محاذير من العطلة الصيفية

عناصر الخطبة

  1. كثرة حفلات الأعراس في العطلة الصيفية
  2. بعض المحاذير الشرعية المتعلقة بحفلات الأعراس
  3. التحذير من منكرات حفلات الأعراس
  4. كثرة السفر في العطلة الصيفية
  5. خطر السفر إلى بلاد الكفار الغرب وبعض الوصايا والتوجيهات المتعلقة بالسفر
  6. خطر الفراغ على الطلاب في العطلة الصيفية
  7. بعض وسائل استغلال العطلة الصيفية
اقتباس

إنكم تعلمون -أيها الإخوة- ما تموج به اليوم البلاد الخارجية الكافرة، من كفر وإلحاد، وانحطاط في الأخلاق والسلوك، فالكفر فيها ظاهر، والفساد فيها منتشر، والخمور والزنا والإباحية، وسائر المحرمات مبذولة بلا رادع ولا وازع، فإذا كان الحال كذلك، وأكثر منه، فالسفر إلى هذه البلاد فيه من الخطورة على الدين ما فيه، وفيه من الخطورة على…

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله …

أما بعد:

بدأت عطلة الصيف للمدارس منذ أسبوعين تقريباً، وأغلب الطلبة والطالبات أخذ نتيجة ما قدمه طوال العام، فمنهم من فرح بنتيجته، ومنهم من لم يفرح، وهذه سنة الحياة.

وببداية عطلة الصيف للمدارس، يحصل هناك عدد من الأمور في المجتمع، نود طرقها في هذه الجمعة، ثم التحذير والتنبيه على بعض المحاذير التي قد يترتب عليها.

فأول ما يبدأ ببداية عطلة الصيف: كثرة الزواج، وذلك لأن أغلب الناس ارتباطهم بالمدارس؛ فمجرد العطلة، وتفرغ الناس من ارتباطات المدارس، يشرعون في ترتيبات الزواج، وهذا في الحقيقة أمر يُفرح، ويثلج الصدور، رؤية وسماع كثرة الزواج؛ لأن في الزواج يحصل العفة لهؤلاء الشباب ولهؤلاء الشابات، الذين طالما اكتووا بنار الشهوة، فبالزواج يقضي كل من الجنسين وطره، ويتم الأنس، وتقوم العلاقات الطيبة بين الأسر، ويحصل التعاون بين الزوجين الجديدين على مهمات الحياة، فالمرأة تجد في الرجل القوامة عليها، بطلب الرزق لها، والإنفاق عليها، وتولي شؤونها التي لا تستطيع القيام بها بحكم أنوثتها وضعفها، والرجل يجد في المرأة ما يكفيه متاعب البيت، وتربية الأطفال.

وبالجملة، فليس المقصود بالزواج قضاء الشهوة فحسب، بل هو أسمى من ذلك، فهو علاقة حب ومودة وأنس، علاقة تآلف بين القلوب، علاقة بناء للأسرة، بل بناء للمجتمع بأسره، إنه هدف جليل، ومقصد نبيل، قال الله -تعالى-: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[الروم: 21].

أيها المسلمون: هناك عدد من المحاذير، يعكر صفو الزواج، بل قبل ذلك وبعده، يغضب الله -عز وجل-، هو ما نحب أن ننبه عليه، تحذيراً للناس من الوقوع في الحرام، خصوصاً ونحن على أبواب زواجات كثيرة هذه الأيام.

فأولى هذه المحاذير، والتي تقع من بعض الناس بسبب تصرفاتهم السيئة، وشهواتهم المعوجة، وبما يمليه عليهم شياطين الإنس والجن: استقدام المطربين والمطربات، في حفلات الزواج، أو بعضهم يُحضر ما يسمى بالفرق الشعبية، ثم توضع مكبرات الصوت، ليزداد نهيقهم، ويرتفع أكثر، كل ذلك مصحوباً بالألحان، والمزامير المحرمة، التي حرمها الله ورسوله.

وهذا غالباً ما يؤدي إلى منكر آخر، وهو المحذور الثاني: أن يحصل هذا في حشود مختلطة من الرجال والنساء، وهذا أمر محرم آخر، يقع في بعض الحفلات، وهو تساهل الناس في اختلاط الرجال بالنساء، بحجة أن هذا زواج، فالمرأة التي كانت محتشمة ومتحفظة، تخلع ثوب الحياء في العرس، وكم من الفتن والمشاكل حصل بسبب هذا الأمر.

وذلك؛ لأن المرأة لا تذهب للزواج إلا بأجمل ما عندها من الثياب والحلي، فتكون أعظم للفتنة.

مصيبة ثالثة: وكلها مترتبة بعضها على بعض: أن تؤتى بالعروسين، أمام الناس، لتؤخذ لهما الصور المحرمة، وغالباً ما تكون العروسة سافرة على هيئة النساء الخليعات، وإذا بهذا الزواج قد انقلب إلى بؤرة فساد، تعلن فيه محادة الله ورسوله، بارتكاب المعاصي والمحرمات، ثم ماذا يتبع ذلك؟ وهذا يحصل من بعض الأسر، أسر كانت معروفة بالحشمة والوقار، بل بعضهم عرف بالعلم، فجاء خلفهم بهذه المخازي، يتبع ذلك أن الزوج يسافر بزوجته لقضاء ما يسمونه بشهر العسل، في بلاد خليعة من بلاد الكفر، ليخلعا هناك سوياً جلباب الحياء والحشمة، ويعودا إلينا يحملان كل فكرة سيئة، وتنكر لدينهم وبلادهم، إنها والله مخازي يندى لها الجبين، وتستغيث منها الكرامة.

فاتقوا الله -أيها المسلمون- كيف يبدأ المسلم أول حياته الزوجية بأمور يعصي فيه ربه؟ ألا تريد أيها المتزوج أن يوفقك الله في حياتك الجديدة، ألا تريد أيها المتزوج أن يرزقك الله أبناء، تقر بهم عينك، ألا تتمنى أيها الزوج أن ييسر الله لك حياتك الزوجية، فتكون حياة نظيفة كريمة، بعيدة عن المشاكل والنزاعات والخلافات.

فإذا كنت -أيها الزوج- محتاج إلى ربك، مفتقر إليه، فلماذا تغضبه؟ ولماذا تخالف أمره منذ أول يوم تبدأ فيه زواجك؟.

أسأل الله -عز وجل- أن تلقى هذه الكلمات مكانها لدى أصحاب القلوب الواعية، والعقول الناضجة، وإلا فالسفهاء من الناس، وأصحاب الفسق والمجون، فسيضحكون من مثل هذا الكلام، وإن غداً لناظره قريب: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾[الشعراء: 227].

الأمر الثاني: الذي يقع ويحصل من بعض الناس عند بداية عطلة الصيف: السفر: ينتهز بعض الناس فرصة عطلة المدارس، فبعد سنة دراسية كاملة من الطلاب، وسنة عمل من رب الأسرة، يحس الجميع.

وهذه بالمناسبة -أيها الإخوة- توهمات لا صحة لها، يحس الجميع بالإرهاق والتعب، وأنه لا بد من شيء من إراحة الأعصاب، وارتخاء البدن كما يقولون، وكما يعبرون، فتخرج الأسرة، شهراً كاملاً أو أكثر، ويسافرون، ليستمتعوا بعطلة الصيف من جانب، وليتخلصوا قليلاً من شدة الحر هنا من جانب آخر، والسفر في حد ذاته لا حرج فيه، بل إن في السفر فوائد كثيرة، والفسحة مع الأولاد أيضاً لا بأس به، بل يكون مطلوباً أحياناً، خصوصاً لو كان الأولاد قد اجتازوا الامتحانات بنجاح، فيكون هذا السفر من باب المكافأة لهم، لكن الذي نحذر منه بعض الأسر، في سفرهم بالصيف:

أولاً: وهو أن بعض الأسر تسافر إلى بلاد الكفار.

وهو كما تعلمون -أيها المسلمون-، بأنه أمر محرم ولا يجوز، السفر إلى بلاد الكفار منهي عنه في شريعة الإسلام، إلا في حالات محدودة، تصل إلى حد الضرورة مع التحفظ والحذر.

إنكم تعلمون -أيها الإخوة- ما تموج به اليوم البلاد الخارجية الكافرة، من كفر وإلحاد، وانحطاط في الأخلاق والسلوك، فالكفر فيها ظاهر، والفساد فيها منتشر، والخمور والزنا والإباحية، وسائر المحرمات مبذولة بلا رادع ولا وازع، فإذا كان الحال كذلك، وأكثر منه، فالسفر إلى هذه البلاد فيه من الخطورة على الدين ما فيه، وفيه من الخطورة على الزوجة والأولاد ما فيه، وأعز شيء لدى المسلم، أقول لدى المسلم الغيور دينه، فكيف يعرضه لهذا الخطر الشديد؛ إن الإنسان لو كان معه مال، وسمع أنه سيعترضه خطر يهدده، بضياع هذا المال، لرأيته يعمل أعظم الاحتياطات لحفظه، فكيف يعظم في عينه المال، ويهون عليه الدين؟ ثم بعد هذا هل تتصورون أن المرأة، سوف تتستر هناك كما تتستر هنا؟

لا أتصور ذلك، هذا ما نسمعه عن كثير من العائلات التي تسافر إلى بلاد الكفر والضلال، تخلع المرأة جلبابها من صعودها سلم الطائرة، وتبقى هناك شهراً كاملاً لا تعرف الحجاب، بل كل من هناك محارم لها.

فاتق الله -يا عبد الله-، اتق الله -تعالى-: كيف ترضى لنفسك، وكيف ترضى لشرفك وعرضك، بهذا التفسخ وبهذا السفور، دون اعتبار لحكم الشرع، وكأنك لست بمسلم، وكأنك لا تحسب على أمة الإسلام؟.

ثم كيف تتوقع أن يتربى أبناءك، وهم يشاهدون بأعينهم هذا التناقض، يشاهدون أمهم هنا بعباءتها السوداء الطاهرة، ويرونها ويشاهدونها هناك، وقد خلعت حشمتها، وصارت تبدي زينتها لكل أحد، تناقض واضح.

ثم حتى الأبناء الصغار، ماذا يشاهدون هناك، وماذا يرون؟ لماذا تعود طفلك منذ الصغر أن يرى الكفر، ويرى الإباحية؟ هل تتصور أن ما يراه لا تتعلق به نفسه؟ لماذا يشتكي كثير من الآباء الآن، يشتكون من انحراف أولادهم؟ لماذا يصيح كثير من الآباء الآن يصيحون من خطر المخدرات والتدخين الذي يهدد أولادهم؟

لو بحثت عن السبب، لوجدت أن من جملة الأسباب، وأقواها: أن هذا الولد، وهذا الشاب الآن، قد كانت له جولات وجولات فيما مضى في ديار الكفر، أما يُسافر به بحجة النزهة، أو يسافر به بحجة الرياضة والكرة، أو يسافر به بحجة أخرى، ثم المحصلة والنتيجة ما نعيشه في واقعنا الآن، وما ندفع ثمنه الآن.

ثم قضية أخرى تتعلق بالسفر إلى تلك الديار يتعلق بعبادة المسلم الأساسية: اسأل نفسك -يا عبد الله- هل بإمكانك أن تحافظ على شعائرك التعبدية هناك كما كنت تحافظ عليه هنا؟ هل بإمكانك أن تتحقق من الطهارة هناك كما تتحقق منه هنا؟ هل بمقدورك أن تصلي الصلوات الخمس في أوقاتها، وتتمكن من أداء خشوعها، بل حتى تتأكد من قبلتها كما كان يحصل لك هنا؟

لا أظن ذلك.

إلى غير ذلك من القضايا والأمور التي لا تنتهي.

فلماذا تعرض نفسك -يا مسلم- إلى كل هذا؟ لماذا تعرض أهلك وزوجتك إلى الفتن؟ لماذا تجني على أولادك بيدك؟.

لو كنت في غنىً عن كل هذا منذ البداية، ولو رأيت أن السفر لا بد منه، وأن الفسحة والنزهة لا بد منها، فلماذا لا تكون سفرة عمرة إلى بيت الله الحرام، ثم بعدها قضاء بعض الأيام في الأماكن الجميلة الباردة في بلادنا، فهي موجودة -ولله الحمد-، بل عندنا كثير من الخيرات والنعم، بل حتى المناظر الجمالية الطبيعية، ما لا توجد حتى في بعض بلاد الكفر التي يسافر الناس لها.

فاتقوا الله -أيها المسلمون- حافظوا على أنفسكم، دينكم، أولادكم، من هم أمانة عندكم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ(20)﴾[الحشر: 18 – 20].

اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه …

الخطبة الثانية:

الحمد لله …

أما بعد:

الأمر الثالث: الذي نعاني منه منذ يبدأ عطلة الصيف للمدارس حتى ينتهي هو: هذا الفراغ عند الطلاب، هذا الفراغ القاتل.

يجلس أبناؤنا قرابة أربعة أشهر، لا يعملون شيء، في مضيعة تامة في الغالب، حتى إن كثيراً من الآباء يتحيّر ماذا يفعل بولده، إذا حبسه في البيت مشكلة، وإذا تركه يخرج مشكلة، فماذا يفعل، ربما أوقات الدراسة، ينشغل الطلاب بدراستهم، والمراجعة والمذاكرة، والاختبارات، لكن إذا بدأت العطلة، بدأت المشكلة، ثم إن هذه المشكلة تتكرر سنوياً.

والولد عندما يكون صغيراً أي في المرحلة الابتدائية، المشكلة تكون أخف؛ لأنه يمكن ضبطه في المنزل نوعاً ما، وبالإمكان إقناعه ببعض اللعب، لكن إذا كان في المرحلة المتوسطة والثانوية، هذا ماذا تفعل معه؟.

الغالب، وأقول بأن هذا هو الغالب، بأن الطالب يعيش في فراغ تام، ويكون له صحبة، وبالأدق شلة، يقضي معهم هذه الأربعة أشهر، يعيشون في خواء فكري وروحي، لا يفكرون ولا يعملون أشياء تنفعهم، تراهم تجمعات على شاطئ البحر والمتنزهات والأماكن العامة، حتى ساعة متأخرة من الليل، ثم بعده النوم إلى منتصف النهار، ومن منتصف العصر إلى وقت العشاء، هذا وقت المعاكسات والمغازلات في الأسواق، ولا تنتهي العطلة الصيفية، إلا وقد ازداد الولد انحرافاً إلى انحرافه، وربما تعلم وصار يفعل أشياء، لم يكن يفعلها في السابق هذا إذا سلم من شلة فاسدة، ربما أوقعوه في حبائل التدخين والمخدرات.

أيها المسلمون: هذا الذي صورته لكم، جزء من مشكلة الصيف، هذا حال الشباب، فماذا عن الشابات؟

والله إن مشكلتهن أعظم، فتيات في سن المراهقة، في المرحلة الثانوية، بنت ثم تعيش في فراغ أربعة أشهر، لا تعمل شيئاً البتة، كيف تقضي وقتها؟ بماذا تفكر طوال هذه المدة، وهذه لو انحرفت صار الخطر أعظم؟.

نعم، إنها مشكلة، ومشكلة كبيرة تحتاج إلى حل.

ولا أخفيكم -أيها الإخوة- فإنه ليس لدى حل جذري الآن للمشكلة أطرحه عليكم؛ لأن مثل هذه المشكلة لا تحل بواسطة خطيب ولا محاضر، ولا بتأليف كتاب أو نحوه.

في تصوري إذا لم يحس بالمشكلة، ويتحرك للعلاج الجميع، من القمة إلى القاعدة، فلا يكون هناك حل.

لكن من باب المشاركة في مثل هذا الموضوع الكبير، أقول -أيها الإخوة-: بأن هناك جهود طيبة من بعض المخلصين الغيورين على أبنائنا، تحت إشراف الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، ووزارة المعارف، قاموا بإنشاء مراكز صيفية للطلاب وكذلك للطالبات، يحاولون فيها استغلال أوقات الطلاب وطاقاتهم، وتصريفها التصريف السليم. والقائمون عليها -ولله الحمد- أناس معروفون في البلد، على خُلق وأمانة وديانة، ولا نزكي على الله أحدا.

فمن الحلول المؤقتة: أن تحرص أيها الوالد بتسجيل ولدك، وتلحقه في أحد هذه المراكز ليستفيد من وقته، ثم أنت ترتاح قليلاً من مشاكله لو كان طوال الوقت فارغاً، وبإمكانك -أيها الأب- لكي تتأكد بنفسك أن تتطلع على البرامج المعدة من قبل المشرفين على هذه المراكز، أو حتى تقابل مدير المركز بنفسك شخصياً.

ومن الحلول أيضاً: وهذا لا يتم إلا بعد أن يحس الآباء فعلاً بالمشكلة، ويكتوا بنارها أن يرفع هذا الأمر للمسئولين، لماذا لا يخاطب الآباء المسئولين، إما كتابة أو حتى مشافهة لإيجاد ما يملأ فراغ الأولاد طوال الصيف؟

فمثلاً كان في السابق، وكلنا يذكر هذا منذ سنوات قريبة، كان الطلاب جميعاً إذا بدأت العطلة الصيفية توجهوا إلى مكتب العمل، وكان هناك تنسيق مسبق بين الجهات الرسمية والشركات والمؤسسات والدوائر الحكومية الموجودة في كل منطقة، فكان يتم توجيه الطلاب للعمل في فترة الإجازة الصيفية، وكانت -ولله الحمد- نتائجها طيبة، يستغل الطلاب أوقاتهم، ويقضون على فراغ الإجازة القاتل، ثم يتعودون من الصغر على الجد والعمل والكد، وهذا شيء طيب، إضافة إلى اكتساب الطلاب وتعلم ومعرفة أشياء جديدة، إما في الإدارة أو المحاسبة أو نحوها، وهذه تكسبهم خبرات للمستقبل بعد التخرج، فلماذا انقطعت هذه العادة الطيبة؟ ولماذا لا يكتب الآباء ويخاطبوا المسئولين في البلد، لإرجاعها مرة أخرى، والمطالبة بها؟.

ثم إن هناك أموراً أخرى من حق الآباء المطالبة بها، حفاظاً على أولادهم، والإمكانيات -ولله الحمد- موجودة، فمثلاً يطالب الآباء، بإنشاء معاهد فنية ومراكز تعليمية خاصة بطلاب الصيف، يذهب الطالب إلى هذه المراكز أو المعاهد لمدة ثلاث أو أربع ساعات فقط، ويُدرب على أشياء عملية، كالآلة الكاتبة، أو التجارة، أو دورات بسيطة في الحاسب الآلي، وهكذا …

كم تكلف إنشاء مثل هذه المعاهد، لا تكلف شيء، لكن سيكون فيها النفع العظيم -بإذن الله تعالى-، أو يطالب الآباء مثلاً بإنشاء معسكرات صيفية للطلاب، تقام فيها الأنشطة الرياضية، وتقام فيها المحاضرات النافعة، وغيرها.

فيكون هناك نوع من التجديد في حياة الطلاب، وبهذا تتحول الأمة كلها إلى عناصر فعالة ويتعلم الطلاب الجدية في حياتهم، فيكونون طوال السنة في عطاء وإنتاج، فتستفيد الدولة منهم حاضراً ومستقبلاً.

أما بقاؤهم هكذا، يتسكعون في الشوارع لا يفكرون، حتى في مصالح أنفسهم، ولا ينفعون حتى أهاليهم، فهذه هي المصيبة.

وبقاؤهم بهذا الشكل، خطر على أنفسهم وعلى أهليهم وعلى مجتمعهم وعلى أمتهم.

كما نسأله سبحانه أن يحفظ أبناءنا من الضياع.

كما نطالبكم أنتم أيها الآباء بأن تفكروا في مصير أولادكم، وتتحركوا بجد للمساهمة في حل المشكلة.

اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد …

اللهم ول علينا خيارنا …

اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء …

نسأل الله -عز وجل- أن يهدي ضال المسلمين …