عبرة من قصة موسى عليه السلام مع قومه

عناصر الخطبة

  1. في قصص الأنبياء عبرة وعظة
  2. قصة موسى عليه السلام أطوال قصص القرآن
  3. تفاصيل قصة موسى مع قومه
  4. فضل صيام يوم عرفة
  5. الصهاينة يعيثون في بيت المقدس فسادًا
  6. مسؤولية المسلمين في حماية الشعب الفلسطيني
اقتباس

وتتوالَى الأحداثُ العجيبة؛ لتُبرِزَ للأمة ضآلةَ مكر الطغيان، وحقارةَ كيده، مهما صالَ وجالَ، أمام قُدرة الله وعظمته يقتلُ فرعونُ أطفالَ بني إسرائيل حتى لا يرى موسى نورَ الحياة، وتسوقُ الأمواجُ موسى الرَّضيعَ حتى تسكُن أمام قصر فرعون، ويقذِفُ الله محبَّتَه في قلب امرأة فرعون: ﴿لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ ..

الحمد لله، الحمد لله الذي أنعمَ علينا بنعمٍ نتقلَّبُ فيها ليلَ نهار، أحمده -سبحانه- وأشكرُه على فضلِه وخيرِه المِدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيزُ الجبَّار، القويُّ القهَّار، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم عددَ الحُجَّاج والعُمَّار، وما تساقطَ من ورق الأشجار.

أما بعد: فأوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

في قصص الأنبياء عِبرةٌ وعِظة، هي زادٌ في الطريق، وتُثبِّتُ المُؤمنين: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود: 120].

وقصةُ موسى -عليه السلام- أطولُ قصص القرآن، وتتميَّز بتنوُّع مشاهِدها، وكثرة عرضِها.

وُلِد موسى -عليه السلام- والرُّعبُ يملأُ الأجواءَ، والأمةُ مُستضعفةٌ مُشتَّتةٌ، يسومُهم فرعونُ سُوءَ العذاب؛ يُذبِّحُ أبناءَهم، ويستحيِي نساءَهم، ويقتلُ كلَّ مولودٍ ذكَرٍ، حِفاظًا على سُلطانه، فأذلَّ أمَّتَه، وقهرَ قومَه ليبقَى حُكمُه، ويدومَ عرشُه، ويبنِيَ مُلكَه على جماجِم الأطفال، وأشلاء أجسادِهم، وحمَّامات الدماء.

هؤلاء طُغاةٌ نُزِعت الرحمةُ من قلوبهم، وانسلَخوا من مشاعِرهم الإنسانية، فحقَّت عليهم كلمةُ الله بزوال حُكمهم، وسُوء عاقبَتهم، ولا كرامةَ لهم بشرًا يمشون على الأرض، ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: 7].

وهناك تملكُك الدهشةُ، ويحتضِنُك العجَب، الأمُّ خائفة، وتخشى أن يصِلَ نبؤُه إلى فرعون وقومِه فيقتلوه، ويُلهِمُها الله أن تُلقِيَه في اليمِّ، اليمُّ بأمر الله غدا ملجأً آمنًا، احتضنَ الطفلَ الرَّضِيعَ، وحماه من كلِّ سُوءٍ.

وتتوالَى الأحداثُ العجيبة؛ لتُبرِزَ للأمة ضآلةَ مكر الطغيان، وحقارةَ كيده، مهما صالَ وجالَ، أمام قُدرة الله وعظمته يقتلُ فرعونُ أطفالَ بني إسرائيل حتى لا يرى موسى نورَ الحياة، وتسوقُ الأمواجُ موسى الرَّضيعَ حتى تسكُن أمام قصر فرعون، ويقذِفُ الله محبَّتَه في قلب امرأة فرعون: ﴿لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ [القصص: 9].

ويُسخِّرُ الله فرعون؛ ليتربَّى موسى على فراشِه ومائدتِه، وهل يجرُؤُ مخلوقٌ أن يمسَّ بسُوءٍ من أراد اللهُ له السلامةَ والنجاةَ؟!

جاؤوا لموسى بالمراضِع، فعافَهنَّ، وتقدَّمَت أختُه تعرِضُ أن تأتي لهم بمُرضِعةٍ، فقبِلُوا، فجاءَت بأمِّه: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ [القصص: 13].

هذا وعدُ الله، ووعدُ الله لا يتخلَّف، ويبقَى أن نزرعَ اليقينَ في نُفوسِنا بأنَّ من تعلَّقَ بخالقه وتوكَّلَ عليه مع الأخذ بالأسباب فإنه لا ييأسُ من روح الله، ولا يخنَعُ لوساوسِ الوهَن، ولا يتشاءَمُ مع الأحداث؛ بل تزيدُه الشدائدُ قوَّةً وعزيمةً وأملاً.

أمرَ اللهُ موسى أن يذهبَ إلى فرعون: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ [طه: 24]، وهي مهمةٌ شاقَّةٌ، فقد ادَّعى فرعونُ الألوهيَّة، وبلغَ الغايةَ في البغي والغُرور.

وهنا يُسجِّل نبيُّ الله موسى -عليه السلام- درسًا منهجيًّا للدعوة والدُّعاة، وهو: أنه بدأ المهمة بتجرُّده من حولِه، والانخِلاع من قوَّتِه، والاطِّراحِ بي يدَي الله، مُسبِّحًا ربَّه كثيرًا، ذاكرًا اللهَ كثيرًا. فهذا زادُه وزادُ كلِّ داعيةٍ ومُربٍّ، ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا(34)﴾ [طه: 25- 34].

قال الله تعالى: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(44)﴾ [طه: 43، 44].

قال قتادة: "يا ربِّ: إن كان هذا حلمُك برجلٍ قال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: 38]؛ فكيف سيكونُ حِلمُك بعبدٍ سجَدَ لك وقال: سبحان ربي الأعلى".

﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴾ وصيةُ الله لموسى في خُطوته الأولى في الدعوة؛ القولُ الليِّنُ، فاللغةُ الهادِئة، وبيانُ الحق، ومُقارعةُ الحُجَّة بالحُجَّة، والحوارُ الهادئ، أدبُ الدين وهديُ المُرسَلين. أما القولُ الفظُّ الغليظُ، والسِّبابُ والتقريعُ، والصُّراخُ والتجريحُ فإنه يُنفِّرُ من الدين، ويُشوِّهُ حقائقَه وسماحتَه، كما أن اللِّينَ لا يعني تمييعَ أحكام الدين ولَيَّ عنقِ أصولِه، وتذويبَ حقائقه ومنهجه بحُجَّة إرضاء الآخرين وكسبِهم.

فرعونُ يُحذِّرُ من موسى، ويجمعُ السَّحَرة في مناظرةٍ علنيَّةٍ لإسقاطِ موسى أمام الرأي العام، توطِئةً لإقصائِه وقتلِه: ﴿فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى﴾ [طه: 60].

حضرَ السَّحرةُ ميدانَ المُناظرة، مُتآمرين على موسى، مُعتمِدين على عزَّة فرعون، وفي هذا الحشد المَهيب يُوصِي ربُّ موسى موسَى -عليه السلام-: ﴿لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى﴾ [طه: 68]، لا تخَف؛ لأنك الأعلى الأعزُّ الأكرَم، الأعلى منهجًا، والأكرمُ خُلُقًا، والأعزُّ عقيدةً.

وهذه رسالةٌ لبعض بني جِلدتنا ممن تسرَّبَت إلى نفوسِهم الهزيمةُ النفسية، وتزعزَعَت مفاهيمُهم، وتخلخَلَت مواقِفُهم حين رأَوا انتِفاشةَ الباطل وزهو الضلال.

ويُريدُ فرعون أمرًا، ويُريدُ اللهُ أمرًا، ويظهرُ أمرُ الله، اجتمع السَّحَرة فرأوا آيات الله ومُعجِزاته الخالِدة، فجاءت المُفاجأةُ الكُبرى: ﴿وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ(122)﴾ [الأعراف: 120- 122].

تمكَّن الإيمانُ من قلوبِهم فأشرقَ فيها، وانتصرَت العقيدةُ في حياتهم فعزَّت فيها، حضرَ القومُ الميدانَ سحرةً، فتحوَّلوا في لحظاتٍ شُهداءَ بَرَرة، وها هُم يرفَعون أصواتَهم بالقوة والتحدِّي بعد تهديد فرعون: ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [طه: 72].

لقد غدَا فرعونُ في نظرهم قَزَمًا؛ لأنه لا يملِكُ ضرًّا ولا نفعًا، ولا يملِكُ موتًا ولا حياةً ولا نُشورًا، كان همُّهم الدنيا، فصارَ تطلُّعهم مرضاةَ الله والآخرة، وأعلَنوا بقلوبٍ مُؤمنة توبةً صادقةً، داعِينَ ربَّهم المغفرةَ والرِّضوانَ.

لقد حوَّلَ الإيمانُ الصادقُ السَّحرةَ إلى مؤمنين؛ بل دُعاةً إلى الدين، يدعُون الناسَ إلى الهُدى والنور: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى(75)﴾ [طه: 74، 75].

وهذا ليس غريبًا؛ فالقلبُ حين يتذوَّقُ حلاوةَ الإيمان ولذَّتَه يتمنَّى أن يطعمَ غيرُه هذه اللذَّةَ والحلاوةَ، وقد حوَى تاريخُنا قصصَ أممٍ وأفرادٍ كانوا يُحارِبون الإسلام، فجعلَهم الإيمانُ قِممًا في الدين، وأُسُودًا تُدافِعُ عن حِياضِه، وترعَى مصالِحَه.

وسجَّلَ واقِعَنا المُعاصِرُ نماذجَ تُحتذَى لأقوامٍ كانوا أئمةَ ضلالٍ في ترويجِ المُخدِّرات، ونهبِ الأموال، وانحِرافِ الأفكار، فحوَّلَهم الإيمانُ أئمةَ هُدًى ونماذِجَ تُقًى.

ولما وصلَ الاستِكبارُ غايتَه اقتربَت لحظاتُ النصر؛ ففي اليوم العاشِرِ من شهر الله المُحرَّم أنجَى اللهُ موسى ومن معه، وأغرقَ فرعونَ وملأَه، ولما رأى فرعونُ الهلاكَ وأدركَه قال: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: 90]، وهيهَات ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: 91]، ويأتي الحُكمُ من الله: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ [يونس: 92] آيةً للطُّغاة والمُفسِدين، وآيةً للذين يقتلونَ شُعوبَهم، ويسفِكون دماءَهم، ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾.

وفي هذا اليوم -يوم عاشوراء- الموافق ليوم غدٍ السبت يقول رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "صيامُ يوم عاشوراء أحتسِبُ على الله أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه". رواه مسلم.

بارك الله ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشُّكرُ له على توفيقه وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.

أما بعد:

فأوصِيكم ونفسي بتقوى الله؛ فهي خيرُ زادٍ.

أيها المسلمون: كان من تعظيم موسى -عليه السلام- للأرضِ المُقدَّسة وبيت المقدِس: أن سألَ اللهَ -تبارك وتعالى- عند الموت أن يُدنِيَه منها؛ روى البخاري في صحيحه مرفوعًا: "…فسألَ اللهَ أن يُدنِيَه من الأرض المُقدَّسة رميةً بحجَر"، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "فلو كنتُ ثمَّ لأرَيتُكم قبرَه إلى جانبِ الطريقِ عند الكَثيبِ الأحمر".

وإن القلبَ ليعتصِرُ ألمًا، ويشتدُّ حُزنًا ونحن نرى الصَّهايِنةَ المُعتدِين يعيثُون فسادًا في بيت المقدِس، ويقذِفون حِمَم البارُودِ والمدافِعِ على شعبٍ أعزلَ في غزَّة. هذا العُدوان الغاشِم الذي قُتِلَ فيه الأطفالُ والنساءُ، ودُمِّرَت المُمتلكات يُبدِي الصورةَ الهمجيَّة للمُعتدين، وحِقدَهم الدَّفين، وأنهم لا يحترِمون العُهودَ والمواثِيق.

هذا العُدوان لا يقبَلُه مسلمٌ، ولا يرتَضِيه حرٌّ عاقلٌ، واستِمرارُه أو استِئنافُه بعد الهُدنة امتِهانٌ لكرامةِ المُسلمين.

وحمايةُ أبناء الشعبِ الفلسطينيِّ مسؤوليةٌ جماعيَّةٌ تقعُ على عاتقِ المُسلمين جميعًا، ونحن مُطالَبون باتِّخاذ خُطواتٍ جادَّةٍ وفعَّالةٍ لرفع الظلمِ ووقفِ نزيفِ الدمِ أبدًا.

ومع أن غزَّةَ قد نسجَت قصصَ العِزَّة؛ فإن هذا الظلمَ لن يدُومَ مهما طالَ ليلُه، فقد اشتدَّ مُلكُ فرعون وظُلمُه، فعاقبَه الله وأغرقَه وقضَى عليه، وحينئذٍ يعودُ الحقُّ إلى أهلِه، قال الله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ(6)﴾ [القصص: 5، 6].

ألا وصلُّوا -عباد الله- على رسول الهدى؛ فقد أمركم الله بذلك في كتابه.

اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجه وذريَّته، كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، وبارِك على محمدٍ وأزواجه وذريَّته، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ.

وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة الراشدين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الآلِ والصَّحبِ الكِرام، وعنَّا معهم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الكفرَ والكافرين، ودمِّر اللهم أعداءَك أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلاد المُسلمين.

اللهم من أرادَنا وأرادَ الإسلامَ والمُسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسه، واجعَل تدبيرَه تدميرَه يا سميع الدعاء.

اللهم احفَظ المُسلمين في كل مكان، اللهم احفَظ المُسلمين في بلاد الشام، وانصُرهم على عدوِّهم وعدوِّك يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ وعملٍ، ونعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ وعملٍ.

اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألُك الهُدى والتُّقَى والعفافَ والغِنى، اللهم أعِنَّا ولا تُعِن علينا، وانصُرنا ولا تنصُر علينا، وامكُر لنا ولا تمكُر علينا، واهدِنا ويسِّر الهُدى لنا، وانصُرنا على من بغَى علينا.

اللهم اجعَلنا لك ذاكِرين، لك شاكِرين، لك مُخبتين، لك أوَّاهين مُنيبين.

اللهم تقبَّل توبتَنا، واغسِل حوبتَنا، وثبِّت حُجَّتنا، وسدِّد ألسِنتَنا، واسلُل سخيمةَ قلوبنا.

اللهم اغفِر للمُسلمين والمُسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ألِّف بين قلوبِ المُسلمين ووحِّد صُفوفَهم، واجمع كلمتَهم على الحقِّ يا رب العالمين.

اللهم وفِّق إمامنا لما تُحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عملَه في رِضاك، ومُنَّ عليه بالصحة والعافية يا أرحم الراحمين.

اللهم وفِّق جميعَ وُلاة أمور المُسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعِك يا رب العالمين.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعَلنا من القانِطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم سُقيا رحمةٍ لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ، اللهم تُحيِي به البلادَ، وتُفيدُ به العبادَ، وتجعلُه بلاغًا للحاضر والباد برحمتك يا أرحم الراحمين.

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90].

فاذكروا اللهَ يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنَعون.