أبو حامد الغزالي –رحمه الله -

أهداف المحتوى:


  • التعرف على مذاهبه الفكرية التي تنقل بينها .
  • التعرف على مذهبه الأخير الذي ثبت عليه .

عناصر محتوى المفردة:


المقدمة
  • ﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ [سبأ : 50].(أبو حامد الغزالي – رحمه الله -):
المادة الأساسية
  • (أبو حامد الغزالي – رحمه الله -) هو : محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي، الغزالي، وأطلق عليه : حجة الإسلام .(كنيته ): أبو حامد الغزالي – وبها اشتهر -.(مولده ونشأته ): ولد الإمام الغزالي بمدينة طوس إحدى مدن خراسان، تقع شمال شرق إيران وتسمى الآن بشهر، وذلك سنة 450هـ  = 1058م .ونشأ الغزالي في بيت فقير، فقد كان والده رجلًا فقيرًا صالحًا، لا يملك غير حرفته، محبًا للعلم والعلماء والفقهاء والمتصوفين .
    وكانت لديه رغبة شديدة في تعليم ولديه محمد وأحمد، فألم به مرض عضال فأوصى قبيل وفاته بابنيه إلى صديق له صوفي، وأعطاه ما لديه من مال يسير، وأوصاه بتعليمهما وتأديبهما .
    وقد اجتهد الرجل في تنفيذ وصية الأب على خير وجه حتى نفد ما تركه لهما أبوهما من المال، وتعذر عليه القيام برعايتهما والإنفاق عليهما، فألحقهما بإحدى المدارس التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، والتي كانت تكفل طلاب العلم فيها، فيعيشان منها ويتعلمان .
    ويروى أن الرجل قال للغزالي وأخيه : اعلما أني قد أنفقت عليكما ما كان لكما، وأنا رجل من الفقر والتجريد لا مال لي فأواسيكما به، وأصلح ما أرى لكما أن تلجآ إلى مدرسة فإنكما من طلبة العلم فيحصل لكما قوت يعينكما على قوتكما، ففعلا ذلك . وكان هو السبب في سعادتهما وعلو درجتهما , وكان الغزالي يحكي هذا ويقول : "طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله ".
    (اجتهاده في طلب العلم ): قرأ الغزالي في صباه طرفًا من الفقه ببلده طوس على أستاذه أحمد بن محمد الرازكاني، ثم شد الرحال إلى جرحان فأخذ عن الإمام أبي نصر الإسماعيلي، وعاد بعد ذلك إلى طوس حيث بقي بها ثلاث سنين، ثم انتقل إلى نيسابور -وهي عاصمة الدولة السلجوقية ومدينة العلم بعد بغداد - سنة 473هـ والتحق بالمدرسة النظامية، حيث تلقى فيها علم أصول الفقه وعلم الكلام والمنطق على الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين ولازمه، وجد واجتهد حتى برع في المذهب والخلاف والجدل والأصول , وأعجب بذكائه وغوصه على المعاني الدقيقة واتساع معلوماته، فكان الجويني يقول : "الغزالي بحر مغدق ".
    وفاق أقرانه -وهم أربعمائة - حتى أصبح معيدًا لأستاذه ونائبًا عنه، وقيل إنه ألَّف "المنخول "، فرآه أبو المعالي، فقال : "دفنتني وأنا حيٌ، فهلا صبرت الآن، كتابك غطى على كتابي ".
    (عصر الغزالي ): اتَّسم عصر الغزالي (النصف الثاني من القرن الخامس الهجري وأوائل القرن السادس، وهو العصر العباسي المتأخر ) من الناحية الفكرية، بازدهار المناهج الفلسفية في الإسلام، إذ سيطرت المدرسة المشائية الإسلامية التي تزعمها الفارابي وابن سينا، كما اكتملت في هذه الفترة معالم الطريق الصوفي، وعمقت مضامين الحياة الروحية في الإسلام .
    أما من الناحية السياسية فقد اتسم عصره بانحلال سياسي وعسكري وأخلاقي، حيث استولت فيه العناصر التركية على الحكم في بغداد، وأصبح السلاجقة أصحاب السلطة الفعلية فيها، كما هددت الإسماعيلية والباطنية الخلافة، واستشرى خطر القرامطة، وسقطت أنطاكية وبيت المقدس بأيدي الصليبيين، وبينما كان السلاجقة ينشئون المدارس النظامية للدفاع عن المذهب السني كان العبيديون الفاطميون في مصر ينشطون في الدعوة للمذهب الشيعي، وبذلك اشتدت حدة الصراع المذهبي في الإسلام .
    (التحاقه بالمدرسة النظامية ): استقر المقام بالإمام الغزالي في نيسابور فترة طويلة حيث تزوج وأنجب، وظل بها حتى توفي شيخه الإمام الجويني في عام (478هـ  = 1085م ) فغادرها وهو لم يتجاوز الثامنة والعشرين من عمره .
    خرج الغزالي إلى "المعسكر " فقصد الوزير السلجوقي نظام الملك الذي كان مجلسه مجمع أهل العلم وملاذهم، كما كان معروفا بتقديره العلم ورعايته العلماء .
    واستطاع الغزالي أن يحقق شهرة واسعة بعد أن ناظر عددا من الأئمة والعلماء وأفحم الخصوم والمنافسين حتى اعترفوا له بالعلم والفضل، فارتفع بذلك ذكره وذاع صيته، وطار اسمه في الآفاق .
    وتلقَّاه نظام الملك بالتعظيم والتبجيل، وولاه تدريس المدرسة النظامية ببغداد , وكان ذلك غاية ما يطمح إليه العلماء ويتنافسون فيه، فقدم بغداد في سنة 484هـ  = 1091م ولم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره، وقلَّما تقلَّد هذا المنصب الرفيع عالم وهو في هذه السن، "و بخروجه (من نيسابور ) ودَّع حياة التلمذة نهائيا، ليدخل معترك الحياة العلمية الحقيقية كعالم بارع ومناضل ومتبحر ".درّس الغزالي بالنظامية، وأعجب الخَلقَ حسنُ كلامه، وكمال فضله، وفصاحة لسانه، ونُكتهُ الدقيقة، وإشاراته اللطيفة، وأحبُّوه .وأخذ في تأليف الأصول والفقه والكلام والحكمة .
    وصرف الغزالي همته إلى عقد المناظرات، ووجّه جهده إلى محاولة التماس الحقيقة التي اختلفت حولها الفرق الأربعة التي سيطرت على الحياة الفكرية في عصره وهي : "الفلاسفة " الذين يدّعون أنهم أهل النظر والمنطق والبرهان، و "المتكلمون " الذين يرون أنهم أهل الرأي والنظر، و "الباطنية " الذين يزعمون أنهم أصحاب التعليم والمخصوصون بالأخذ عن الإمام المعصوم، و "الصوفية " الذين يقولون بأنهم خواص الحضرة الإلهية، وأهل المشاهدة والمكاشفة .
    (رحلة التحولات الفكرية للغزالي ):استمر الغزالي في عمله بالتدريس أربع سنوات، نال فيها شهرة عظيمة، وحظي بالقبول والاحترام، واكتسب لقب "حجة الإسلام "، انصرف الغزالي في هذه الفترة إلى دراسة الفلسفة، وضع إثرها كتابه "مقاصد الفلاسفة " الذي يدل على سعة اطلاعه، والتزم فيه الحياد التام تجاه الفلسفة والفلاسفة، لكنه سرعان ما بدل رأيه، وألف كتاب "تهافت الفلاسفة " بين فيه ضلال الفلسفة، وشكك في قيمتها وبراهينها .
     مر الغزالي، في أثناء إقامته في بغداد بأزمات نفسية عنيفة، وصفها في كتابه "المنقذ من الضلال "، وهي ترجع إلى الوضع المأساوي للمجتمع الإسلامي، الذي كان يعاني الكثير من التفتت السياسي والاجتماعي، والفكري والطائفي، وتفتت الخلافة الإسلامية إلى دويلات وممالك متناحرة، وصراع الطوائف الإسلامية فيما بينها .
    وسعى الغزالي جاهدا ليتقصى الحقيقة بين تلك الفرق الأربعة؛ فدرسها بعمق شديد حتى ألم بها وتعرف عليها عن قرب، واستطاع أن يستوعب كل آرائها، وراح يرد عليها الواحدة تلو الأخرى .
    وقد سجل ذلك بشكل مفصل في كتابه القيم "المنقذ من الضلال "، ولكنه خرج من تلك التجربة بجرعة كبيرة من الشك جعلته يشك في كل شيء حتى مهنة التدريس التي أعطاها حياته كلها، وحقق من خلالها ما بلغه من المجد والشهرة والجاه، فلم تعد لديه الرغبة في أي شيء من ذلك .وظل الغزالي على تلك الحال من التردد نحو ستة أشهر، وأخذ يتجه من جديد نحو التصوف، الذي كانت بذرته موجودة فيه منذ طفولته .
    وقد دفعته الشكوك التي اعترت معتقداته وأفكاره، والتي كانت تدعوه إلى الاستزادة من العلم وقطع رحلته من الشك إلى اليقين، إلى تخليه النهائي عن التدريس، فترك المدرسة النظامية، بعد أن أناب أخاه أحمد .قرر الغزالي مغادرة بغداد، وفرّق ما كان معه من مال ولم يدخر منه إلا قدر الكفاف وقوت الأبناء .
    فغادر بغداد في شهر ذي القعدة سنة 488هـ /1095م واتجه  إلى الشام حيث أقام بها نحو عامين، فكان يقضي وقته معتكفا في مسجد دمشق، لا شغل له إلا العزلة والخلوة والرياضة الروحية ومجاهدة النفس والاشتغال بتزكيتها وتهذيب الأخلاق، وتصفية القلب لذكر الله تعالى .ثم انتقل من دمشق إلى بيت المقدس فكان يدخل مسجد الصخرة كل يوم ويغلق الباب على نفسه وينصرف إلى عزلته وخلوته .
    وهناك بدأ في تصنيف كتابه الشهير إحياء علوم الدين، ثم ما لبث أن عاد مرة أخرى إلى دمشق ليعتكف في المنارة الغربية من الجامع الأموي، حتى إذا ما دعاه داعي الحج اتجه إلى مكة ليؤدي فريضة الحج سنة (489هـ / 1096م ) ثم زار المدينة المنورة .
    وبعد أداء فريضة الحج قصد مصر و أقام بالإسكندرية مدة، ويقال إنه قصد منها الركوب في البحر إلى بلاد المغرب على عزم الاجتماع بالأمير يوسف بن تاشفين صاحب مراكش، فبينما هو كذلك بلغه نعي يوسف بن تاشفين فصرف عزمه من تلك الناحية، ثم عاد الغزالي إلى دمشق مرة أخرى حيث عكف على إنجاز كتاب الإحياء، وفي العام التالي رحل إلى بغداد، لكنه لم يستأنف العمل بالتدريس بها، وما لبث أن ذهب إلى خراسان وظل حريصا على الخلوة، مواظبا على حياة الزهد والتأمل وتصفية القلب لذكر الله، واستمر على تلك الحال نحو عشر سنوات،  يجمع بين التمتع بالخلوة والذكر والتأمل، والأخذ بأسباب الحياة والتغلب على عوائقها، واستطاع خلالها الوصول إلى تلك الحقيقة التي راح يبحث عنها، والاهتداء إلى ذلك اليقين الذي راح يبثه في تلاميذه ومريديه : يقين الصوفية الحقة الذي استمد دعائمه من مشكاة النبوة الصافية وجوهر الإسلام الخالص .ثم عاد إلى وطنه بطوس .
     وفي سنة 499هـ استدعاه الوزير السلجوقي فخر الملك ابن نظام الملك، من قبل سنجر حاكم خراسان، للتدريس في المدرسة النظامية بنيسابور، وكان الوزير قد سمع بالغزالي وتحقق من مكانته ودرجته وكمال فضائله، فرجاه وألح عليه كل الإلحاح كي يأتي إلى نيسابور، إلى أن قصد الغزالي نيسابور استجابة لدعوته، وبدأ التدريس في نظاميتها، في شهر ذي القعدة سنة 499هـ،لكنه لم يلبث طويلًا؛ لأنه عندما وصل نيسابور كان الوزير غائبًا عن الوزارة، بعد أن قُتل غيلة على أيدي فرقة الحشاشين في المحرم (500هـ / 1106م )، فأشار إليه الولاة بالتدريس في المدرسة النظامية، ولم يجد بدًا من الإذعان إلى حين .وغادرها بعد سنة، قاصدًا طوس، وكانت طوس محطة أسفاره الأخيرة . حيث لازم الغزالي بيته، وانقطع للوعظ والعبادة والتدريس، إلى أن وافته المنية، وهو في الخامسة  والخمسين من عمره .وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب الحديث ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين البخاري ومسلم .(مؤلفاته ):التعليقة في فروع المذهب , وهي التي أخذها منه قطاع الطرق ثم ردوها إليه، المنخول في أصول الفقه .، البسيط في فروع المذهب . - الوسيط (ملخص من البسيط ). - الوجيز . - خلاصة المختصر ونقاوة المعتصر , أو الخلاصة في الفقه الشافعي . - المنتحل في علم الجدل (في المناظرة والخلاف ). - مآخذ الخلاف . - تحصين المآخذ (في علم الخلاف ). - المبادئ والغايات (في أصول الفقه ). - شفاء الغليل (في القياس والتعليل ). - فتوى لابن تاشفين (من جملة فتاوى الغزالي ). - الفتوى اليزيدية (في حكم من كفر يزيد بن معاوية ). - مقاصد الفلاسفة (بيان مبادئ الفلسفة وهو أحسن كتاب يلخص الفلسفة اليونانية والإسلامية ). - تهافت الفلاسفة . - معيار العلم . بعد التهافت وقبل سفره إلى دمشق . - معيار العقول . - محك النظر في المنطق . ويذكر الذهبي أنه ألفه بدمشق . - ميزان العقل . - المستظهري (وهو رد على الباطنية ). - حجة الحق، كذلك بيان فساد مذهب الباطنية . - قواصم الباطنية؛ يرد فيه على شبههم . - الاقتصاد في الاعتقاد . - الرسالة القدسية في العقائد . - المعارف العقلية والأسرار الإلهية .- إحياء علوم الدين .- المنقذ من الضلال . - المستصفى في علم الأصول .- منهاج العابدين في الزهد والأخلاق والعبادات . - إلجام العوام عن علم الكلام .
    وهو آخر كتبه التي ألفها عام 505هـ وقبيل موته بأيام، جرى على مذهب السلف ونسب ما دونه من المذاهب إلى البدعة(وفاة الغزالي – رحمه الله -): توفي الإمام الغزالي في (14 من جمادى الآخرة 505هـ  = 19 من ديسمبر 1111م ) عن عمر بلغ خمسا وخمسين عاما، مَاتَ وَالْبُخَارِيُّ عَلَى صَدْرِهِ رحمه الله ! وترك تراثا صوفيا وفقهيا وفلسفيا كبيرا، بلغ 457 مصنفا ما بين كتاب ورسالة، كثير منها لا يزال مخطوطا، ومعظمها مفقود .
ماذا نفعل بعد ذلك
  • نعرف المراحل التي مر بها أبو حامد الغزالي في حياته .
  • نترحم عليه، وندعو الله أن يجزيه عنا وعن الإسلام والمسلمين خيرا .