تفسير القرآن
عن الشعبي قال: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد؛ لأنه عرف أنه لا يأخذ الرِشْوَةَ، وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود؛ لعلمه أنهم يأخذون الرِشْوَةَ، فاتفقا أن يأتيا كاهنا في جُهَيْنَةَ فيتحاكما إليه، فنَزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ...}.

شرح الحديث :


يروي الشعبي -رحمه الله- أن هذه الآية الكريمة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} الآية، نزلت بسبب ما حصل من رجلٍ يدّعي الإيمان ويريد أن يتحاكم إلى غير الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تهرباً من الحكم العادل؛ مما حمله على التحاكم إلى الطاغوت من غير مبالاة بما يترتب على ذلك من مناقضة للإيمان؛ مما يدل على كذبه في ادعائه الإيمان؛ فمن عمل مثل عمله فهو مثله في هذا الحكم.

معاني الكلمات :


من المنافقين جمع منافق وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر.
اليهود جمع يهودي -مِن هاد إذا رجع- وقيل اليهودي نسبة إلى يهودا بن يعقوب -عليه السلام-.
خصومة أي جدال ونزاع.
الرشوة ما يُعطى لمن يتولى شيئاً من أمور الناس ليحيف مع المعطي ومن ذلك: ما يعطيه أحد الخصمين للقاضي أو غيره ليحكم له، مأخوذة من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء.
جهينة قبيلة عربية مشهورة.
فنزلت هذا بيان لسبب نزول الآية الكريمة.

فوائد من الحديث :


  1. وجوب التحاكم إلى شريعة الله .
  2. أن التحاكم إلى غير شريعة الله ينافي الإيمان .
  3. فيه كشفٌ لحقيقة المنافقين، وأنهم شرٌّ من اليهود .
  4. تحريم أخذ الرشوة؛ وأن أخذ الرشوة من أخلاق اليهود، وقد لعن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- معطيها وآخذها .
  5. معجزة للنبي -صلى الله عليه وسلم- حيث شهد له عدوه بنزاهته .
  6. من علامات النفاق التحاكم إلى غير شرع الله .
  7. من صفات اليهود أخذ الرشوة .

المراجع :


  • الملخص في شرح كتاب التوحيد، دار العاصمة الرياض، الطبعة: الأولى 1422هـ - 2001م.
  • الجديد في شرح كتاب التوحيد، مكتبة السوادي، جدة، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الخامسة، 1424هـ - 2003م.
  • تفسير الطبري، لمحمد بن جرير أبو جعفر الطبري، تحقيق: الدكتور عبد الله التركي، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2001م.

ترجمة نص هذا الحديث متوفرة باللغات التالية