  3. شهادة إرهابيي الشرق بإرهاب دول الغرب
  4. دروس من الأحداث
اقتباس

الإرهاب مرفوض في شريعة الإسلام، ذلكم الإرهاب الذي يفضي إلى قتل النفس بغير حق، ويخيف الآمنين، ويدمر المنشآت ويبدد الطاقات، ولكن الإشكالية في تحديد مفهوم الإرهاب، ومن يوصفون بالإرهاب، وأين يكون الإرهاب ومصيبتنا في هذا الزمن أن تحديد المصطلحات متروك للدول الكبرى تتلاعب فيه كيف شاءت، وتصف به من تشاء، ونتج عن هذا أن ألصقت التهم بالعرب والمسلمين ..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن أصحابه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. 

فأما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- وكونوا مع الصادقين: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء:1].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].

أيها المسلمون: تفنى الأمم وتدمر الحضارات حين تكون القوة لغة التفاهم بين مجتمعاتها، ويختل الأمن ويتراجع المد الحضاري حين يسهل استخدام وسائل التدمير في غير موضعها. ومن سنن الله في كونه تعجيل نهاية الدول حين تستعلي بقوتها، وتمتد مساحة ظلمها، ويتعاظم فسوق المترفين فيها: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود:102]. ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً﴾ [الاسراء:16].

لقد قص الله علينا في كتابه العزيز نماذج لدول سادت ثم بادت، وحضارات شيدت في سهول الأرض، ونحت أصحابها من الجبال بيوتاً فارهين، فلما استكبروا وطغوا واغتروا بقوتهم أهلك الله الظالمين منهم، وعادت قراهم حصيداً كأن لم تغن بالأمس، يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِا لْمِرْصَادِ) [الفجر:6-14].

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك ملكه، والخلق خلقه، والقوة قوته، والأرض له يورثها من يشاء من عباده، والويل لمن غرته قوته واستصغر من دونه، ومنطق الجهل والغرور يحيق بأهله وفي التنزيل: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ(16)﴾ [فصلت:15-16].

أيها الناس: الإرهاب مرفوض في شريعة الإسلام، ذلكم الإرهاب الذي يفضي إلى قتل النفس بغير حق، ويخيف الآمنين، ويدمر المنشآت ويبدد الطاقات، ولكن الإشكالية في تحديد مفهوم الإرهاب، ومن يوصفون بالإرهاب، وأين يكون الإرهاب ومصيبتنا في هذا الزمن أن تحديد المصطلحات متروك للدول الكبرى تتلاعب فيه كيف شاءت، وتصف به من تشاء، ونتج عن هذا أن ألصقت التهم بالعرب والمسلمين الذين يرفضون سياسات الغرب وحلقائهم في المنطقة العربية والعالم الإٍسلامي، ويكشفون الخبث والعداء السافر فيها ولهذا سحب اليهود والنصارى وأشياعهم مصطلحات: الإرهاب، والتطرف، والأصولية، ونحوها، على أبناء الأمة العربية الإسلامية، وهي في أصولها الحديثة مصطلحات نابعة من بيئاتهم ولها وجود وأثر في حياتهم وبين شعوبهم، والهدف من تحوير المصطلحات وتحبيرها تشويه صورة المنتمين للإسلام من جانب، وستر سوات الكفار وتطرفهم من جانب آخر.

أخوة الإسلام: تعالوا بنا لنرى نوعاً من الممارسات والسياسات للدول ذات النفوذ في المنطقة، ونسأل أذلك من الإرهاب أم لا؟ فماذا يقال عن قتل الأبرياء في مسجد الخليل، وتبييتهم وهم ركع سجد لله والعمل الإجرامي المتمثل بالمحاولة الصهيونية في حرق المسجد الأقصى؟ وماذا يقال عن تطويق الإسلام ومحاصرة المسلمين وإعلان الحرب عليهم في كل من البوسنة والهرسك والشيشان، وكوسوفو؟ أليس من الإرهاب مشاركة الغرب في عزل الإسلام عن الحياة في تركيا، ونتحية الحزب الإسلامي عن الحكم حتى ولو جاء بإرادة الشعب واختياره؟.

يرى المراقبون أن لأمريكا دوراً في تأزيم العلاقات بين الهند وباكستان،وبين حركة طالبان وإيران ودول آسيا الوسطى وإذا حكم العقلاء – أن هذا – ومثله كثير – نوع من الإرهاب العقدي والسياسي، فثمة إرهاب فكري يصدره الغرب وفي مقدمته أمريكا، ومؤتمر المرأة في بكين نموذج صارخ لهذا الإرهاب الذي يتجاهل فيه المخططون للمؤتمر تعاليم السماء عامة فضلاً عن الاعتداء والسخرية بتعاليم الإسلام خاصة، بل لقد نجح إرهابيو الغرب وحلفاؤهم في عقد مؤتمر الإسكان في قلب العالم الإسلامي متحدين بذلك مشاعر المسلمين، وموقنين بأن فساد المرأة بوابة لفساد المجتمع، وأن تحديد نسل المسلمين أقصر الطرق لشل قوة المسلمين، ومنع تناميهم مستقبلاً، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

ومن الإرهاب العقدي والسياسي والفكري إلى الإرهاب الاقتصادي حيث يتحكم الغرب في اقتصاد العالم، ومن جراء هذا التلاعب دخلت دول جنوب شرق آسيا مرحلة السبات الطويل نتيجة الخسائر المتلاحقة لاقتصادها، الذي أثر بدوره على ذلك الاقتصاد العالمي والرأسمالية الأمريكية والغربية سبب مؤثر في ذلك.

أيها المسلمون: من المسؤول عن تجويع شعب العراق المسلم، وأي نوع من الإرهاب يكون موت آلاف الأطفال وانتشار الأمراض لدى شعب العراق العربي المسلم؟ وإذا فسدت القيادة وشذ الحزب الحاكم بالظلم والطغيان والفساد.. فهل يسحب ذلك على الشعب العراقي بأكمله؟ إنها نوع من الممارسات الإرهابية للشعوب المسلمة، تختلق الأزمة فيه لتكون مبرراً لما وراءها.

عباد الله لمن يكتف الغرب الكافر بخنق السودان وحصاره اقتصادياً وعزله سياسياً – وهو البلد العربي المسلم – بل زاد في إرهابه بضرب منشآت صحية فدمرها وألحق الأضرار البالغة فيها فأين الإنسانية.. وأين حقوق الإنسان.. وأين الإسهام في نشر الأمن والسلام في العالم من قبل راعية السلام المزعوم؟! وهبوا أنه كان مصنعاً لنوع من الأسلحة كما زعموا.. فهل يبرر ذلك ضربه – وهل يجوز إقامة المصانع العملاقة الحربية في مكان ويحظر في مكان آخر..؟ وهل كتب على العرب والمسلمين تحريم الصناعات، وهو حل للغرب وحليفتهم إسرائيل؟.

إخوة الإيمان، إذا كلفت الضربة الأمريكية الأخيرة للسودان والمخيمات في الأفغان مائة وخمسين مليون دولار كما يقال، فهل ذلك قمع للإرهاب أم هو بذاته نوع من الإرهاب واستفزاز للمشاعر في العالمين العربي والإسلامي وخلق لأجواء الإرهاب؟

معاشر المسلمين: لا بد أن نفهم المصطلحات وما وراءها، ولا بد أن نعي الأهداف من وراء الضربات، وإذا نظر البعض إليها على أنه محاولة لستر السوءات وتغطية الفضائح، فهناك نظرة أكثر عمقاً لهدف هذه الضربات والممارسات وغيرها وتقضي بكونها حرباً عقائدية مسيسة تقف اليهودية والنصرانية في طرف، والإسلام طرف آخر.. ومن استبعد هذه النظرة. فليراجع كتاب الله فيه من أمثال قوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم﴾ [البقرة:120].

وليراجع تصريحات أبى الله إلا أن تفلت بها ألسنة القوم وهي تكشف عن الأهداف المبيتة والتخوف من الإسلام وأهله، ومن أواخر تصريحاتهم ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية بعيد ضرب السودان والأفغان، قالت: "عندما تتعرض الولايات المتحدة لاعتداء سواء في الحرب العالمية الأولى، أو الحرب العالمية الثانية، أو الحرب الباردة، فإننا نحتاج إلى جهد متواصل ضد ما يمثل التهديد الرئيس في نهاية القرن الحالي، وبداية القرن المقبل..".

ويفهم من هذا التصريح أن الإسلام يمثل الخطر الرئيس الذي يهدد الغرب ولذا فلا بد من جهد متواصل لحربه، والحرب مع أبنائه طويلة الأجل وليست هذه المناوشات والضربات والتهديدات إلا حلقة في سلسلة الصراع الطويل (وقد صدقت وهي كذوبة).

فهل ترفع هذه التصريحات الغشاوة عن أعين طالما أصيبت بالرمد وتستنير أفكار طالما ظللتها الشعارات المضللة وأوهمتها المصطلحات المصطنعة، واستجابت للناعقين وهم يفتكرون بإخوانهم، وهم في الطريق إليهم إلا أن أتموا المسيرة معهم، ودخلوا جحر الضب الخرب حيث دخلوا، فأولئك منهم وإن حسبوا على المسلمين في عدادهم؟

اللهم اكشف الغمة وأصلح أحوال الأمة، وانصر أبناء الملة المسلمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(3)﴾ [الممتحنة: 2-3]. نفعني الله وإياكم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله القوي العزيز، غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وهو شديد المحال، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه بعثه الله رحمة للعالمين، وكانت رسالته خاتمة رسالات السماء وناسخة لها، فلا يقبل الله من أحد غير الإسلام ديناً، فهو دين الله الخالد، وشريعته هي الصالحة للتطبيق إلى يوم القيامة والمسلمون هم خلفاء الله في أرضه والمؤتمنون على تبليغ دينه. اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى سائر أنبياء الله ورسله.

عباد الله: ويشهد على إرهاب الغرب إرهابيو الشرق، فقد وصفت روسيا الإجراء الأمريكي الأخير (بضرب السودان والأفغان) بأنه إرهاب دولي، وقال مدير مكتب (إف، بي، آي) إن قرار واشنطن ضرب مواقع في أفغانستان والسودان لا يتعلق بالضرورة بالتحقيقات الجارية في تفجير سفارتي نيروبي، ودار السلام…

أيها المسلمون: بقدر ما يستهين اليهود والنصارى والشيوعيون بدماء المسلمين تراهم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا تعرض فرد منهم للقتل، وكلما زاد عدد القتلى تعاظم الأمر عندهم فهل دماء المسلمين بهذه المنزلة المهينة عند القوم؟ وهل كتب القتل علينا والسلامة لغيرنا؟ إنها نوع من الغطرسة والكبرياء لا مبرر لها إلا شعورهم الكاذب بالتميز علينا.. وقديماً قال أسلافهم وكذبهم القرآن: ﴿يْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران:75].

ولا يزال اليهود ينظرون إلى أنفسهم على أنهم شعب الله المختار.

إخوة الإسلام: من خلال الوقائع والأحداث المتلاحقة تبرر عدة دروس حري بالمسلمين أن يعوها ومنها:

1- إن الحرب قائمة بين الإسلام وملل الكفر ولا بد من الاستعداد لها والشعور الحي بأسباب الهزيمة ومقومات النصر.

2- ولا بد من الوعي بتحوير المصطلحات والهدف من تصديرها وإلصاقها بالمنتمين الصادقين للإسلام.

3- وإذا استهدف الغرب بضرباته مجموعات صغيرة لا تقارن قوتها المادية بقوته، ولا تقنياتها بتقنياته دل ذلك على عظمة هذا الدين وتخوف الغرب من أبنائه ولو لم يبلغوا من القوة مبلغاً كبيراً.. وهذا يدعو لمزيد التمسك بالإسلام والشعور بالعزة ولو تفوق عليهم عدوهم سياسياً واقتصادياً.

4- ومن جانب آخر ففي الأحداث الجارية إيحاء ظاهر بتخوف الغرب رغم قواهم.. وإذا أخافتهم قوى صغيرة فماذا لو اجتمع المسلمون واتحدت كلمتهم وقواهم؟

5- وينبغي أن يعلم أن العدو اتخذ من ضعف المسلمين وتفككهم وتفرق كلمتهم مناخاً مناسباً لكيل الضربات هنا وهناك وتصدير الأفكار الهزيلة في عدد من القضايا، وتلك واحدة من ضرائب الفرقة والشتات في العالم الإسلامي والعربي.

6- وإذا اتحد الأعداء – رغم خلافاتهم – على حرب المسلمين تحت شعارات خادعة.. أفلا يدعو ذلك المسلمين إلى اجتماع الكلمة وتوحيد الصفوف، فهم بالاجتماع أحرى وأولى، والله تعالى يأمرهم بالوحدة على شرع الله: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران:103]. وينهاهم عن الفرقة والاختلاف: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران:105].

7- وللإعلام دور مؤثر في توضيح الصورة دون مخادعة، وعلى الإعلاميين كفل كبير في كشف الحقائق لعامة الأمة، وفي مثل هذه الظروف تبرز الهوية ويتحدد نوع الفكر.. ويتبين الصادقون ومن يتحملون أمانة الكلمة، والموتورون ومن في قلوبهم مرض، ولسان حالهم يقول: نخشى أن تصيبنا دائرة ويقول غيرهم ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [المائدة:52].

وفرق بين من يأوون إلى ركن شديد فيتوكلون على الله ويستمدون النصر منه وحده، وبين من يعلقون آمالهم على بشر لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ومثل هؤلاء: ﴿كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت:41].

8- إخوة الإسلام: وعلى صعيد الواقع تنكشف الحقيقة في دعوى أمريكا محاربة الإرهاب، فإن كانت صادقة في محاربة الإرهاب فماذا صنعت بإرهاب الصرب النصارى، وإذا ثبت للعالم كله أ، بعض قادة الصرب مجرمو حرب فهل ضربت أمريكا مواقعهم في سبيل مكافحة الإرهاب؟

وإذا ثبت للعالم كذلك تغطرس الصهاينة اليهود في الأراضي المحتلة بتدنيس المقدسات والاعتداء على حرماتها، وقتل الأبرياء، والاستمرار في بناء المستوطنات، واحتضان أنواع الأسلحة الكيماوية وغيرها.. وكل ذلك من الإرهاب، فماذا صنعت الدول الغربية – وفي مقدمتها أمريكا – لإيقاف هذا المد الإرهابي الصهيوني المتنامي؟ إنها لعبة مكشوفة يغض الطرف فيها عن إرهاب اليهود والنصارى، وتتركز التهم وتضخم القضايا على المسلمين وإذا كان الذئب لا يلام في عدوانه، فالمأساة أن تروج هذه الشائعات على بعض أبناء المسلمين ومع ذلك كله فعسى أن تكون هذه الأحداث موقظة للمسلمين وباعثة لهممهم وموحدة لصفوفهم، وعسى أن تكروها شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.