حكم السفر إلى بلاد الكفر

عناصر الخطبة

  1. وجوب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام
  2. من البدع الحادثة سفر المسلم إلى ديار الكفر   
  3. صور من ضعف مفهوم الولاء والبراء
  4. الحكمة في تحريم السفر إلى ديار الكفار
  5. مفاسد الأسفار إلى بلاد الكفار
اقتباس

أي غيرة يحملها من يرى ابنته تلبس البنطال الضيق أو القصير وتعبث بشعرها وتزين وجهها يراها الغادي والرائح؟! أين الغيرة عند من يتنقل بأبنائه وبناته بين المسارح والمراقص ودور السينما؛ ليروا العري والمجون سلعة تباع وسجية تحمد؟! ثم يرجعون إلى بلاد المسلمين يتباهون ويفتخرون بما فعلوا، وبئس ما فعلوا، لينشروا دعاية لتلك البلاد الفاسقة الفاجرة، وهم بذلك يحرّضون ويحثون غيرهم من المسلمين للسفر لتلك البلاد تصريحًا أو تلميحًا بما ينشرونه من ثناء ومدح على…

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله ..

في هذه الأيام وفي بداية الإجازة من كل عام؛ يبتلى البعض بما يسمونه بالسياحة الخارجية ومفارقة ديار الإسلام والذهاب لقضاء الإجازة إلى بلاد يقل فيها الالتزام أو ينعدم، وكلّ يذهب إلى ما يريد، وكل يختار من البقاع والأماكن ما يهوى، ويذهب إلى أيّ مكان شاء، وعلى قدر ماله، وعلى قدر رغبته. وإن العاقل المتّزن هو الذي لا يخطو خطوة إلا ويعلم ما بعدها، ولا يقدم عليها إلا وقد نظر هل تنفعه أم تضره؟

لقد أوجب الله على المؤمنين الهجرة من ديار الكفر إلى ديار الإسلام، ولم يستثن أحدًا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، بدءًا بالهجرة من مكة عندما كانت دار كفر إلى المدينة، وانتهاء بأي بلد كافر حتى قيام الساعة؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكيف يأمر الله سبحانه بالهجرة إليه ثم ترَى بعض المسلمين اليوم يهاجرون إلى غير بلاد المسلمين لغير مسوّغ شرعي؛ إما لسياحة أو لمشاهدة بلاد الكفار أو لأسباب تافهة لا يعذرون بها بين يدي الله سبحانه، يقول الله سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا(100)﴾ [النساء: 97-100]. وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يُعمل فيها بالمعاصي، فكل من يعيش في بلاد لا يستطيع فيها القيام بشعائر الإسلام وبما أوجبه الله عليه؛ فلا يحل له البقاء فيها مع توفر بلاد أخرى يستطيع فيها القيام بذلك، ويتحتم ذلك على من يتبدل الخير بالشر والبلاد المسلمة بالبلاد الكافرة.

وحول تفسير الآية السابقة يقول الحافظ ابن كثير – رحمه الله -: "هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكنًا من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حرامًا بالإجماع". فهؤلاء توعدهم الله سبحانه ولم يعذر سبحانه وتعالى إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، أما من يذهب إليهم ويعيش معهم وهو ليس ممن استثناهم الله؛ فيخشَى عليه أن يكون ممن توعدهم سبحانه.

وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أنه قام يومًا خطيبًا فكان مما قال: أما بعد، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله" رواه أبو داود، وعن جرير بن عبد الله أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بعث سرية إلى خَثْعَم فاعتصم ناس بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي-صلى الله عليه وسلم-فأمر لهم بنصف العَقل وقال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"، قالوا: يا رسول الله، ولِمَ؟ قال: "لا تتراءى ناراهما" صحيح الترمذي وصحيح أبي داود.

وقد أجمعت الأمة على وجوب الهجرة على المسلم من ديار الكفار إلى ديار الإسلام، ولم يستثن من ذلك إلا العاجزين عنها من الرجال والنساء والولدان، وفي هذا العصر الذي كثرت فيه البلايا وعظمت فيه الفتن والرزايا؛ ما عُذرُ من يسافر إلى بلاد الكفار وهو يطلب منه أن يفر منها إلى الله؟! يقول سبحانه وتعالى: ﴿فَفِرُّوا إلى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ [الذاريات: 50].

وقد روى أشهب عن مالك: "لا يقيم أحد في موضع يعمل فيه بغير الحق"، قال في العارضة: "فإن قيل: فإذا لم يوجد بلد إلا كذلك؟ قلنا: يختار المرء أقلها إثمًا، مثل أن يكون بلد فيه كفر وبلد فيه جور خير منه". وهذا إنما هو خاص بوجوب الهجرة على من طرأ عليه الإسلام وهو في بلاد الكفر، حيث يجب عليه وجوبًا عينيًا أن يهجرها إلى ديار الإسلام إلا إذا غُلب على أمره، أما أن يسافر المسلم من ديار الإسلام إلى ديار الكفر فهي من البدع الحادثة؛ ولذلك لم يتحدّث عنها فقهاء الإسلام السابقون، إذ كيف يدور بخلد أحد من السلف الصالح أن يسافر المسلم عن طواعية واختيار -بل ويسابق وينافس في ذلك- من ديار الإسلام التي يشتهر فيها الإسلام ويُعلن فيها الأذان, وتُوصل فيها الأرحام, ويُؤمر فيها بالمعروف ويُنهى فيها عن المنكر ,إلى ديار الكفر حيث يُدَّعى فيها بالتثليث وتُضرب فيها النواقيس, ويُعبد فيها الشيطان ويُكفر فيها علنًا بالرحمن, وتنتشر فيها الرذيلة وتنعدم فيها الفضيلة بدعوى التنزه والسياحة؟!

ترى أحدهم يعيش في بلد الإسلام وأهله، بلد يقيم شعائر الإسلام، ويبصر ويسمع شرائع الإسلام تطبق ويحكم بها، ثم يهرب من هذا الجو الإيماني ويتنكر لتلك النعمة العظيمة، ليعيش وذووه حقبة من الزمن بين المشركين الأنجاس، يبصر الكنائس عالية شامخة، يرى الخمور تباع علنا والمخالفات والمنكرات في دينه هي العرف السائد هناك.

إن الناظر لحال الناس اليوم يرى الخلط الواضح والحكم الجائر في تحقيق مفهوم الولاء والبراء فهمًا وعلما وعملا، لماذا اختل ذلكم المفهوم وتزعزت تلكم العقيدة في قلوب فئام من بني جلدتنا فأصبحت هشة ضعيفة؟! مع الكفار يؤاكلهم ويشاربهم، يجالسهم، يأنس بالحديث معهم، يتمتع برؤية دورهم وبلادهم، ويعجب بأخلاقهم وروعة تعاملهم، وهو في المقابل هشّ ضعيف في ولائه للمؤمنين، يتتبع السقطات والزلات، كلما جلس في مجلس سمعت منه عبارات السخرية وألفاظ التهكم والازدراء لحال المسلمين في تعاملهم وسير مجتمعهم، ويشيد ويفتخر بأنه خرج لتلك البلاد، ويرى أنهم أحسن منا حالاً, ومثل هذا في الغالب لا يقدم لدينه ووطنه وزن شعيرة من خدمة ونصرة، بل هو وبال على أمته, ويشير إلى حضارة الغرب وتقدمهم أما نحن فمتخلفون، فتراهم في حديثهم وكلامهم علقوا الحضارة الغربية بخروج المرأة وبسفورها، والغرب أنفسهم يضحكون عليهم يوم أخذوا رجيع أفكارهم، فلم يزيدوا الأمة علما، ولم يسعوا لرفعة وطنهم وبلدهم, هذا إلى جانب صور التبذير والبذخ والتفنن في إهدار الأموال وتضييع الثروات، فلا تسل أين يسكنون؟ وماذا يأكلون ويشربون؟ ماذا يلبسون؟ وبكم يشترون ويتسوقون؟ هذا فضلا عما يصرف للهو والعبث والتسلية كما زعموا.

إن العلة الكبرى والحكمة العظمى في تحريم السفر إلى ديار الكفار ووجوب الهجرة منها المحافظة على الدين، إنه رأس مال المسلم، فيجب الحفاظ عليه وعدم التفريط فيه؛ إذ به نجاة الإنسان الأبدية وسعادته الأخروية، وضياعه من أعظم الخسران؛ إذ لا يساويه ضياع النفس والمال والأهل والولدان.

إذا الإيمان ضاع فلا حياة *** ولا دنيا لمن لم يشر دينا

ويقول الآخر:

الديـن رأس الْمال فاستمسك به *** فضيـاعه من أعظم الخسـران

أما عن أبنائه وبناته وذويه ممن يصطحبهم معه في سفره إلى بلاد الكفار فحدث ولا حرج؛ عن صور التهتك والسفور وتضييع شعائر الدين، وعند إقلاع الطائرة مودّعة أرض التوحيد والإيمان ولم تغادر بعد سماء الحرمين الشريفين تخلع المرأة غطاءها وتكشف وجهها وتزيّن شعرها، ووالدها يسارقها النظرات، معطّرة بابتسامة الرضا والقبول، بل والراحة والاطمئنان. عجبًا لهم! هل أوجب الله الحجاب في بلاد دون بلاد؟! ناهيك عن تلك الملابس المخزية التي ترتديها بنات المسلمين هناك، حتى غدت في بعض الأحايين بنات الكفار أكثر حشمة وحياء من بناتنا، ولقد نقل الكثيرون عبارات التعجب والاستغراب من الكفار أنفسهم لما يرون من حال بعض المسلمين في بلادهم، هذا مع إهمال كثير من أولئك الآباء أبناءهم، بعد أن كانوا في المساجد وفي حلقات التحفيظ أصبحوا في بلاد الكفر والفساد، يتركون فيسمعون ويقرؤون ويشاهدون ما شاؤوا، فيرجع الأبناء يحملون لأولئك الكفرة وبلادهم من الإعجاب والتبعية ما الله به عليم، فيضحى قدوته وقدوتها مغنّ أو ممثل فاسق، قال تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22].

ألا يخشى من يسافر إلى بلاد الكفار أن يكون سببًا في ردة ابنه عن دين الإسلام؟! قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه". ألا يخشى الذي يساكن هؤلاء الكفار أو يعاشرهم أن يتهوَّد أو يتنصَّر أو يشرك أحدُ أبنائه ويتأثر بالكفار ويقلّدهم حتى في عباداتهم؟! أما يدري أنه سيحاسب على ذلك حسابًا عسيرًا؟! يقول صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته" متفق عليه.

أي غيرة يحملها من يرى ابنته تلبس البنطال الضيق أو القصير وتعبث بشعرها وتزين وجهها يراها الغادي والرائح؟! أين الغيرة عند من يتنقل بأبنائه وبناته بين المسارح والمراقص ودور السينما؛ ليروا العري والمجون سلعة تباع وسجية تحمد؟! ثم يرجعون إلى بلاد المسلمين يتباهون ويفتخرون بما فعلوا، وبئس ما فعلوا، لينشروا دعاية لتلك البلاد الفاسقة الفاجرة، وهم بذلك يحرّضون ويحثون غيرهم من المسلمين للسفر لتلك البلاد تصريحًا أو تلميحًا بما ينشرونه من ثناء ومدح على تلك البلاد، ﴿ليَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ﴾ [النحل: 25]، قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا" رواه مسلم.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.

الخطبة الثانية

عباد الله:  كم في السفر إلى بلاد يقل فيها الالتزام من مفاسد عظيمة، خاصة إذا اصطحب الشخص معه عائلته من نساء ومراهقين ومراهقات.

ومن مفاسد هذه الأسفار أن فيها من المعاصي ما الله به عليم، إن أغلب تلك البلاد التي يصطاف بها الناس بلاد تتعرى بها الأجساد المحرمة على الشواطئ وغيرها، وتشرب فيها الخمور كالماء، وينتشر فيها الزنا انتشار النار في الهشيم، هذا كله فضلا عن الجو المادي الذي تقسو به القلوب، ناهيك عن الشبهات العقدية والانحرافات السلوكية، ناهيك أيضا عما ينتشر بين أولئك في تلك البلاد من أمراض معدية قذرة وأوبئة مستعصية مهلكة، ثم ينطلق المراهقون والمراهقات من الصغار والكبار غير مصدقين ما هم فيه من فوضى وإباحية، لا سيما وقد اعتادوا في بلادهم جو المحافظة وقطع الشهوات, إضافة إلى اعتياد الأطفال على رؤية النساء العاريات وسماع المعازف المحرمة، وتدرب المرأة على مخالطة الرجال والجلوس في المطاعم والتسوق بكل حرية والاحتكاك بالأجانب. فيا للعجب! كيف يخلعون الكرامة وينسلخون من الحياء؟! قال الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].

ومن مفاسد السفر إلى تلك البلاد الكافرة أن المسلم لا يستطيع أن يظهر دينه كما أمره الله؛ لأنه ضعيف الشخصية أصلا، ومن يذهب إلى هناك هل لديه شعور بأنه يحمل دينا عظيما يشتمل على كل معاني الخير؛ صحة في الاعتقاد، ونزاهة في العرض، واستقامة في السلوك، وصدقًا في المعاملة، وترفعًا عن الدنايا، وكمالاً في الأخلاق؟! هل من يسافر إلى هناك لديه شعور بأن ما عدا الإسلام انحطاط وهبوط ونزول وسفول إلى مهاوي الرذيلة ومواطن الهلاك، أم أن الغالب يذهب بشعور الإعجاب بالغرب والانبهار بما عندهم؟! لذا تجده من هنا يغير ملابسه، ويتشبه بهم حتى لا يعرف هناك بأنه مسلم، والأمَرّ من هذا أنه يجبر نساءه بالتكشف، نعوذ بالله من الخذلان.

إن بعض من يسافر لتلك البلاد يخجل أن يقيم شعيرة الصلاة أمام الآخرين، بل يستحي أن يقول: هو مسلم، ويخجل أن يقول: هو مؤمن، أو يخجل أن يقيم صلاته وغيره ينظر إليه، لماذا؟ لأنه لم يتمكن الإيمان من قلبه، ويرى أنه إذا فارق ديار الإسلام فلا التزام بصلاة، ولا التزام بأخلاق، ولا محافظة على كرامة، ولا قيام بالواجب.

إنه من العار على المسلمين أن يكونوا في بلاد أعداء الإسلام متجردين من أخلاقهم وقيمهم وفضائلهم وكرامتهم, إن عزة المسلم تكمن في تمسكه بدينه وليس في تقليده للغرب الكافر، فدين الإسلام دين العزة والكرامة، ﴿أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء: 139]، ويقول سبحانه: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: 10]، وقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون: 8].

إن المسلم في أي أرض الله متمسك بدينه ثابت عليه، لا يزداد مع رؤية المغريات إلا ثباتا على دينه وتمسكا بهذا الإسلام وشكرا لله على نعمة الهداية، إذا رأى ضلال من ضل وانحطاط من انحط عن الأخلاق, ورأى تلك المجتمعات المنحلة في أخلاقها وقيمها المشبهين لبهائم الأنعام؛ حمد الله على أن هداه للإسلام ومن عليه بالإسلام وجعله مؤمنا حقًّا.