عبادة المحبة

عناصر الخطبة

  1. الحب والبغض فطرة في النفوس
  2. الحب والبغض في الإسلام عبادة
  3. بعض القواعد والضوابط المتعلقة بالمحبة في الإسلام
  4. بغض الكفار عبادة وقربة
اقتباس

عباد الله: أول ما يجب أن نعرفه في مسألة “المحبة” أن الحب والبغض في الإسلام عبادة، هذه مسألة لا يتفطن لها البعض.إن الحب والبغض عبادة من جملة العبادات التي أمرت بها، وهي من العبادات التي سوف تحاسب عنها يوم القيامة، هل أديت هذه العبادة كما طلب منك، أم قصرت في بعضها وتجاوزت عن حدها الشرعي في البعض الآخر؟.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102].

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء: 1].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾[الأحزاب: 70- 71].

أما بعد:

عباد الله: إن الله -عز وجل- بحكمته البالغة، خلق في نفوسنا الحب والبغض، نحب أشياء معينه، وأشخاصاً معينين، وأموراً معينة، ونبغض في المقابل أشياء معينة، وأشخاصاً معينين، وأموراً معينة.

لكن هل هذا الحب وهذا البغض يكون على هوى الإنسان؟

يحب ويبغض حسب ما تملي عليه نفسه، أم أن هناك ضوابط شرعية محدودة في دين الإسلام، يجب علي كل مسلم أن يحب ويبغض في إطارها؟

لاشك أنه كذلك، لكن بعض المسلمين، لا يدرك هذه القضية وإن أدركها، فالقليل الذي يطبقها إلا من رحم الله -عز وجل-.

الغالبية العظمى يحب ويميل قلبه نحو أشياء أو أشخاص لمجرد عواطف، وكذلك يبغض أشياء أو أشخاص لمجرد مواقف.

القلة من الناس من لا يتأثر بالعواطف، ويحكم الكتاب والسنة في مثل هذه الأمور.

عباد الله: نخلص من هذه المقدمة أن هناك قواعد وأصول في الإسلام تتعلق بمسألة المحبة، لابد من معرفتها وضبطها.

عباد الله: أول ما يجب أن نعرفه في مسألة "المحبة" أن الحب والبغض في الإسلام عبادة.

هذه مسألة لا يتفطن لها البعض.

إن الحب والبغض عبادة من جملة العبادات التي أمرت بها.

وهي من العبادات التي سوف تحاسب عنها يوم القيامة.

هل أديت هذه العبادة كما طلب منك، أم قصرت في بعضها وتجاوزت عن حدها الشرعي في البعض الآخر؟.

نعم، إنها عبادة، أنت مأمور أن تؤديها، لا تحب إلا ما أمرك الدين أن تحبه من أشياء، أو أشخاص.

ولا تبغض إلا ما أمرك الشرع أن تبغضه من أشياء أو أشخاص.

فلو كان هناك رجل مسلم مثلا يحب الفواحش، أو يحب الخمر، أو يحب أي شيء أمر الله ببغضه وكرهه، فنقول: بأن هذا الرجل قد صرف هذه المحبة التي هي عبادة في الأصل في غير محلها التي خلقت له، فيأثم بذلك.

بل إن صرف عبادة المحبة في غير ما أمر الله قد يوصل الإنسان إلى الشرك بالله -عز وجل- في بعض الأحيان، قال الله -تعالى-: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ(167)﴾[البقرة: 165- 167].

فانظروا حكم الله كيف أن هذه المحبة التي صرفت في غير ما أمر الله، أوصلتهم في النهاية إلى نار جهنم، بل قال الله -تعالى- عنهم: ﴿وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾.

فلنتق الله -أيها المسلمون- في هذه العبادة، وهي عبادة المحبة، ونعرف كيف نصرفها، وكيف نتعبد الله بها، فإن هذا الميل القلبي خطير، وأنت محاسب حتى على هذه الأحاسيس والمشاعر القلبية، التي هي المحبة.

أيها الإخوة المؤمنون: قضية ثانية تتعلق بهذه العبادة العظيمة، عبادة المحبة، لا يوازن فيها بعض المسلمين، نوضحها، فنقول: أن الأصل في خلق المسلم الذي يعامل به جميع عباد الله هو خلق المحبة، لا خلق الكراهية.

فالمسلم المؤمن مشرق القلب دائما، منفتح القلب لكل عباد الله، ويريد الخير لكل عباد الله.

فحينما يبغض المسلم بعض الناس، ويتعبد الله -عز وجل- يكره بعض الأفراد، وأهل الشر، ومرتكبي الكبائر من الإثم، فإنه لا يبغضهم ولا يكرههم لذواتهم.

هو لا يبغض فلان؛ لأنه فلان، وإنما يبغضهم لوجود هذه الصفات فيهم، يبغضهم لوجود الشر والرذيلة والفساد والباطل في سلوكهم وأخلاقهم، فلا بد أن نفهم هذه القضية جيداً، ولا نخلط فيها؛ فمثلاً: لو أن هناك رجل ابتلاه الله -عز وجل- بالمسكرات، أياً كان نوعها، فنحن لا نحب هذا الرجل، بل نأمر بكرهه وبغضه، لا، لأنه فلان من الناس، ولكن نبغض الشر الذي فيه، والمسكر الذي ابتلي به.

فهذا الرجل نفسه الذي ابتلي بالمسكرات، لو كان يصلي مثلاً، فإننا نحبه في الله من أجل صلاته، ونبغضه في الله في نفس الوقت من أجل المسكرات التي يتعاطاها.

وهذه مسألة مهمة لا يوازن في تحقيقها كثير من الناس، فلو كان هناك رجل يرتكب بعض الأمور، كالزنا مثلاً -عافانا الله وإياكم منها- ومعروف عنه ذلك، تجد أن الناس تنفر منه، بل ربما يقاطع، من المحتمل أن يكون في هذا الرجل جوانب خيرة أخرى، وفضائل، لماذا نتجاهلها؟

وفي المقابل، لو أن هناك رجل يصلي مع المسلمين في المساجد، وعليه بلايا وطامات يفعلها، يغفل الناس هذه الجرائم التي يفعلها؛ لأنه يرى في المساجد، وهذا خطأ.

فلا بد من الميزان في هذه القضية، وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة في حب وبغض من فيهم صلاح وفساد.

يحبون من أجل الصلاح الذي فيهم، ويبغضون من أجل الفساد الذي معهم، فلا يبغض الناس لذواتهم، لكن يبغضون للصفات التي فيهم، فهم بالنظر إلى ذواتهم، خلق من خلق الله، وعباد من عباد الله، يحب لهم الخير، ويشفق عليهم للمصير الوخيم الذي يدفعون أنفسهم إليه، لكنهم لما حملوا الأمراض الوبائية التي حملوها، وتعذر علاجهم؛ لأنهم رفضوا بإرادتهم كل وسائل العلاج، كان لا بد من معاملتهم بالبغض والكراهية لذلك، ومتى صح أي واحد منهم من مرضه الوبائي الخطير عاد إلى منزلته الأصلية، وهي منزلة الأخوة، واتجه قلب المؤمن له بالمحبة، لعل الفكرة قد وصلت إلى أذهانكم! "وهو أن من يحب ويبغض في نفس الوقت".

فالمسلم حينما ينظر إلى أصحاب الشر والفساد، إنما ينظر إليهم نظرة الطبيب الناصح إلى المرضى بالأمراض الوبائية الخطيرة، فلا يدع وسيلة من الوسائل التي توفر سبل شفائهم إلا ويستخدمها، فلا يكون المسلم المؤمن بالله أنانياً في الدين، يريد أن يحتكر الجنة لنفسه، ويقول: أنا عبد الله المختار، بل إن دين الله للجميع، بل للجن والإنس كافة، والجنة لكل من آمن بالله، ولكل من اهتدى إلى صراطه المستقيم وآمن بجميع رسل الله وكتبه، والتزم سبيل طاعة ربه.

أيها المسلمون -عباد الله-: إن أسمى وأشرف أنواع المحبة، وخير طريق يعرف فيها المسلم هذه العبادة ويوجهها، هي محبة الله ورسوله، محبة عملية واقعية، لا محبة قولية نظرية مجردة، كما هو الحال الغالب عند المسلمين: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾[آل عمران: 31].

عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المرء مع من أحب"[رواه البخاري ومسلم].

ورويا أيضاً حديث أنس أن أعرابيا قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: متى الساعة؟ قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أعددت لها؟" قال: حب الله ورسوله، قال: "أنت مع من أحببت".

إن حب الله وحب رسوله، لا تكون ادعاءات فارغة، بل هو سلوك وتطبيق.

اطرح هذا السؤال على أي واحد من المسلمين، هل تحب الله ورسوله؟

فيكون الجواب فوراً وبلا تردد: طبعاً، كيف لا أحب الله ورسوله؟ ثم انظر في سلوكه العلمي، تجد العجب العجاب، كيف يكون محبا لله ولرسوله، من يخالف أوامر الله، ولا يمتثل بها؟ كيف يكون محبا لله ورسوله من يخالف سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؟

كل منا يسأل نفسه هذا السؤال: هل أنا أؤدي كل ما طلبه الله مني؟ هل أنا أترك كل ما نهى الدين عنه؟

إذا كنت كذلك، فأنا محب لله ورسوله، وإلا فهي دعوى فارغة، وادعاء كاذب.

انظر لو طلبت الزوجة منك أمراً وأنت تحبها، هل تلبي لها طلبها أو تخالفها؟ لو طلب منك صديق عزيز جداً على قلبك أمراً ما، هل تسعى في حاجته أو تتركه وشأنه؟

بالطبع أنك تلبي لهم طلباتهم؛ لأنك تحبهم، أما ما يتعلق بالله -عز وجل-، أما أمور الدين، فندعي حب الله ورسوله، وواقعنا، ولسان حالنا، يخالف ما ادعيناه.

تعصي الإله وأنت تزعم حبه *** هذا لعمري في القياس شنيع

لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع

الخطبة الثانية:

الحمد لله …

أما بعد:

قضية أخرى، وهي قضية مهمة جداً، تتعلق أيضاً بعبادة المحبة، وهو أن هناك أشياء وأشخاص، يكون بغضهم عبادة، وعداوتهم عبادة، ولا يمكن أن ينقلب هذا البغض إلى حب مهما تغيرت الظروف، وتغيرت الأوضاع، وهي مسألة تتعلق بعقيدة المسلم، ألا وهو: بغض الكفار، وبغض اليهود، وبغض النصارى، وبغض الشيوعيين والملحدين، فهؤلاء لا يمكن أن ينقلب بغضنا لهم حباً، إلا إذا أسلموا، وإلا فإننا نتعبد الله -عز وجل- بكرههم وبغضهم، وعدم محبتهم، وهذا أصل في ديننا، قال الله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (1) إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ(2)﴾[الممتحنة: 1- 2].

وقال عز وجلفي شأن الكفار عموماً: ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ﴾[آل عمران: 28].

أيها المسلمون: إن الله -عز وجل- ينهى في هذه الآية نهياً صريحاً عن اتخاذ الكفار أولياء، ومن فعل ذلك فليتحمل: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: 28].

بل إن الله -عز وجل-، وسم من اتخذ الكافر ولي، وحصل بينهم العلاقات والمودات، والميل القلبي، وسمهم الله -عز وجل- بالنفاق، الذي يوالي الكافر هذا منافق، النصراني والشيوعي، في مثل قوله تعالى: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا(139)﴾[النساء: 138 – 139].

وقال عز وجل:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا﴾[النساء: 144].

وقد خص الله -عز وجل- اليهود والنصارى بالذات، بآيات مخصوصة في حقهم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[المائدة: 51].

هذا، وقد شبه الله -عز وجل- من يتخذ من دون الله أولياء، بالعنكبوت التي تصنع لنفسها بيوتا من خيوط واهية، تفرزها من جسمها، فقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ(43)﴾[العنكبوت: 41 – 43].

فهل بعد هذه الآيات، التي تقرع القلوب قبل الأسماع، حجة لأحد في التقرب من الكفار، فليعلم بأن كل محاولة، أو أية محاولة للتقرب من الكفار، أياً كان منهم،أو التقرب من اليهود، فهي محاولة فاشلة قبل حصولها.

لا يمكن أن ينقلب بغضنا لهم حباً مهما حصل من محاولات، أو معاهدات، ذلك لأن بغضهم أصل في ديننا، وبغضهم عبادة في ديننا، بل نحتسب الأجر عند الله في بغض اليهود والنصارى والكفار والمشركين.

فاتقوا الله -أيها المسلمون-: لا تخدشوا عقيدتكم، ولا تتنازلوا عن دينكم، ولا تميلوا بتصوراتكم، فإن أغلى ما عند المسلم عقيدته، ولو حصل انحراف أو تشويه للعقيدة، فما بعده أسهل منه.

نسأل الله -عز وجل- أن يقينا شر الفتن، وأن يبصرنا في ديننا.