بيت المقدس

بيت المقدس


بيت المقدس


هي المدينة المشهورة التي كانت محل الأنبياء وقبلة الشرايط ومهبط الوحي. بناها داود وفرغ منها سليمان، عليه السلام؛ وعن أبي بن كعب: ان الله تعالىأوحى إلى داود: ابن لي بيتاً. فقال: يا رب أين؟ قال: حيث ترى الملك شاهراً سيفه! فرأى داود ملكاً على الصخرة بيده سيف، فبنى هناك، ولما فرغ سليمان من بنائها أوحى الله تعالى إليه: سلني أعطك! فقال: يا رب أسألك أن تغفر لي ذنبي! فقال: لك ذلك! قال: وأسألك أن تغفر لمن جاء هذا البيت يريد الصلاة فيه، وأن تخرجه من ذنوبه كيوم ولد! فقال: لك ذلك! قال: وأسألك لمن جاءه فقيراً أن تغنيه! قال: ولك ذلك! قال: وأسألك إن جاءه سقيماً أن تشفيه! قال: ولك ذلك.
وعن ابن عباس: البيت المقدس بنته الأنبياء وسكنته الأنبياء، وما فيه موضع شبر إلا وصلى فيه نبي أو قام فيه ملك.
واتخذ سليمان فيها أشياء عجيبة: منها قبة، وهي قبة كانت فيها سلسلة معلقة ينالها المحق ولا ينالها المبطل حتى اضمحلت بالحيلة المعروفة، ومنها أنه بنى فيها بيتاً وأحكمه وصقله، فإذا دخله الورع والفاجر كان خيال الورع في الحائط أبيض، وخيال الفاجر أسود.
ومنها أنه نصب في زاوية عصا آبنوس، من زعم صادقاً أنه من أولاد الأنبياء ومسها لم يضره، وإن لم يكن من أولاد الأنبياء إذا مسها احترقت يده.
ثم ضرب الدهر ضربانه واستولت عليها الجبابرة وخربوها، فاجتاز بها عزير، عليه السلام، فرآها خاوية على عروشها، فقال: أنى يحيي هذه الله بعد موتها؟ فأماته الله مائة عام ثم بعثه، وقد عمرها ملك من ملوك الفرس اسمه كوشك، فصارت أعمر مما كانت وأكثر أهلاً، والتي عليها الآن أرضها وضياعها جبال شاهقة، وليس بقربها أرض وطئة، وزروعها على أطراف الجبال بالفؤوس لأن الدواب لا عمل لها هناك.
وأما نفس المدينة ففي فضاء في وسط ذلك، وأرضها كلها حجر، وفيها عمارات كثيرة حسنة، وشرب أهلها من ماء المطر. ليس فيها دار إلا وفيها صهريج. مياهها تجتمع من الدروب، ودروبها حجرية ليست كثيرة الدنس، لكن مياههارديئة. وفيها ثلاث برك: بركة بني إسرائيل، وبركة سليمان، وبركة عياض.
قال محمد بن أحمد البشاري المقدسي، وله كتاب في أخبار بلدان الإسلام: إنها متوسطة الحر والبرد، وقلما يقع بها ثلج، ولا ترى أحسن من بنيانها ولا أنظف ولا أنزه من مساجدها! قد جمع الله فيها فواكه الغور والسهل والجبل والأشياء المتضادة: كالأترج واللوز والرطب والجوز والتين والموز، إلا أن بها عيوباً منها ما ذكر في التوراة: انها طست ذهب مملوء عقارب، ثم لا يرى أقذر من حماماتها ولا أثقل مونة منها! وهي مع ذلك قليلة العلماء كثيرة النصارى، وفيهم جفاء على الرحبة والفنادق والضرائب ثقال على ما يباع فيها، وليس لمظلوم ناصر وليس بها أمكن من الماء والأذان.
بها المسجد الأقصى الذي شرفه الله تعالى وعظمه وقال: إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله. وقال، صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا. وهو في طرف الشرق من المدينة، أساسه من عمل داود، عليه السلام. طول كل حجر عشرة أذرع، وفي قبلته حجر أبيض عليه مكتوب: محمد رسول الله، خلقة لم يكتبه أحد. وصحن المسجد طويل عريض طوله أكثر من عرضه، وهو في غاية الحسن والإحكام، مبني على أعمدة الرخام الملونة، والفسيفساء الذي ليس في شيء من البلاد أحسن منه.
وفي صحن المسجد مصطبة كبيرة في ارتفاع خمسة أذرع، يصعد إليه من عدة مواضع بالدرج، وفي وسط هذه المصطبة قبة عظيمة مثمنة على أعمدة رخام مسقفة برصاص، منمقة من داخل وخارج بالفسيفساء، مطبقة بالرخام الملون. وفي وسطها الصخرة التي تزار، وعلى طرفها أثر قدم النبي، عليه السلام، وتحتها مغارة ينزل إليها بعدة درج يصلى فيها. ولهذه القبة أربعة أبواب، وفي شرقيها خارج القبة قبة أخرى على أعمدة حسنة يقولون: انها قبة السلسلة. وقبة المعراج أيضاً على المصطبة، وكذلك قبة النبي، عليهالسلام. كل ذلك على أعمدة مطبقة أعلاها بالرصاص، وذكر أن طول قبة الصخرة كان اثني عشر ميلاً في السماء، وكان على رأسها ياقوتة حمراء كان في ضوئها تغزل نساء أهل بلقاء.
وبها مربط البراق الذي ركبه النبي، عليه السلام، تحت ركن المسجد.
وبها محراب مريم، عليها السلام، الذي كانت الملائكة تأتيها فيه بفاكهة الشتاء في الصيف وبفاكهة الصيف في الشتاء.
وبها محراب زكرياء، عليه السلام، الذي بشرته الملائكة بيحيى. عليه السلام، وهو قائم يصلي في المحراب. وبها كرسي سليمان الذي كان يدعو الله عليه.
وعن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن الله تعالى أرسل ملك الموت إلى موسى، عليه السلام، فصكه، فرجع إلى ربه وقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت! فقال: ارجع إليه وقل له حتى يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعر سنة. قال: أي رب! ثم ماذا؟ قال: ثم الموت! فسأل الله تعالى أن يقبره من الأرض المقدسة رمية حجر، فلو كنت ثمة لأريتكم قبره إلى جنب الطريق تحت الكثيب الأحمر.
أما المسجد فطوله سبعمائة ذراع وأربعة وثمانون ذراعاً، وعرضه أربعمائة وخمسة وخمسون ذراعاً، وعدة ما فيه من العمد ستمائة وأربعة وثمانون، وداخل الصخرة ثلاثون عموداً، وقبة الصخرة ملبسة بصفائح الرصاص، عليها ثلاثة آلاف صفيحة واثنتان وتسعون، ومن فوق ذلك الصفائح النحاس مطلية بالذهب، وفي سقوف المسجد أربعة آلاف خشبة، وعلى السقوف خمسة وأربعون ألف صفيحة رصاص.
حجر الصخرة ثلاثة وثلاثون ذراعاً في سبعة وعشرين، والمغارة التي تحت الصخرة تسع تسعاً وستين نفساً. ويسرج في المسجد ألف وخمسمائة قنديل، ويسرج في الصخرة أربعمائة وأربعة وستون قنديلاً. وكانت وظيفته كل شهر مائة قسط زيتاً، وفي كل سنة ثمانمائة ألف ذراع حصيراً، وكان له من الخدممائتان وثلاثون مملوكاً، أقامهم عبد الملك بن مروان من خمس الأسارى، ولذلك يسمون الأخماس، كان رزقهم من بيت المال.
وبها قمامة، وهي كنيسة عظيمة للنصارى في وسط البلد، لا ينضبط صفتها حسناً وعمارة وتنميقاً وكثرة مال. في موضع منها قنديل يزعمون أن نوراً من السماء ينزل في يوم معلوم ويشعله، وهذا أمر مشهور عندهم. حكي أن بعض أصحاب السلطان ذهب إليها ذلك اليوم وقال: إني أريد أن أشاهد نزول هذا النور، فقال له القس: إن مثل هذه الأمور لا تخفى على أمثالك! لا تبطل ناموسنا فإنا نشبه على أصحابنا لتمشية أمرنا، فتجاوز عنه! وبها عين سلوان يتبرك بها الناس؛ قال ابن البشار: سلوان محلة في ربض بيت المقدس، تحتها عين غزيرة تسقي جناناً كثيرة، وقفها عثمان بن عفان على ضعفاء بيت المقدس. قالوا: إن ماءها يفيد السلو إذا شربه الحزين، ولهذا قال رؤبة: لو أشرب السلوان ما سلوت.

بيت المقدس


هو القدس في فلسطين، وفيه المسجد الأقصى، فمن الذي بنى المسجد الأقصى المبارك؟ إليك الجواب عن هذا السؤال.

بيت المقدس



هي مدينة الحرم القدسي وثالث الحرمين الشريفين. كانت تدعى (إيليا) وهي المدينة التي بناها الرومان بعد هدم (أورشليم) سنة 70 م.