مقاصد الشريعة

أهداف المحتوى:


  • أن يتعرف على أهمية مقاصد الشريعة .
  • أن يعرف فوائد دراسة مقاصد الشريعة .
  • أن يُطبِّق مقاصد الشريعة في واقعه العلمي والعملي .

الأحاديث:


أحاديث نبوية عن مقاصد الشريعة
  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كان داود -عليه السلام- لا يأكلُ إلا من عمل يده». وعن المقدام بن معد يكرب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود -صلى الله عليه وسلم- كان يأكل من عمل يده». شرح وترجمة الحديث

عناصر محتوى المفردة:


المقدمة
  • جاءت الشريعة بتحقيق المصالح وتكثيرها، ودرء الفاسد وتقليلها؛ لذلك صنَّف العلماء في هذا العلم الشريف .. علم مقاصد الشريعة .
المادة الأساسية
  • (مقاصد الشريعة ): يطلق مصطلح مقاصد الشريعة على الأهداف العامة التي تسعى الشريعة إلى تحقيقها في حياة الناس، ويطلق أيضًا على الأهداف الخاصة التي شُرِع لتحقيق كل منها حكمٌ خاص . (أقسام المقاصد في الشريعة الإسلامية ): 1/ المقصد العام : هو تحقيق مصالح الخلق جميعًا في الدنيا والآخرة، ويتحقق هذا من خلال جملة أحكام الشريعة الإسلامية . 2/ المقاصد الخاصة : هي الأهداف التي تسعى الشريعة إلى تحقيقها في مجال خاص من مجالات الحياة؛ كالنظام الاقتصادي أو الأسري أو السياسي .. إلخ . وذلك عن طريق الأحكام التفصيلية التي شُرِعت لكل مجال على حِدة .
    (مراتب المصالح البشرية ): ومصالح الناس من حيث الأهميةُ على ثلاث مراتب : أ - الضروريات : وهي ما لا يستغني الناس عن وجودها بأي حال من الأحوال، ويأتي على رأسها الكليات الخمس (حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال ).
    ب - الحاجيات : وهي ما يحتاج الناس إليه لتحقيق مصالح هامة في حياتهم، يؤدي غيابها إلى المشقة واختلال النظام العام للحياة، دون زواله من أصوله، كما يظهر في تفصيلات أحكام البيوع والزواج وسائر المعاملات . ج - التحسينيات : وهي ما يتم بها اكتمال وتجميل أحوال الناس وتصرفاتهم، مثل الاعتناء بجمال الملبس وإعداد المأكل، وجميع محاسن العادات في سلوك الناس .
    وهناك أيضا التكميليات، وهي أمور تساعد على تحقيق المصالح ﴿الثلاث ﴾ السابقة، فمثلًا لما شُرِعت الصلاة لحفظ الدين كمُل ذلك بتشريعها في جماعة، ولما حُرِّم الزنا كمُل ذلك بتحريم الخلوة بالأجنبية، ولما شُرِعت المعاملات المالية لرفع الحرج شُرِع لتكميلها النهي عن الغرر وبيع المعدوم .
    (الكليات الخمس ): اتفق أهل الأديان السماوية وعقلاء بني آدم على أن أهم ما يصلح به حال البشر حفظهم لأمور كلية خمسة، هي ما يطلق عليه الكليات الخمس (الدين، النفس، العقل النسل، المال ).
    أولًا : حفظ الدين : قدر الإسلام ما للدين من أهمية في حياة الإنسان حيث يلبي النزعة الإنسانية إلى عبادة الله، ولما يمد به الإنسان من وجدان وضمير، ولما يقوي في نفسه من عناصر الخير والفضيلة، وما يضفي على حياته من سعادة و طمأنينة .
     من وسائل حفظ الدين : من وسائل غرس الدين في النفوس ابتداء في الشريعة الإسلامية الوسائل التالية : 1/ ترسيخ اليقين بأصول الإيمان وأركانه، وهي الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
    2/ إقامة هذا الإيمان على البرهان العقلي والحجة العلمية، ومن هنا كانت دعوة الإسلام إلى النظر والتدبر : ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف : 185] 3/ القيام بأصول العبادات وأركان الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج، بعد النطق بالشهادتين، فهذه العبادات من أهم أسرارها وحِكمها أنها تصل العبد بربه وتوثق صلته به مما يرسخ أصل الإيمان في نفسه ويجدده .
    4/ إيجاب الدعوة إلى الله وحمايتها وتوفير أسباب الأمن لحملتها ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران : 104] ثانيا : حفظ النفس :شرع الإسلام عدة وسائل للمحافظة على النفس : 1/ شرع الزواج من أجل التناسل، والتكاثر وإيجاد النفوس لتُعمِّر العالم، وتشكل بذرة الحياة الإنسانية في الجيل الخالف، وقد نوه الإسلام بالعلاقة المقدسة بين الزوجين واعتبرها آية من آيات الله ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم : 21].
     2/ أوجب على الإنسان أن يمد نفسه بوسائل الإبقاء على حياته من تناول للطعام والشراب وتوفير اللباس والمسكن، فيحرم على المسلم أن يمتنع عن هذه الضروريات إلى الحد الذي يهدد بقاء حياته . 3/ أوجب على الدولة إقامة الأجهزة الكفيلة بتوفير الأمن العام للأفراد، من قضاء و شرطة و غيرها، مما يحقق الأمن للمجتمع .
    4/ أوجب المحافظة على كرامة الآدمي بمنع القذف والسب، ومنع الحد من نشاط الإنسان من غير مبرر، و بهذا حمى حريات الفكر والعمل والرأي والإقامة والتنقل وكفلها، قال الله تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب : 58]. 5/ تشريع الرخص بسبب الأعذار الموجبة للمشقة التي تلحق النفس فينشأ منها ضرر عليها، ومن ذلك : رخص الفطر في رمضان بسبب المرض والسفر، وقصر الصلاة في السفر .
     6/ حرم الإسلام قتل النفس سواء قتلُ الإنسان نفسَه أم قتلُه غيرَه قال الله تعالى : ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء : 29]، ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء : 93].
    7/ أوجب القصاص في القتل العمد، والدية و الكفارة في القتل الخطأ، أو العفو، قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة : 178].
    8/ إعلان الجهاد حفظا للنفوس وحماية للمستضعفين ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ﴾ [النساء : 75].  9/ أوجب على المسلم إنقاذ من يتعرض للقتل ظلمًا، أو يتعرض لخطر إن استطاع أن ينقذه .  10/ كما شرع للإنسان أن يدفع عن نفسه إذا هاجمه من يريد الاعتداء عليه دون تحمل أية مسؤولية إذا مات المهاجم، وثبت أنه كان يريد الاعتداء عليه .
    ثالثا : حفظ العقل : حافظ الإسلام على العقل وسنَّ من التشريعات ما يضمن سلامته و حيويته و من ذلك : 1/ أنه حرم كل ما من شأنه أن يؤثر على العقل ويضر به أو يعطل طاقته كالخمر و الحشيش وغيرها قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة : 90].  2/ كما شرع العقوبة الرادعة على تناول المسكرات، وذلك لخطورتها وأثرها البالغ الضرر على الفرد والمجتمع .
     3/ أنه ربى العقل على روح الاستقلال في الفهم والنظر، واتباع البرهان ونبذ التقليد غير القائم على الحجة كما في قوله تعالى : ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ﴾ [الأنبياء : 24]  4/كما دعا إلى تنمية العقل ماديا ومعنويا : ماديا : بالغذاء الجيد الذي يقوي الجسم و ينشط الذهن، ومن هنا كره للقاضي أن يقضي وهو جائع، وفضل تقديم الطعام على الصلاة إذا حضرا معا .
    أما معنويا : فبالتأكيد على طلب العلم واعتباره طريق الإيمان، قال تعالى :﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر : 28] ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه : 114] كما أتاح فرصة التعليم للجميع، وجعله حقا مشاعا بين أفراد المجتمع، بل جعل حدا أدنى منه واجبا على كل مسلم ومسلمة .
    5/ رفع مكانة العقل، وتكريم أولى العقول في أكثر من آية من القرآن الكريم، قال الله تعالى : ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ  (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)﴾ [الزمر : 17-18] 6/ تحرير العقل من سلطان الخرافة وإطلاقه من إسار الأوهام، ومن هنا حرم الإسلام السحر و الكهانة و الشعوذة و غيرها من أساليب الدجل و الخرافة، كما أنه منع على العقل الخوض في الغيبيات من غير سلطان، أو علم يأتيه من الوحي المنزل على الأنبياء، و اعتبر ذلك مسببا في هدر طاقته من غير طائل قال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾ [غافر : 56].
    رابعا : حفظ النسل : ويراد به حفظ النوع الإنساني على الأرض بواسطة التناسل ذلك أن الإسلام يسعى إلى استمرار المسيرة الإنسانية على الأرض؛ حتى يأذن الله بفناء العالم ويرث الأرض ومن عليها .
    ومن أجل تحقيق هذا المقصد شرع الإسلام المبادئ والتشريعات التالية : 1/ شريعة الزواج : فقد شرع الإسلام الزواج ورغب فيه واعتبره الطريق الفطري النظيف الذي يلتقي فيه الرجل بالمرأة لا بدوافع غريزية محضة، ولكن بالإضافة إلى تلك الدوافع، يلتقيان من أجل تحقيق هدف سام نبيل هو حفظ النوع الإنساني . 2/ العناية بتربية النشء وتعميق روابط الألفة : إلزام الأبوين برعاية أولادهما والإنفاق عليهم؛ حتى يتحقق للأولاد الاستغناء عن نفقة الأبوين .  3/ العناية بالأسرة وإقامتها على أسس سليمة : باعتبارها الحِصن الذي يحتضن جيل المستقبل و يتربى فيه .  4/إحاطة العلاقة بين الذكر والأنثى بمجموعة من المبادئ والآداب الأخلاقية .
    5/ تحريم الاعتداء على الأعراض : ولذا حرم الله الزنا كما حرم القذف، وحدد لكل منهما عقوبة رادعة قال تعالى : ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ﴾ [النور : 2] ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ﴾ [النور : 4].
    خامسا : حفظ المال : ومن وسائل الحفاظ على المال إيجادا و تحصيلا : 1/ الحث على السعي لكسب الرزق، وتحصيل المعاش قال تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك : 15]  2/ أنه رفع منزلة العمل وأعلى من أقدار العمال، قال رسول الله ﷺ : «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده » [صحيح البخاري : 2072].3/ إباحة المعاملات العادلة التي لا ظلم فيها ولا اعتداء على حقوق الآخرين .
ماذا نفعل بعد ذلك
  • أن نحرص على طلب هذا العلم الشريف .
  • أن نستحضر النية الصالحة والإخلاص في التمكن من هذا العلم .
  • استشعار أهمية هذا العلم في نشر محاسن الشريعة الإسلامية .

المحتوى الدعوي: