صلح الحديبية

عناصر الخطبة

  1. خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى العمرة
  2. منع قريش دخول النبي وأصحابه إلى مكة
  3. أسباب صلح الحديبية
  4. شروط صلح الحديبية
  5. دروس وعبر من صلح الحديبية.
اقتباس

إن ربط الأمة بيوم القيامة يجعلُها أكثرَ تَدَيُّنا لله تعالى، وينبغي أن تكونَ نظرة القائدِ للمصلحة العامة ولمسافةٍ بعيدةٍ، بعيدا عن العواطف والمثيرات، حتى تكونَ العواقبُ حميدةً. لقد أدرك كفارُ قريشٍ ذلك التَّلاحمَ وتلكَ المحبةَ الصادقةَ بين المؤمنين فعرفوا أنَّ سِرَّ جمعَ القلوب هو دينُ الله تعالى لا غير، فلا عنصرية ولا وطنَ ولا لونَ ولا لغة إنَّما دينُ الله هو الذي أل-ف بينَهم وجعلهم إخوة متحابين..

الخطبة الأولى:

الحمد لله العلي العظيم، الحكيم الخبير العليم، عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم. أحمده حمدا يليق بكريم وجهه، وعظيم سلطانه، ﴿فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(37)﴾ [الجاثية: 36- 37].

وحكمة الله في التدبير قاهرة *** وقائد العقل في المقدار حيران

يقضي بما يشاء والأسباب جامدة *** ويحكم الأمر والأفكار عميان

يختص من شاء بالرحمى ويصرفها *** عمن يشاء وفي الحكمين رحمن

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [البقرة: 105].

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه، إلى يوم الدين.

أما بعد، فيا عباد الله: تقوى الله، وصية الله لعباده، ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: 131]، فلنتق الله – أحبتي في الله – جعلني الله وإياكم من عباده المتقين.

أيها الإخوة المؤمنون: النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد إيذاء قريش له في مكة، هاجر إلى المدينة، واستقر بها مع أصحابه من المهاجرين والأنصار، وترك مكة وفيها كفار قريش، وفي شهر ذي القعدة من العام السادس من هجرته -صلى الله عليه وسلم-، أراد – صلوات ربي وسلامه عليه – أداء العمرة، فأعلن ذلك لأصحابه -رضي الله عنهم- وسار بألف وأربع مائة من المهاجرين والأنصار متجها إلى مكة، وليس معهم من السلاح، إلا ما يحمله المسافر لحماية نفسه كالسيف ونحوه، ولبسوا ملابس الإحرام ليؤكدوا لقريش أنهم يريدون العمرة لا حربهم ومقاتلتهم. فأحرم للعمرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من أصحابه، من ذي الحليفة، وتوجهوا إلى مكة، فلما اقتربوا منها، بلغهم أن قريشا قد أعدوا العدة، وجمعوا الجموع لمقاتلة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه، وصدهم عن البيت الحرام، ومنعهم من دخوله!

وصل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه، الحديبية وهو مكان فيه بئر ماء، يقع غرب مكة، يبعد عنها حوالي أثنين وعشرين كيلوا، يعرف بالشميسي الآن، أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان -رضي الله عنه- إلى قريش وقال: "أَخْبِرْهُمْ أَنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ وَإِنَّمَا جِئْنَا عُمَّارًا وَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ"، ففعل عثمان-رضي الله عنه- ما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- به، ولكنه تأخر في العودة، فشاع بين المسلمين في الحديبية أن عثمان قتل، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى البيعة، فبايع الصحابة على قتال قريش وعدم الفرار حتى الموت، وهي البيعة المعروفة ببيعة الرضوان، التي أشار إليها الله -عز وجل- بقوله: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا(18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(19)﴾ [الفتح: 18].

بعد ذلك – أيها الإخوة – أرسلت قريش عروة بن مسعود الثقفي، إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، للتفاوض معه، فعاد عروة وقال لقريش: أَيْ قَوْمُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْمُلُوكَ وَكَلَّمْتُهُمْ، وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- قَطُّ، مَا هُوَ بِمَلِكٍ وَلَكِنْ رَأَيْتُ الْهَدْيَ مَعْكُوفًا يأكل وبره، وَكَمَا أَرَاكُمْ إِلاَّ مصيبكم قَارِعَةٌ، فَانْصَرَفَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ قَوْمِهِ فَصَعَدَ سُورَ الطَّائِفِ فَشَهِدَ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِينَا مِثْلَ صَاحِبِ ياسين"، يشير -صلى الله عليه وسلم- إلى قول الله تعالى: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ(20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ(21)﴾ [يس: 20- 21].

فلما رأت قريش، ما حل بعروة، أسرعت في إرسال سهيل بن عمرو، لعقد صلح مع النبي-صلى الله عليه وسلم-، فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- سهيلا استبشر وقال: "قَدْ سُهِّلَ لَكُمْ أَمْرُكُمْ"، فتفاوض معه -صلى الله عليه وسلم-.

وتم الاتفاق على أن يرجع المسلمون إلى المدينة ولا يدخلوا مكة في هذا العام، ويأتوا في العام القادم ليقضوا مناسكهم، على أن لا تتعرض لهم قريش بأي نوع من الأذى، بشرط أن لا يحملوا سلاحًا إلا سلاح الراكب، وأن لا تتجاوز مدة بقائهم بمكة أكثر من ثلاثة أيام فقط، ووضع الحربِ بينهم عشرَ سنينَ يأمنُ الناسُ فيها ويكفُّ بعضُهم عن بعض، وأن يلتزم النبي-صلى الله عليه وسلم- برد أيّ قرشي يأتي للنبي -صلى الله عليه وسلم- بغير أذن من وليه، وأما من يأتي من المسلمين إلى قريش فلا يرد، ومَنْ أَحبَّ أنْ يَدخُل في عقدِ قريشٍ فلهُ ذلك، ومن أحبَّ أن يَدخُل في عقدِ محمدٍ، فله ذلك وأيُّ تَعَرُّض ٍعلى تلكَ القبائلِ يُعدُّ عدواناً على المُتَحَالِفينَ، فتم الاتفاق على هذه الشروط وكتبت في نسختين، نسخة أخذها النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأخرى مع سهيل.

أيها الإخوة المؤمنون: أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم، بعد كتابةِ المعاهدةِ والشروط القاسيةِ؟! أخذَهم الهمُّ والحزَنُ كلَّ مأخذ، لم يستطيعوا أن يتصوروا أن يُردُّوا عن مكةَ وهم على مَقرُبةٍ منها! لم يستطيعوا أن يتصوروا أنْ يقبلَ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- بهذه الشروطِ القاسيةِ! وهو المؤيَّدُ من ربِّ العالمينَ! الذي وعدَهم بدخولِ مكةَ!

فاعترضَ صحابةٌ كرامٌ، يقول عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللهِ ؟ قَالَ: "بَلَى", قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: "إِنِّي رَسُولُ اللهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي"، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: "بَلَى فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ"؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: "فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ". قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنه- فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَلَنْ يَعْصِيَ رَبَّهُ وَهُوَ نَاصِرُهُ فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ حَتَّى تَمُوتَ، فَوَاللهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّهُ سَيَأْتِي الْبَيْتَ وَيَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: "بَلَى"، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ، قُلْتُ: لَا، قَالَ: "فَإِنَّكَ آتِيهِ فَتَطُوفُ بِهِ".

أيها الإخوة: ثمَّ خرجَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على أصحابِه وأمرَهم أنْ ينحَرُوا هديَهم وأنْ يحلِقوا رؤوسَهم وأن يستعِدُّوا للعودةِ إلى المدينةِ النبوية، ثم قفل رسولُ الله عائدا إلى المدينة ِالنبوية بنصرٍ عظيم وفتحٍ مبين ذَكَرهُ اللهُ فقال:

﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا(1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا(2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا(3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(4)﴾ [الفتح: 1- 3].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فإنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ عَلى إحسَانِهِ، والشُّكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظِيماً لِشَأنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحمَداً عبدُهُ ورسولُهُ الدَّاعِي إلى رضوانِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وأصحابِهِ وسلّمَ تَسليماً كثيرا.

أيها الإخوة المؤمنون: إن لله -عز وجل- الحكمة البالغة فيما يقضي ويقدِّر، فقد قال تعالي: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216].

أيها الإخوة: لقد تجسَّد مفهومُ هذه الآية في صلحِ الحديبية فقد كَرِه جمعٌ من الصحابة هذه الشروطَ ولكنَّ الله تعالى جعل فيها خيراً كثيراً ونصراً مؤزراً مبيناً، كيف لا تكون كذلك وقد عبّر الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- عن عظيم فرحته عند نزول قوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح: 1]، فقال كما في الحديث الصحيح: "نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا"، فَلَمَّا تَلاهَا، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَنِيئًا مَرِيئًا قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ مَا يَفْعَلُ بِكَ، فَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: 5].

أيها الإخوة المؤمنون: لقد ذكر العلماء من صلح الحديبية حِكمًا وأحكَامًا كثيرة، ولعلنا نكتفي منها بما ذكرنا، فمن أهم الدروس: انتشارُ الدعوةِ الإسلامية وبيانُ أهدافِها وغاياتِها وأنَّ الرسولَ الكريم -صلى الله عليه وسلم- يريدُ التعبُّدَ لله لا إراقةَ الدماء، وحبُّ الصحابة لدينِ الله تعالى، ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- وبيته الحرام، فقد أصابَهم الجَهدُ والعنتُ ومع هذا كلِّه صَمَّموا على أداء العمرة، وكذلك حِلمُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وطولُ صبرِه وأناتِه وأنَّه يقبلُ الوفودَ الواحدَ تلوَ الآخرِ حِفاظا على الأنفس وتعظيما للحرمات، ومن الدروس ربطُ الأمة بيوم القيامة فإنَّ ذلك يجعلُها أكثرَ تَدَيُّنا لله تعالى، ومنها أنَّه ينبغي أن تكونَ نظرة القائدِ للمصلحة العامة ولمسافةٍ بعيدةٍ، بعيدا عن العواطف والمثيرات، حتى تكونَ العواقبُ حميدةً.

أيها الإخوة: لقد أدرك كفارُ قريشٍ ذلك التَّلاحمَ وتلكَ المحبةَ الصادقةَ بين المؤمنين فعرفوا أنَّ سِرَّ جمعَ القلوب هو دينُ الله تعالى لا غير، فلا عنصرية ولا وطنَ ولا لونَ ولا لغة إنَّما دينُ الله هو الذي أل-ف بينَهم وجعلهم إخوة متحابين، وسبحانَ الله ما إنْ لبثت قريشٌ سنتينِ إلا ونقضت العهدَ ثم جاءها الفتحُ المبينُ فدخل الناسُ في دين الله أفواجا.

أسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا هداة مهتدين، غيرَ ضالينَ ولا مضلين، اللهم صلِّي وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم إن-ا نشهدُ أنه بلَّغَ الرسالةَ ونصحَ الأمةَ وجاهدَ في الله حقَ جهادِه حتى أتاه اليقين.

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، برحمتك يا أرحم الرحمين.

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، اللهم عجل بفرج المسلمين في بلاد الشام، وأصلح احوال المسلمين في مصر والعراق واليمن وتونس وليبيا وبورما وفي كل مكان.

 اللهم اجمع كلمتهم على الحق وولي عليهم خيارهم، اللهم أبدل خوفهم أمنا، اللهم احفظ أعراضهم ودماءهم وأموالهم، اللهم عليك بمن عادى دينك وسنة نبيك وعبادك الصالحين، يا قوي يا عزيز.

عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.