أهمية الاستعاذة بالله من أربع

عناصر الخطبة

  1. التوجيه النبوي بالاستعاذة بالله من أربعة أشياء
  2. وقفات مع هذا التوجيه النبوي الكريم
  3. أهمية المحافظة على هذا الهدي وتعليمه للأهل
اقتباس

وقَدْ أرشدَنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلى شيءٍ مِنْ ذلك, فيما يتعلق بالسلامةِ من أعْظَمِ شُرورِ الدنيا والآخرة، فقال: “إذا تَشَهَّدَ أحدُكم فليستعذ باللهِ مِن أربع, يقول: اللهم إني أعوذُ بِك مِن عذابِ جهنمَ, ومن عذابِ القبرِ, ومن فِتنةِ المحيا والمماتِ, ومِن شَرِّ فتنةِ المسيحِ الدجال”. والمُرادُ: إذا فَرَغَ العبدُ من التشهدِ الأخيرِ فَلْيَقُلْ ذلكَ قَبْلَ أن يُسَلِّم.

الخطبة الأولى:

إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.

أمّا بعد: عبادَ الله، اتقوا اللهَ -تعالى-, وابذُلوا أسبابَ نجاتِكُم وسعادتِكُم, واعلموا أَنه لا نَجاةَ لكم مِمَّا تَكْرَهونَ إِلا بِاللُّجوءِ إلى اللهِ قبلَ كُلِّ شيء, ثُم بَذْل الأسبابِ في ذلك.

وقَدْ أرشدَنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلى شيءٍ مِنْ ذلك, فيما يتعلق بالسلامةِ من أعْظَمِ شُرورِ الدنيا والآخرة، فقال: "إذا تَشَهَّدَ أحدُكم فليستعذ باللهِ مِن أربع, يقول: اللهم إني أعوذُ بِك مِن عذابِ جهنمَ, ومن عذابِ القبرِ, ومن فِتنةِ المحيا والمماتِ, ومِن شَرِّ فتنةِ المسيحِ الدجال". والمُرادُ: إذا فَرَغَ العبدُ من التشهدِ الأخيرِ فَلْيَقُلْ ذلكَ قَبْلَ أن يُسَلِّم.

فَينبغي للمسلمَ أَنْ يُداوِمَ على هذا الدعاء, لِما تَضَمَّنَه مِنَ الاستعاذة مِن هذِه الشُّرورِ التي لا يَسْلَمُ مِنها إلا القليل.

والاستعاذة -يا عبادَ الله- هي الالتجاء بِاللهِ والاعتصام بِه مِنْ شَرِّ كُلِّ ذي شَر. وأَيُّ شَرٍّ أعظَمُ مِن هذهِ الشرور؟.

أوَّلُها: عذابُ جَهنم, وَسُمِّيَت بِذلك لِشِدَّةِ حَرِّها وجُهُومَتِها وظُلْمَتِها, بِسببِ سَعَتِها, وبُعْدِ قَعْرِها, فقد كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يوماً جالساً مَعَ أصحابِه, فَسمِعَ وَجْبَةً -أي: صوتا – فقال: "تَدْرونَ ما هذا؟", قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَم! فقال: "هذا حجرٌ رُمِيَ به في النارِ مُنْذُ سبعينَ خريفًا".

وَقَد ذَكَرَ اللهُ -تعالى- في كتابِه, ورسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في سنتِه مِنْ وَصْفِ عذابِ أهلِ النارِ وَما يَحْصُلُ فيهِ مِن العذابِ الأليمِ ما تَوْجَلُ مِنْهُ القلوبُ، وتَقشعِر منه الجُلود, لِمَن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد.

والاستعاذة من عذابِ جهنم تَشْملُ أمرين: السلامةَ من دخولِها, والسلامةَ من الأسبابِ المُؤَدِّية لِدخولِ النار. فَكأنَّكَ بِهذه الاستعاذة تقول: اللهم أجرني من النار, وأجرني من الأعمال التي يستحق أصحابُها دخولَ النار.

الثانية: عذابُ القبر, فإن عذابَ القبرِ حَقّ, والإيمان به داخلٌ في أصولِ الإيمانِ الستة, التي مَنْ لَمْ يؤمنْ بها فليس بِمؤمن وإن صلى وصام وزعم أنه مؤمن. والقبرُ أولُ مَنازِلِ الآخرة, وهو إما روضةٌ من رياض الجنة, وإما حُفرةٌ من حُفَرِ النار.

والاستعاذة باللهِ مِن عذابِ القبرِ تَشْملُ أمرين: السلامةَ من عذابِ القبر, والسلامةَ مِن الذنوبِ التي يُعَذَّبُ المقبورُ بِسَبَبِها.

الثالثة: فِتنةُ المحيا والممات. والفتنةُ هي الاختبار والامتحان. وقد خَلَقَ اللهُ -تعالى- الثقلينِ لِيَبْلُوَهُم أَيُّهُم أحسنُ عملا.

وفِتْنَةُ المحيا هي ما يَعْرِضُ للإنسانِ مِنْ فِتْنَةِ الشُّبُهاتِ التي تُفْسِدُ عَقِيدَتَه وتَصُدُّه عن دِينِه، وفِتنةِ الشهواتِ التي تُفْسِدُ عليه سُلُوكَه وتَكُونُ سَبَباً لِوُقُوعِه في المعاصي والفواحش.

وأما فتنةُ المَمات فهي الفتنةُ عِند الموت, وما يَتَعَرَّضُ له الإنسانُ قَبْلَ مُفارَقَةِ الدنيا؛ لأن الشيطانَ لا يَأْلُو جهْدا في إضلالِ العبد, ولا يَفْتُرُ عن ذلك حتى آخر لَحظة.

وأَعْظَمُ ما يتعلق بذلك هو أَمْرُ الخاتِمة, فإنه مِن أعظمِ ما يَقُضُّ مَضَاجِعَ الصالحين؛ لأن الأعمالَ بالخواتيم.

ويَدْخُلُ في فتنةِ الممات: فتنةُ القبرِ، وسؤالُ المَلَكين في القبر.

باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً.

أَمّا بَعدُ: عباد الله، وأما الفتنة الرابعة في الحديثِ فهي فتنةُ المسيحِ الدجال, أعْظَمُ فِتنةٍ يُبْتَلَى بِها أهلُ الأرض, ولذلك ما مِن نَبِيٍّ إلا حَذَّرَ أُمَّتَه مِنْه. ولكِنْ حَكَمَ اللهُ -سبحانه- أن يكونَ خُرُوجُهُ في هذه الأمَّة في آخرِ الزمان.

سُمِّيَ بذلك لأنه مَمْسُوحُ العينِ اليمنى, وسُمِّيَ بالدجال, لِمَا يأتي به من الدَّجَلِ والكَذِبِ الذي يَفْتِنُ به الناس، ويتبعه بسبَبِه الكثيرُ من الناس، خصوصا اليهود والنساء. مَكْتوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْه كافر, لا يقرؤه إلا المؤمنُ، بِخَبَرِ اللهِ وخَبَرِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، حتى لو كان أُمِّيا لا يقرأ ولا يكتب.

وخُروجُه مِن مدينة أصفهانَ التي تقعُ وسط إيران، ويَظْهَرُ أَمْرُه في خَلَّةٍ بينَ الشامِ والعراق, ويكونُ هَلاكُهُ على يَدِ نَبِيِّ اللهِ عيسى بنِ مريمَ -عليه السلام-.

ولا يَسْلَمُ مِن فتنة الدجالِ إلا مَنْ عَصَمَه اللهُ مِنها, وقام بأسباب السلامة من فِتْنَتِه, والتي منها: الإيمانُ باللهِ ورسولِه, والمحافظة على هذا الدعاء.

فينبغي لك -أيها المسلم- أن تَعضَّ على هذا الدعاءِ بالنواجِذ, وأن تُدَاوِمَ عليه في جميعِ صلواتِك المفروضةِ والمستحبة، وأن تُعَلِّمَهُ أهْلَ بَيتِكَ وأولادك, وأن تَحُثَّهم على المحافظةِ عليه؛ فإن اللهَ الكريمَ الرؤوفَ اللطيفَ الرحيمَ إذا عَلِمَ مِنْكَ الحرصَ على ذلك والمداومةَ والإلحاحَ والتَّكْرارَ أكثرَ من خمسِ مراتٍ في اليومِ والليلة, لا بُدَّ وأن يَفتَحَ لَكَ بابَ رحمتِه، وأن يُعيذَكَ من هذه الشرورِ الأربعة؛ لأن السلامةَ من هذه الشُّرورِ هي عنوانُ السعادة, وهي الفوزُ العظيم.

اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات, ومن فتنة المسيح الدجال.

اللهم ارزقنا تقواك, واجعلنا نخشاك كأننا نراك، اللهم أصلحْ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين، اللهم أرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه، وولّ عليهم خيارهم، واجعل ولايتهم فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين في كلِّ مكانٍ، اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في كل مكان يا قوي يا عزيز.

اللهم وفق وُلاة أمرنا لما يرضيك، اللهم وفقهم بتوفيقك، وأيّدهم بتأييدك واجعلهم أنصاراً لدينك, وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم حبّب إليهم الخير وأهله، وبغّض إليهم الشر وأهله، وبصّرهم بأعدائهم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً ومتاعاً إلى حين! اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً ومتاعاً إلى حين! اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً ومتاعاً إلى حين!.

اللهم أغثنا، غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً، سحاً غدقاً، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم اسق بلادك وعبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللهم أنزل علينا من السماء ماء مباركاً تُغيث به البلاد والعباد، وتعُمَّ به الحاضر والباد.

اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من جميع ذنوبنا، اللهم أغثنا! اللهم أغثنا! اللهم أغثنا!.

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.