حسن الأدب

عناصر الخطبة

  1. أسمى درجات الأدب الأدب مع الذات الإلهية
  2. أمثلة لأدب الأنبياء مع ربهم
  3. من تمام الأدب مع الله تمام الأدب مع نبيه
  4. وجوب تربية الأجيال على حسن الأدب
  5. الأدب هو اجتماع خصال الخير في العبد
اقتباس

فلا بد أن تُرَبَّى الأجيال والأسر والمجتمعات على تعظيم الهدي النبوي قولا واعتقادا وعملا وانقيادا، عِلْمِيًّا وخلقيا واجتماعيا؛ لأنه مِلاك الحفاظ على الهوية الإسلامية، والحصن المكين دون تسلُّل ذوي الأفكار الإرهابية أو الانحلالية شطرَ ديار الإسلام الأبية؛ وبذلك تعز الأمة وترقى، وتبلغ من المجد أسمى مَرْقَى…

الخطبة الأولى:

الحمد لله، خيرُ ما افتتح به القولُ واختُتِمَ، وابتدئ به الخطابُ وتُمِّم، أحمده -سبحانه-، حمدا يستنزل الرحماتِ تترى، كالعَذْب الفرات، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، مَنَّ على هذه الأمة ببعثة خير البرايا، وجعَل التمسُّك بسُنَّتِه عصمةً من الفتن والبلايا، وأشهد أن نبينا وحبيبنا وقدوتنا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، كريم الخصال، شريف السجايا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، أفضل الصلوات وأزكى التسليمات وأشرف التحايا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله حقَّ تقاته، فتقواه -سبحانه- هي العز المنتَضَى، والهدي السَّني المرتضى، وبها يتحقق الفوز والرضا، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آلِ عِمْرَانَ: 102].

تقوى القلوب هي السبيل إلى العلا  *** وهي الصراط المستقيم قَبولا

فلنتقِ اللهَ الذي هو ربنا *** فله الثناء مُرَتَّلا وجميلا

معاشر المسلمين: على حين فترة من الرسل هبَّت النسائم الندية للرسالة الإسلامية، بتشريعاتها السنية الربانية، فاعتنقتها فِطَرُ أمم الأرض السوية، دون تأبٍّ أو التياثِ طويةٍ، إلى أن خلفت خُلُوف انبجست عنهم قضية وأيُّ قضية، طاشت لها النُّهى وطارت، وأفلتت شُهُب الدجى وغارت، وفي عصرنا الراهن لاقت رواجَها، ومجَّت مِلْحَها وأُجاجَها، فألهبت من غَيرة المسلم ضِرامَها؛ لأنها قضية تتعلق بالمحبة الخالصة ذات الظلال الوارفة، تلكم -يا رعاكم الله- هي قضية حُسْن الأدب؛ لاسيما مع الذات الإلهية العلية، والتأدب الشريف العفيف مع الجناب المحمدي، مع الجناب النبوي المحمدي المصطفوي المنيف، سليل أكرم نبعة وقريع أشرف بقعة، واعلم بأن بلوغ الأرب، في الدين والعلم وحسن الأدب.

ولئن كان هذا العصر هو العصر الذي بلغت فيه البشرية ذُرى الرقي الفكري والحضاري والثقافي والمادي والتقاني فإنه أيضا هو أشد العصور حاجةً وعَوَزًا إلى الرواء الروحي المزكَّى بالفضائل الأدبية والمكارم الأخلاقية التي نرشف منها حلاوة اليقين، وبَرْد الاطمئنان لننتشل البشرية المعنَّاة من مَبَاوِئِ الضلال وأعاصير الفساد والانحلال.

معاشر المؤمنين: وإن أسمى درجات الأدب -الأدب مع الذات العلية، تلكم الإشراقات السمية من أسلوب الخطاب ومناجاة الأنبياء الكرام -عليهم الصلاة وأزكى السلام-، فبها تُدرك أرواحُنا مثوبة المنَّان، فهذا خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- يؤصِّل الأدب في القلوب والحنايا، ويُقيم ظواهره في الأفئدة والطوايا، فيقول الله عنه: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾[الشُّعَرَاءِ: 80]، فنَسَبَ المرضَ لنفسه، ونَسَبَ الشفاءَ لرب العالمين؛ حِفْظًا للأدب مع الله -سبحانه-، ونبي الله أيوب -عليه السلام- يناجي ربه مناجاة بَلْجَاءَ سامقة غدت كالتاج في مفرقٍ فقال: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾[الْأَنْبِيَاءِ: 83]، فأشار بـ: “مَسَّنِي”، ولم يُصَرِّح بـ: “أصابني”، ولم يسأل ربَّه الشفاءَ مباشرةً ولم ينسب الشر إليه -سبحانه- بل نسب الشر إلى الشيطان، فَأَفْصَحَ عن روح زكية، وهمة علية، ونَفْس بالمكرمات رضية حين قال: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾[ص: 41].

وأما الصورة المشرقة والصفحة المتألقة المتمثِّلة في كليم الرحمن موسى -عليه السلام- فَتِلْكُم أنوار في الظُّلَم، ومجد مرتسم؛ حيث قال: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾[الْقَصَصِ: 24]، قال الإمام الطبري -رحمه الله-: “وذكر أن نبي الله موسى -عليه السلام- قال هذا القول وهو بجهد جهيد، وما معه درهم ولا دينار، وإنما عنى به شبعة من طعام”.

وهو العزيز فلن يرام جنابه *** أنى يرام جناب ذي السلطان

وها هو كلمة الله عيسى -عليه السلام- يرفع راية الأدب الأنيق والخلق السامي الرقيق، في قوله لرب العالمين: ﴿إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ﴾[الْمَائِدَةِ: 116]، ولم يقل: “لم أقله” وفَرْق بين الجوابين في حقيقة الأدب مع الله، مبناه ومعناه.

وإن تَعْجَبْ من هذا الأدب المليح فلتُرخِ العِنانَ لشأوٍ مُعجِبٍ رجيحٍ، كبدر التمام وعلى طرف الثمام، يأسر لُبَّ السامع لأنه السحر الحلال من كلام سيد المرسلين، بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم-، الذي كان يناجي ربه قائلا: “والخيرُ كُلُّه بيديك، والشر ليس إليك” (رواه مسلم).

و(روى البخاري في صحيحه) من حديث الإسراء والمعراج المعروف، عندما فُرضت الصلاة فلما أخبر موسى بذلك قال: “ارجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك“، فقال صلى الله عليه وسلم: “سألتُ ربي حتى استحييتُ منه، ولكن أرضى وأُسَلِّم”، الله أكبر، ما أروع هذا الأدبَ النورانيَّ الحصيفَ المضمَّخَ بالخُلُق النبوي الشريف، وجوهره من الحياء المنيف.

الناس بحر دون بحرك مالح *** والعذب أنتَ أيستوي البحران؟!

وعلوتَ من رُتَب الكمال أجَلَّها *** وسموتَ عن دَرْكِ الثنا بلسان

إنها النفوس التي جُبلت على الأدب الدفوق، والقول الرقيق الشفوق، أدب يبلغ من الأمجاد قاصيتها، ومن المحامد ناصيتها، يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: “إن الأدب مع الله -تبارك وتعالى- هو القيام بدِينه، والتأدُّب بآدابه ظاهرًا وباطنًا، ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه، وما يحب وما يكره، ونَفْس مستعدة قابلة لينة، متهيئة لقبول العلم، علما وعملا وحالا“.

عباد الله: الأدب مع الله يستوجب تحقيقَ التوحيد، وإخلاصَ العبادة له -سبحانه-، والمسارَعة إلى مرضاته، وتمام الخضوع له، وحُسْن التوكل عليه، والحياء منه، والوقوف عند حدوده، والتأمل في آياته الكونية ومخلوقاته وبديع خلقه ومصنوعاته.

تَأَمَّلْ سطورَ الكائنات فإنها *** من الملك الأعلى إليك رسائل

تشير بإثبات الصفات لربها *** فَصَامِتُها يهدي ومَنْ هو قائل

أيها المؤمنون: وإن من تمام الأدب مع الله -سبحانه- الأدب مع نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم-، يقول الله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾[الْحُجُرَاتِ: 2]، قال قتادة -رحمه الله-: “كانوا يجهرون له بالكلام، ويرفعون أصواتهم فوَعَظَهم الله ونهاهم عن ذلك“، وقال الضحَّاك -رحمه الله-: “نهاهم الله أن ينادوه كما ينادي بعضُهم بعضًا، وأمرهم أن يُشَرِّفوه ويعظِّموه، ويدعوه إذا دعوه باسم النبوة“.

فإذا كان الأدب مع المصطفي -عليه الصلاة والسلام- عدم رفع الأصوات فوق صوته؛ لأنه سبب لحبوط الأعمال فما الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار على سُنَّته وهديه، وما جاء به عليه الصلاة والسلام، وقد قال الله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾[الْحُجُرَاتِ: 1]، وهذا باقٍ إلى يوم القيامة لم يُنسخ، فالتقدم بين يدي سُنَّته بعد وفاته كالتقدم بين يديه في حياته، ولا فرق بينهما كما قرره أهل العلم -رحمهم الله-.

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: “رأسُ الأدبِ مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-: كمالُ التسليمِ له، والانقياد لأمره، وتلقِّي خبره بالقبول والتصديق، وألا يتقدم بين يديه بأمر ولا نهي ولا إذن ولا تصرُّف حتى يأمر هو وينهى ويأذن، فالتأدب معه واجب، وبعد وفاته وَجَبَ التأدبُ مع سُنَّتِه وهديه، وما صح عنه -عليه الصلاة والسلام-“.

وإن من المؤسف حقًّا أن بعض أهل الإسلام لم يَقْدُروا رسولَهم -عليه الصلاة والسلام- حقَّ قدره، حتى وهم يتوجَّهون إليه بالحب والتعظيم؛ ذلك أنه حُبٌّ سلبيٌّ لا صدى له في واقع الحياة، ولا أثر له في السلوك والامتثال، ومن عجب أن أقواما أُفعمت جيوبهم بالنشب، ولكن أفرغت جنوبهم دون معاني الرُّتَب، وجليل الأرب، وروائع الأدب، حينها ويلٌ يومئذ لحُسْن الأدب من شدة العطب.

وفي هذا العصر والأوان استقى أقوام كثيرا من المزال، من مشارب أهل الزيغ والضلال، فتكاءدوا قبول الأحاديث النبوية التي يردها بزعمهم الواقع المحسوس، أو يمجها هوى عقلهم المنكوس، أو تتعارض والطبَّ الحديث المدروس وتتمانع وكرامة النفوس؛ لأنها بزعمهم المطموس تُجَمِّد تحرُّرَ العقل الوقَّاد وإشراقه، وتصفِّد الفكرَ المبدعَ دون انطلاقه، فهل من الأدب مع الله والأدب مع رسوله -صلى الله عليه وسلم- الوقوع في ضروب الإشراك بالله وممارَسة البدع والمحدَثات؟ حقًّا: ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الْحَجِّ: 74]، والله المستعان.

فلا بد أن تُرَبَّى الأجيال والأسر والمجتمعات على تعظيم الهدي النبوي قولا واعتقادا وعملا وانقيادا، عِلْمِيًّا وخلقيا واجتماعيا؛ لأنه مِلاك الحفاظ على الهوية الإسلامية، والحصن المكين دون تسلُّل ذوي الأفكار الإرهابية أو الانحلالية شطرَ ديار الإسلام الأبية؛ وبذلك تعز الأمة وترقى، وتبلغ من المجد أسمى مَرْقَى، والله -عز وجل- يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾[الْأَحْزَابِ: 57].

بارك الله لي ولكم في الوحيين، ونفعني وإياكم بهدي سيد الثقلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه كان للأوابين غفورا.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، لم يزل بعباده خبيرا لطيفا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، بوَّأ المحبين مقاما سنيًّا شريفا، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته البالغين من المعالي مجدا منيفا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-، واتبِعوا هديَ رسولكم -صلى الله عليه وسلم-، تسعدوا في دنياكم وأخراكم.

أمة الإيمان: الأدب هو اجتماع خصال الخير في العبد، وهذه القضية قد حسمها الإسلام، وجلَّاها أيما تجلية أساطينُه الأفذاذ الأعلام، فأي نائبة تلك التي تصيب الأمة، حين يُفتقد الأدب بين أبنائها، قال الإمام عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: “نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم“، وقد روى أبو داود بسند حسن عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط“.

فتمام الأدب إجلال ذي الشيبة واحترامه، لاسيما الوالدان الكريمان، ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾[الْبَقَرَةِ: 83]، وحُسْن الأدب بين الزوجين والأقارب والجيران والزملاء وتوقير أهل العلم وتعظيمهم، وحفظ مقاماتهم، وصيانة أعراضهم والذُّبُّ عنهم وحُسْن الظن بهم، ولزوم أدب الخلاف فيما بينهم، وإجلال ولاة الأمر بالسمع لهم والطاعة بالمعروف في العسر واليسر والمنشط والمكره، والالتفاف حولهم، وجمع القلوب عليهم، وعدم منازعتهم أو الخروج عليهم، ولكل أدبه الذي يليق به حتى مع غير المسلمين، ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾[الْإِسْرَاءِ: 53]، ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾[الْبَقَرَةِ: 83]، قال ابن القيم -رحمه الله-: “أدب المرء عنوان سعادته وفَلَاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره، فما استُجلب خيرُ الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب“.

وإنك لواجد من ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي العجب العجاب؛ من الطعن في دين الناس وأعراضهم، وعقولهم وأموالهم ونفوسهم، فيتلقفها الدهماء وتلوكها الروبيضة في نشر للشائعات وترويج للافتراءات، والله -عز وجل- يقول: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾[الْأَحْزَابِ: 58].

فتمسَّكوا -رحمكم الله- بآداب وأخلاق نبيكم الكريم، واتبِعوا هديه القويم، وأكثِروا واستكثِروا من الصلاة والسلام عليه؛ فذلك من قمة الأدب معه؛

فلقد بلغ العلا بجلاله *** سطع الدجى بجماله

شَرُفَتْ جميعُ خصاله *** صلوا عليه وآله

كما أمركم الله في علاه فقال تعالى قولا كريما: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[الْأَحْزَابِ: 56]، وأفضل الصلاة والتسليم على النبي المصطفى الكريم، وآله وصحبه الأبرار الصفوة الأكابر الأخيار، صلاة لا يمل السامع همسها ونداءها، ولا تسأم الألسن إعادتها وإبداءها.

اللهم صلِّ وسلم على النبي المختار، وارضَ اللهم عن صحبه الكرام الأبرار، أبي بكر أنيسه في الغار، وعمر الفاروق فاتح الأمصار، وعثمان ذي الفضائل الغزار، وعلي ذي الشجاعة والاعتبار، وسائر العشرة المبشرين بدار القرار، وعنا معهم بِمَنِّكَ وجودك وكرمك يا عزيز يا غفار.

اللهم شَفِّعْ فينا نبينا وقدوتنا محمدا -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، واجعل حبه في سويداء قلوبنا ومقامه ونصرته في حياتنا كلنا مستدامةً، يا ذا الجلال والإكرام.

الله أعز الإسلام والمسلمين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وفِّقْه لما تحبه وترضاه، من الأقوال والأفعال والآراء يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفِّقْه ووليَّ عهده إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين، واجعلهم لشرعك محكمين ولأوليائك ناصرين، يا أرحم الراحمين.

اللهم أنقذ مقدساتِ المسلمين من عدوان المعتدين، اللهم حرر المسجد الأقصى من براثن المعتدين الغاصبين المحتلين، يا قوي يا عزيز، اللهم كن لإخواننا في فلسطين، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم كن لهم في بلاد الشام، اللهم ارفع الظلم عنهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أصلح أحوال إخواننا في العراق، وفي اليمن، وفي أراكان وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم انصر جنودنا، اللهم انصر جنودنا ورجال أمننا، اللهم انصرهم في الثغور والحدود، اللهم سدد رميهم ورأيهم، اللهم اجعلهم منتصرين ظافرين غانمين سالمين، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا وتول أمرنا، اللهم اشف مرضانا وعاف مبتلانا يا ذا الجلال والإكرام يا قوي يا عزيز.

﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾[الْبَقَرَةِ: 201]، عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.