الحمد لله خالق السماوات والأرض على غير مثال سابق، الذي جعل من الملائكة رسلًا ينفذون أوامره القدرية، ومنهم من يبلغ الأنبياء الوحي، وقوّاهم على أداء ما ائتمنهم عليه، فمنهم ذو جناحين وذو ثلاثة وذو أربعة، يطير بها لتنفيذ ما أمر به، يزيد الله في الخلق ما يشاء من عضو أو حُسْن أو صوت، إن الله على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء.
يعلم السر وأخفى، يستوي في علمه من أخفى منكم - أيها الناس - القول، ومن أعلنه، ويستوي في علمه كذلك من هو مستتر بظلمة الليل عن أعين الناس، ومن هو ظاهر بأعماله في وَضَح النهار.
له سبحانه وتعالى ملائكة يَعْقُبُ بعضهم بعضًا على الإنسان، فيأتي بعضهم بالليل، وبعضهم بالنهار، يحفظون الإنسان بأمر الله من جملة الأقدار التي كتب الله لهم منعها عنه، ويكتبون أقواله وأعماله، إن الله لا يغير ما بقوم من حال طيبة إلى حال غيرها لا تسرهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من حال الشكر، وإذا أراد الله سبحانه بقوم هلاكًا فلا راد لما أراده، وما لكم - أيها الناس - من دون الله من متولّ يتولى أموركم، فتلجؤوا إليه لدفع ما أصابكم من بلاء.