اللغة العربية

عناصر الخطبة

  1. فضائل اللغة العربية
  2. التحذير من اللحن والخطأ في اللغة العربية
  3. مسؤوليتنا في حماية اللغة العربية
  4. اللغة العربية عنوان الهوية الإسلامية
اقتباس

اللغة العربية حاملة رسالة الإسلام بلسان عربي مبين، وأداة تبليغ الوحي الإلهي، ولسان شعائره، محفوظة بحفظ الوحي المنزل بها، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، وهي حاضنة الحضارة العربية، وناقلتها إلى الأمم والشعوب، وذاكرتها على مر العصور، وهي لغة الإعجاز الإلهي والإبداع الأدبي.

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي جعل العربية لنا لسانًا، وزادها شرفًا وبيانًا، وأنزل بحروفها الذكر قرآنًا، أحمده تعالى كرم الإنسان، وهداه بالقرآن، وعلّمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أفصح الناس وأحسنهم منطقًا، وأعظمهم فضلاً وإحسانًا، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فأوصيكم -عباد الله- ونفسي بتقوى الله تعالى، قال الله -عز وجل-: ﴿وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾.

أيها المؤمنون: اللغة العربية حاملة رسالة الإسلام بلسان عربي مبين، وأداة تبليغ الوحي الإلهي، ولسان شعائره، محفوظة بحفظ الوحي المنزل بها، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، وهي حاضنة الحضارة العربية، وناقلتها إلى الأمم والشعوب، وذاكرتها على مر العصور، وهي لغة الإعجاز الإلهي والإبداع الأدبي.

وإذا كانت كل أمة تتسابق لتسمو وتتشرف بين الأمم بلغاتها، فإن شرف أمتنا في اختيار الله تعالى للغة العربية لتكون لغة أفضل كتبه، وهو القرآن الكريم، قال سبحانه: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195)﴾.

وقد وضع القرآن الكريم آلية لتكون اللغة العربية لغة عالمية فاعلة، منها الربط بين اللسان العربي وبين إعمال العقل وحسن استثماره، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.

وتفاعل المسلمون مع القرآن الكريم فأعملوا عقولهم وعبدوا الله تعالى وحده، وانطلقوا يعمرون الحياة ويتفاعلون معها حتى غدت حضارة الإسلام شاهدًا لا ينكر.

عباد الله: وربط الله تعالى بين اللغة العربية وبين الدعوة إلى العلم، فقال تعالى: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾، ولما زاد الاهتمام بالعلم كانت اللغة العربية اللغة الأولى في العالم، فنطق بها المسلم وغيره، لما أهدته هذه اللغة من علوم انتفعت منها البشرية بكل أشكالها وألوانها، وصارت ضرورة دعت كبار العلماء من غير العرب أن يترجموا علومهم بها؛ لأن العلم كان عربيًّا، وأن يضعوا المعاجم التي تسهل للناس صحة النطق بها.

كما ربط القرآن الكريم أيضًا بين اللغة العربية وبين التقوى، فجعل اللغة العربية سبيلاً إليها، قال تعالى: ﴿قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾، ومن ثم فالعقل والعلم والتقوى أركان يقوم عليها تفعيل اللغة العربية، فهي الباب إلى من يريد فهم القرآن الكريم والإسلام فهمًا صحيحًا بعيدًا عن الغلو، قال الله -عز وجل-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾.

وقال أحد العلماء: ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب.

أيها المؤمنون: ويحذر من الخطأ في العربية؛ لأن الخطأ في العربية يؤدي إلى الخطأ في تلاوة القرآن الكريم، والخطأ في تلاوة القرآن الكريم قد يؤدي إلى قلب المعنى، كما يؤدي إلى سوء الفهم أيضًا، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يحرصون على إصلاح ألسنتهم، ويرقبون أبناءهم في ذلك، لشعورهم بأهمية اللغة وصحة النطق بها.

فعلينا أن نحافظ على اللغة العربية من خلال أمور؛ أهمها: أن نفعّل اللغة العربية في كلامنا ومجالسنا وأعمالنا ونشاطنا اليومي، وفي المخاطبات الرسمية تفعيلاً لقرارات الحكومة الرشيدة، حتى تكون لغة حياتنا الفاعلة.

وأن نغرس في أولادنا حب اللغة العربية بأن نوفر لهم وسائل التفاعل معها، من خلال قراءة القرآن الكريم وحفظه، فهو أصل اللغة ومنبعها، يقول العلماء: إن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرًا قويًا بينًا، ويؤثر أيضًا في مشابهة السابقين من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق.

وكذلك مطالعة الكتب العربية، وقراءة الشعر والاستماع إليه، وقراءة تاريخ العرب وأيامهم، وحضور المنتديات الأدبية والثقافية حتى يشعر أولادنا بانتمائهم للغة الضاد.

عباد الله: وتقع علينا جميعًا مسؤولية كبيرة في حماية اللغة العربية وتفعيلها، وذلك بالحرص على سلامة النطق، وصحة العبارة، وعدم إدخال الكلمات غير العربية أثناء الحديث بها، فإما أن يكون الحديث بالعربية كاملاً أو بلغة أخرى حتى نحافظ على لغتنا.

والاعتناء باللغة العربية لا يعني إهمال تعلم اللغات الأخرى، بل ينبغي علينا أن نتعلم من اللغات الأخرى ما يعيننا على التواصل مع الآخرين والاستفادة من علومهم، دون أن ينسينا هذا أهمية اللغة العربية وتقديمها على غيرها من اللغات.

فنسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا للحفاظ على لغة القرآن الكريم، وأن يوفقنا لطاعته وطاعة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وطاعة من أمرنا بطاعته، عملاً بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم-.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن اللغة العربية عنوان هويتنا العربية الإسلامية، والنطق بها قربة إلى الله تعالى، وإهمال استخدامها إضعاف لهويتنا التي هي أساس نهضتنا وتطورنا، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "تفقهوا في الدين، وتعلموا العربية".

وقال أحد العلماء: من أحب الله تعالى أحب رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ومن أحب الرسول العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العرب والعجم، ومن أحب العربية عني بها، وثابر عليها، وصرف همته إليها.

عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا".

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم إنا نسألك علمًا نافعًا، وقلبًا خاشعًا، ولسانًا ذاكرًا، ورزقًا طيبًا واسعًا، وعملاً صالحًا متقبلاً، وعافية في البدن، وبركة في العمر والذرية، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا، اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، اللهم أصلح لنا نياتنا، وبارك لنا في أزواجنا وذرياتنا واجعلهم قرة أعين لنا، واجعل التوفيق حليفنا، وارفع لنا درجاتنا، وزد في حسناتنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار، اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.