المؤمن
كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...
صفة فعلية اختيارية لله -عَزَّ وَجَلَّ- على الوجه اللائق به سبحانه، فينزل متى شاء، وكيف شاء إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، نزولاً يليق به، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
التَّعْرِيفُ: 1 - النُّزُول لُغَةً: مَصْدَرُ نَزَل، يُقَال: نَزَل نُزُولاً هَبَطَ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ، وَيُقَال: نَزَل فُلاَنٌ عَنِ الأَْمْرِ وَالْحَقِّ: تَرَكَهُ، وَبِالْمَكَانِ وَفِيهِ: حَل، وَعَلَى الْقَوْمِ حَل ضَيْفًا، وَيُقَال نَزَل بِهِ مَكْرُوهٌ أَصَابَهُ، وَالْحَاجُّ: أَتَى مِنًى، وَعَلَى إِرَادَةِ زَمِيلِهِ وَافَقَهُ فِي الرَّأْيِ (1) وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2)
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنُّزُول: نُزُول خَطِيبِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ خُطْبَتِهِ: 2 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ نُزُول الْخَطِيبِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا نَزَل الْخَطِيبُ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلاَةِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا قَضَى الْخَطِيبُ الْخُطْبَةَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثُمَّ نَزَل فَصَلَّى.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ مِنْ سُنَنِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنَّ الإِْمَامَ يَأْخُذُ فِي النُّزُول بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ خُطْبَتِهِ وَيَأْخُذُ الْمُؤَذِّنُ فِي الإِْقَامَةِ، وَيَبْتَدِرُ الإِْمَامُ لِيَبْلُغَ الْمِحْرَابَ مَعَ فَرَاغِ الْمُقِيمِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا فَرَغَ الْخَطِيبُ مِنَ الْخُطْبَةِ نَزَل عِنْدَ قَوْل الْمُؤَذِّنِ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ، وَيَنْزِل مُسْرِعًا مُبَالَغَةً فِي الْمُوَالاَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلاَةِ، وَالإِْسْرَاعُ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ عَجَلَةٍ تَقْبُحُ (3)
نُزُول وَفْدِ الْكَافِرِينَ فِي الْمَسْجِدِ: 3 - قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا قَدِمَ وَفْدٌ مِنَ الْكُفَّارِ فَالأَْوْلَى أَنْ يُنْزِلَهُمُ الإِْمَامُ فِي دَارٍ مُهَيَّأَةٍ لِذَلِكَ أَوْ فِي فُضُول مَسَاكِنِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَلَهُ إِنْزَالُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ (4) وَاحْتَجَّ ابْنُ قُدَامَةَ لِجَوَازِ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - " لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ ثَقِيفٍ أَنْزَلَهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ قَبْل إِسْلاَمِهِمْ " (5) ، وَقَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: قَدْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَدْخُل مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ (6)
نُزُول الرَّاكِبِ لِسُجُودِ التِّلاَوَةِ: 4 - الْمُسَافِرُ الَّذِي يَسْجُدُ لِلتِّلاَوَةِ فِي صَلاَتِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ يُجْزِئُهُ الإِْيمَاءُ لِلسُّجُودِ تَبَعًا لِلصَّلاَةِ وَلاَ يَلْزَمُهُ النُّزُول، أَمَّا الْمُسَافِرُ الَّذِي يُرِيدُ السُّجُودَ لِلتِّلاَوَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ فَفِيهِ خِلاَفٌ. فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُومِئُ بِالسُّجُودِ، وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُجْزِئُ الإِْيمَاءُ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (سُجُودِ التِّلاَوَةِ فِقْرَة 17) .
نُزُول الْخَطِيبِ لِسَجْدَةِ التِّلاَوَةِ: 5 - أَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ نُزُول الْخَطِيبِ عَنِ الْمِنْبَرِ لِسُجُودِ التِّلاَوَةِ وَشَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ عَدَمَ الْكُلْفَةِ. وَأَوْجَبَهُ الْحَنَفِيَّةُ لِوُجُوبِ سُجُودِ التِّلاَوَةِ عِنْدَهُمْ. وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ السُّجُودِ، وَلِذَا لاَ يَجُوزُ النُّزُول عِنْدَهُمْ لِلسُّجُودِ مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي كَرَاهَةِ السُّجُودِ أَوْ حُرْمَتِهِ.
وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (سُجُودِ التِّلاَوَةِ ف 21) .
نُزُول الْمَنِيِّ بِشَهْوَةٍ فِي حَقِّ الصَّائِمِ: 6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ تَعَمُّدَ إِنْزَال الْمَنِيِّ مُبْطِلٌ لِلصَّوْمِ فِي الْجُمْلَةِ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (صَوْم ف 41 - 44، وَاسْتِمْنَاء ف 8 - 10) .
__________
(1) الْمُعْجَم الْوَسِيط.
(2) حَاشِيَة الْجُمَل عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ 3 / 628، 4 / 26 ط دَارَ إِحْيَاء التُّرَاثِ الْعَرَبِيِّ، وَالْمُحَرِّرِ 2 / 173 ط دَار الْكِتَابِ الْعَرَبِيِّ، وَالاِخْتِيَار 5 / 92، 93 ط دَار الْمَعْرِفَة، وَمَوَاهِب الْجَلِيل 6 / 410، 412 ط دَار الْفِكْرِ، كَشَّاف الْقِنَاع 4 / 424، 425 ط عَالَم الْكُتُبِ.
(3) الاِخْتِيَار 1 / 85، وَالْمُدَوَّنَة 1 / 150 / 151، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 2 / 32، وَكَشَّاف الْقِنَاع 2 / 38.
(4) رَوْضَة الطَّالِبِينَ 10 / 311.
(5) حَدِيث: " أَنَّ وَفْد ثَقِيف لِمَا قَدَّمُوا عَلَى رَسُول اللَّهِ - ﷺ -. . . . " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (3 / 420 ط حِمْص) عَنِ الْحَسَن الْبَصْرِيّ عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي العاص. وَقَال الْمُنْذِرِي فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ (4 / 244 ط دَار الْمَعْرِفَة) قَدْ قِيل إِنَّ الْحَسَن الْبَصْرِيّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُثْمَان بْن أَبِي العاص
(6) الْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَة 8 / 532 ط الرِّيَاض.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 225/ 40