من مظاهر الإسراف في حياتنا (2)

عناصر الخطبة

  1. مفهوم الإسراف
  2. ألوان شائعة من الإسراف الحسي والمعنوي
  3. علاج مشكلة الإسراف
اقتباس

وحيث مضى الحديث عن الإسراف في الأفراح والمناسبات، فليت الأمر كان قصراً على هذا -مع سوئه- فأفراحنا موسمية ومناسباتنا عارضة؛ مع ضرورة العلاج والكفِّ عن الإسراف فيه، ولكن أمر الإسراف أعظم من هذا وأكبر، وهو يستحوذ على جزءٍ كبير من حياتنا، وهاكم بعض مظاهره ..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

فأما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق:4]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الأنفال:29]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان:33].

أيها المسلمون: حديث اليوم استكمال للحديث قبله، عن الإسراف وتعدد مظاهره في حياتنا، وآثاره في سلوكياتنا.

وحيث مضى الحديث عن الإسراف في الأفراح والمناسبات، فليت الأمر كان قصراً على هذا -مع سوئه- فأفراحنا موسمية ومناسباتنا عارضة؛ مع ضرورة العلاج والكفِّ عن الإسراف فيه، ولكن أمر الإسراف أعظم من هذا وأكبر، وهو يستحوذ على جزءٍ كبير من حياتنا، وهاكم بعض مظاهره.

وقبل هذا لا بد أن يحرر مفهوم الإسراف، والعلماء يقولون: إن بذل المال في سبيل الخير والحق لا يعد إسرافاً ولو أنفق ماله كله، وبذله في غير وجه الحق يعد إسرافاً ولو كان المنفق قليلاً.

فلدينا إسرافٌ في المطعم والمشرب، فتجاوز اللقيمات اللاوتي يقمن الصلب، ونتعدى في الأنصبة التي حددها الرسول -صلى الله عليه وسلم- للطعام والشراب والنفس والراحة، حتى يستطيع المرء أن يكذر ربَّه وينشط لعبادته بيسر وراحة، قال -عليه الصلاة والسلام-: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمان يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه".

ونبالغ –أحياناً- في اتباع ذلك بكميات من المشروبات، فتجتمع كلُّها في المعدة فتتعب في هضمها، ويطير منها ما يطير إلى الدماغ فيثقله عن التفكير ويسلمه للكسل والخمول، وإلى القلب فيقسيه.

ومع ما في هذا الإسراف -في المطعم والمشرب- من أضرار، فالمصيبة أعظم حين يتجاوز المسلم في أكله وشربه الحلال إلى الحرام، "وكلُّ جسد نبت من سحت فالنار أولى به" صحيح الجامع الصغير.

ونسرف في الملبس حين نبالغ في جمع كمية من الملابس نلبس بعضها ولا نحتاج لبعضها الآخر، ولئن لم يسلم الرجال من الإسراف في الملبس، فالأمر عند النساء أعظم وأخطر، وبعضهن مشغوفة بكل موضة جديدة، وعلى علم بأحدث الموديلات الوافدة.

ومحلات عرض الأزياء نموذج للإسراف في حياتنا، واعتقاد بعض النساء بضرورة الجديد الذي لم يُر من قبل لكل مناسبة لا أساس له في الشرع، ولا مكان له في العقل!.

ومع ذلك؛ فالإسراف في تجاوز الحلال إلى الحرام في الملبس أدهى وأمر -وهو في حقّ الرجال والنساء- فإسبال الثياب، والتختم بالذهب، ولباس ثياب الشهرة، كلُّ ذلك منهيٌّ عنه في حق الرجال؛ وفي حقِّ النساء ما وصف أو شفّ، وما شابهت المرأة فيه الرجال، أو قلدت به أهل الكفر والضلال.

عباد الله ونُسرف -أحياناً- في اتخاذ الزينة وتجميع الأثاث؛ فنتخذ من التحف أغلاها، وتمتلئ بها أركان البيوت، ونظل نكدِّس من الأثاث والفُرُش ما نحتاج وما لا نحتاج.

وقد لا يمضي عليها طويل وقت حتى نملَّ منها ونفكر في تغييرها، ولدى البعض نزعة موسمية لتغيير الأثاث ما أنزل الله بها من سلطان؛ فآلات التبريد، أو غرف النوم، أو نوع المفروشات تغير، لا لفسادها وعدم صلاحها؛ بل لتقادمها، والحاجة إلى التجديد فيها! ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف:31].

والمصيبة أعظم حين يدخل الحرام في الزينة، فتُستخدم آنية الذهب والفضة، أو ما يطلى بشيء منهما في الأواني المستخدمة في بيوتنا، ويكفينا أن نتذكر قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" أخرجه مسلم. قال العلماء: والنهي يعمُّ ما كان من الذهب والفضة، وما كان مطلياًّ بشيء منها.

إخوة الإسلام: إسرافنا في الماء ظاهر حين نستنزف كميات من الماء تفوق حاجتنا، ولا نتواصى في الاقتصاد من الماء قدر ما يكفينا، ولربما كانت رقابتنا للبشر وخوفنا منهم أشدَّ من رقابتنا لله حين طغى الإسراف في حياتنا.

ومع ذلك فثمة إسراف في الماء قد يغيب عن أذهان البعض منّا، وتضافرت مدونات العلماء على تجليته لنا، إنه الإسراف في الوضوء والطهارة؛ وقد عقد الترمذي -يرحمه الله- في سننه بابا في كراهية الإسراف في الوضوء.

وفي سنن ابن ماجه: "باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه" وبه ساق حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده قال: جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: "هذا الوضوء، فمن زاد على هذا، فقد أساء أو تعدى أو ظلم" رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.

وحسنه ابن حجر وقال: ولكن عدَّه مسلم في جملة ما أنكر على عمرو بن شعيب لأن ظاهرها ذمُّ النقص، والظلم بالزيادة.

وقيل: فيه حذف تقديره "من نقص من واحدة" ويؤيده ما رواه نعيم بن حماد من طريق المطلب بن حنطب مرفوعاً: "الوضوء مرة ومرتين وثلاثا، فإن نقص من واحدة أو زاد على ثلاث فقد أخطأ".

وقال البخاري -في صحيحه- في كتاب الوضوء: وكره أهل العلم الإسراف فيه وأن يُجاوز فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وعد العلماء الإسراف في الوضوء من (الوسوسة) المنهي عنها، ومن (مصايد الشيطان) للإنسان، وساق ابن القيم -يرحمه الله- في فصل (الإسراف في الوضوء والغسل) أكثر من حديث في ذلك، فليراجعه من شاء.

يا أخا الإيمان: ناهيك عن الإسراف في الشهوة، وتفريغ الطاقة في غير موضعها التي أمر الله بها، سواء كان ذلك عن طريق الزنا، أو اللواط… عافانا الله والمسلمين من أسباب الردى، ومن صفات المؤمنين أنهم ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ(7)﴾ [المؤمنون:5-7].

وليس يخفاك مصير قوم لوط! وقد سمى الله جُرمهم إسرافاً، كما في قوله تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ(81)﴾ [الأعراف:80-81].

ونهى الله عن ﴿الزنا﴾ واعتبره ﴿فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء:32].

أيها المسلمون: ثمة إسراف عند فئة من الناس يحسن التنبيه عليه، إنه الإسراف في العزاء، حين يتكلف أهل الميِّت بإقامة الولائم للمعزين، وربما خصوا اليوم الأول أو الثالث، أو الرابع، أو في الأربعين؛ وكلُّ ذلك بدع منكرة لا أصل لها في شريعة الإسلام.

قال جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-: "كنا نعدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة" رواه أحمد بإسناد حسن.

والسُّنة أن يُصنع لأهل الميت طعاماً، لانشغالهم بميتهم، وليس العكس! فعليكم بالسنة، واحذروا البدعة يرحمكم الله.

ألا فالتزموا شرع الله -معاشر المسلمين- ودعوا الإسراف والمخلية والبدع المنكرة: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف:31]، كذا أمر ربُّكم، وحذركم من الإسراف وعواقبه في الدنيا والآخرة، فقال جلّ قائلاً عليماً: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾ [طه:127].

وقال عليه -الصلاة والسلام-: "كلوا وتصدقوا، والبسوا في غير سرفٍ ولا مخيلة" أخرجه النسائي والبخاري معلقا.

نفعني الله وإياكم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين يقص الحقَّ وهو خير الفاصلين، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه الخير كلَّه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر النبيين.

إخوة الإسلام: إذا كان لدينا إسراف حسي، فلدينا إسراف معنوي، وهو لا يقل عن سابقه خطراً.

ومن مظاهر إسرافنا المعنوي الإسراف في الحديث، والإسراف في الصمت؛ أما إسرافنا في الحديث فيتمثل في كثرة الحديث فيما لا يعنينا، و"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، وفي الرغبة في الحديث بكل ما نسمع، و"كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" أخرجه مسلم. وفي رواية أبي داود والحاكم: "كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع".

ونتساهل في رواية الأخبار، وبضاعاتنا: ﴿يقولون﴾ أو (زعموا) و"بئس مطية الرجل زعموا" كما قال -عليه الصلاة والسلام- بسند صحيح.

والمصيبة أدهى حين يكون حديثنا غيبة أو نميمة أو سخرية، أو ظلماً وعدواناً، أو منكراً وزوراً، أو كذباً؛ وليست تخفى آيات القرآن، ونصوص السنة، نهياً وتحذيراً عن كل هذا.

ونسرف في الصمت حين يقل ذكر الله على ألسنتنا، ويندر تعطير أفواهنا بكتاب ربِّنا، نرى المنكر ونغتاظ له، فلا ننكره بألسنتنا، ويندر مع قدرتنا على ذلك، ونحبّ المعروف ولا نأمر به مع قدرتنا عليه، ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة:71].

وقد عقد ابن القيم -يرحمه الله- فصلاً في ﴿الهدي﴾ فيما يكره من الألفاظ مثل: زعموا، وذكروا، وقالوا… ونحوه.

ثم عقد فصلاً آخر حذَّر فيه كلَّ الحذر من طغيان ﴿أنا﴾ و﴿لي﴾ و﴿عندي﴾ فإن هذه الألفاظ الثلاث ابتُلي بها: إبليس، وفرعون، وقارون، كما ورد في كتاب الله ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾ و﴿لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ و﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾!.

ثم قال: وأحسن ما وضعت له أنا قول العبد: أنا العبد المذنب المخطئ المستغفر، ولي في قوله: لي الذنب ولي المسكنة ونحوه، وعندي في قوله: اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكلُّ ذلك عندي.

أيها المسلمون: نسرف في المدح أحياناً ونزيد في الثناء بما هو واقع وغير واقع، ونقطع أعناق من نمدح من حيث نشعر أو لا نشعر، ويسري المدح فينا إلى درجة تنسينا أخطاءنا، ولربما اتهمنا من اقتصد في الثناء علينا، وأنّى لنا أن نجترئ على رمي الحجارة في وجوه المدَّاحين، أو قطع النول عنهم، كما أرشدنا إلى ذلك ديننا؟ جاء الهدي عن نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب" أخرجه أحمد ومسلم وغيرهما.

قال ابن الأثير في النهاية 1/339: المعنى: أي ارموا، يقال حثا، يحثو، حثواً ويحثي حثياً يريد به الخيبة، وألا يُعطوا عليه شيئاً، ومنهم من يجريه على ظاهره فيرمي فيها التراب.

كما نسرف في الذم أحياناً إلى درجة نتناسى معها كلَّ فضيلة، ولا نذكر للمذموم أيّ منقبة، وهذا خلاف العدل الذي أرشدنا الله إليه، وهذا خلاف العدل الذي أمرنا الله به في القول مع الأقربين: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [الأنعام:152]، ومع ذوي الشنآن الأبعدين بقوله: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة:8].

إخوة الإيمان: نسرف في إهلاك الأوقات دون فائدة، ولربما مضى الوقت بما فيه مضرة، وهذا إسراف في إهدار الأوقات وسوف نسأل عنه.

وكم تشهد بعضُ جلساتنا داخل أو خارج بيوتنا على إهدار قيمة الوقت سدى، والغُرم أكبر حين يكون على مشاهدة أو سماع ما حرم الله علينا.

يا أخا الإسلام: نسرف في السهر أحياناً -ودونما فائدة ترتجى- حتى تحمرَّ مقل أعيننا، وتضعف قوانا، وليته كان لتحصيل علمٍ، أو لمصلحة مجتمعنا أو أمتنا المسلمة!.

ومن أسرف في السهر أسرف في النوم بعده، ولربما فوّت شيئاً من أوقات الصلاة، ومن باب أولى تضييع واجبات أخرى، وكم هو مؤلم أن ترى من يشهدون صلاة الفجر عدداً يسيراً مقارناً بالصلوات الأخرى، أوَليس ذلك بسبب الإسراف في السهر ثم الاستغراق والإسراف في النوم، وما أعظم الخطب إذا غزت هذه الظاهرة الأخيار! فتخلف البعض منهم عن الصلاة مع الجماعة، وجاء البعض الآخر ثقالاً من السهر والإعياء!.

يا أخا الإيمان: عدِّد ما شئت من مظاهر الإسراف في حياتنا حِسًّا أو معنى، فليس ذلك حصراً لها، بقدر ما أردت الإشارة إلى ظاهرة تفشّت بيننا، والمهم: كيف نعالجها؟ وهاك بعض طرق العلاج:

أولا: لا بد -أولاً- من الشعور بالمشكلة، ولا بد من تهيئة النفوس للخلاص منها.

ثانيا: تقوى الله وطاعته فيما أمر أو نهى سبيل للخلاص من الإسراف والله يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) [الشعراء:150-152] ، كذا قيل لمن ينحتون من الجبال بيوتاً فارهين، ويعيشون في جنات ونعيم، وزروع ونخل طلعها هضيم.

ثالثاً: ولا بد من اليقين بأن هذا المال مال الله استودعنا إياه، وسيحاسبنا عليه؛ والذي تكبَّرَ وتجبر وطغى وأفسد وخرج على قومه في زينته وقال: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص:78]، خسف الله به الأرض وما كان من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين.

رابعاً: ولو استشعر المسرف أنه بإسرافه يُشابه الشياطين ويشاكلهم لتوقف في إسرافه، قال تعال: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء:27] قال المفسرون: إخوان الشياطين: أي في التبذير والسفه وترك طاعة الله وارتكاب معصيته.

خامساً: ولا بد من الأخذ على أيدي السفهاء المبذرين للأموال: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء:5].

سادساً: تقييد النعمة وشكر المنعم يمنع الإسراف ويزيد النعم: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم:7]، ﴿اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ:13].

سابعاً: ومما يعينك -يا أخا الإسلام- على الاقتصاد وترك الإسراف تَذَكُّرُ حال إخوانك المحتاجين، وهل يطيب لك الإسراف وغيرك يبحث عن الكفاف؟.

ثامناً: ولا بد من تضافر جهود العلماء والدعاة والخطباء ووسائل الإعلام على مقاومة هذه الظاهرة السلبية.

تاسعاً: ولا بد من سماع قول الناصحين، والبدء بأنفسنا قبل الآخرين.