الاعتكاف وآدابه

عناصر الخطبة

  1. فضل العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر
  2. سنية الاعتكاف وفضله
  3. مقصود الاعتكاف
  4. مسائل في الاعتكاف
  5. من آداب الاعتكاف
  6. دعوة المملكة لمؤتمر قمة إسلامية في مكة
اقتباس

ومما يُسنُّ في هذه العشر: الاعتكافُ: الذي هو لُزوم المسجد لطاعة الله -جل وعلا-؛ فلقد اعتكفَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه العشر، واعتكفَ أزواجُه في حياته ومن بعد وفاته. إن مقصود الاعتكاف حبسُ النفس على طاعة الله سبحانه، وقطعُ العلائق عن الخلق للقُرب من الخالق، وأقلُّ مدة الاعتكاف على الصحيح من أقوال العلماء: يومٌ أو ليلةٌ ..

أما بعد: 

فيا أيها المُسلمون: ما أسرع ما تنقضي الليالي والأيام، وما أعجل ما ينصرِم الزمان، فها هو شهر رمضان قد تقوَّضت خيامُه واصرمَت أوقاتُه، فلنحرِص جميًا على اغتنام ما بقِيَ من أوقاته فيما يُقرِّبُنا إلى المولَى -جل وعلا-، يكون سببًا لفوزنا دُنيا وأخرى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أيها المسلمون: إن العشر الأخيرة من رمضان عظيمٌ فضلُها، كبيرٌ أجرُها، شريفٌ قدرُها، كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يجتهِدُ فيها ما لا يجتهِدُ في غيرها، فكان -عليه الصلاة والسلام- إذا دخلت العشرُ أحيا ليلَه، وأيقظَ أهلَه، وشدَّ مِئزَره.

فيها ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، صحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".

ألا وإن آكَد ما يكون في هذه الليلة: التضرُّع إلى الله -جل وعلا-، والابتهالُ إليه بالدعاء، فلقد قالت عائشة -رضي الله عنها- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن وافقتُها فبِم أقول؟! قال: "قولي: اللهم إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عني".

أيها المسلمون: ومما يُسنُّ في هذه العشر: الاعتكافُ: الذي هو لُزوم المسجد لطاعة الله -جل وعلا-؛ فلقد اعتكفَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه العشر، واعتكفَ أزواجُه في حياته ومن بعد وفاته.

أيها المسلمون: إن مقصود الاعتكاف حبسُ النفس على طاعة الله سبحانه، وقطعُ العلائق عن الخلق للقُرب من الخالق، وأقلُّ مدة الاعتكاف على الصحيح من أقوال العلماء: يومٌ أو ليلةٌ.

ولا يجوز للمرأة الاعتكاف إلا بإذن زوجها، ولا يصِحُّ الاعتكاف إلا في مسجدٍ تُقام فيه الجماعة، والأفضلُ في مسجدٍ تُقام فيه الجُمعة إذا كان اعتكافُه يتخلَّل الجمعة.

وأما المرأة فيجوز لها أن تعتكِف في كل مسجدٍ سِوى مُصلَّى بيتها، وإن على المرأة أن تكون في أكمل الأحوال من الاحتشام والتستُّر.

أيها المسلمون: إن المُعتكِف لا يخرجُ شرعًا إلا لما لا بُدَّ له منه؛ إما شرعًا كالخروج إلى الجُمعة، وإما حِسًّا كقضاء الحاجة، أو الإتيان بمأكلٍ لعدم من يأتيه به، قالت عائشةُ -رضي الله عنها-: "السنةُ للمُعتكِف أن لا يخرُج إلا لما لا بُدَّ له منه، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يدخل بيتَه إلا لحاجةِ الإنسان".

ولا يعودُ مريضًا، ولا يشهَدُ جنازةً، ولا يزورُ قريبًا إلا إن اشترطَه في بداية اعتكافِه.

ومن اعتكفَ العشر الأخيرةَ من رمضان فالأولَى له أن يخرُج من مُعتكَفه إلى المُصلَّى، كما ورد ذلك عن السلف.

ألا وإن مما ينبغي أن يُعلَم أن التحدُّث إلى الآخرين والانشغال بذلك مما يُضيِّع الأوقاتَ سُدًى، أو مما ربما يؤدِّي إلى الحرام كالغيبة، والنميمة، فإن ذلك مُنافٍ للاعتكاف، وإلا فلا بأس من التحدُّث للزائر، كما تحدَّثَت صفيةُ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما زارَته في المسجد وهو مُعتكِف.

ويجبُ على المُعتكِف أن يحترِم المسجد وأحكامَه، وأن يتأدَّب بآدابه، وأن يكون على غاية التنظُّف والتجمُّل وأن يلبسَ أحسن ثيابه.

ألا وإن الأفضل للمُعتكِف أن يتجنَّب التجمُّعات ولو كان ذلك لمسائل علمية، أو التباحُث في مسائل فقهية؛ فإن أهل العلم ذكروا أنه لا يُستحبُّ للمُعتكِف إقراءُ القرآن ولا الاشتغالُ بتدريس الحديث والفقهِ، كما نُقِل ذلك عن مالكٍ وأحمد -رحمهما الله-، وذكر ذلك ابن القيم -رحمه الله- في أحكام الاعتكاف.

فاتقوا الله -أيها المسلمون-، وأرُوا اللهَ من أنفسكم خيرًا، وأكثِروا من الابتهال والدعاء.

بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقولُ هذا القولَ، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أحمدُ ربي وأشكُرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-؛ فهي وصيةُ الله للأولين والآخرين.

إن من الوقفات الخيِّرة لخادم الحرمين الشريفين: سعيَه لتجميع قادة المُسلمين للتباحُث في أحوال الأمة التي تمرُّ ببلايا ورزايا ومِحَن يعلمُ بها الصغيرُ والكبيرُ.

ألا وإن الواجبَ على جميع حُكَّام المُسلمين أن يستلهِموا من هذا المُؤتمر في هذه الأيام المُباركة وفي البُقعة المُباركة، أن يستلهِموا تقوى الله -جل وعلا-، والصدقَ معه ظاهرًا وباطنًا، وأن يستشعِروا عِظَم المسؤولية، وأن يتعاونوا على البرِّ والتقوى، وأن يُغلِّبوا مصالح الدين على الدنيا، وأن يسعَوا ويهبُّوا لنُصرة المظلومين ولردع الظلَمة والفجَرة، فذلك هو ما دعا إليه القرآنُ الكريمُ وحثَّ عليه النبيُّ الكريمُ -صلى الله عليه وسلم-.

وإن على حُكَّامنا جميعًا وعلى الشعوب معهم أن يتعاونوا على أن يُحكَموا بالقرآن والسنة؛ فذلكم هو طريقُ السعادة والعزَّة والريادة في الدنيا والآخرة، ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: 9].

ونبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "تركتُ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضِلُّوا: كتابَ الله وسنتي".

ألا وإن من أفضل الأعمال: الإكثارُ من الصلاةِ والتسليمِ على النبيِّ الكريم.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا ورسولنا وحبيبِنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المسلمين، اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المسلمين، اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المسلمين، اللهم فرِّج همومَنا وهمومَ المؤمنين، اللهم نفِّس كرباتنا وكربات المسلمين، اللهم نجِّنا ونجِّ المسلمين من كل كربٍ يا ذا الجلال والإكرام، اللهم نجِّنا ونجِّ المسلمين من كل كربٍ وهمٍّ وغمٍّ يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اكشف السوء عن المسلمين في الشام، وفي بورما، وفي فلسطين، وفي كل مكانٍ يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.

اللهم آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذاب النار.

اللهم إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنَّا، اللهم إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنَّا، اللهم إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنَّا.

عباد الله: اذكروا الله ذكرًا كثيرًا، وسبِّحوه بكرةً وأصيلاً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.