المحافظة على صلاة الفجر في جماعة

عناصر الخطبة

  1. عظم شأن الصلاة
  2. فضل صلاة الفجر
  3. التحذير من التهاون في صلاة الفجر
  4. وجوب صلاة الجماعة
  5. والوسائل المعينة على صلاة الفجر
اقتباس

إن النفس الزكية الطاهرة تسارع إلى ربها لأداء صلاة الفجر مع الجماعة, فهي غالية الأجر وصعبة المنال إلا لمن وفقه الله لذلك, وكثير من الناس اليوم إذا آووا إلى فرشهم للنوم غطُوا في سبات عميق وتحولوا إلى صرعى ضربات الشيطان وعقده الثلاث…

الخطبة الأولى:

الحمد لله..

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً -.

أما بعد.

فقد قال – سبحانه: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: 43]، وقال جل جلاله: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾[البقرة: 238]. فالصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وعمود الدين والصلة بين العبد وربه ونور لمن أداها كما جاءت, ومكفرة لما بينهما من الذنوب ما اجتنبت الكبائر وهي خمس في العمل وخمسون في الميزان, وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة وما ذاك إلا لتعظيم شأنها. فرضها الله على رسوله – صلى الله عليه وسلم – مباشرة بدون واسطة فمن أداها كما وردت في وقتها ومع جماعة المسلمين في المساجد فقد أفلح ونجح وإلا فقد خاب وخسر.

معاشر المسلمين: إن بعض الناس هداهم الله استهوتهم أنفسهم وضعف إيمانهم وقل ورعهم وماتت غيرتهم, فلا يحرصون على حضور صلاة الفجر مع الجماعة ويتذرعون بحجج وأعذار واهية, ولم يعلموا أن الله – جل جلاله – قد أقسم بهذه الصلاة لعظمها فقال: ﴿وَالْفَجْرِ﴾[الفجر: 1] قال ابن عباس  – رضي الله عنهما – أي صلاة الصبح وقال الإمام الطبري في تفسيره عند قول  – تعالى -: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء: 78] أن أبا هريرة – رضي الله عنه -قال سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: "تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر".

وروى مسلم عن عثمان بن عفان – رضي الله عنه -قال سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -يقول: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله", وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه -قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلّي بالناس ثم انطلق معي رجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار". وفي رواية لمسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -فقد أناساً في بعض الصلوات فقال: "لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم ولو علم أحدهم أنه يجد عظماً سمينا لشهدها يعني صلاة العشاء". وعن ابن عمر  – رضي الله عنهما – قال: "كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر العشاء أسأنا به الظن".

وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه -حين حضرته الوفاة قال: أحدثكم حديثاً سمعته عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -يقول:"اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك, واعدد نفسك في الموتى, وإياك ودعوة المظلوم فإنها تستجاب, ومن استطاع منكم أن يشهد الصلاتين العشاء والصبح ولو حبواً فليفعل" وعن سمرة بن جندب – رضي الله عنه -عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: "من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله" رواه ابن ماجه بسند صحيح.

وعن أبي أمامة – رضي الله عنه -عن النبي – صلى الله عليه وسلم -قال: "من توضأ ثم أتى المسجد فصلى ركعتين قبل الفجر ثم جلس حتى يصلي الفجر كتبت صلاته يومئذ في صلاة الأبرار وكتب في وفد الرحمن". وعن أبي بن كعب – رضي الله عنه -قال صلى بنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -يوماً الصبح فقال: "أشاهد فلان, قالوا: لا قال: أشاهد فلان, قالوا: لا. قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموها ولو حبوا على الركب" رواه أحمد وغيره. وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه -عن النبي – صلى الله عليه وسلم -قال: "من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد لقي الله عز وجل بنور يوم القيامة". وعن سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه -قال قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة".

وروى البخاري في صحيحه عن جرير بن عبدالله – رضي الله عنه -قال:" كنا عند النبي – صلى الله عليه وسلم -فنظر إلى القمر ليلة – يعني ليلة البدر – فقال: "إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ  ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: 39]". زاد مسلم يعني العصر والفجر

وروى مالك في الموطأ أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -فقد سليمان بن أبي حثمه في صلاة الصبح وأن عمر غدا إلى السوق, ومسكن سليمان بين المسجد والسوق فمرَّ على أم سليمان فقال لها: لم أرَ سليمان في الصبح؟! فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه. قال عمر: لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إليَّ من أن أقوم ليلة" فانظر إلى من يكون سهره على محرم .

سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه  – تعالى – يقول السائل: أنا شاب حريص على الصلاة غير أني أنام متأخراً فأركب الساعة (المنبه) على الساعة السابعة صباحاً أي بعد شروق الشمس, ثم أصلي وأذهب للمحاضرات وأحياناً يوم الخميس والجمعة أستيقظ متأخرا ًأي قبل صلاة الظهر بقليل بساعة أو ساعتين, فأصلي الفجر عندما أستيقظ.

فأجاب رحمه  – تعالى -: من يتعمد تركيب الساعة إلى بعد طلوع الشمس حتى لا يصلي فريضة الفجر في وقتها يعتبر قد تعمد تركها, وهو كافر بهذا عند جمع من أهل العلم نسأل الله العافية لتعمده ترك الصلاة, وهكذا إذا تعمد تأخير الصلاة إلى قرب الظهر ثم صلاها عند الظهر أي صلاة الفجر. انتهى بتصرف .

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين .

الخطبة الثانية

الحمد لله وسلام على عبده الذي اصطفى

 أما بعد :

معاشر المسلمين: ينبغي أن تعلموا أن إيمان المرء يتمثل بحضور صلاة الفجر, حين يستيقظ الإنسان من فراشه الناعم تاركاً لذة النوم وراحة النفس طلباً لما عند الله ورغبة في أن يكون في ذمة الله كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم -بذلك.

عباد الله: إن النفس الزكية الطاهرة تسارع إلى ربها لأداء صلاة الفجر مع الجماعة, فهي غالية الأجر وصعبة المنال إلا لمن وفقه الله لذلك, وكثير من الناس اليوم إذا آووا إلى فرشهم للنوم غطُوا في سبات عميق وتحولوا إلى صرعى ضربات الشيطان وعقده الثلاث, يقول عليه الصلاة والسلام: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام, بكل عقدة يضرب عليك ليلاً طويلاً, فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة, وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان, فإذا صلى انحلت العقد فأصبح نشيطاً طيِّب النفس, وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" رواه مسلم عن أبي هريرة.

عباد الله: إن الواحد منا ليُسر عندما يدخل المسجد لصلاة الظهر أو المغرب أو العشاء ويجد جموع المصلين في الصف والصفين والثلاثة صغاراً وكباراً فيحمد الله, ثم يأتي لصلاة الفجر ولا يجد إلا شطر العدد أو أقل من ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, فتجدهم لا يتأخرون عن أعمالهم ويحرصون أشد الحرص على الحضور مبكراً بينما هم مفرطون في الحضور لصلاة الفجر, واسمع -يا رعاك الله- ما روى مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه -:أن رجلا أعمى قال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يلازمني إلى المسجد فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي. فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب" وصح عنه – صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر" قيل لابن عباس رضي الله عنهما ما هو العذر قال خوف أو مرض.

فما هو عذر من أصحَّ الله له جسده وبصره وأمنه في مسكنه وبلده, بماذا يجيب يوم القيامة عن تضييعه لصلاة الفجر فليتق الله من عافاه الله في بدنه بالمحافظة على الصلاة قبل أن يأتيك الموت بغتة وأنت لا تدري.

معاشر المسلمين: إن من الوسائل المعينة لحضور صلاة الفجر جماعة:

أولاً: إخلاص النية لله تعالى والعزم الأكيد على القيام للصلاة عند النوم.

ثانياً: أن تدعو الله بصدق وإخلاص أن يعينك على القيام لصلاة الفجر.

ثالثا: الابتعاد عن السهر والتبكير بالنوم متى استطعت إلى ذلك.

رابعاً: الاستعانة بمن يوقظك عند الصلاة من أب أو أم أو أخ أو أخت أو زوجة أو جار.

خامساً: اقتناء منبه مما يسره الله كساعة منبهة وغيره.

سادساً: الحرص على الطهارة وقراءة الأوراد النبوية قبل النوم.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.